الفرق بين النووي والننوي؟

هادي جلو مرعي

سألوني عن إمكانية تحقيق تقدم في المفاوضات التي ستعقد جولة جديدة منها في العاصمة بغداد خلال الأيام القليلة القادمة، لمناقشة تطور الموقف الإيراني من ملفها النووي وعلاقتها بالمجموعة الغربية التي فرضت حزمة من العقوبات القاسية، والتي أعلنت إيران ومراقبون دوليون، أنها غير مجدية لوقف المشروع الإيراني؟

بالتأكيد فإنه لايمكن تجاهل ماقد يحصل من تداعيات سلبية أو إيجابية على العراق في حال فشل أو نجاح تلك المفاوضات، لكن لماذا لايتم التركيز على مايمكن أن يجنيه العراق من مكاسب في حال عقد أول إجتماع دولي غير مسبوق إطلاقا منذ أيام حلف بغداد في العام 1955، والذي وأده إنقلاب تموز عام 1958، والى الآن، وأعني به إجتماع ( 5+1 )؟

وبالعودة الى نهاية مارس من العام الجاري حيث عقدت القمة العربية في العاصمة بغداد، نتعرف على حضور مختلف للعراق على الساحة العربية والإقليمية، كان يمكن ان يستثمر بشكل مختلف لولا جملة من التداعيات والمشاكل السياسية الداخلية ورؤى وتصورات إقليمية وعربية تتقاطع وطبيعة الرؤية العراقية لشكل التغيير وإتجاهاته، وفي كل الأحوال فقد مثل قدوم الزعماء العرب الى العاصمة بغداد، إيذانا ببدء مرحلة جديدة من العلاقات مع المنظومة العربية والدولية الأبعد، وكان حضور رؤساء المنظمات الدولية الكبرى كالأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والكلمات التي ألقاها رؤساء هذه المنظمات، تطورا يضاف الى مايمكن وصفه إنقلابا في الحال الذي كان عليه وضع العراق، حين كانت الحرب الطائفية تكاد تشتعل والعرب والإقليم لايثقون كثيرا بطبيعة الإدارة العراقية للعملية السياسية، عدا عن بعض النزعات غير المحسوبة للقوى السياسية التي إنجرت الى دوامة صراع لم تتوقف إلا لإلتقاط الأنفاس.

هذا الحضور كان إنجازا سياسيا للعراق، ومثله يجب إن يكون إجتماع الدول الخمس وإيران حول ملفها النووي، مكسبا آخر يرفع من سقف طموحاته للعودة أكثر الى الحاضنة الدولية كطرف فاعل ومؤثر، حيث تترقب الشركات العالمية الكبرى تحولا سياسيا أكثر نضوجا لتدخل السوق العراقية في مجالات متعددة يمكن أن تساعد في إحداث نهضة إقتصادية وعمرانية كبية على المدى المنظور وبما يتيح الفرصة لتقديم خدمات حقيقية لشرائح إجتماعية ظلت تعاني طويلا بسبب سياسات الحكم السابق والتخبط السياسي والصراعات الجانبية وغياب إرادة التغيير، وهو مطلب شعبي يبحث عن فرصة ليستدل طريق المستقبل.

تذكرت والدة صديق لي إرتبكت كثيرا وهي ترى الأضواء الهائلة تضرب سماء بغداد بعد كل غارة أمريكية في حرب تحرير الكويت، كانت تقول ( يمه إنضربنا ننوي)، ولم تميز بين النووي والننوي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24/آيار/2012 - 2/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م