البيئة تعلن النفير بعد ارتفاع معدلات التلوث

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: مع خطورة التلوث البيئي الذي تعاني منه اغلب دول العالم ومناطق شاسعة من الكرة الارضية ما زال الامر ينذر بمزيد من السوء والخطر مع استمرار عدم المحافظة على ما تبقى او مكافحة المناطق المصابة بآفات التلوث الذي تفاقمت ضريبته يوماً بعد اخر من خلال الاوبئة وانتشار الامراض وتغير الطبيعة التي بات الانسان يدرك مساوئها بصورة جلية خصوصاً في البلدان والمدن الصناعية الكبرى التي اعلن البعض منها النفير العام بعد ان تجاوز التلوث والانبعاثات السامة والنفايات الصناعية حداً لا يمكن السيطرة عليه سيما وان تلوث الهواء والماء زاد من معاناة السكان والكائنات الحية لإصابة اهم عنصرين في الحياة بمضاعفات التلوث ومن دون ان يكون للكثير من الشركات الصناعية التزام حقيقي باستخدام مصادر الطاقة النظيفة واتباع شروط السلامة الصناعية للحد من تلوث المدن والطبيعة المحيطة بها.

بكين تعاني من التلوث

فقد قالت وسائل اعلام رسمية في الصين ان العاصمة بكين تعتزم تقليل مستويات التلوث الجوي فيها بنسبة 15 في المئة بحلول عام 2015 و30 في المئة بحلول عام 2020 عن طريق منع سير السيارات القديمة ونقل مصانع وزرع غابات جديدة، ويتنوع مستوى التلوث الجوي في بكين وفقا للرياح لكن مزيجا من انبعاثات المداخن وعوادم السيارات والاتربة غطى بكين لايام على مدى الشهور القليلة المنصرمة وأدى الى الغاء رحلات جوية، ويشتكي الكثير من سكان بكين على الانترنت من أن الارقام الرسمية تقلل كثيرا من أهمية المشكلة ويقولون انهم لا يثقون الا في قياسات السفارة الامريكية التي تجري قياسها وفقا للمعايير الامريكية، وتكون هذه القياسات أكبر بكثير من قياسات حكومة المدينة، وقالت الاذاعة الصينية الرسمية "بعد عام 2020 لن يدخر مكتب البيئة في بكين جهدا للاستمرار في تحسين جودة الهواء"، وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أنه سيتم منع سير 1.6 مليون سيارة قديمة تسبب التلوث بحلول عام 2020 وأن مصانع الاسمنت ستغلق بحلول هذا العام، وأضاف التقرير أن المدينة ستزرع أيضا نحو 330 ألف فدان من الغابات الجديدة. بحسب رويترز.

وقد الغيت اكثر من 400 رحلة جوية داخلية ودولية او ارجئت في وقت سابق في مطار بكين بعدما لف ضباب يرافقه تلوث كبير في الجو العاصمة الصينية، وقال الموقع الالكتروني لمطار بكين الدولي ان حوالى 250 رحلة قادمة او مغادرة الغيت بينها نحو 15 رحلة دولية، كما اعلن تأخير اكثر من 180 رحلة بينها حوالى عشرين رحلة دولية، واعلنت السلطات ان سبب ذلك هو "الضباب"، لكن سفارة الولايات المتحدة التي تقوم بقياس نوعية الهواء بشكل مستقل، قالت ان نسبة التلوث في العاصمة بلغت السبت مستوى "خطير" قبل ان تنخفض الى "مستوى سىء جدا للصحة"، من جهتها، قالت وكالة انباء الصين الجديدة ان الرؤية في مطار بكين وهو الثاني في عدد المسافرين في العالم، انخفضت الى اقل من مئتي متر، وكانت الصين اعترفت مطلع آذار/مارس بان نسبة التلوث في ثلثي مدنها تتجاوز العتبة القصوى المحددة في معايير جديدة تحصي الجزيئات الدقيقة وهي الاخطر على الصحة.

