لغات تندثر وأخرى تقاوم العولمة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعد اللغة أهم وسائل التفاهم والاحتكاك بين أفراد المجتمع في جميع ميادين الحياة، ومن دون اللغة يتعذر نشاط الناس المعرفي، فهي ليست مجرد وسيلة تعبير عن الافكار وانما هي أداة مهمة لنقل المشاعر العاطفية والشؤون الثقافية، فهناك علاقة ارتباطية بين رغبة الشخص في السعي إلى تعلم أكثر من لغة وبين إهمال الشخص لغته الأم المهدد بالانقراض, في حين يرى الخبراء في هذا الشأن، بأن التكنولوجيا الرقمية كمواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الهواتف المحمولة القصيرة، ستكون المنقذ لكثير من لغات العالم المهددة بالاندثار، فمن بين 7000 لغة يتكلمها سكان الأرض الآن، يتوقع اندثار نصفها بنهاية القرن الحالي، ويوجه الاتهام كالعادة إلى ظاهرة العولمة، غير أن بعض مظاهر العالم الحديث، خاصة التقنيات الرقمية، تدحض هذا الاتهام، ويرى خبراء مختصون بأن تعدد اللغات أمرا ضروريا في العصر الحالي فلم تعد اللغة الواحدة كافية لأن يطور الفرد ذاته بالصورة التي تواكب التغير السريع في العالم، فأهمية تشجيع تعدد اللغات للتنمية الثقافية والازدهار الاجتماعي كبيرة، لاسيما في زمن العولمة، حيث أصبحت اللغات الأجنبية ذات أهمية متزايدة، لذلك تحرص بعض الأسر على تعليم أطفالها لغات أجنبية منذ الصغر، لكن خبراء يشككون في جدوى ذلك، مما يساعد على اندثار اللغات الام، كما هو الحال في قرية عمانية إذ يتكلم سكانها لغة فريدة مهددة بالاندثار بسبب العولمة، من جانب آخر تعد اللغة العربية أقدم اللغات الحية على وجه الأرض، وحسب الدراسات أصبحت اللغة العربية في المرتبة السابعة من بين اللغات الأكثر استخداما على الإنترنت، أي انها تقدمت ثلاث مراتب على مركزها السابق العام الماضي حيث احتلت المرتبة العاشرة.

وينصح الخبراء بهذا الشأن بضرورة المحافظة على اللغة الام من الاندثار لاية اسباب كانت، فعندما تختفي لغة ما، تضيع معها إلى الأبد هوية ثقافية ونظرة خاصة إلى العالم.

انقراض لغات العالم

فقد توقعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونيسكو" انقراض نحو 3000 لغة في العالم بحلول نهاية القرن الحالي، يستخدم 96 في المائة منها ما نسبته في المائة من سكان العالم، وقال بيان نشرته المنظمة على موقعها "من المحتمل أن تنقرض نصف اللغات المحكية التي يصل مجموعها إلى ما يقارب 6000 لغة في العالم، بحلول نهاية القرن الجاري، ونقل البيان عن المديرة العامة لليونسكو ايرينا بوكوفا قولها لمناسبة اليوم الدولي للغة الأم للعام 2012 إن "اللغات تمثلنا نحن البشر، وحماية اللغات هي بمثابة حماية لأنفسنا، وأضافت قائلة "التعدد اللغوي حليفنا في السعي إلى ضمان التعليم الجيد للجميع، و تيسير الاستيعاب، ومكافحة إشكال التمييز.. ولا يمكن إقامة حوار حقيقي إلا باحترام اللغات، وأشار البيان إلى أن اليونسكو أقامت عدد من المشاريع لمساعدة سكان جزيرة جيجو للحفاظ على لغتهم وبقائها، في جمهورية كوريا، بعدما جرى إدراج لغتهم، إلى أطلس اللغات المهددة عام 2010، وتساعد اليونسكو، في جزر سليمان على وضع موسوعة حول البيئة باللغة المحلية، الماروفو، وبالتالي فإنها تساهم في الحفاظ على هذه اللغة الرئيسية التي ينطق بها السكان الأصليون لهذا الأرخبيل، وفي نيكاراغوا، تعمل نظم اليونسكو للمعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين (لينكس) مع سكان الماينينا الأصليين الذين يعيشون في محمية المحيط الحيوي بوساواس، لتشجيع استخدام لغة، ومعرفة وثقافة الماينيا. بحسب السي ان ان. 

