أفغانستان... مرحلة الاوقات الاشد صعوبة

 

شبكة النبأ: لايزال الوضع الامني غير المستقر في افغانستان مصدر قلق يهدد حياة المواطن الافغاني الذي بات هدفا مهما لأسلحة الخصوم ، ويرى بعض المراقبين ان ازدياد ضحايا معدل العنف في هذا البلد وتصاعد هجمات الفصائل المتشددة يجعل من الصعب التبوء بما ستؤول الية الوضاع بعد انسحاب القوات الاجنبية من هذه البلاد خصوصا مع ضعف الاداء الامني المؤشر ضد الاجهزة الامنية التي يرجحون اختراقها من قبل المتطرفين هذا بالإضافة الى المشاكل الاخرى . وفي هذا الشأن فقد اعلن الرئيس الافغاني حميد كرزاي ان الجيش الافغاني سيتولى مسؤولية امن 75% من افغانستان بعد المرحلة الثالثة والمقبلة لنقل الحلف الاطلسي المسؤولية الامنية الى الجيش الافغاني بحلول نهاية 2014. واشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما ب"الخطوة المهمة نحو الامام" من قبل كابول من اجل تسلم مسؤولية الامن.

 واعلن مسؤولون افغان ان المرحلة الثالثة التي بدأت يمكن ان تستغرق بين ثلاثة وستة اشهر. وقدرت قوة الحلف الاطلسي في افغانستان (ايساف) مدة انتقال مسؤولية الامن بين 12 و18 شهرا. ووضعت اول مرحلتين من نقل الاطلسي المسؤولية الامنية الى الجيش الافغاني العملية التي اطلقت في تموز/يوليو 2011 ، 50% من السكان تحت السيطرة الافغانية. وبعد انتهاء المرحلة الثالثة التي تشمل 122 منطقة جديدة في مختلف انحاء البلاد، فان 11 ولاية بكاملها ستنتقل الى سيطرة القوات الافغانية، بحسب بيان رئاسي.

وبموجب هذه المرحلة ستنتقل مسؤولية الامن في ولاية كابيسا (شمال غرب) واوروزغان (جنوب) وبروان (شمال شرق) اللتي لم تشملها العملية الانتقالية حتى الان، الى الشرطة والجيش المحليين. وتسيطر القوات الفرنسية التي ينتشر القسم الاكبر من عناصرها البالغ عديدهم 3400 عنصر في ولاية كابيسا التي تعاني من انعدام الاستقرار بشكل اقل من اوروزغان الخاضعة لسيطرة القوات الاسترالية، لكن بشكل اكبر من بروان الخاضعة للقوات الاميركية.

وعلق سفير فرنسا في افغانستان برنار باجوليه بالقول ان نقل مسؤولية الامن يشكل "اقرارا بالعمل الذي انجزه العسكريون الفرنسيون والفرق المدنية على صعيد التنمية". وكان الرئيس الفرنسي المنتخب فرنسوا هولاند شدد في الاشهر الماضية على هدفه بسحب قوات بلاده القتالية من افغانستان بحلول نهاية 2012 اي قبل عامين من الموعد الذي حدده الحلف الاطلسي للانسحاب. واضاف باجوليه ان شروط الرحيل السابق لأوانه للقوات الفرنسية من كابيسا التي يمكن ان تطرح مشاكل امنية كبيرة، تشكل "محور مباحثات" بين باريس وكابول والدول الاعضاء في الحلف الاطلسي. وتملك فرنسا الكتيبة الاجنبية الخامسة في اطار قوة ايساف التي من المفترض ان يغادر غالبية عناصر افغانستان بحلول اواخر 2014.

وكان وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند اعرب عن الاسف لان وحدات قوة الحلف الاطلسي في افغانستان (ايساف) لن تنسحب "معا" من هذا البلد، معتبرا مع ذلك ان الانسحاب الفرنسي المبكر الذي طرحه الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند يمكن ان يتم دون التأثير على هذه القوة. وتعد الوحدة البريطانية الثانية في ايساف بعد الوحدة الاميركية مع 9500 جندي.