كما قالت وسائل اعلام حكومية يوم الخميس إن سكان بلدة في جنوب الصين هرعوا الى شراء المياه المعبأة في زجاجات بعد العثور على مستويات مفرطة من مادة الكادميوم المسرطنة في مصدر نهري لمياه الشرب، وتلوث المجاري المائية بسبب تدفق المواد السامة من المصانع والمزارع قضية ملحة في الصين مما دفع السلطات الى الدعوة الى سياسة تشدد على خفض تلوث المعادن الثقيلة لكن لا تظهر اي علامة على انتهاء المشكلة، وقالت وكالة أنباء الصين ان مستويات الكادميوم في نهر لونغجيانغ في منطقة قوانغشى ذاتية الحكم لقومية تشوانغ ثلاثة أضعاف الحد الرسمي مشيرة باصبع الاتهام لشركة تعدين، وقالت الوكالة انه تم اكتشاف مستويات مفرطة من الكادميوم في وقت سابق واضافت أن السلطات حقنت 80 طنا من مادة كلوريد الالومنيوم وهي عامل معادل في النهر في محاولة للقضاء على المخاطر الصحية، وأغلقت الصين مصنعا للكيماويات فى مقاطعة هونان في عام 2009 بعدما احتج سكان بسبب تلوث بمادة الكادميوم أودى بحياة شخصين وأثر على مئات اخرين، ورغم تعهدات بكين المتكررة للحد من التلوث الا ان المسؤولين المحليين يضعون دائما النمو الاقتصادي والايرادات وخلق فرص العمل قبل الاهتمامات البيئية.

زيادة جسيمات الايروسول

فيما أظهرت دراسة علمية إن زيادة الايروسول وهي جسيمات دقيقة من التراب والكبريت والضباب والدخان أدت الى زيادة هطول الامطار على بعض مناطق العالم وان ذلك يمكن ان يستخدم مستقبلا لتوقع أحوال المناخ، وسيساعد فهم أنماط سقوط الامطار بشكل أفضل العلماء على التكهن بحالة الجو، وينتج الايروسول عن حرق الفحم أو الغاز وعن عمليات صناعية وزراعية وعن حرق الغابات، والى جانب الضرر الذي يشكله على صحة الانسان يتحمل الايروسول أيضا مسؤولية تلوث الهواء، وجاء في الدراسة التي نشرت في دورية (نيتشر جيوساينس) وشارك فيها علماء من معهد وايزمان الاسرائيلي وادارة الطيران والفضاء الامريكية (ناسا) ومؤسسات أخرى "لاسباب عدة ترتبط زيادة الايروسول بزيادة محلية في معدل الامطار"، وأضافت "العلاقة واضحة في المحيطات والبر وفي المناطق القطبية وتحت القطبية وخطوط العرض الوسطى" وهو ما سيشمل مناطق شاسعة مثل افريقيا وامريكا الجنوبية واسي، وقال العلماء ان هناك حاجة لاجراء مزيد من الابحاث لمعرفة أثر الايروسول على المناطق التي يتدنى فيها معدل الامطار، وربطت دراسة سابقة في نوفمبر تشرين الثاني الماضي بين زيادة الايروسول في الجو ومعدل تكرار هطول الامطار، ويعتقد ان ثورات البراكين الكبيرة التي تطلق ثاني اكسيد الكبريت في الجو أدت الى زيادة الامطار، ومن بين التكهنات المناخية المستقبلية غير المؤكدة أيضا دور الايروسول في تكون السحب، ويمكن لتكون سحب ثقيلة ان يبرد حرارة سطح الارض من خلال عكس الضوء واعادته الى الفضاء، وتوصل العلماء من خلال تحليل المعلومات التي تجمعها الاقمار الصناعية الى أدلة على ان الايروسول يزيد من كثافة السحب. بحسب رويترز.