مواقع التواصل الاجتماعي تنقد اللغات

فيما يعتقد العلماء أن مواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، ويوتيوب، ورسائل الهواتف المحمولة القصيرة، ستكون المنقذ لكثير من لغات العالم المهددة بالاندثار، فمن بين 7000 لغة يتكلمها سكان الأرض الآن، يتوقع اندثار نصفها بنهاية القرن الحالي، ويوجه اللوم في هذا عادة إلى ظاهرة العولمة، غير أن بعض مظاهر العالم الحديث، خاصة التكنولوجيا الرقمية، تدحض هذا الاتهام، فقبائل أمريكا الشمالية، مثلا، تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الشباب إلى لغتها الأم، ولغة "توفان" –المهددة بالاندثار- التي يتكلمها البدو في سيبريا ومنغوليا، ابتكر أبناؤها تطبيقا لجهاز الأيفون لتعليم نطق الكلمات للطلاب الجدد.

ويقول ديفيد هاريسون، أستاذ علم اللغة المساعد في كلية سوارثمور، وعضو الجمعية الجغرافية الوطنية، "اللغات الصغيرة تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، مثل اليوتيوبـ والرسائل القصيرة، والتقنيات الأخرى، لتوسيع انتشار أصواتها والحفاظ على وجودها، ويطلق هاريسون على هذا "الوجه الآخر للعولمة" ويقول "نحن نسمع كثيرا عن الآثار السلبية للعولمة من حيث الاندماج في الثقافات الصغيرة. لكن التأثير الإيجابي للعولمة هو أنه يمكن أن تجد لغة يتكلمها خمسة أو خمسون شخصا فقط في موقع ناءٍ، ولكن هذه اللغة تستطيع، عبر التكنولوجيا الرقمية الوصول إلى أرجاء العالم، وأن يكون لها مستمعون على مستوى العالم".

وقد تمكن هاريسون، الذي يجوب العالم بحثا عن متكلمي اللغات التي تواجه الاندثار، من إنجاز ثمانية معاجم ناطقة لعدد من تلك اللغات، وتحوي تلك المعاجم على أكثر من 32 ألف مدخل لثماني لغات مهددة بالاندثار. وقد سجلت جميع المدخلات بواسطة متكلمون أصليون لتلك اللغات، بعضهم –مثل ألفرد بد لين- من بين القلائل المتبقين من أبناء تلك اللغات، ويتكلم لين لغة تعرف باسم "سايلتس دي ني" لا يتعدى نطاق استخدامها منطقة صغيرة في وسط ساحل أورغون، وقال لين أمام اجتماع الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم "جاء علماء اللغة وأعلنوا لنا أن لغتنا تحتضر، وأنها في طريقها إلى رماد التاريخ. لكن الشعب قرر ألا يحدث هذا. ولذلك وضعنا خطة لبدء تدريس لهجتنا هنا في وادي سايلتس، وجلس لين وسجل 14 ألف كلمة لمعجم على الأونلاين. ويقول لين "لاشيء يعوض مكانة متكلمي اللغة عندما يتكلمون لغيرهم باللغة، لكن مثل هذا المعجم يسد فجوة نحس أن قبيلتنا وجاليتنا بحاجة إليها، وتقول مارغريت نوري، الخبيرة في الدراسات الأمريكية المحلية في جامعة ميتشغان، والتي تتحدث لغة تعرف باسم "أنيشينابيموين" وهي اللغة الوطنية لمئتي أمة في كندا والولايات المتحدة، إن أبناء هذه الأمم يستخدمون الفيسبوك بشدة، وقالت نوري "إن ما نفعله بالتقنيات الجديدة، هو ربط الناس ببعضهم بعضا، من أجل الحفاظ على اللغة". بحسب البي بي سي.

ويقول هاريسون لا يمكن لكل اللغات أن تبقى على قيد الحياة، ولابد أن يُفقد بعضها عندما يموت المتحدثون بها الذين مازالوا على قيد الحياة، لكنه يرى أن الوسائل الرقمية الحديثة تقدم سبيلا للابتعاد عن حافة الهاوية لكثير من اللغات التي بدت محكوما عليها بالاندثار قبل سنوات قليلة، وقال هاريسون "كل شيء يعرفه الناس عن كوكب الأرض، والنباتات، والحيوانات، وكيف يبقون على قيد الحياة، وعن النظم البيئية التي ساعدت الإنسان على البقاء، كل هذه المعارف موجودة في الثقافة الإنسانية وفي اللغات، ولكن قليلا منها فقط موجود في الأبحاث العلمية، "وإذا كنا نهتم بالبقاء واستمرار العيش على كوكبنا، فإننا جميعا سنستفيد من تلك المعارف إذا حفظت".

