محاكمة الهاشمي... رهان جديد على القضاء العراقي

 

شبكة النبأ: لاتزال قضية نائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي والمتهم بالعديد من قضايا الارهاب تشغل بال الراي العام خصوصا بعد ان اسهمت بتأجيج الخلافات بين الاطراف السياسية المتصارعة، والتي حاول البعض تغير مساهرها وابعادها عن طابعها القضائي البحت واعطائها طابع الخلاف السياسي او صبغة طائفية، هذا بالإضافة الى استخدامها كورقة ضغط من قبل بعض الاطراف الساعية الى زيادة رصيدها الشخصي على حساب دم المواطن العراقي، ويرى بعض المراقبين ان الخطوات الجادة والفعلية التي اتخذها القضاء العراقي تدل بشكل فاعل على قوة وحيادية واستقلال هذا الجهاز المهم. وبهذا الخصوص فقد بدأت اولى جلسات المرافعة في محاكمة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المتهم بقضايا ارهابية، غيابيا، واستمعت المحكمة خلالها الى شهود ومدعين بالحق الشخصي. وبدأت المحاكمة التي استمرت لا كثر من خمسة ساعات في حضور فريق الدفاع عن الهاشمي ومدعين وعدد من الصحافيين. ورفض القاضي طلبين تقدم بهما فريق الدفاع عن الهاشمي لتأجيل المحاكمة التي ارجئت سابقا مرتين.

وقال القاضي في بداية الجلسة ان "الهيئة القضائية احالت ملف المتهم الهارب طارق الهاشمي على المحكمة الجنائية المركزية، لأجراء المحاكمة وفقا للمادة الرابعة من قانون مكافحة الارهاب". واضاف ان "المحكمة قررت اجراء المحاكمة غيابيا والسير بالدعوة وفق الاصول". وكان مجلس القضاء الاعلى قرر محاكمة الهاشمي الموجود حاليا في تركيا غيابيا بثلاث جرائم قتل.

وتتعلق القضايا الثلاث باغتيال مدير عام في وزارة الامن الوطني وضابط في وزارة الداخلية ومحامية. ورفضت تركيا تسليم الهاشمي بعدما نشر الشرطة الدولية (الانتربول) مذكرة توقيف دولية تطالب بتسليمه. واستمعت المحكمة الى ثلاثة مدعين بالحق الشخصي، سجلوا دعاوى ضد الهاشمي وسكرتيره الشخصي وصهره احمد قحطان. وابرز ما جاء في المحاكمة اعتراف احد عناصر حمايته بصورة صريحة امام القاضي، ويدعى الرائد احمد شوقي. وتحدث شوقي بعد ادائه القسم عن بداية عمله في عام 2005 مع الهاشمي، وكيف بدأ ينفذ عمليات بأوامر مباشرة منه. واوضح انه من بين العمليات التي نفذها، تفجير سيارة مفخخة امام مسجد براثا في عام 2007، بطلب مباشر من الهاشمي، وتفجير عبوة ناسفة في منطقة الفلوجة. وقال ان "الهاشمي طلب مني بشكل شخصي ان اجهز سيارة وافجرها امام مسجد براثا.

واضاف "قمت بشراء السيارة من احد اصدقائي الذين يعملون مع تنظيم القاعدة، بخمسين الف دولار، وتمت العملية". واقر شوقي بمشاركته المباشرة في قتل ضابط في وزارة الداخلية بطلب من الهاشمي. وقال انه سأل سكرتير الهاشمي الشخصي عن سبب قتل هذه الضابط، فأجابه "انه يسبب ازعاجا للهاشمي ويرغب بإزاحته عن طريقه وتصفيته". كما تحدثت مدير العلاقات في مكتب الهاشمي رشا نمير جعفر بصفة شاهد، علما بانها موقوفة حاليا، عن تورط الهاشمي في عمليات قتل. بحسب فرنس برس.

وقالت ان "الهاشمي وصهره (احمد قحطان) ورطاني في بعض العمليات ولا استطيع الحديث عنها امام الجميع". وعندها، سمح لها القاضي بالحديث امامه بصورة سرية في حضور محام من فريق الدفاع. وقرر القاضي بعد الاستماع الى خمسة شهود تأجيل الجلسة المقبل. وكانت محاكمة الهاشمي الغيابية ارجئت مرتين اثر طعن تقدمت به هيئة الدفاع لنقل القضية الى محكمة اختصاص.

