مقابر الاحياء... اطلالة من الداخل

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: التعذيب والعنف المفرط لا يزالان ينتميان إلى الحياة اليومية في مجتمعات السجون العالمية؛ هذه النتيجة تضمنها تقرير جديد نشرته منظمة العفو الدولية حول وضع حقوق الإنسان، حيث يعيش السجناء في اغلب إنحاء العالم شبه حياة إنسانية وذلك بسبب التقصير والتهاون والإهمال وإساءة المعاملة من قبل الجهات المسئولة في السجون والانتهاكات المفروضة بعدم التوازن بين الجريمة والعقاب كما هو الحال في جنوب إفريقيا ولبنان وباكستان وروسيا.

حيث تشهد اغلب السجون العالمية معاناة من الاكتظاظ وعدم الكفاءة والفساد وتواتر حوادث الهروب الجماعي، وعلى العكس من هذا الصراع يعيش السجناء في الهند والنرويج نشوة أكثر إشراقا من قبل، وهذا الواقع ربما يغير الكثير من أوضاعهم في المستقبل بمختلف المجالات.

جنوب افريقيا

فعلى الرغم من اكتظاظ سجن بولسمور للنساء، إلا أن بعض السجينات محظوظات أكثر من غيرهن إذ إنهن يحصلن على غرفة خاصة غير مقفلة يتمكن فيها من تربية صغارهن، بعيدا عن المبنى الرئيسي للسجن الذي يقع في منطقة الكاب والتي تعيش فيه 518 سجينة في مساحة مخصصة ل329 شخصا، تسكن أربع نساء مبنى تابعا للسجن تم تحويله إلى حضانة للأطفال. وتتولى ممرضات مساعدة هؤلاء النساء كي لا يدفع الأولاد ثمن أخطاء أمهاتهن، من بين هؤلاء الأولاد طفل يدعى شيبويزيه شعر بالذعر عندما خرج للمرة الأولى من زنزانة والدته التي أمضى فيها أشهرا عدة لينتقل إلى الوحدة الجديدة التي افتتحت في آب/أغسطس الماضي. لكن شيبويزيه البالغ من العمر اليوم سنة واحدة اعتاد مسكنه الجديد، وتقول والدته الشابة التي تدعى أوناتي جاك والتي تقضي عقوبة مدتها خمس سنوات في السجن بتهمة حيازة المخدرات، "باتت لديه مساحة كافية ليتحرك في كل الاتجاهات. وعندما يخرج، يأبى أن يعود"، وتستطيع الأمهات عندما يحلو لهن الخروج إلى باحة وملعب كبير مغطى بالعشب، وكذلك الطهو، وتقول رفيقة رجب المحكوم عليها بتهمة سرقة المتاجر والتي تبلغ ابنتها أميرة من العمر ثلاثة أشهر "الفرق كبير.. فالجو هنا عائلي أكثر"، وتضيف مبتسمة "أحيانا أشعر بأنني في منزلي ولست في السجن"، وتشرح نونتسيكيليلو جولينغانا نائبة المسؤول عن تنمية السجون "نأمل أن يؤمن ذلك للأطفال حياة شبه عادية وأن يساهم أيضا في وضع حد للجرائم". بحسب فرانس برس.