اللغة الكمازرية

في سياق متصل فعلى الضفة الجنوبية لمضيق هرمز الاستراتيجي، يعتاش سكان قرية عمانية ضائعة بين جبال صخرية تلامس البحر من صيد السمك ويتكلمون لغة فريدة مهددة بالاندثار، ولا يبدو ان سكان قرية كمزار يكترثون كثيرا للتوتر الجيوسياسي الشديد الذي يحيط بهم، فهم يعيشون بهدوء على شاطئ المضيق الذي يمر من خلاله اكثر من ثلث النفط العالمي المنقول بحرا والذي يشكل رمز المواجهة المحتدمة بين ايران والولايات المتحدة.

وتبدو منازل القرية مبعثرة بين الجبال الجرداء القاحلة التي تمتزج بزرقة مياه الخليج الزمردية، ولا يمكن الوصول اليها الا بالقوارب عبر هذه المياه التي تسرح فيها الدلافين طليقة، ويتكلم سكان هذه القرية البالغ عددهم اربعة الاف نسمة لغة فريدة هي مزيج بين اللغات الهندية والفارسية والعربية والبرتغالية، وتعرف هذه اللغة بالكمازرية وتعد من مخلفات مرور البحارة البرتغاليين في هذه البقاع في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وطوال قرون من الزمن، كان الكمازرة في الصفوف الامامية للاحداث التاريخية اذ شاركوا في جيوش امبراطوريات كبرى كما ساعدوا بحسب بعض المؤرخين بالسيطرة على مناطق حيوية للتجارة البحرية، ويقول الباحث الكندي في اللغات اريك انونبي الذي عاش في كمزار بين 2007 و2009 "هناك الكثير من الكلمات العربية والفارسية" في هذه اللغة، واخذ اونبي على عاتقه مهمة انقاذ هذه اللغة "المهددة بالاندثار" على حد قوله، مع شريكته الباحثة الهولندية كريستينا فان دير فال، ويعمل الاثنان معا على وضع معجم للغة الكمزارية، ويركز انونبي على ناحية اللفظ بينما تركز شريكته على قواعد اللغة التي يتم تناقلها عبر الاجيال شفهيا فقط، وتقول فان دير فال "ان هذه اللغة ستضيع اذا لم يقم احد بشيء لانقاذها ... هناك الكثير من الكلمات العربية والفارسية في هذه اللغة، لكن هناك كلمات ابتكرها الكمازرة"، وللوهلة الاولى تبدو كمزار منقطعة عن الحضارة، الا انه منذ عقد بات سكانها يحظون بشبكة كهرباء وامدادات مياه جارية، فيما قامت السلطات العمانية بانشاء مستشفى ومهبط للمروحيات فيها. بحسب فرانس برس.