انسحاب محامي الدفاع

على صعيد متصل اعلن فريق الدفاع عن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المتهم بقضايا ارهابية، والذي تجري محاكمته غيابيا، الانسحاب من القضية مع انطلاق جلسات لعدم اطلاع الهيئة التمييزية في مطالبهم. وقال المحامي مؤيد العزي رئيس فريق الدفاع عن الهاشمي للصحافيين "قررنا الانسحاب من القضية لعدم قيام الهيئة التمييزية بالنظر بالطعون التي تقدمنا بها". وقامت المحكمة الجنائية المركزية اثر ذلك باتخاذ قرار بانتداب محامين اثنين بدلا عن فريق الدفاع المؤلف من العدد ذاته،

وتحاكم المحكمة الجنائية الهاشمي غيابيا بتهمة اصدار أوامر الى عناصر من حمايته لتنفيذ عمليات اغتيال لضباط وقضاة ومسؤولين عراقيين، فضلا عن زرع عبوات ناسفة وتفجير سيارات مفخخة في بغداد ومدن عراقية اخرى. عقدت الجلسة في بغداد بحضور المدعين بالحق الشخصي من اقارب الضحايا الثلاثة الذين يتهم الهاشمي بإصدار اوامر بقتلهم وهم ضابط برتبة عميد في استخبارات الجيش العراقي وزوجته ومدير عام في وزارة الامن الوطني وزوجته ومحامية. وقدم فريق الدفاع عن الهاشمي قبل بدء الجلسة نسخة من اقرار خطي للهاشمي أكد فيه انه وخلال عمله كنائب لرئيس الجمهورية لم يرتكب اية مخالفة جنائية كانت أو ادارية، وانه اي الهاشمي ليست له صلة مباشرة بأحد افراد حمايته وهو برتبة رائد في الجيش يدعى أحمد شوقي كريم، وانه لم يطلب منه القيام باي عمل كما ورد في افادة الاخير.

وبعد تقديم الاقرار طلب فريق الدفاع الانسحاب من الجلسة اعتراضا على عدم استجابة المحكمة لطلبهم نقل القضية الى المحكمة العليا الاتحادية، وتجاهل طعون في عدد من إفادات شهود الإثبات. فما كان من القاضي إلا ان طلب تعيين محاميين كبديل لفريق الدفاع المنسحب. بحسب بي بي سي.

وبدأت الجلسة التي استمرت اربع ساعات دون توقف بالاستماع الى شهادات ثلاثة من المدعين بالحق الشخصي من اقارب الضحايا والذين اكدوا انهم لم يسمعوا قط أن اقرباءهم المغدورين قد تعرضوا لتهديد من الهاشمي او احد افراد حمايته، وان قضايا ذويهم سجلت في بادئ الامر ضد مجهول قبل ان يعرض التلفزيون العراقي الرسمي اعترافات حراس الهاشمي.

ويقول الهاشمي ان حراسه الشخصيين تعرضوا للتعذيب لإجبارهم على الإدلاء باعترافات ملفقة لإدانته هو وزوج ابنته أحمد قحطان بالإضافة الى أكثر من 100 من حراسه الشخصيين. وقال رئيس هيئة المحكمة ان المحاكمة ستستمر وانتدب محاميين بديلين للدفاع عن الهاشمي وقحطان. وخلال الجلسة قال الزعيم العشائري السني الشيخ خضر ابراهيم الدليمي وهو أحد المتهمين انه ينتسب إلى جماعة اسلامية سنية مسلحة تدعى كتائب ثورة الثاني عشر إن الهاشمي من مموليها البارزين.

وقال انه التقى بالهاشمي ست أو سبع مرات وان الهاشمي كان يعطيه المال نقدا في يده في كل مرة ما بين عشرة ملايين و15 مليون دينار (ما بين 8000 و12000 دولار) تدفع رواتب للمقاتلين. واضاف الدليمي ان الهاشمي طلب منه القيام بعمليات ضد الجيش والشرطة موضحا انه تم تصوير هذه العمليات وإرسالها إليه. بحسب رويترز.