تنظيف البحار يعزز الاقتصاد

من جهته قال تقرير لبرنامج الامم المتحدة للبيئة ان تنظيف وتحسين ادارة البحار والشواطئ سيساعد على تعزيز النمو الاقتصادي وخفض الفقر والتلوث، ويبرز التقرير الذي جرى انتاجه بالتعاون مع عدة مؤسسات تابعة للامم المتحدة الفرص الكبيرة للاقتصاد المستند الى الانشطة البحرية قبل نحو خمسة أشهر من اجتماع عالمي على مستوى الحكومات لمناقشة سبل تحقيق تنمية أكثر استدامة في مؤتمر للامم المتحدة في ريو دي جانيرو بالبرازيل، ويعيش نحو 40 بالمئة من سكان العالم على بعد نحو 100 كيلومتر من سواحل ولذلك فان النظم البيئية البحرية توفر الضرورات من غذاء ومأوى ووظائف لملايين البشر على مستوى العالم، لكن التلوث الناجم عن تسرب النفط والاسمدة والفضلات ومياه الصرف والمخلفات الكيماوية الى جانب الصيد الجائر أضر بسلامة وانتاجية البحار، وقال التقرير ان استخدام المحيطات في توليد الطاقة المتجددة والسياحة البيئية والتحول لوسائل صيد ونقل أكثر استدامة من شأنه أن يعكس هذا الاتجاه وقد يساعد الجزر في اسيا والكاريبي على الحد من اثار التغير المناخي، وقال اكيم شتاينر المدير التنفيذي لبرنامج الامم المتحدة للبيئة "تكثيف الاستثمارات النظيفة في الموارد البحرية والساحلية وتعزيز التعاون الدولي في ادارة هذه النظم البيئية العابرة للحدود أمور مهمة لو كنا نسعى للانتقال الى اقتصاد نظيف منخفض الكربون يتسم بكفاءة استغلال الموارد"، وأوصى التقرير بخطوات رئيسية للتحول الى الاستغلال النظيف للبحار في مجالات السياحة والصيد والنقل والتلوث والطاقة المتجددة والتعدين في المياه العميقة. بحسب رويترز.

تلوث نهر يسبب حالة ذعر في الصين

مصادر الطاقة الملوثة

الى ذلك تلجأ كل من "أمازون" و"آبل" و"مايكروسوفت" إلى "مصادر الطاقة القذرة" لخدمات نظام الحوسبة السحابية، من قبيل تخزين المعطيات الإلكترونية، على ما أفادت منظمة "غرينبيس" التي أشادت في المقابل بكل من "فيسبوك" و"غوغل" و"ياهو!"، وقد نشرت المنظمة البيئية تقريرا قيمت فيه ممارسات شركات التكنولوجيا الجديدة الكبيرة في ما يخص نظام الحوسبة السحابية الذي يسمح للمستخدمين بتخزين بياناتهم أو برامجهم الإلكترونية على الانترنت، وأشارت "غرينبيس" في تقريرها إلى أن هذه البيانات لم تعد مخزنة في أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية بل في مراكز بيانات (داتا سنترز) التي تضم آلاف الحواسيب التي تخزن المعطيات جميعها القابلة للاستهلاك وتديره، ولفت التقرير إلى أن مراكز البيانات هذه "تستهلك طاقة كهربائية كبيرة توازي في بعض الأحيان تلك التي تستخدمها 250 ألف أسرة أوروبية"، وأكدت المنظمة البيئية أن الشركات الأميركية "أمازون" و"آبل" و"مايكروسفت" "لا تعير أهمية كافية لمصدر الكهرباء الذي تستخدمه وهي لا تزال تعتمد بصورة كبيرة على مصادر الطاقة القذرة" في خدمات نظام الحوسبة السحابية، وشرح كايسي هاريل أحد المسؤولين في المنظمة "ليس الهدف مهاجمة (بهذه الشركات)، فنحن نحاول أن ندفعها في الاتجاه الصحيح، ونحن نحبذ كثيرا هواتف آي فون فهي تسهل حياتنا، لكن ينبغي ألا تعرقل الأمور بالنسبة إلى الكوكب برمته"، وفي المقابل، لا تزال كل من "ياهو!" و"غوغل" قدوة يحتذى بها، في حين باتت "فيسبوك" "تعول على مصادر الطاقة المتجددة"، بحسب التقرير، وقد خطا الموقع الاجتماعي "الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح، مع تشييد مركز بيانات في السويد يستخدم مصادر طاقة متجددة بالكامل". بحسب فرانس برس.