وتقول إن الأطفال الذين يكبرون في الزنزانة يعتادون الحياة في السجن وغالبا ما يشعرون بالصدمة عند الخروج منه. وتضيف "لم يروا شيئا سوى الجدران الأربعة التي كانوا محتجزين بينها. وبالتالي، يؤثر ذلك في نموهم العقلي"، مارليز هويل خبيرة تمارين بدنية خاصة بالأطفال، تزور الوحدة لتعلم تدليك الرضع والتحكم بالحركية. تقول "لاحظنا أن نمو دماغ الأطفال المسجونين يختلف عن نمو دماغ الأطفال العاديين"، وتشرح "في السجن، كل الأشياء قريبة. وبالتالي، لا يستطيعون تطوير نظرهم البعيد ولا اكتشاف أشياء مختلفة في الداخل والخارج، ولا حتى تغير الضوء. هم يعانون إذا نقصا في التحفيز الحسي"، ونظرا إلى وجود نحو 70 طفلا في سجون جنوب افريقيا و20 امرأة حاملا في سجن بولسمور وحده، افتتحت سلطات السجون وحدة أخرى في دوربان وتعتزم كذلك إنشاء وحدتين أخريين بحلول نهاية السنة، وبما أن نسبة الاجرام في جنوب افريقيا هي من الأعلى في العالم، فقد أثارت خطوة نقل الأمهات مع أطفالهن إلى غرف عادية استهجان الكثيرين. لكن السلطات حازمة في هذا الشأن، فالأطفال ليسوا مدانين، وتقول نونتسيكيليلو جولينغانا إن قواعد السجون تطبق في تلك الغرف أيضا، شارحة "نحدد ساعة الاستيقاظ وساعة تناول الطعام وساعة الاستحمام وغيرها. إنه إذا سجن أيضا والأمهات لا يتمتعن بالحرية!"، أما النساء اللواتي ينفذن عقوبات طويلة الأمد، فيعشن في تلك الغرف موقتا لأن أولادهن يغادرون السجن للعيش مع عائلات بديلة أو مع أقاربهم عندما يبلغون السنتين. عنذئذ، تعود النساء إلى زنزاناتهن.

هندوراس

فقد قتل 13 شخصا على الاقل في اشتباكات داخل سجن في شمال هندوراس وهو ما يسلط الضوء مجددا على اوجه القصور في نظام السجون بالبلاد بعد اسابيع من حريق في سجن اخر قتل أكثر من 300 سجين، وفي اشتباكات تقاتل سجناء تسلحوا باسلحة نارية وسكاكين وسواطير في سجن في سان بيدرو سولا ثاني أكبر مدينة في هندوراس والتي تشتهر بصناعة المنسوجات وينتشر فيها عنف العصابات. واندلع حريق اثناء الاشتباكات مما تسبب في وفاة سجينين حرقا. وعثر على جثة سجين اخر مقطوعة الرأس، وقال مارليني بانجاس رئيس مكتب الادعاء في سان بيدرو سولا "هناك 13 قتيلا سقطوا في الاشتباكات بين عصابات اجرامية تتصارع على السيطرة على مناطق معينة في السجن، وتتعرض هندوراس لضغوط متزايدة لاصلاح سجونها التي يوجد بها 13 ألف سجين في حين ان طاقتها الاستيعابية لا تزيد عن 7000 . وأكثر من نصف هؤلاء السجناء لم يحاكموا بأي تهم، وفي الشهر الماضي أدى حريق اندلع في سجن كوماياجوا خارج العاصمة تيجوسيجالبا الي مقتل 360 سجينا داخل زنازينهم في واحد من أسوأ حرائق السجون في تاريخ امريكا اللاتينية. وقالت السلطات ان الحريق لم يكن متعمدا وانه نتج عن سيجارة أشعلت النار في حاشية باحدى الزنازين. بحسب رويترز.

باكستان

كما اعلن مصدر رسمي باكستاني ان حوالى 400 معتقل بينهم متمردون، فروا من سجن في شمال غرب باكستان معقل متمردي طالبان الموالين للقاعدة، بعد هجوم نفذه مسلحون على السجن، وقام اكثر من 150 متمردا مسلحين ببنادق وقنابل يدوية وقاذفات مضادة للدروع (ار بي جي)، بمهاجمة السجن المركزي في بانو على الحدود مع المناطق القبلية التي ينشط فيها مقاتلو طالبان، ويقع السجن في مكان قريب من منطقتي خيبر واوروكزاي القبليتين. بحسب فرانس برس.

ودخل المتمردون الذين وصلوا بحافلات وسيارات بيك آب وكان عددهم اكبر من عدد الحراس السجن مستفيدين من اطلاق نار كثيف من اسلحة رشاشة وصواريخ ثم هربوا قبل وصول قوات الامن، واوضح المصدر الامني ان "384 سجينا بينهم متمردين متطرفين فروا خلال الهجوم"، واضاف ان سجن بانو يضم 944 سجينا. وقد نقل اليه مؤخرا متمردون من سجني كوهات ولكي مروات المجاورين اللذين تم تحويلهما الى مركزين لاعادة تأهيل متمردين سابقين.

