ممثل المرجع الشيرازي: الوهابية بعيدة عن التسامح الإسلامي أقصى البعد

 

شبكة النبأ: أقام المركز الوثائقي للدفاع عن المقدّسات الإسلامية مؤتمره الثاني تحت عنوان: (الوهابية والإرهاب) في يوم الخميس (3/5/2012) الموافق (11 جمادى الثانية 1433للهجرة) على قاعة دار الضيافة في كربلاء المقدّسة، بحضور ممثل المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، والعديد من الشخصيات الدينية والسياسية والعامة وأعضاء مجلس المحافظة وعدد من أعضاء مجلس النوّاب والشخصيات الشيعية والسنيّة وجمع غفير من طلبة الحوزات الدينية وآخرين.

شهد المؤتمر مجموعة كلمات، كان منها كلمة ممثل سماحة المرجع الشيرازي دام ظله، حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ جلال معاش حفظه الله، حيث تحدّث عن أهم المحطّات الفكرية التي نفذ منها الفكر السلفي المتشدّد، مشيراً إلى خطورة الدور الذي لعبته الحركة الوهابية، منذ بداية نشأتها وحتى الآن، في تحريف الفكر الإسلامي وتشويه صورته في أنظار الإنسانية جمعاء، بعد أن بلورت من خلال فتاوى رجالاتها الكثير من الأفكار المضلّلة والمنحرفة التي ما أنزل بها سلطان، مستخدمة العنف والمال وسيلتان لتمرير أجندتها المشبوهة في الكثير من دول العالم، حيث أبرزت الوهابية في وجهها البغيض أقصى درجات البعد عن التسامح الإسلامي الذي نصّ عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة الشريفة.

وأضاف الشيخ جلال معاش: لقد نشأت جذور القضية من اتفاق تم ما بين محمد بن عبد الوهاب محمد بن سعود عام 1744 تعاهدا فيه على أن يحكم الثاني وفق مبادئ وقواعد الأول.. ثم قال محمد بن سعود:(الدم الدم الهدم الهدم)، وبعدها أوغل الوهابيون في طعنهم بالتعاليم الإسلامية وتكفير كافة فئات المسلمين، وما صاحب هذا النشاط المشبوه من جرائم قتل جماعية ومجازر في بلاد الحرمين والبلدان المجاورة لها، وكان لظهور هذا الفكر المنحرف، تبعات مؤسفة وإرهاصات دموية لا نزال نعاني من ويلاتها حتى الآن في الكثير من المناطق في العالم. حيث نجحت تلك الحركة في استغلال التدهور الذي حاق بالمسلمين والفاقة التي المت بهم بسبب سياسات الأنظمة السياسية المتخلفة، متسلّلة بفكرها الشاذ إلى عقول المحتاجين عبر بطونهم، بعد أن وظّفت أموال المسلمين في بلاد الحرمين وواردات النفط العربي لتحقيق غاياتها ونشر معتقداتها السلبية بكل ما اوتيت من قوة، كما هو الحال في باكستان ومصر وبعض دول المغرب العربي، مستغلة مناطق الاضطرابات والحروب أيضاً، لتدق اسفين الخلافات وإثارة الفتن والتناحر الدموي بين المجتمعات والملل دون هوادة، حيث تمثل العديد من المشاهد الحية واليومية لعمليات القتل والتعنيف في باكستان وأفغانستان والعراق وسوريا.

وأكّد: إن تنظيم القاعدة الإرهابي الذي عاث فساداً ولا تزال فلوله في الأرض، ما هو إلاّ نتاج غير شرعي للحركة الوهابية وفكرها التكفيري المشهور، الذي يعد الواجهة السياسية وذراعها الباطش بكل من يقف بمواجهة تطلعاتها المتحلّلة، بعد أن سقطت العديد من الشعوب فريسة لعملياته الإرهابية سواء في الشرق الأوسط أو الدول الغربية، ليحلّ شؤمها في أي مكان حلّت فيه.

واستشهد الشيخ جلال معاش على دور الوهابية الإرهابي بقول سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله: (الوهابية ما هي إلاّ شؤم على العالم الإسلامي وخاصة في الحقبة الأخيرة من الزمان حيث تسببت أفكارها في المعاناة التي يعاني منها المسلمون في شتى بقاع الأرض). وإن (هذه الأفكار التي أفرزت مجموعة من شباب اعتنقوا مبادئ هدّامة ومارسوا الإرهاب، على المسلمين وغير المسلمين، مما جعل العالم كله يعتقد أن الإسلام دين يدعو إلى الإرهاب).

وأشار الشيخ معاش إلى الدور الذي تلعبه الوهابية في دعم الإرهاب والدكتاتورية بقوله:

عرفت تلك الحركة المنحرفة بمساندتها للطواغيت والأنظمة المستبدّة، سيما ممن تتوافق اجندتهم مع رؤية الفكر الوهابي في قمع الناس وسلب حقوقهم الشخصية والمدنية، فالمعروف ان الوهابيين ساندوا حتى الرمق الأخير حكومة طالبان التي جثمت على صدور الأفغانيين لسنوات طوال وقتلت الآلاف من الشيعة، إلى جانب تحالفهم التاريخي مع عصابة آل سعود في ترسيخ ملكهم في بلاد الحرمين الشريفين وتعضيد سلطانهم بسيل من الفتاوى الباطلة لقطع الطريق أمام حركات التحرّر الشعبية خصوصاً في ما يجري لشعب البحرين الأعزل من قمع وعنف طائفي مقيت.