وقد قام ناشطون في جمعية "غرينبيس" بنزول مبنى تابع لشركة "أمازون" في سياتل (ولاية واشنطن، شمال غرب) بواسطة حبل، بهدف حض المجموعة المتخصصة في المبيعات عبر الانترنت وشركة "مايكروسوف" العملاقة على استعمال مصادر طاقة نظيفة من أجل خدماتها غير الملموسة، وانطلق ناشطان من سقف المبنى الواقع قبالة مكاتب "مايكروسوفت" لتعليق لافتة على شكل سحابة كتب عليها "هل سحابتكم المعلوماتية نظيفة؟"، وجاءت هذه المبادرة بعد صدور تقرير الثلاثاء استنكرت فيه "غرينبيس" لجوء عمالقة المعلوماتية "بشكل كبير إلى مصادر الطاقة الملوثة" من أجل خدماتها غير الملموسة (المعروفة بالحوسبة السحابية)، مثل تخزين البيانات على الانترنت، وقال كايسي هارل وهو محلل لدى "غرينبيس إنترناشونال" إن "الناس يريدون استعمال منتجات وتكنولوجيات مبتكرة مثل (كيندل وويندوز فون) من دون الاتصال بأنظمة حوسبة سحابية تغذيها مصادر طاقة ملوثة وخطرة"، وأضاف أن "أمازون ومايكروسوفت تملكان ما يلزم لتشغيل أنظمة الحوسبة السحابية من خلال مصادر طاقة خضراء ومتجددة، لكنهما متأخرتان عن غوغل وفيسبوك وياهو في سباق الحوسبة السحابية النظيفة"، وأكدت "غرينبيس" أن شركات أمازون وآبل ومايكروسوفت الأميركية "لا تولي مصادر الكهرباء التي تستخدمها انتباها كافيا وتستمر في الاعتماد بشكل كبير على مصادر الطاقة الملوثة لتغذية" خدماتها غير الملموسة، وشرح هارل "ليس الهدف مهاجمة (هذه الشركات)، بل نحن نحاول أن ندفعها في الاتجاه الصحيح"، مضيفا "نحن نحبذ كثيرا هواتف (آي فون) فهي تسهل حياتنا، لكن ينبغي ألا تزيد من صعوبة الأمور بالنسبة إلى الكوكب برمته".

رحلة في طائرة بيئية

من جهة اخرى أنهى السلوفيني ماتيفج ليناركيتش مؤخراً رحلة مسافتها مئة ألف كيلومتر في طائرة خفيفة تزن 290 كيلوغراما فقط، بهدف استهلاك أقل كمية ممكنة من الوقود وتقديم مثال عن سبل الحفاظ على الأرض، وقال ليناركيتش بعدما حط في مطار ليوبليانا "لم أحقق هدفي لأنني لا أعير الأهداف أهمية، ما يهمني هو الطريق الذي سلكناه"، وقد قام المغامر السلوفيني برحلته باوسطة طائرة خفيفة الوزن من طراز "بيبيسترل فيروس-أس دبليو 914"، وخلال رحلته، حلق فوق سبع قارات وستين بلدا وأكثر من مئة متنزه وطني والقمة الأعلى في العالم وثلاثة محيطات والقارة المتمجدة الجنوبية (أنتارتيكا)، مستهلكا أقل كمية ممكنة من المحروقات، وشرح المغامر قائلا "كان من الأفضل لو لم يكن هناك حدود، في الجو، لا نراها لكنها موجودة في رؤوسنا"، وأضاف "إنها أفضل طائرة في العالم، من ناحية أدائها واستهلاكها للوقود وطبيعتها الصديقة للبيئة"، وقد تمكن عالم الأحياء والطيار الذي يبلغ من العمر 53 عاما ويهوى تسلق الجبال والهبوط بالمظلات، من قياس نسب بعض العناصر الملوثة في الجو في مناطق لم تجر فيها قياسات من هذا النوع من قبل، علما أن علماء المناخ يدرسون دور هذه الجزيئات في الاحترار المناخي، ولقي مشروع ليناركيتش دعم شركة "بيبيسترل" السلوفينية المتخصصة في الطائرات الخفيفة والتي نالت سنة 2011 جائزة الطيران البيئي من وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) بعدما قطعت 322 كيلومترا في أقل من ساعتين باستخدام أقل من غالون (3،79 لترات) للراكب الواحد. بحسب فرانس برس.