واستمعت هيئة المحكمة المؤلفة من ثلاثة قضاة في المحكمة الجنائية المركزية في بغداد إلى أربعة متهمين اخرين اتهموا جميعا الهاشمي بتدبير هجمات وقالوا ان قحطان كان حلقة الوصل بينهم وبين الهاشمي. وقال المتهمون للمحكمة انهم كانوا يحصلون على مكافأة تتراوح بين 300 دولار و3000 دولار وفقا للمهمة التي يقومون بها. واقر الشهود بأنهم تلقوا اوامر القتل وزرع العبوات وتفخيخ السيارات من الهاشمي شخصيا او من صهره وسكرتيره احمد قحطان العبيدي اللذين استخدما معهم اسلوب الترغيب والتهديد لتنفيذ ما يأمرونهم به كما جاء في أقوالهم.

وكان القاضي بعد انتهاء كل شاهد من الادلاء بإفادته يسأله عما اذا كان قد ادلى باعترافاته بالإكراه والضغط والوعيد والترغيب، وكانت الاجابة تأتي دائما بالنفي وبأن الشاهد يدلي باعترافاته بملء ارادته وبأنه نادم على ما قام به. قبل رفع الجلسة حدد القاضي تاريخ الحادي والثلاثين من الشهر الجاري موعداً لعقد الجلسة الثالثة من محاكمة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الموجود حاليا في تركيا ويحاكم غيابيا في بغداد.

في انقرة لتلقي العلاج

من جهة اخرى اجرى نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المتهم بجرائم في العراق والموجود في تركيا التي ترفض تسليمه "فحوصات طبية روتينية" لا تحتاج الى الدخول الى مستشفى، على ما اعلن مكتبه. وافاد بيان نشر على الموقع الرسمي للهاشمي ان " طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية اجرى فحوصات طبية روتينية، وكانت النتائج طيبة ولا تستدعي دخوله المستشفى، خلاف ما ذكرته بعض وكالات الأنباء". ولم يقدم البيان تفاصيل اخرى. وكانت قناة "ان تي في" اعلنت ان الهاشمي سيعالج من مرض لم يكشف عنه في مستشفى عسكري في العاصمة التركية. وقال مصدر دبلوماسي تركيا طلب عدم الكشف عن اسمه ان الهاشمي غادر اسطنبول متجها الى انقرة.

وتابع البيان ان الهاشمي اجرى "سلسلة اتصالات مع عدد من القادة السياسيين في العراق، وذلك في سياق متابعة للحراك السياسي الراهن في البلاد". واكدت انقرة ان طارق الهاشمي المطلوب في العراق والذي وصل الى اسطنبول منذ مطلع نيسان/ابريل، لن يتم تسليمه. وتأتي قضية الهاشمي في مرحلة يسودها التوتر بين انقرة وبغداد. بحسب فرنس برس.

والى جانب ملف الهاشمي، اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في الاونة الاخيرة نظيره العراقي نوري المالكي باحتكار السلطة وبممارسة التمييز حيال المجموعات السنية في حكومته. ورد عليه رئيس الوزراء العراقي متهما تركيا بإشاعة الفوضى في المنطقة من خلال التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة. وقد اعلن رئيس الوزراء العراقي المالكي في مقابلة صحافية ان بلاده لا تريد ان تعادي تركيا. وقال المالكي ان "سياستنا في العراق اليوم قائمة على أساس تطوير العلاقات الخارجية مع جميع دول العالم"، مضيفا "ليست لدينا اي مشكلة مع تركيا ولا نريد ان نعاديها لأنها دولة جارة لدينا معها حدود ومصالح مشتركة".

إشعار أحمر

في السياق ذاته أصدر الانتربول الدولي "إشعار أحمر" بحق نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي، وذلك بناء على طلب الحكومة العراقية التي تتهمه بـ"إدارة وتمويل" عمليات إرهابية في البلاد، وذلك في تطور جديد قد يكون له تداعياته على الجولات الإقليمية التي يقوم بها. وقال الانتربول على موقعه الرسمي إن هذا الإشعار يضع على عاتق مكاتب الانتربول مهمة الطلب من الدول صاحبة العضوية، والتي يبلغ عددها 190 دولة، تقديم المساعدة اللازمة من أجل تحديد موقع الهاشمي واعتقاله، على خلفية وجود مذكرة توقيف صادرة عن القضاء العراقي.