كما أكّد: إن الجماعات التكفيرية الوهابية توظّف كل طاقتها في سبيل خلق الفتنة المذهبية في سوريا، داعمة بالمال والسلاح وبعض فلولها، التمرد العسكري هناك، لتحيل تلك الدولة إلى مستنقع دموي جديد لم يسلم من لظاها حتى الطفل الصغير أو الشيخ الكبير، لتزج مكونات المجتمع السوري في دوامة عنف مؤلمة. كما يجري ذلك في دول الخليج حيث يلاحظ تصعيد أتباع الفكر الوهابي من خطابهم التحريضي ضد بقية شرائح المجتمعات ممن لا يعتنقون أفكارهم، محاولين بشتى السبل تأجيج الاضطرابات والفوضى لركوب موجاتها.

لهذه الأسباب يرى الشيخ جلال معاش ان هناك تحديات كبيرة يواجهها أتباع أهل البيت عليهم السلام لمواجهة خطر الفكر الوهابي المنحرف، وسعيهم الخطير إلى ضرب المذهب وتشويه صورته لوقف ما يسمونه المدّ الشيعي، بعد أن أتاح الانفتاح الإسلامي الذي أعقب ربيع التغيير العربي مؤخّراً وتداعيات سقوط الأنظمة المستبدّة. ولهذا تقع علينا مسؤولية كبيرة في هذا الوقت، وهي مسؤولية نشر التعاليم الإسلامية الصحيحة، والترويج للفكر النبوّي الشريف وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، خصوصاً ان الفكر المناهض لنا أثبت على مدى سيرته السوداء أنه فكر خالي الوفاض ومكشوف النوايا والدوافع، ولا يجد له حواضن سوى في الأماكن الهشة اقتصادياً وثقافياً.

وفي سياق كلامه وجّه الشيخ جلال معاش خطابه إلى حكومة اقليم كردستان في أربيل مستنكراً سماح تلك الحكومة ببيع وتوزيع كتب التكفيريين والإرهابيين في معرض الكتاب الذين اقيم في أربيل قبل أيام، حيث ضم المعرض كتاب وعناوين كثيرة تدعو لقتل الشيعة وتسيئ إلى الوحدة الوطنية وتروّج إلى أفكار هدّامة يستخدمها الإرهابيون لتضليل الشباب.

وأكّد ممثل المرجع الشيرازي على أهمية تصدّي مؤسساتنا الدينية ومؤسساتنا الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والأهلي سيما وسائل الإعلام ومراكز الدراسات والبحوث للمساهمة في تجفيف منابع الإرهاب الوهابي، مقترحاً في الوقت ذاته خطوات عديدة لتحقيق ذلك:

1- إبراز طبيعة الحركة الوهابية وملابسات نشأتها وسيرتها المظلمة في الهيمنة على الشعوب.

2- كشف المجازر والجرائم التي اقترفتها تلك الحركة في أي مكان وزمان.

3- مكافحة هذا الفكر الضال عقائدياً وإبراز الفتاوى التكفيرية والفتاوى المنحرفة لمشايخ تلك الحركة الضالة.

4- نشر ثقافة أهل البيت والتعاليم الإسلامية الرفيعة القائمة على التسامح والرحمة.

5- سدّ الثغرات الفكرية والثقافية والعمل على تحسين المستوى المعيشي للفرد كي لا يتخذ منه المنحرفون وسيلة لاستغلال المسلمين.

6- التواصل مع الشعوب الإسلامية والثورات الأخيرة بعد أن ازيحت القيود عنها وتعريفها بفكر أتباع أهل البيت عليهم السلام.

7- تقوية أواصر الألفة والمحبّة مع بقية أتباع المذاهب الإسلامية وتعزيز أجواء التعايش السلمي المشترك.

8- تأسيس مراكز أبحاث مختصّة لدراسة وتحليل المواقف التي تتخذها تلك الحركة ووضع آليات لمعالجة آثارها لدى بعض الشرائح الإسلامية التي تم تضليلها.

9- مساندة الحركات الحقوقية والإنسانية المناهضة للفكر الوهابي والجماعات السياسية الرافضة لحكم آل سعود عرّاب الحركة الوهابية في المنطقة.

10- تأسيس مراكز حقوقية للدفاع عن حقوق الإنسان خصوصاً في الدفاع عن أتباع أهل البيت عليهم السلام، ورفع دعاوى قضائية في مختلف دول العالم ضد الوهابيين ومن يساندهم من آل سعود، لما ارتكبوه من جرائم إبادة إنسانية ضد الشعوب خصوصاً ما ارتكبوه ضد الشيعة في العراق والبحرين وباكستان والمنطقة الشرقية وأفغانستان وسوريا.

وختم الشيخ جلال معاش كلمته بقوله: إننا مدعون اليوم للوقوف بجديّة ومسؤولية أمام هذا المد الشيطاني الذي يحرق الحرث والنسل بالكراهية والحقد الدموي الذي ينشره، وهذه المسؤولية تتجسد عبر أفعال حقيقية نستثمر فيها جهودنا وأموالنا وعقولنا وخبراتنا، وإلاّ فإن أجيال المستقبل ستحاسبنا على تخاذلنا واستسلامنا لهذه الفرقة الضالة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/آيار/2012 - 22/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م