"قارة البلاستيك" في المحيط الهادئ

بدورها ستطلق فرنسا قريبا مركبا شراعيا يعود إلى الثلاثينات ليستكشف بواسطة أقمار اصطناعية متطورة جدا، "القارة السابعة" وهي عبارة عن رقعة من النفايات البلاستيكية تعوم في المحيط الهادئ وتبلغ مساحتها ستة أضعاف مساحة فرنس، وبعدما شعر المستكشف باتريك ديكسون "بالصدمة عند رؤية النفايات في المحيط" خلال مشاركته في سباق تجديف عبر المحيط الأطلسي سنة 2009، قرر إرسال هذه البعثة العلمية للتحذير من "الكارثة البيئية" الحالية في شمال شرق المحيط الهادئ، ويعتبر ديكسون إن رقعة النفايات هذه "تقع في مياه لا تشهد الكثير من الملاحة التجارية والسياحة، والمشكلة لا تهم أحدا سوى البيئيين والعلماء، والمجتمع الدولي لا يعتبر نفسه معنيا في الوقت الحالي"، ويشرح ديكسون وهو عضو في رابطة المستكشفين الفرنسيين التي ترعى المغامرة ومؤسس شركة "أوشن ساينتيفيك لوجستيك" في كايين في غويانا الفرنسية (جنوب أميركا) أنه يريد أن يفتح "أعين الفرنسيين والأوروبيين على هذه الظاهرة"، ويعرف باتريك ديكسون (47 عاما) عن نفسه بأنه "مستكشف من جيل جديد عليه توثيق المعضلات البيئية الكبيرة لأن المعرفة هي مفتاح التغيير". بحسب فرانس برس.

وستبحر بعثة "القارة السابعة" في الثاني من أيار/مايو من سان دييغو (الولايات المتحدة) على متن "إيلان" وهو مركب بشراعين يعود إلى العام 1938 كي تقوم برحلة مدتها شهر واحد تقطع خلالها مسافة 4630 كيلومترا بين كاليفورنيا وهاواي حيث عثر المستكشف تشارلز مور بالصدفة سنة 1997 على هذه الرقعة المذهلة من النفايات البلاستيكية، وحتى اليوم، قامت بعثتان أميركيتان فقط بدراسة هذه الرقعة في العامين 2006 و2009، بالإضافة إلى مرور بعثة "تارا أوشنز" في المنطقة لاستخراج العوالق، وتمتزج النفايات عند نقطة التقاء التيارات البحرية التي تتخذ شكلا دائريا بفعل دوران الأرض فتشكل دوامة ضخمة، وتستقطب القوة الجاذبة النفايات ببطء نحو وسط الدوامة التي تعتبر من أكبر الدوامات في العالم إذ إن محيطها يبلغ 22200 كيلومتر ومساحتها حوالى 3،4 مليون كيلومتر مربع، بحسب المركز الوطني للأبحاث الفضائية الذي يرعى المشروع، ويشرح جورج غريبين وهو عالم أحياء ومستشار بيولوجي قائلا "تقدر كمية النفايات في كل دوامة من الدوامات الخمس في العالم بعشرات ملايين الأطنان".

ويوضح "إنها نفايات صغرى من البلاستيك المتحلل معلقة على عمق 30 متر، ليست قارة يمكن المشي عليها بالمعنى الحقيقي للكلمة"، وسيتبع المركب الشراعي ارشادات قمرين اصطناعيين تابعين لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا" واسمهما "أكوا" و"تيرا"، يتيحان له التوجه إلى المنطقة التي تكون كمية النفايات الأكبر فيها بغية قياس كثافتها واستخراج عينات من الماء والعوالق والمواد، وسيتم اختبار جهاز تحسس طوره طلاب في الهندسة من على متن عوامة، ومن المفترض أن يساهم هذا الجهاز في تمييز النفايات البلاستيكية عن العوالق وغيرها من الجزيئات الحية في المياه، ثم رسم خارطة عن المناطق الملوثة بفضل التصوير بالأقمار الاصطناعية، في خطوة تعتبر سابقة عالمية، وسيتم ايضا إطلاق اثنتي عشرة عوامة في إطار الدراسات العلمية التي تقوم بها الوكالة الأميركية "ناشونال أوسيانيك أند أتموسفيريك أدمينيستريشن" وبرنامج اليونسكو الخاص بدراسة المحيطات ومشروع "أرغونوتيكا"، وذلك للسماح لآلاف الطلاب في العالم بإجراء دراسة حول التيارات البحرية.