واشاد الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن باعلان كرزاي. وقال راسموسن في بيان انه "وبعد تطبيق هذا القرار ستبدأ هذه العملية في كل واحدة من ولايات البلاد ال34 بما في ذلك في عواصمها". واضاف "نقترب خطوة خطوة من هدفنا المشترك (للشعب الافغاني والحلف الاطلسي) بان تتسلم القوات الافغانية المسؤولية الامنية في البلاد بحلول نهاية 2014". من جهته، اعرب قائد قوات ايساف الجنرال الاميركي جون الن عن ترحيبه مشيرا الى ان ذلك "دليل على قدرة" الجيش الافغاني على تولي الامن. واضاف الن ان "افغانستان تواصل المضي قدما لضمان امن المستقبل السيادي للبلاد وامن حدودها...".بحسب فرانس برس.

تبقى مسالة تمويل القوات الافغانية البالغ عديدها حاليا 350 الف عنصر الا ان التحالف يريد خفضه الى 228 الف جندي وشرطي وذلك لأسباب اقتصادية. واعتبر اشرق غاني احمد زاي رئيس المفوضية المكلفة العملية الانتقالية "نامل التباحث في مواصلة الدعم المالي لقواتنا في (قمة) شيكاغو والتوصل الى نتيجة". ويمكن ان يؤدي خفض حجم القوات الافغانية الى مشاكل امنية كبيرة خصوصا وان اكثر من 120 الف عنصر مدربين على القتال سيجدون انفسهم بلا عمل مما يمكن ان يدفع بهم نحو الالتحاق بالمتمردين. ولا يزال متمردو حركة طالبان التي اطاح بها التحالف بزعامة الولايات المتحدة في اواخر 2001 يشنون هجمات دامية خصوصا في جنوب وشرق البلاد.

أوقاتا أصعب

على صعيد متصل قال مسؤولون أفغان إن أفغانستان ستواجه تحديات أمنية أصعب في المرحلة المقبلة حين تنتقل مسؤولية الأمن فيها من القوات الأجنبية إلى القوات الأفغانية مع تصعيد المتمردين لهجماتهم. ويتوقع ان يعلن الرئيس الأفغاني حامد كرزاي انتقال المسؤولية في 230 منطقة ومراكز كل العواصم الاقليمية إلى الأفغان في إطار المرحلة الثالثة من إجراءات التسليم قبل أن تنسحب معظم قوات حلف شمال الأطلسي من أفغانستان بحلول نهاية عام 2014 .

وقال أشرف غاني أحمد زاي رئيس العملية الانتقالية للصحفيين في كابول "سنواجه اختبارا وطنيا للبقاء في عام 2014 لكن أعداءنا يجب أن يعرفوا أن هذا البلد ملتزم باستكمال هذه العملية." وأضاف أحمد زاي وهو وزير مالية سابق "المرحلة الثالثة مرحلة صعبة. لا نريد أن نكذب على الشعب الأفغاني لكن هذه الصعوبات ليست بدون حل." وتعتزم أفغانستان والدول الغربية التي تدعمها المضي قدما في المراحل الخمس لنقل مسؤولية الأمن التي ستشمل في النهاية معاقل لطالبان مثل قندهار وأجزاء كثيرة من إقليم هلمند بالإضافة إلى الاقاليم الشرقية المضطربة ومناطق أخرى.