البرازيل

في حين قام سجناء في سجن شمالي شرق البرازيل باحتجاز 100 شخص كرهائن في تمرد قاموا به ضد حراسهم، وبدأ نحو 400 من السجناء في سجن "اراكاجو" تمردهم، وأفادت الانباء انهم كانوا مسلحين بسكاكين وثلاث بنادق سرقوها من مخزن اسلحة السجن، ويتهم السجناء حراس السجن باساءة معاملتهم، ويطالبون بتوفير ظروف افضل لهم داخل السجن واحترام أكبر لمن يزورهم من النساء، وقالت الشرطة إن ثلاثة من الرهائن هم من حرس السجن، اما البقية فهم من اقارب السجناء، وكان من بين الرهائن اطفال ونساء ممن كانوا في زيارة الى السجن عند اندلاع تمرد السجناء، وقام السجناء في البداية بأخذ نحو 130 شخصا كرهائن بيد أنهم عادوا واطلقوا سراح 28 شخصا منهم، ولم ترد انباء عن وقوع قتلى او جرحى حتى الان حسبما أفادت وكالة الانباء البرازيلية، ويتهم السجناء حراس السجن بارتكاب اساءات ضدهم ويقولون انهم سيقدمون قائمة باسمائهم الى السلطات المحلية. بحسب البي بي سي.

وقال ضابط الشرطة الكابتن ماركوس كارفالهو ان السلطات رفضت مطالب السجناء ولم تسفر المفاوضات عن أي حل، وأُرسل أكثر من 150 من عناصر الشرطة الى السجن الواقع في ولاية سيرغيبي للتعامل مع الاحداث الحاصلة هناك، ويعد ازدحام السجون احدى المشاكل الكبرى في السجون البرازيلية، اذ يضم سجن اراكاجو نحو 4000 سجن، في حين ان طاقته الاستيعابية عند بنائه لا تتجاوز 2000 سجين.

سجينات لبنانيات

على صعيد أخر تصرخ فاطمة من خلف قضبان نافذة السجن لتنادي البحر ان يأخذها الى أحبابها الذين لم ترهم منذ 14 عاما مدة اقامتها في سجن بعبدا للنساء في لبنان، وفاطمة هي من ضمن 13 سجينة قدمن عملا مسرحيا تحت عنوان "شهرزاد ببعبدا" على خشبة مسرح بني لهذه الغاية داخل اسوار السجن في اطار عملية اصلاح السجينات واعادة تأهيلهن داخل السجن، وتمثل فاطمة وهي السجينة المحكوم عليها بالسجن 18 عاما بجريمة قتل لكنها استفادت من قانون اعتبار السنة السجنية تسعة أشهر الذي صدر في وقت سابق هذا العام دورها قائلة "يا بحر موجك شو بعيد. يا بحر خذني لاحبابي. تعبت يا بحر منذ 14 سنة وانا اراك من بعيد، تروي السجينات قصصهن الخاصة في مونولوجات. وتقول احداهن التي عانت من المجتمع وتعرضت لتحرش جنسي منذ الصغر "انا لم اعرف الحرية الا في السجن، تتناول المسرحية القصص الواقعية للنساء اللاتي عانى بعضهن منذ الصغر من الفقر والعنف والبيئة غير الصحية المحيطة بهن فتحولن الى نساء سارقات او مروجات عملة مزورة ومخدرات وحتى نساء متهمات بالقتل، تبدأ المسرحية من على السلالم حيث تستقبل السجينات زوارهن وهن يحدقن بعيونهن في تأكيد على عدم الخشية من اظهار هوياتهن امام المجتمع. بحسب رويترز.