كما ان السكان باتوا متصلين بشبكة الانترنت ويتابعون القنوات الفضائية عبر اللواقط الهوائية، وكل هذه العوامل تساهم في تعزيز انفتاح الكمازرة على العالم الا انها تؤدي في الوقت نفسه الى اندثار لغتهم الفريدة التي استمرت عبر القرون بفضل العزلة، وتوضح فان دير فال "ان الاطفال يدرسون اللغة العربية في المدرسة ويجيدون الكمزارية اقل من ابائهم واجدادهم"، الا ان المراهقين والشباب في القرية ينظرون الى الانترنت والتلفزيون كنعمة وليس كنقمة، ويقول جمايل (15 عاما) بينما كان يمشي في ازقة كمزار الضيقة "في الماضي، لم يكن بالامكان القيام باي نشاطات هنا للتسلية غير تسلق الجبال"، ويضيف "الآن، نحن نشاهد التلفزيون ولدينا الانترنت ونستمع الى الموسيقى عبر موقع يوتيوب" مشيرا الى ان فنانه المفضل هو مايكل جاكسون، اما المراهقة مريم فتحلم بان تصبح مهندسة معمارية لتعيد ترميم المنازل التقليدية المتهالكة في كمزار، وبالرغم من العادات الاسلامية المحافظة للكمازرة، الا انهم باتوا يرسلون ابناءهم وبناتهم الى جامعات مسقط لمتابعة الدروس، كما ان بعض شباب وشابات القرية يتابعون دراسات جامعية في الخارج، وتقول مريم احمد (34 عاما) ان "ابنتي تدرس المعلوماتية في مسقط" مشيرة الى انها شخصيا تزوجت في الثالثة عشرة من عمرها ما يفسر كيف ان ابنتها اصبحت في الجامعة وهي في هذه السن، ويمضي الكمازرة فصل الصيف الحار في مدينة خصب، وهي المركز الرئيسي لشبه جزيرة مسندم العمانية التي تفصل اراض اماراتية بينها وبين بقية اراضي سلطنة عمان، ويشارك الكمازرة في جمع الرطب من اشجار النخيل في خصب، وفي باقي الفصول يمكثون في كمزار حيث يعتاشون من الصيد، ويصادف صيادو كمزار بشكل متكرر في البحر السفن الحربية الاميركية والطرادات العسكرية الايرانية والعمانية، وتفصل مسافة ليست ببعيدة بين كمزار والجزر الايرانية في الناحية الشمالية من مضيق هرمز، وهي جزر اقامت فيها طهران قواعد عسكرية هامة، كما ان السلطات العمانية اقامت قاعدة عسكرية على جزيرة تبعد مسافة قصيرة عن شواطئ كمزار، وبالرغم من التهديدات الايرانية باغلاق مضيق هرمز، لا يبدو سكان كمزار قلقين ازاء كل هذا التوتر من حولهم، ويقول زيد (31 عاما) "اذا ما اندلعت حرب في مضيق هرمز، سنموت جميعا، ليس فقط نحن الذين نسكن هنا في القرية بل كل من يقطنون المنطقة، وفي الواقع لا يسعنا ان نقوم بشيء، ويخلص الى القول "لكننا في الوقت الراهن نتابع صيد السمك والعيش بهدوء، لانه عدا ذلك، لا يمكننا التحكم بشيء".

لغة المونغ نموذجًا للغات أخرى

على الصعيد نفسه مجتمع المونغ في مدينة فريسنو، بولاية كاليفورنيا- وهم مجموعة إثنية آسيوية تتحدر من المناطق الجبلية في الصين وفيتنام ولاوس وكمبوديا وتايلند-  وقد ساور القلق أفراد ينتمون إلى المجموعة الإثنية من أن أولادهم وأحفادهم لم تتح لهم فرصة تعلم اللغة الهمونغية، وأن بعض الهمونغيين من كبار السن بحاجة إلى المساعدة في التواصل وقراءة الوثائق المطبوعة باللغة الإنجليزية. بيد أنهم لم ينتظروا، وفعلوا شيئًا حيال ذلك. فمن خلال الدخول في شراكة مع باحثين من شركة مايكروسوفت، ساعدوا على تطوير مترجم افتراضي جديد على الإنترنت للترجمة الآلية من وإلى اللغة الهمونغية. والآن صارت الهمونغية إحدى اللغات الـ38 التي يدعمها مترجم مايكروسوفت الآلي. وساعد المتحدثون بلغة الهمونغ على وضع تصميم محرك للترجمة الآلية من وإلى اللغة المونغية من خلال توفير أمثلة وملاحظات حول استخدام الكلمات والعبارات الهمونغية، فضلا عن إضافة مفردات غير مدرجة في القواميس الهمونغية القائمة. وقد واصلوا العمل مع شركة مايكروسوفت لتحسين مهارات لغة المترجم الآلي، ولا تزال الأدوات الجديدة المستخدمة في مشروع الترجمة الآلية من وإلى اللغة الهمونغية في مرحلة تجريبية (مرحلة الاختبار). وفي المستقبل، سيعملون على "تمكين الدعم التلقائي للترجمة من وإلى لغات إضافية"، وفقًا لما أعلنته شركة مايكروسوفت. وتشير الشركة إلى أن من بين ما يقرب من الـ 7 آلاف لغة المنتشرة في العالم، تتوفر الترجمة الفورية الآلية لأقل من مئة لغة فقط. بحسب البي بي سي.