وأطاحت قوات التحالف قبل أكثر من عشر سنوات بحكومة طالبان في أفغانستان وتكافح قوات حلف شمال الاطلسي وقوات الحكومة الافغانية لزيادة وتعزيز القوات الامنية المحلية حتى تتمكن من تسلم مسؤولية الأمن من القوات الأجنبية. ورغم ذلك لا يوجد الكثير من المؤشرات على تحسن حالة الأمن في أفغانستان. ويشن المتمردون بالفعل حملة من الهجمات الانتحارية في الربيع ويبدو أن محادثات مع طالبان في إطار جهود للتوصل إلى تسوية سياسية قد توقفت. وقال نائبان بارزان في الكونجرس الامريكي إن طالبان أصبحت أقوى الان مما كانت عليه عندما أمر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بزيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان. ويتعارض هذا مع تقييم الادارة الامريكية لحركة التمرد. بحسب رويترز.

وكانت العلاقات بين كابول وواشنطن قد تأزمت في الآونة الاخيرة بسبب عدد من الحوادث التي تورط فيها جنود أمريكيون هذا العام بما في ذلك قتل قرويين أفغان وحرق مصاحف. وقال كرزاي بعد أقل من أسبوع من توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة إن الاتفاقية مهددة بان تفقد معناها إذا لم يشعر الأفغان بالأمان. وأدلى الرئيس الافغاني بهذه التصريحات بعد مقتل مدنيين في سلسلة من الحوادث ألقي فيها باللائمة على حلف شمال الأطلسي.

الضغوط والمتاعب

من جانب اخر قالت قوة المعاونة الامنية الدولية (ايساف) ان المتاعب الشخصية والضغط النفسي بسبب المعارك والمشكلات المحلية وراء عدد أكبر من الهجمات التي يشنها جنود من داخل القوات الافغانية على جنود من حلف شمال الاطلسي اكثر من الهجمات التي ينفذها متسللون من طالبان. وقال البريجادير جنرال كارستن جاكوبسون المتحدث باسم حلف شمال الاطلسي للصحفيين ان القوى الغربية كثفت من الاجراءات الامنية لمنع المزيد من الهجمات بعد أن قتل أفراد من قوات الامن الافغانية 17 جنديا أجنبيا هذا العام. وفي بعض الحالات يشمل هذا زيادة الحماية المتوفرة لدى الجنود الاجانب تحسبا لان يوجه مزيد من الافغان أسلحتهم للقوات الاجنبية. وأثارت سلسلة من الهجمات التي ارتكبها أفراد من داخل القوات الافغانية شكوكا حول مدى قدرة القوات المحلية على تولي المسؤولية الامنية.

وقال جاكوبسون للصحفيين "الاغلبية الساحقة (من أسباب الهجمات) تكمن في الفرد. الاسباب الشخصية.. المظالم الشخصية.. من الاسباب الرئيسية." وأضاف "من الاشياء التي نجدها هو أنه في كثير من الحالات هناك مؤشرات وأعراض كان من الممكن رصدها.. ولابد من تحسين القيادة للتأكد من التعرف على تلك المؤشرات في المستقبل.. في الوقت المناسب قبل وقوع الحادث."

وأذكى تصاعد هجمات جنود من داخل القوات الافغانية على جنود أجانب من مخاوف من أن يكون اما أفراد من الجيش أو الشرطة الافغان قد انقلبوا على زملائهم أو أن مسلحين من طالبان اخترقوا صفوف قوات الامن.

وقال جنرال أفغاني ان لدى طالبان نظاما متطورا لاختراق صفوف قوات الامن الافغانية. وأصبحت هجمات جنود أفغان على قوات حلف شمال الاطلسي أكثر تكرارا في الوقت الذي توترت فيه العلاقات بين الحكومة في كابول والدول الغربية الداعمة. واتهم جندي أمريكي بقتل 17 مدنيا أفغانيا في مذبحة بإحدى القرى وحرق مصاحف في قاعدة رئيسية لحلف الاطلسي في فبراير شباط.

وقال جاكوبسون المتحدث باسم حلف الاطلسي انه تم الحاق ضباط أفغان من قطاع مكافحة التجسس بوحدات الشرطة والجيش لمنع هجمات يرتكبها أشخاص يبدو عليهم الاستياء أو الاحباط. وتابع "لابد من متابعة الجندي الذي يعود من عطلة تحسبا لاي تغييرات في سلوكه.. الجندي الذي شهد قدرا كبيرا من الضغط النفسي في المعارك لابد من مراقبته والجندي الذي لم يأخذ عطلة لفترة طويلة لابد من مراعاته."

