اصدارات جديدة: باسم فرات وبلوغ النهر

 

 

 

 

الكتاب: بلوغ النهر

الكاتب: باسم فرات

الناشر: دار الحضارة للنشر في القاهرة

عدد الصفحات: 104 صفحات متوسطة القطع

عرض: جورج جحا

 

 

 

 

شبكة النبأ: يطلق الشاعر العراقي باسم فرات في مجموعته الجديدة "بلوغ النهر" قصائد كتبت في عدة بلدان في الشرق الاقصى وفي نيوزبلندا وتحمل الى القارىء صورا ومشاعر وافكارا من الماضي والحاضر وهي اجمالا تأتي تمجيدا للحياة.

جاءت المجموعة في 104 صفحات متوسطة القطع وبغلاف من تصميم الفنان صدام الجميلي حمل الى جانب العنوان واسم الشاعر بالعربية ما بدا انه الترجمة اليابانية على الارجح لذلك. وقد صدرت المجموعة عن دار الحضارة للنشر في القاهرة. بحسب رويترز.

كثير من هذه القصائد نظم في هيروشيما وأماكن غيرها من اليابان وفي لاوس وفيتنام وتايلاند ونيوزيلندا. يكتب باسم فرات في صور متتابعة تفيض بمشاعر ورموز وبموسيقى لا تبتعد عن كلماته لكنها دائما موشحة بنغم حزين وبشعور بالفقد والحنين في احيان كثيرة.

القصيدة الاولى ربطت بين معتقدات دينية إسلامية وما شاهده الشاعر في هيروشيما وعنوانها "البراق يصل الى هيروشيما". قال في هامش "وسط هيروشيما ومقابل قلعتها ينتصب تمثال لفرس مجنح ذكرني بالبراق" اي الفرس التي امتطاها الرسول محمد الى المسجد الاقصى.

ويتحدث باسم فرات عن هذا البراق الجديد الذي لم يقيض له نبي يمتطيه فيقول "امام قلعة هيروشيما/ وحيدا/ يقف البراق/ دون نبي يمتطيه/ حاملا احلاما/ فقدت صلاحيتها/ يجري النهر تحته/ نزقا ينيض بالجنون/ كثيرون مروا من امامه/ يرتقون انشغالاتهم.

"ولم يرفعوا رؤوسهم بعد/ متجاهلين الغبار وقد بنى/ مستعمرات على جناحيه/ حتى الطير الذي اتخذ من رأسه مكانا لعشه/ ما عاد يغري السائحين بالتقاط الصور التذكارية/

"اليافطة وهي تئن تحت حوافره/ استسلمت لوشايات الزمن وسباق الارضة/ من فحولته يسخر المراهقون/ قوائمه التي كان يخب بها طويلا/ ايحاء لمجاعات وأوبئة/ بينما البراق منتظر من يواريه التراب بعيدا/ نسي ان يحلم بنبي يمتطيه."

وننتقل بعد ذلك الى قصيدة "الساموراي" اي المقاتل الياباني القديم الشهير. يجول باسم فرات في هذه القصيدة بين الواقع والرمز. الساموراي كان واقعا وتحول الان الى رمز فان يمثل تقاليد اماتها التاريخ.

يقول "يعتمر خوذته/ يمتشق سيفه/ الذي يكاد ينافسه/ على قوامه/يتمنطق بالفولاذ/ انه بكامل ابهته/ فيه رائحة التاريخ/ وبقايا غباره/ ولأنه لم يجد فرسانا/ ليقاتلهم/ خصصوا له ركنا/ في المتحف/ وفي المهرجانات

"تراه يجلس على صخرة/ قرب قصره/ او يقف في زاوية ما/ تلتقط له الصور التذكارية/ مع الاطفال/ وفي احسن الاحوال/ يتبختر امام الزوار/ وفي المساء/ عندما تنفض العوائل/ الى مهاجعها/ يجرد من ابهته/ ويركن/ في زاوية شبه مظلمة/ في متحف ما/ بانتظار/ مهرجان/ جديد."