الرصاص المنبعث في الهواء

من جانبها بينت دراسة أميركية أن ارتفاع معدلات العنف في المدن يرتبط بنسبة مادة الرصاص الموجودة في غبارها، وذكر موقع «هيلثداي نيوز» الأميركي أنّ الدراسة أظهرت ارتباطاً بين ارتفاع معدلات العنف في المدن ونسبة الرصاص في الهواء جراء استخدام الوقود بالرصاص في السيارات القديمة، وقال أحد معدي الدراسة، هاورد ميلكي، من كلية الطب بجامعة تولان الأميركية، إنّ «لدى الأطفال حساسية مرتفعة تجاه الغبار الذي يحمل مادة الرصاص، فالتعرض له لديه مفاعيل كامنة على الجهاز العصبي تؤثر بشكلٍ حاد في مستقبل التصرف المجتمعي للفرد وحالته الصحية»، وأضاف أنه «يمكننا تفسير أكثر من 90٪ من التغيير بأعمال الشغب في المدن من خلال كمية الرصاص المنبعثة في الهواء منذ 22 عاماً»، لافتاً إلى أنه لم يتم اكتشاف علاقة سببية مباشرة بين الأمرين. بحسب يونايتد برس.

المياه الملوثة وتأثيرها على الحياة

في سياق متصل إنّ التلوث الشديد لمياه الأنهار في ولاية جاوا الغربية في إندونيسيا، والناجم عن إلقاء النفايات المنزلية والصناعية فيها، يهدّد صحة ما لا يقل عن خمسة ملايين شخص يعيشون على ضفاف تلك الأنهار، وفقاً لتصريحات مسؤولين حكوميين وخبراء المياه، ويؤدي سوء أوضاع شبكات الصرف الصحي والنظافة الصحية إلى 50،000 حالة وفاة سنوياً في إندونيسيا، كما أن عدم معالجة مياه الصرف تؤدي إلى إلقاء أكثر من ستة ملايين طن من النفايات البشرية في المسطحات المائية الداخلية، حسبما ذكرت دراسة قائمة للبنك الدولي، وتعيش إيبو سوتريا (53 عاماً) في كوخ خشبي على ضفة نهر كروكوت في جاوا الغربية، الذي يبلغ طوله 20 كيلومتراً تقريباً ويمتد من العاصمة جاكرتا جنوباً إلى مدينة ديبوك، وتقول سوتريا، التي تعاني من نوبات منتظمة من إسهال وآلام في المعدة، أن النهر في بعض الأحيان نظيف، وفي أحيان أخرى ملوث، مضيفةً أن مياه النهر تفيض باستمرار، وذكرت أن الناس يتغوطون في النهر، والأطفال يلعبون فيه لعدم توفر مكان آخر مخصص للسباحة، لذا هي وغيرها من سكان المنطقة يستخدمون المياه الجوفية في مكان قريب للاستحمام لاعتقادهم أنها أنظف من مياه النهر.

ويقوم باك جوماري (35 عاماً)، زعيم مجموعة مجتمعية تعيش على ضفاف نهر سيليونغ، الذي يمتد شمالاً لمسافة 97 كيلومتراً من مدينة بوغور في جاوا الغربية، باستخدام قارب منذ عام 2010 ليجمع القمامة الطافية ويحافظ بالتالي على نظافة الجزء الذي يعيش بجواره من نهر سيليونغ، ويوضح: "إننا نجد الكثير من قوارير المنظفات والصابون في النهر، ولم نعد نستخدم مياهه للغسيل أو الشرب، كذلك، يعمد الصيادون على ضفاف نهر سيليونغ إلى أسلوب "الصيد بالتفجير"، فيفجرون قنابل مصنوعة من الكيروسين والأسمدة لقتل الأسماك بحيث يصبح صيدها أسهل، غير أن هذا قد زاد التلوث سوء، ومع ذلك، ما زال الناس يصطادون الأسماك في النهر، فيما لم يتم الإبلاغ سوى عن بعض الآثار السلبية"، وقال نائب وزير البيئة الإندونيسي، هندري باستامان، أن التلوث في أنهار جاوا الغربية يزداد سوءاً، ولا سيما في نهري سيليونغ وسيتاروم، اللذين يعيش على ضفافهما خمسة ملايين نسمة، وأضاف أن "الأسر تلقي جزءاً كبيراً من النفايات في الأنهار التي يستخدمها الناس على أنها مراحيضهم الشخصية، فقد وجدنا أيضاً مادة الزئبق في مياه النهر، ونحن نشك في أن مصدرها هو الشركات أو ورش التعدين الصغيرة الموجودة على مقربة من الأنهار". بحسب ايرين.