وقال الأمين العام للإنتربول، رونالد نوبل، إن الإشعار الأحمر ضد الهاشمي "سيحد بشكل كبير من قدرته على التنقل بين الدول،" مشيراً إلى أنه "أداة قوية تسمح للسلطات حول العالم بتحديد مكانه واعتقاله." وأضاف نوبل: "هذه القضية تظهر بشكل واضح التزام السلطات العراقية على العمل مع الشرطة الدولية عبر الانتربول لطلب تسليم الأشخاص الذين يواجهون اتهامات خطيرة."

ولفت بيان الانتربول بوضوح إلى أن "الإشعار الأحمر" لا يمثل اعتباره "مذكرة توقيف دولية،" غير أنه أقر بأن معظم الدول تنظر إليه على أنه طلب قانوني يجيز الاعتقال المؤقت، خاصة في حال توفر معاهدات لتبادل المطلوبين، مع التأكيد على فرضية البراءة للمتهمين حتى إثبات العكس. ويعيش العراق منذ أشهر على وقع أزمة سياسية على خلفية اتهام نائب رئيس الجمهورية ، طارق الهاشمي، بالتورط في عمليات إرهابية، ما دفعه للسفر إلى إقليم كردستان، لتندلع بعد ذلك أزمة بين الإقليم والحكومة المركزية في بغداد، على خلفية ملف النفط.

ورد نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي، على "الإشعار الأحمر" الصادر بحقه من قبل الانتربول الدولي، بطلب من الحكومة العراقية التي تتهمه بالتورط في الإرهاب، فتعهد بالطعن بهذا التعميم، وأكد أنه "لن يخضع للابتزاز،" بينما قال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أدروغان، إن وجود الهاشمي في تركيا مؤقت بسبب العلاج. وقال الهاشمي، في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني الرسمي: "اطلعت على نص التصريح الصادر بهذا الخصوص، ومع تقديري لجهود الشرطة الدولية في ملاحقة المجرمين على الصعيد الدولي فقد كان لازماً عليها قدر تعلق الأمر بمسألتي حصراً، بذل المزيد من الجهد والوقت في التدقيق والتحري، وعدم الاستعجال في إصدار هذا التعميم."

وأكد الهاشمي أن قضيته "سياسية من أولها لآخرها،" وأن الاتهامات المنسوبة إليه "ملفقة، وبعيدة عن الحقيقة،" مشيراً إلى اعترافات جرى انتزاعها بالإكراه في قضيته، وأضاف: "سيتقدم محامي الدفاع خلال الأيام القليلة القادمة بالطعن في هذا التعميم لدى الشرطة الدولية كونه مخالف لأبسط القواعد والقوانين ذات العلاقة." بحسب CNN.

ولفت الهاشمي إلى أن التعميم "لم يتجاوز الإشارة إلى لائحة الاتهام التي أصدرها قضاء (رئيس الوزراء نوري) المالكي بحقي وهو بالتالي ليس جديدا كما لم ينطوي على إذن بالقبض خلاف ما أوردته بعض وسائل الصحافة والإعلام،" وتابع بالقول: "لن اخضع للضغط أو الابتزاز، واحمد الله سبحانه على هذا التعاطف الدولي."

من جانبه، قال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إن الهاشمي الموجود في تركيا منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي سيعود إلى العراق بعد انتهاء فترة العلاج التي يمضيها حالياً. وقال أردوغان، رداً على سؤال من الصحفيين خلال زيارته إلى روما: "الهاشمي موجود في تركيا لأسباب صحية، ولإجراء محادثات حول التطورات الأخيرة، وأظن أنه سيعود إلى بلده بعد تلقيه العلاج." واضاف اردوغان قائلا "إن الهاشمي مستمر في دفاعه عن نفسه، وإنه قدم اعتراضاته على القضية عبر محاميه، ووفق ما لدي من معلومات فإنه سيستمر في الدفاع عن نفسه." وأكد اردوغان على التزام بلاده بدعم الهاشمي وقال "نحن كنا ولا نزال وسنبقى نقدم دعمنا لطارق الهاشمي".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/آيار/2012 - 4/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م