القصيدة التي تلتها هي "الهنمي في هيروشيما". والهنمي هي احتفالات اليابانيين بتفتح زهرة الكرز. والساكورا هي زهرة الكرز باليابانية.

يقول "في احتفالات الهنمي/ عليك ان تحتفي بالفرح/ وتطرد احزانك بعيدا/ تحت اشجار الساكورا/ تنادم ضحكات الجميع/ وتمنح النسيان فرصة ان يتسلل اليك/ تحيي ذكرياتك في دهاليز مفقودة/ في حديقة السلام."

في قصيدة "عن الغريب الذي صار واحدا منا" التي نظمها في فينتيان عاصمة لاوس يقول "ها انذا.. قدم في ميكون وأخرى في الامل/ اتأمل قوارب الصيادين/ يدلني صوتهم على مراس نخرها الابد/ نائمة حيواتهم في غياهب الطحالب/ يتجولون في خرائب الموسيقى/ وحطام اصواتهم/ ينبيء عن حكايات قضمتها الجرذان/ النساء المتشحات بالفقر والجمال/ يكورن الشاطيء فوق المناقل/ لتفوح رائحة الشهوة والخجل بين اقدام السائحين

"انسل نحو الطرق الملتوية/ احيي الباعة بابتسامة وهم منشغلون/ عن مقابر القمامة اذ تفيض بطقوسها/ لان قيامة الجوع ركلت بوذا بعيدا/... مستمتعا بعرس الطبيعة/ حيث يخالطه رنين السوق/ احتمي بالمطر من البلل/ وبالمناداة من ضجيج الهدوء/ انصت للقلوب وهي تتغامز:/ انظروا للغريب لقد صار واحدا منا."

قصيدة الامبراطور التي كتبت في لاوس تتناول رمزا قاسيا زال مع كل امجاده وأهواله وتصف تلك الابهة الميتة التي تحيط به الان.

يقول "الممالك تحت عرشه تستغيث/ تلك الجهات العشر/ فرسانه زرعوا السواحل جماجم غزاة/ ونقشوا في المحار قبلات خيباتهم/ كانت العذارى مفتاح بهجته/ بمائه الاميراطوري يودعن عزوبيتهن/ غلا مجده حتى استحال العويل خيانة للبلاد/ شراكه تصطاد الجيوش والبرق/ قاعات قصره مزدانة بالخلود/وتعاشيق الشعر والدماء." ويضيف قائلا "صرخات يتامى على الجدران/ صارت تهطل من اردان قميصه/ في السقوف مدن عانقها الخراب/ وفتوحات تتسرب من الشقوق.

"الامبرطور الذي تهتز الجبال من لائه/ وتحت بسطاله ترتجف اسود وتنانين/ها هو داخل مربع يسوره شريط اصفر لا يتخطاه/ ضريحه وقد فاق الاهرام في ابهته/ لم يعد مكانا للتبرك/ فهو مأوى جرذان ومبولة سكارى

"ملابسه تذكر بقطيع الحمر الوحشية/ وعصاه التي طالما ابتلعت ثعابين وأعداء/ كثيب نمل غدت/ اتأمله ساخرا/ وبثمن بخس اصفعه/ وأمضي."

ونقرأ في قصيدة "متحف السلام في هيروشيما" التي كانت ونجازاكي هدفا للقصف الذري الامريكي في نهاية الحرب العالمية الثانية وأدى الامر الى وقوع الاف القتلى والمشوهين "حين تدخل عليك ان تحذر الارتطام بالانين/ او ان تحرك دمعة طفلة بارتباكك/ اضغط على الزر وانصت لحكايات صامتة/ حكايات توغلت القسوة فيها والالم/ في الاقفاص الزجاجية قافلة احلام تجمدت/ وكثير من حماقات وخيالات رجال اثقلت اكتافهم النياشين."

وفي قصيدة "رجل من هيروشيما" يقول "الذي فقد اباه/ في السادس من آب 1945/ وتشوهت امه/ الذي حمل عوقه/ ستين عاما/ ولا يزال/ قدم وردة لقاتله/ واحتفى بالحياة."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/آيار/2012 - 4/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م