10 الاف كيلو من المتفجرات

على صعيد متصل قال متحدث باسم جهاز المخابرات الافغاني ان قوات الامن ضبطت خمسة أشخاص وبحوزتهم عشرة الاف كيلوجرام من المتفجرات كانوا يعتزمون استخدامها في هجوم كبير على مناطق مزدحمة بالعاصمة كابول. وقال شفيق الله طاهري المتحدث باسم المديرية الوطنية للأمن "لو كانت هذه الكمية من المتفجرات قد استخدمت لأراقت دماء كثيرة." وأضاف في مؤتمر صحفي انه تم العثور على المتفجرات في 400 جوال كانت مخبأة تحت أكوام من البطاطا (البطاطس) على متن شاحنة على مشارف المدينة. وقال "ألقي القبض على ثلاثة ارهابيين باكستانيين واثنين من شركائهم الافغان وضعوا المتفجرات تحت أجولة البطاطا في الشاحنة." وقال انهم تلقوا تدريبا من حركة طالبان الباكستانية التي تربطها صلات قوية بطالبان الافغانية. بحسب رويترز.

وطالما اتهم مسؤولون أفغان دولة باكستان باستخدام جماعات متمردة مثل طالبان الافغانية لتنفيذ عمليات في أفغانستان. وتنفي الحكومة الباكستانية تقديم دعم او توفير ملاذ للمتمردين على أراضيها. وشن المتمردون في وقت سابق هجوما منسقا على أربعة أقاليم استهدفت مناطق دبلوماسية وحكومية في كابول بالصواريخ والاسلحة النارية ردا على اساءة الجنود الامريكيين لمعاملة المواطنين الافغان على حد قولهم. وأعلنت طالبان الافغانية مسؤوليتها عن الهجمات وقالت انها تعتزم شن هجمات مماثلة في الاشهر القادمة.

الحكومة تحذر

من جهة اخرى كثفت أفغانستان جهودها لمنع ائمة المساجد من التحريض على العنف أو ترديد شعارات مناهضة للحكومة ومنحت أئمة المساجد المنفلتين ثلاث فرص للعدول عن أساليبهم سيواجهون بعدها الاقالة وربما السجن. وفي أفغانستان تحظى خطبة الجمعة بتأثير قوي بالنسبة لطرفي الصراع حيث يتطلع المتمردون الى كسب التأييد وكسب مجندين بينما يهدف حلف شمال الاطلسي والحكومة الافغانية الى التصدي لرسائل المتشددين مع تطلع القوات الغربية المقاتلة للانسحاب من البلاد بنهاية عام 2014 .

ويهدف مرسوم جديد صادر عن وزارة الحج والشؤون الدينية الى اضعاف الرسائل المعادية للغرب والمؤيدة للمتمردين التي تصدر عن زعماء دينيين في المساجد تحظى آراؤهم عادة بثقة وتقدير أكبر مما تحظى به اراء الحكومة التي يعد وجودها محدودا للكثيرين في المناطق الريفية والاقليمية. وقال مولوي محمد أصغر وهو امام مسجد في العاصمة كابول "اذا كنا نحض الناس على الهدوء سيقبلون ذلك.. واذا كنا نشجعهم على عمل شيء سيقبلون أيضا.. لانهم يعرفون أن أي شيء نقوله لهم سيكون موافقا للقران والاسلام."