اللغة المونغية

في الوقت عينه قال فونغ يانغ، وهو مدرس للثقافة الهمونغية في جامعة كاليفورنيا الولائية، بمدينة فريسنو، وقام بتنسيق المشروع مع مجتمع الهمونغيين، "بدون لغة سوف تختفي أي ثقافة، وفي حديث لمحطة تلفزيون فريسنو (KSEE) قال إن "المترجم الآلي هو مجرد طريقة أخرى لتقديم دعم إضافي للحفاظ على اللغة والثقافة، وتتركز عملية الترجمة الآلية حاليًا على لغة همونغ داو ( أو الهمونغية البيضاء) وهي لغة إحدى الفئات الثقافية الفرعية للهمونغ، ومن المقرر أن تُضاف الهمونغية الخضراء، وهي لهجة أخرى، في وقت لاحق, ويجدر التنويه بأن الهمونغ هي جماعة عرقية تنحدر أصولها من الصين ولاوس وتايلاند وجنوب شرق آسيا. ويعيش أكثر من 260 ألف من أفرادها في الولايات المتحدة، وفقا للتعداد السكاني لعام 2010. وتقيم أكبر تجمعات سكانية من الهمونغيين في ولايات كاليفورنيا ومينيسوتا وويسكنسن. ومن بين المناطق الحضرية، فإن مدينة فريسنو تُعد ثاني أكبر تجمع سكاني للهمونغيين (بعد مينيابوليس - سانت بول)، وقال يانغ إن معظم العائلات الهمونغية يتحدث في المنزل لغة أخرى غير الإنجليزية. ومع ذلك، فالأطفال والمراهقون الهمونغيون يقضون الكثير من الوقت في التحدث مع أصدقائهم باللغة الإنجليزية عبر موقع فيسبوك ووسائل الإعلام الاجتماعية الأخرى، وهم لا يتعلمون لغة تراثهم، إنه يأمل أن المترجم الآلي عبر الإنترنت سوف يستهوي الشباب وصغار السن. ويمكن الوصول إلى المترجم الآلي من خلال جهاز الكمبيوتر أو من خلال تطبيقات الهاتف الجوّال المتصل بالإنترنت، وتحدث تشو هير، وهو من الهمونغيين كبار السن، إلى محطة تلفزيون فريسنو (KSEE) قائلا إن المترجم الآلي عبر الإنترنت سوف يساعد أيضًا الهمونغيين الكبار الذين لا يتكلمون الإنجليزية. فسيكون في استطاعتهم ترجمة النصوص الإنجليزية والتواصل بشكل أفضل مع المتحدثين باللغة الإنجليزية، بمن فيهم أحفادهم. وأضاف "إنه سيساعد الجيل الشاب، كما سيساعد كبار السن.

اللغة العربية بين لغات الإنترنت

في سياق متصل تقدمت اللغة العربية ثلاث مراتب عن مركزها السابق العام الماضي حيث احتلت المرتبة السابعة من بين اللغات الأكثر استخداما على الإنترنت، بعد أن كانت في المرتبة العاشرة من الفترة نفسها العام الماضي بزيادة أكثر من عشرة ملايين مستخدم خلال هذا العام 2012، ووفقاً لصحيفة "الاقتصادية"، أظهرت إحصاءات أن إجمالي عدد مرتادي الإنترنت باللغة العربية تجاوز 65 مليون مستخدم على مستوى العالم متجاوزة بذلك اللغة الفرنسية والروسية والكورية، وبفارق عشرة ملايين مستخدم عن اللغة الألمانية التي تحتل المرتبة السادسة، وتصدرت قائمة اللغات الأكثر شيوعاً على الإنترنت اللغة الإنجليزية بأكثر من 565 مليون مستخدم، تليها اللغة الصينية بأكثر من 509 ملايين مستخدم، وتأتي في المركز الثالث اللغة الإسبانية بنحو 164 مليون مستخدم، ثم اليابانية بأكثر من 99 مليون مستخدم، وخامساً البرتغالية وسادساً الألمانية، فيما استطاع مستخدمو السعودية تحقيق المركز الثالث كأكثر الدول في العالم استخداما للغة العربية بأكثر من 11 مليون مستخدم، ويتقدم في المركز الأول مصر بواقع 21 مليون مستخدم، تليها ثانياً المغرب بأكثر من 15 مليون مستخدم، يشار إلى أن الإحصائية شملت عدداً من اللغات المستخدمة في الشبكات الاجتماعية، كان أبرزها استخدامات اللغة العربية في الفيس بوك، حيث تجاوز عدد مستخدمي اللغة العربية في الفيس بوك أكثر من 34 مليون مستخدم يشكلون ما نسبتهم 3.8 بالمائة من اللغات الأخرى المستخدمة في الفيس بوك.