وتتذوق تلك النساء المنسيات لبضع ساعات كل أسبوع على مدى 12 عرضا خلال شهري ابريل نيسان ومايو ايار عالما يتجاوز قضبان سجن بعبدا وهو سجن مزدحم قرب بيروت، من هذه القصص تروي المسرحية الف حكاية وحكاية من خلال مونولوجات ومشاهد قصيرة من اعدادهن تركز على صعوبة أن يكون الانسان امرأة في البلدان العربية التي تقول احدى السجينات انه تحكمها العقلية الذكورية، من خلال هذا العمل المسرحي الذي بدأ يوم الاربعاء ستجد النساء مساحة للتعبير عن أرائهن وفرصة لمد جسر يوصل أصواتهن الى المجتمع المدني بشكل فني وبناء، ويسعى القائمون على هذا العمل الى المساهمة بعملية اصلاح السجينات واعادة تأهيلهن داخل السجن وان يهيء السجينة خلال فترة حكمها لتكون منتجة ومتفاعلة مع المجتمع المحيط بها بشكل ايجابي من خلال المسرحية تدعو النساء الجمهور لمراجعة نظرته للمجتمع وتنقل رسالة تغيير ...كما عبرت عنها احدى السجينات قائلة " مصيري فيه يتغير ...يعني التاريخ فيه يتغيير، وتقول الممثلة والمخرجة اللبنانية زينة دكاش لرويترز "السجينات لديهن الكثير من الاشياء ليقولوه وهذا يشكل حافزا مهما لاي احد يريد ان يعمل عملا مسرحيا معهن، أضافت "أردت أن أعرف من هن تلك النساء وما هي الظروف الحياتية التي دفعتهن الى ارتكاب أخطاء فاضحة وبالتالي ان دفع تلك النساء للتصالح مع ذواتهن من ناحية ومع المجتمع من ناحية اخرى ووجدت ان العمل الفني سيكون خير نتيجة لعلاج الدراما حيث من شأنه ان يخفف من المشكلات النفسية الاتي يعانين منها وللتخفيف من حدتها، ومنذ أطلقت مشروعها للعلاج بالدراما واطلقت مسرحية "12 رجلا غاضبا" التي قدمتها في سجن رومية للرجال حصلت دكاش على احترام واعجاب المسجونين، وتقول دكاش "لا مجال للمقارنة بين مسرحية شهرزاد ببعبدا وبين مسرحية "12 رجلا غاضبا" فالنص هنا هو من القصص الواقعية للسجينات اضافة الى ان الرجال في سجن رومية مازالوا يتمتعون بمواصفات الرجولة اما في سجن بعبدا فالنساء فقدن انوثتهن ونسين انهن نساء، ومضت تقول "اضافة الى تجاربهن الشخصية فان النساء في سجن بعبدا يتحدثن ايضا باسم كل المتواجدات في سجون النساء الاخرى في لبنان وينقلن وجهة نظر النساء المتواجدات داخل سجون النفس او سجون واقع مرير تعيشه الكثير من النساء خارج القضبان في عدة مجتمعات، مشروع دكاش الذي ترعاه جماعة محلية معنية بالدفاع عن حقوق الانسان ووزارتا الداخلية والعدل وتموله مؤسسة خيرية في سويسرا (دروسوس) غير معتاد في العالم العربي، وتقول زينة دكاش ان "فسحة الامل التي ولدت في الاشهر الماضية اشعرت السجينات ان المكان صار اوسع بقليل فالسجن المجهز لاستيعاب ثلاثين او اربعين سجينة يضم ثمانين الى تسعين امرأة معظمهن ينتظرن ان يصدر حكما بحقهن منذ أشهر طويلة، وكما لدى سجن الرجال فان النساء السجينات يشتكين من عدم محاكمتهن. واشتكت احدى السجينات التي قضت حتى الان ثلاث سنوات في السجن من دون ان يتحدد لها جلسة محاكمة وقالت " انا موقوفة. متهمة بالمشاركة في القتل. لا يوجد احد محكوم بيننا. من اصل 90 سجينة هنا في سجن بعبدا يوجد خمسة او ستة محكومين فقط، وقال وزير العدل شكيب قرطباوي بعد حضوره المسرحية "انها من اكثر الاوقات التي احسست فيها بتأثر في حياتي. انا محامي قبل ان أعمل وزيرا وهذه أول مرة أرى الامور من زاوية أخرى...أول مرة أرى الامور من وراء الشباك القضبان، أضاف "سنعمل مع النواب المحامين والنواب غير المحامين كل ما نستطيع فعله لتسريع المحاكمات وعلى ان تكون الاوضاع أكثر انسانية.اؤكد لكم ان هذا النهار بعد الظهر لن انساه في حياتي، أما النائب غسان مخيبر الذي يتابع قضايا السجون في لبنان فقال "هي ليست مشكلة سجون وانما مشكلة عدالة. نعم هناك مرض في العدالة...هناك مشكلة بالقضاء في لبنان."