ومن بين حوالي 126 ألف مسجد في أفغانستان فان حوالي ستة الاف منها فقط مرخصة وتحصل على تمويل من الحكومة. والمساجد الاخرى قام الناس ببنائها ويتولى الحي دعم أئمتها. وفي المناطق الريفية حيث يكون الطالبان أكثر نشاطا فان خطبة الجمعة تكون غالبا مؤيدة للمتشددين. قال عبد المالك ضيائي رئيس ادارة المساجد والاماكن الدينية في الوزارة "عندما يرتكب الملا (الامام) المعين لدينا مخالفة (للمرسوم) فأننا نعزله من وظيفته. ولكن اذا لم يكن موظفا لدينا فأننا نبلغ ادارتي الامن والقضاء لاتخاذ اجراء ضده."

ولكن نظرا لان عددا قليلا من المساجد يحظى برعاية رسمية ونظرا لغياب تأثير الحكومة على تلك المساجد هناك شكوك قوية في أن كابول ستكون قادرة على منع الرسائل المناهضة للحكومة خصوصا في المناطق النائية التي يضعف فيها وجود الحكومة.

وقال أفغان في أقاليم خارج كابول انهم لم يروا تغيير كبيرا في خطب الائمة منذ صدور المرسوم قبل أشهر قليلة. واكتسب المرسوم أهمية جديدة بعد أن أدت سلسلة من الاخطاء ارتكبتها القوات الغربية الى اشعال التوترات الامنية. وتتزايد المشاعر المعادية للغرب في أفغانستان المحافظة عادة والمتدينة بشدة والمتشككة في الاجانب في المناطق خارج العاصمة. بحسب رويترز.

ورفض كثير من الائمة المعينين من الحكومة في اقليمي قندهار وهلمند المضطربين في جنوب البلاد الحديث بخصوص المرسوم خوفا من عقاب الحكومة. ولكن في أقاليم أخرى خارج جنوب أفغانستان حيث يشكل البشتون لاغلبية السكان فيها حيث يستمد طالبان تأييدهم قال رجال الدين انه لن يكون للمرسوم تأثير على خطبة الجمعة. قال غلام فاروق عضو مجلس العلماء في اقليم هرات بغرب أفغانستان "القران أهم بالنسبة لنا من مرسوم وزارة الحج. لن أحيد أبدا عن قول الحق. "لست سياسيا يحض الناس على الوقوف ضد لاحكومة أو يدعم حزبا سياسيا ولكن اذا وقع ما يخالف الاسلام سأعترض."

زيادة النزوح والفقر

على صعيد متصل تسترجع جولام المساء الذي فرت فيه من منزلها في شمال افغانستان وكيف راحت تركض هي وبناتها المراهقات تحت جنح الليل لتجنب إعداد العشاء لعشرين من مقاتلي حركة طالبان. وقالت جولام وهي تجذب شالا مخططا كانت قد لفته بإحكام حول وجهها الهزيل "اقتحم ذلك الطالباني بابي وطالبني بأن اطهو لهم الطعام. لكن لم يكن لدي مال وكنت أخشى أن يأخذوا بناتي." وفي تلك الليلة قبل نحو ستة اشهر انضمت جولام واسرتها الى نصف مليون نازح افغاني تركوا ديارهم لأسباب يتعلق اغلبها بالصراع لكن بينها ايضا الكوارث الطبيعية وهو رقم يزداد باطراد منذ 2008.

ومن شأن تصاعد العنف مع استعداد القوات المقاتلة التابعة لحلف شمال الاطلسي للرحيل بنهاية 2014 وضعف الافاق الاقتصادية في مواجهة تقلص المساعدات ان يسبب كارثة انسانية لافغانستان التي يعيش ثلث سكانها بالفعل تحت خط الفقر. وقالت جولام خلال زيارة لمقر الامم المتحدة في مزار الشريف عاصمة اقليم بلخ في شمال افغانستان "الوضع الامني في البلد مترد. هناك المزيد من (اللاجئين) كل يوم." وغادرت جولام قريتها الجبلية الى مقاطعة على الحدود مع اوزبكستان حيث تعيش الان في مسكن مؤجر. وفي ظل عدم قدرتها على ايجاد عمل تتلقى جولام وهي ارملة عطايا ضئيلة من اقاربها الرجال. وتقول ان زوجها قتل في هجوم للمتمردين.