اعتماد اللغة الروسية كلغة ثانية

من جهة أخرى رفض مواطنو لاتفيا في استفتاء أجري في البلاد بأغلبية ساحقة اعتماد اللغة الروسية كلغة رسمية ثانية، وأفادت لجنة الاستفتاء أن ثلثي الناخبين المسجلين شاركوا فيه، وهي نسبة تفوق المشاركة في مناسبات سابقة، يذكر أن الناطقين باللغة الروسية والذين يشكلون ثلث عدد السكان يشكون من التمييز منذ فترة طويلة، ويرى الكثير من مواطني لاتفيا أن الاستفتاء الذي بادرت به حركة الناطقين بالروسية بأن جمعت أكثر من 10 في المئة من توقيعات الناخبين هو محاولة للتعدي على استقلال البلاد، وقال مسؤولون انه بعد إحصاء أكثر من 50 في المئة من الأصوات بلغت نسبة الرافضين 78 في المئة، وبلغت نسبة المشاركة 69 في المئة، وهي نسبة يقول المسؤولون إنها أعلى من المتوقع.

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانفصال لاتفيا أصبح تعلم اللغة اللاتفية شرطا للحصول على جنسيتها، وقد رفض الكثيرون من الناطقين بالروسية ذلك لذلك فقد بقي 300 الف منهم بدون جنسية، مما حرمهم من حق التصويت وشغل وظائف رسمية وحكومية. بحسب وكالة أسوشييتد برس.

وقال فلاديمير لنديرمان مساعد رئيس رابطة "اللغة الأم" "أعتقد أن السكان من أصل روسي أهينوا في السنوات العشرين الماضية من خلال محاولات عدة تهدف إما إلى إذابتهم في المجتمع اللاتفي أو تحويلهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية، ووصف رئيس لاتفيا أندريس بيرزينس الاستفتاء بانه "عبثي" وقال ان معظم الناس مهتمون أكثر بخروج البلاد من الركود الاقتصادي، وأشار إلى أن الحكومة تمول مدراس للأقليات ، كالأقلية الروسية، وقال "لا حاجة هناك للغة ثانية، من يريد بإمكانه استخدام لغته الأم في المدرسة أو في المنزل، وكانت لاتفيا قد حصلت على استقلالها من موسكو عام 1991 بعد نصف قرن من الحكم السوفياتي، وانضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004.

ثنائيو اللغة

على صعيد أخر انتهى باحثون أميركيون إلى أن تعليم النشء الصغير لغتين يؤثر على وتيرة تعلم هؤلاء للغتهم الأم "لأن اللغات بالنسبة للصغار ليست لعبة"، وخلال مؤتمر علمي في مدينة فانكوفر الكندية، حذرت اريكا هوف أخصائية علم النفس بجامعة فلوريدا اتلانتيك بمدينة ديفي من أن الأطفال ثنائيي اللغة يحتاجون وقتا أطول لتعلم لغتهم الأم مقارنة بأقرانهم الآخرين، وأظهرت العديد من الدراسات أن الثروة اللغوية "أقل" في اللغتين لدى مثل هؤلاء الأطفال ثنائيي اللغة كما أنهم يجدون مشقة في تعلم قواعد اللغتين. وأشارت هوف إلى أن ذلك يمكن أن يؤثر عليهم في دور الحضانة والمدارس، كما أوضحت هذه الدراسات أن هؤلاء الأطفال يتمكنون من سد الفجوة في علوم القواعد في اللغتين عند بلوغهم سن التاسعة أو العاشرة، وجاءت كلمة هوف في إطار سلسلة من المحاضرات عن الأسباب والمخاطر المترتبة على تباطؤ تطور القدرة على الكلام عند الأطفال وأشارت إلى أنه من 6 إلى 8% من كل الأطفال الصغار يحتاجون وقتا أطول حتى يبدؤوا في التواصل بغض النظر عن موطن أو ثقافة هؤلاء الأطفال، وأعد علماء لغة وأخصائيو علم نفس في بعض الجامعات الأميركية قائمة بعشرات المفردات التي يفترض أن يتقنها الأطفال الصغار في سن تتراوح بين عامين إلى عامين ونصف العام. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وتم ترجمة هذه القائمة إلى ما يقرب من 70 لغة وفقا لما تقوله نان بيرنشتاين راتنر من جامعة ميريلاند الأميركية وهي من الفريق المشارك في إعداد هذه القائمة مشيرة إلى أن هذه القائمة ستساعد الوالدين في تقييم تطور تعلم لغتين لدى أطفالهم والبحث عن مساعدة في حال الضرورة، وأشارت الباحثة إلى أن تأخر الكلام عند الأطفال يمكن أن يكون عرضا لمشاكل أخرى منها اضطرابات سمعية أو إدراكية أو انطواء هؤلاء الأطفال على ذاتهم ، وذكرت أن أغلب حالات هؤلاء الأطفال تتعلق بمجرد تأخر الطفل في تطوير قدرته على الكلام وأضافت أن 80% من هؤلاء الأطفال يحلون مشكلات قصور الكلام عندهم من تلقاء أنفسهم.