تشيكيا

الى ذلك حكم على رجل تشيكي خمسيني بالسجن 18 عاما بعدما راكم ديونا كثيرة لدخوله المستشفى 90 مرة لامراض وهمية في غالبية الاحيان على ما ذكر القضاء في اوسترافا (شمال شرق)، وادخل انطونين ستيكر المستشفى 92 مرة بين نهاية العام 2007 وتشرين الثاني/نوفمبر 2011 في ما لا يقل عن 68 مستشفى عبر البلاد، والتهمة الموجهة اليه اشارت الى ان الديون المتراكمة عليه بلغت 200 الف كورونة (ثمانية الاف يورو) اثر فواتير غير مسددة بعد بقائه في غرف فردية وحصوله على خدمات خاصة، وقال ممثل الادعاء في تصريح لوكالة الانباء التشيكية "عاش في المستشفيات بشكل شبه متواصل. ومن غير المفاجئ ان تكون التكاليف ارتفعت بسرعة"، وقال خبير استشير في اطار هذه القضية ان المريض الوهمي هو مثال ممتاز على "متلازمة مونشهاوزن" التي تتمثل بالحاجة الى التمارض لكسب الانتباه والتعاطف. بحسب فرانس برس.

النرويج

في سياق متصل تدور الكثير من المراجعات في النرويج خلال العام الحالي، وذلك في أعقاب الهجمات التي نفذها أندرس بيهرينغ بريفيك، وتجري مراجعة متأنية للنظام القضائي في البلاد، وربما نعذر للأجانب لافتراضهم أن الرأي العام بات أكثر تشددا في نظرته للجريمة والعقاب، لكن لا ترى وزيرة الدولة لتحقيق للعدالة كريستين بيرجرسن ذلك، وتقول "أعتقد أن الجدل الدائر في النرويج حاليا يؤكد أن لدينا قيم حقيقية ونظام مناسب للعقاب، من غير المحتمل بدرجة كبيرة أن يطأ بريفيك بقدميه سجن باستوي. ويوجد في النرويج بالفعل سجون للحبس الانفرادي وأماكن عالية التأمين، لكن لا يزال هذا السجن المفتوح، الذي يوفر لنزلائه القدرة على التجول بين الغابات والحقول، رمزا هاما للنظام النرويجي. ويرى الكثيرون أنه بمثابة جوهرة في تاج الدولة النرويجية، وتقول بيرجرسن "نؤمن أن علينا البدء بإعادة تأهيل السجين منذ اليوم الأول، حيث يصب ذلك في الصالح العام، ربما يرى البعض أن سجن باستوي الخيار الأسهل. لكن يعد نزلائه من عتاة المجرمين. بشكل عام، يقضي هؤلاء السجناء مدد سجن طويلة – وفقا للمعايير النرويجية – جراء ما ارتكبوه من جرائم خطيرة. بحسب البي بي سي.