وحذرت مسؤولة الشؤون الانسانية بالأمم المتحدة فاليري اموس خلال لقائها بالنازحين في شمال البلاد من ان محنتهم قد تتفاقم عندما تنفد المبالغ التي تتدفق على البلاد في اطار الحرب التي تقودها الولايات المتحدة وجهود اعادة الاعمار. وقالت اموس "نحن قلقون من ان يتعرض الناس للنسيان. نحن قلقون من الا تتوفر الموارد المالية التي نحتاجها للبلاد." واشارت الى تقرير أصدره البنك الدولي في الآونة يقول ان ما يصل الى عشرة بالمئة من القوى العاملة في افغانستان تستفيد من المساعدات. وحذرت من ان "الالاف معرضون لخطر فقد وظائفهم" قائلة انه عندما تتوقف المساعدات سيزيد عدد العاطلين او النازحين. وقال ميرويز رابي مدير الصحة العامة في بلخ لآموس في اجتماع مع مسؤولي الاقليم "سنحتاج المزيد من المساعدة لتجنب كارثة." وتقول منظمة العفو الدولية ان 400 افغاني ينزحون عن ديارهم كل يوم وتتوقع المنظمة ارتفاع هذا الرقم.

وقالت ديلبار التي تركت منزلها في اقليم جوزجان في الشمال قبل نحو ثمانية اشهر بعدما هدد المتمردون ابناءها بالعنف عندما رفضوا الانضمام اليهم "سيكون الوضع مشابها لما حدث عندما غادر الروس." وبعد الهزيمة المذلة للسوفييت في حربهم التي استمرت عشر سنوات ضد المجاهدين الأفغان عام 1989 واصلت موسكو دعم حكومة محمد نجيب الله الشيوعية.

لكن عندما انهار الاتحاد السوفيتي بعد عامين تلاشى الدعم واطيح بنجيب الله عام 1992 ونشبت حرب اهلية في افغانستان. وشهدت الشهور الستة الاولى من 2011 تصاعدا كبيرا في الاضطرابات حيث ارتفع عدد القتلى والجرحى المدنيين للعام خامس على التوالي.

وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ان نحو 100 الف شخص نزحوا عن ديارهم خلال هذه الفترة. واظهرت ارقام الامم المتحدة في يناير كانون الثاني ان طلبات اللجوء السياسي التي تقدم بها افغان بلغت اعلى مستوى لها في عشر سنوات. واغلب هذه الطلبات من اشخاص يسعون للعمل في الخارج.

وحتى في العاصمة كابول التي يتباهى فيها الافغان الاثرياء ببناء منازل فخمة يوجد نحو 35 الف نازح يعيشون في خيم مؤقتا. وقال عبد الصمد وهو مسن من اقليم لغمان في شرق البلاد في مخيم باروان للاجئين قرب وسط كابول "لا نستطيع الذهاب الى منازلنا لان القتال عنيف وفي الوقت نفسه لا سبيل لنا لكسب أقواتنا هنا." وتقدمت اغلب الاسر في المخيم وعددها 110 أسر بطلبات للحصول على مساكن واراض في اطار برنامج حكومي. بحسب رويترز.

وفي حين تنتظر هذه الاسر انتهاء اطار زمني يكون عادة خمس سنوات فهي تعمل في نقل الطعام مقابل 15 افغاني في الساعة (28 سنتا) وتوفر المنظمات غير الحكومية الاجنبية بعض الطعام والمأوى. وتنهد عبد الصمد قائلا "جيراننا لن يسمحوا لنا بالدخول مرة أخرى" في اشارة الى ايران وباكستان حيث لا يزال يعيش الملايين من اللاجئين الافغان الذين فروا من الحرب السوفيتية وطالبان. واضاف "لذلك ما من شك اننا عددنا سيزداد."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/آيار/2012 - 28/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م