الرضّع يتعلّمون اللغة

على صعيد مختلف يسمح علماء جامعة هانوفر للأطفال الرضّع في المهد بمشاهدة التلفاز في مختبر الجامعة، ولكن على أية حال لمدة خمس دقائق ونصف فقط، وذلك في خدمة العلم. فهذه الطفلة كارلا التي لم يتجاوز عمرها شهرين تجلس في حجر أمها في غرفة المختبر المظلمة وتنظر بذهول الى صورة رجل يمسك ببالونة، ويعلق عليه مذيع في الخلفية بجملة «الرجل ينفخ بالونة»، ثم يلي ذلك صورة امرأة ويعلق عليها المذيع بقوله «المرأة تهز السقف». ويسعى فريق الباحثين، تحت إشراف أولريكه لوتكه من قسم التربية اللغوية والعلاج اللغوي في جامعة هانوفر، من وراء هذه التجارب للكشف عما إذا كان الأطفال الصغار يتذكرون الكلمات الخيالية وما يرافقها من حركات، وما إذا كانوا سيصدرون الحركات نفسها عند سماع الكلمات نفسها بعد أسبوع، وهو ما يجعل الباحثين يحللون حركة الأعين لدى الأطفال الصغار عند سماع جمل بعينها. وأظهرت النتائج الأولية أن الأطفال يمكنهم تذكر الكلمات التي يسمعونها. وأنشئت في ألمانيا معامل للأطفال الرضّع منذ تسعينات القرن الماضي يسعى فيها علماء الطب وعلماء النفس وعلماء اللغة لسبر أسرار تطور الأطفال، وذلك بعد أن استهان العلماء سنوات طويلة بالقدرات العقلية للأطفال الرضّع. أما اليوم فإن العلماء يعلمون أن الأطفال يبدأون التعلم وهم لايزالون في بطون أمهاتهم، ويستطيعون فهم أشياء رياضية وفيزيائية ونفسية. بحسب وكالة الانباء الالمانية.  

ويسرّت التطورات التقنية طرقاً جديدة تتيح للعلماء على سبيل المثال رصد حركة البصر لدى الأطفال الرضع بدقة، وكذلك رؤية المناطق النشطة بالمخ لدى الأطفال باستخدام تقنيات التصوير، مثل أشعة التصوير المقطعي. وتوصل الباحثون في أحد مختبرات الأطفال في جامعة «بوتسدام» الألمانية إلى نتائج مذهلة «فهم يعرفون الكثير عن لغتهم الخاصة قبل وقت طويل من بدء التحدث بها، لم نكن نتصور ذلك من قبل»، حسب ما أوضحت الأستاذة باربارا هوله من مختبر براندنبورغ للأطفال، مضيفة «رد فعل الأطفال الألمان في عمر ستة أشهر على النماذج اللغوية يختلف تماماً عن رد فعل أقرانهم الفرنسيين». ويحاول الباحثون في مختبر هانوفر التوصل الى إجابة عن أسئلة، مثل: كيف يتعلم الأطفال اللغة؟ ما الدور الذي تلعبه العواطف في هذا التعلم؟.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/آيار/2012 - 21/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م