من جهته، أفاد محمد ريز صاحب، منسق المناهضة في كروها، أنه لا يمكن اعتبار أي من الأنهار الموجودة في العاصمة آمناً أو صالحاً للاستخدام البشري، وتجدر الإشارة هنا أن كروها هو تحالف يتخذ من جاكرتا مقراً له ويضم أكثر من 30 منظمة غير حكومية إندونيسية تركز على الحصول على المياه الصالحة للشرب، وأضاف صاحب قائلاً: "حتى شركات المياه في جاكرتا لا تستخدم المياه من هنا لأنها شديدة التلوث، وتستعيض عنها بمياه نهر سيتاروم الذي يتدفق باتجاه الشمال من باندونغ، عاصمة جاوا الغربية، لمسافة 300 كيلومتر تقريباً إلى بحر جاوا، وهو يعاني أيضاً من تلوث شديد، فحتى بعد معالجة مياهه، تبقى غير صالحة للشرب"، وأفاد صاحب أن بدائل المياه الصالحة للشرب في المجتمعات الفقيرة تُعتبر "قليلة ومتباعدة"، فيلجأ العديد من السكان إلى استخدام المياه الجوفية، ولكن 90 بالمائة من المياه الجوفية في جاكرتا ملوثة ببكتيريا إي-كولاي القولونية بسبب سوء حالة شبكة الصرف الصحي والتغوط في العراء، وتحدث وفيات كثيرة في صفوف الرضع بسبب بكتيريا إي-كولاي، التي تمثل التهديد الرئيسي لحياة الإنسان في هذه الأنهار.

وفي السياق نفسه، أشار المتحدث باسم صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في إندونيسيا، إدوارد كارواردين، إلى أنّ معدّل استخدام "المياه المحسنة" التي يتم الحصول عليها من صنابير المياه والآبار والينابيع في جاوا الغربية لا يصل إلى المعدل الوطني، لأنه لا يمكن سوى لنصف السكان (حوالى 20 مليون نسمة) الوصول إليه، ويضيف كارواردين، داعياً إلى مزيد من التركيز للحد من انتشار ممارسة التغوط في العراء، "إنّ حمى الضنك والملاريا، وهما مرضان ينتشران عن طريق البعوض الذي يزدهر في المياه الراكدة، تسببان 3٪ من إجمالي وفيات الأطفال"، ويشير إلى أنه عندما لا تتمكن الأسر من الوصول إلى مصادر المياه المحسنة، يصبحون أكثر تعرّضاً للإصابة بالأمراض، علماً أن مرض الإسهال وحده يتسبب في نحو 25 بالمائة من وفيات الأطفال دون الخامسة من العمر في إندونيسي، وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن الإسهال يقتل أكثر من 20،000 طفل من هذه الفئة العمرية سنوياً في إندونيسي، من جانبه، قال باستامان، نائب وزير البيئة، أن الحكومة تنظم حملات تثقيفية لزيادة الوعي بشأن مخاطر المياه غير الآمنة، والقضاء على ممارسة التغوط في الأنهار. وأكد أنه "في ما يتعلق بنهر سيليونغ، ثمة خطة للقضاء على تلوث النهر خلال 10 سنوات، ولكن في حالة نهر سيتاروم، من المستحيل إعادته إلى ما كان عليه قبل أن يعاني من التلوث لأن مستوى التلوث فيه شديد الخطورة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/آيار/2012 - 6/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م