وبالطبع يتم اختيار السجناء الذين يذهبون إلى باستوي بعناية بالغة. وغالبا ما يوشك هؤلاء على إنهاء فترة عقوبتهم. وفي كافة الحالات فهم أفراد قرروا أنه يمكنهم الاستفادة من نمط الحياة هذا، يقول مورتن، وهو دانماركي يبلغ من العمر 29 عاما يقضي فترة عقوبة ثلاثة أعوام: "من الصعب القول إني أود البقاء هنا. لكن أعتقد أنه لو لم يكن هذا سجن، لكان في استطاعة الحكومة النرويجية تأجير المكان لتنظيم رحلات في أيام الأجازات، كان إلى جوار مورتن لامين، الذي يبلغ الثلاثين من عمره وأصوله من غامبيا. يقول لامين: "كنت ملاكما، وكنت أشعر بالغضب في كل يوم. لكن منذ جئت إلى هنا، أصبحت أكثر هدوءا وراحة، وأضاف "أشعر كأني في تدريب لكي أكون أفضل. يبدو الأمر مثل اختبار وعندما أخرج وأحاول عيش حياة طبيعية، سأعرف ما إذا كنت قد اجتزت الاختبار أم لا، يقول المسؤول عن السجن آرني كفرنفيك نيلسن: "لو كان ذلك بمثابة معسكرا للسجناء، فما المشكلة في ذلك إذا كنت استطيع تحقيق هذه النتائج؟، ويشير إلى أن معدلات العودة إلى المخالفات بلغت 16 في المئة بين النزلاء السابقين في سجن باستوي، فيما يعد أقل معدل في أوروبا، وربما الأقل في العالم، ويقول "من المفترض أن هذه الجزيرة تشبه مجتمع صغير عادي في النرويج. ويعد هذا السجن في الكثير من النواحي نموذجا مقابل للسجن العادي. وهنا يمكن للسجين تولي المسؤولية عن حياته، وسيكون من الصعب الهجوم على هذا السجن. كما تعد تكلفة إدارة باستوي أقل من السجون العادية ونسبة الحراس إلى السجناء أقل كثيرا بالمقارنة مع السجون الأخرى، وفي الليل من المعتاد أن يبقى ما بين أربعة إلى خمس حراس غير مسلحين ليكونوا مسؤولين عن 114 سجينا. ومما يساعد على انخفاض التكلفة أن السجناء يتولون المسؤولية عن الكثير من الأشياء الخاصة بهم بدءا من تجميع القمامة وانتهاء بالطهو وأعمال النظافة.

روسيا

فيما تمكن سجين روسي من الفرار بواسطة مروحية، من سجن يخضع للحراسة المشدّدة في مقاطعة فولوغدا الروسية، بعد أن أمضى نصف مدة عقوبته البالغة 24 عاماً لارتكابه جريمة قتل. ونقلت وسائل إعلام روسية عن المكتب الإعلامي التابع للجنة التحقيق أن السجين تمكن من الفرار، باستخدام مروحية أنزلت منها حبال، فتمسك بها لتحلّق به بعيداً. وقد أسفر البحث عن العثور على المروحية بالقرب من مدينة فولوغدا، وبناءً على معطيات التحقيق الأولية، ترجح الجهات المعنية أن يكون الطاقم قد ساعد على تنفيذ العملية تحت ضغط التهديد. وأعلن مدير الدائرة الاتحادية للسجون ألكسندر ريمير، أن مجموعة مشتركة من رجال الدائرة في مقاطعة فولوغدا، وأجهزة الشرطة المحلية، أفلحت في إلقاء القبض على السجين الفار المدعو ألكسي شيستاكوف. ولدى إلقاء القبض عليه، أبدى السجين مقاومة لرجال الأمن وأصيب بجروح، ونقل بعدها إلى أقرب مركز شرطة، إذ يجري التحقيق معه. بحسب يوناتيد برس.

الهند

على صعيد مختلف تقف سامارا شوبرا منتعلة حذاء عال الكعب، احمر كلون شفيتها ومعتمرة قبعة زينتها بوردة، تنشد الاغاني امام جمهور مؤلف من نزلاء سجن تيهار للمجرمين الخطيرين في نيودلهي، يعتبر هذا السجن من أكبر السجون في آسيا وهو يضم 12 ألف معتقل من القتلة السفاحين والمغتصبين إلى تجار المخدرات والسياسيين المتهمين بالفساد الذين تم الحكم عليهم أو هم لا يزالون بانتظار محاكمتهم، وقد اشتهر سجن تيهار بالجهود التي يبذلها لتحسين ظروف المعتقلين فيه الذين يمكنهم أن يتسجلوا في صفوف لتعليم اليوغا والتأمل والفنون، كذلك اطلق موسيقيون برنامجا موسيقيا خاصا بالسجناء. وهم يزودونهم بالآلات وينظمون حفلات موسيقية بغية تسهيل إعادة دمجهم في المجتمع. بحسب فرانس برس.

وأحيت فرقة "ذي فلاينغ سولز" التابعة للسجن التي شكلت قبل سنة وهي تضم ثلاثة سجناء ينفذون عقوبة بالسجن وسبعة آخرين رهن الاعتقال الموقت، الجزء الأول من الحفل، ثم اتى دور فرقة "سكا فنجرز" الشهيرة في نيودلهي قبل أن تلهب النجمة سامارا شوبرا حماس الجمهور المؤلف من قرابة ألف سجين وتبهج حراس الأمن، وقالت المغنية البالغة من العمر 28 عاما إن "الموسيقى هي من قوى الخير وهي قادرة على تغيير الأشخاص وهي ضرورية للجميع حتى للذين هم في السجون"، وأضافت "كان التفاعل مع المعتقلين هنا رائعا وأن أريد العودة لإعطاء دروس"، أما فرقة "سكا فنجرز" فهي نمت علاقات مع المعتقلين في القسم الرابع من السجن المعروف باسم "جايل 4" والذي يضم 1615 سجينا، وقد نظم هذا الحفل للاحتفاء بتسلم القسم آلات موسيقية جديدة قيمتها 300 ألف روبية (4300 يورو) من تقديم أحد المتاجر، وبات السجن يتمتع بالتالي بدرامز وطبلة هندية وبيانو ومكبرات صوت وغيرها من القطع الصغيرة الأساسية من قبيل اوتار الغيتار، وقال أشيش ناندوانا المحكوم عليه بتهمة القتل لوكالة فرانس برس "من الجيد الحصول على الموسيقى هنا. لا بأس بالسجن لكننا نرغب في فعاليات من هذا القبيل"، وقد حكم على هذا الشاب البالغ من العمر 26 عاما وأصله من مدينة جايبور بالسجن مدى الحياة بتهمة ضرب مضيفة طيران حتى الموت في نزل في نيودلهي في نيسان/أبريل 2008 بعدما رفضت الشابة الزواج به، واعتبر نيراج كومار المدير العام للهيئة المعنية بإدارة السجون في نيودلهي الذي فتح العام الماضي صفوفا لتعلم الموسيقى أن العزف على الآلات الموسيقية وتنظيم الحفلات يشكلان "علاجا" بالنسبة إلى السجناء، وأوضح قائلا "أطلقنا هذه المبادرة منذ سنة ونحن نقترح دروس موسيقى هندية وكلاسيكية وغربية، لكن موسيقى أفلام بوليوود هي التي تلقى النجاح الأكبر"، ولفت إلى أن "السجناء يطلقون العنان لطاقاتهم الإبداعية ونحن نحاول تغيير أحوالهم بفضل الموسيقى"، مذكرا بأن احدى السجينات توقفت عن التفكير في الانتحار عندما صبت اهتمامها على الموسيقى، وكشف نيراج كومار أنه تفاجأ عندما اكتشف المواهب المخفية عند السجناء. وهو قد نظم مسابقة منذ فترة وجيزة لاختيار السجناء الذين ستتسنى لهم فرصة اعداد ألبوم يطرح في الأسواق، وكان ستيفن كاي أحد أعضاء فرقة "سكا فنجرز" الذي قدم العام الماضي دروسا موسيقية في السجن بموارد ضئيلة، صاحب فكرة تجهيز السجن بآلات موسيقية، وأكد هذا الموسيقي الذي ولد في لندن "ليس العمل في السجن مختلفا عن العمل في أماكن أخرى. ويخبرني السجناء عادة بالجرائم التي ارتكبوها لكنني لم أشعر يوما بأنني في خطر"، وتابع قائلا "جل ما يريدونه هو التعلم لكسر الرتابة والتخلص من الأفكار السلبية. وهم يحملون الموسيقى محمل الجد ويظهرون قدرات مذهلة"، واعترف أميت ساكزينا (35 عاما) الذي أمضى حتى الآن تسع سنوات في السجن بتهمة القتل "ننسى سبب وجودنا هنا عندما نتعلم الموسيقى. فنحن جميعنا نحب عائلاتنا وزوجاتنا اللواتي هن دائما في بالنا، ولهذا السبب نحن نكتب لهن أغنيات حب".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/آيار/2012 - 4/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م