التنمية في العالم العربي... تطلعات مرتهنة بواقع محبط

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: إن المنطقة العربية هي الأكثر تعرضا لزيادة تفاقم الأزمات التنموية والاقتصادية كالفقر والبطالة وتدني مستوى التعليم نتيجة للصدمات العديد مثل الفساد والركود الاقتصادي، كما تشكل البطالة أكبر مشكلة تعيق التنمية العربية، بحيث زادت أرقام البطالة بشكل كبير جدا في الآونة الأخيرة على خلفية الربيع العربي، لدرجة قيام صندوق النقد الدولي، بالتنبيه إلى أن معدلات النمو التي تؤثر بشكل مباشر في معدلات البطالة، بينما ستنخفض في الدول التي شهدت الربيع وتلك التي لم تشهده، إذ أن المشكلة الحقيقية تكمن في الاقتصاديات التي لا تدعم الأيدي العاملة الجديدة التي تدخل الأسواق في الدول العربية بشكل عام، والتصدي لهذه المشكلة يتطلب سياسات اقتصادية جديدة تنتهجها الحكومات، في حين أكد الخبراء في هذا الشأن على أن معدلات النمو المرتفعة في عدد من دول الوطن العربي لم تؤثر بنسب البطالة، الأمر الذي يستدعي الدول والأفراد إلى إيجاد سبل ووسائل جديدة في التصدي لهذه الأزمة المتفاقمة، فيما انخفضت نسبة الفقر في الدول العربية بنسبة جيدة على الرغم من الازمات العديدة في الاونة الاخيرة على اكثر من صعيد سواء كان سياسيا او اقتصاديا وخاصة في ظل أزمتي الغذاء والوقود والأزمة المالية في الأربع سنوات الماضية، كان لها أكبر الأثر على الفئات الضعيفة اقتصاديا.

بينما يحذر بعض المحللين من أن الدول العربية تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد للاستفادة من الفرص التي يوفرها الربيع العربي، ويجب على العالم العربي تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، وتشجيع الابتكار، وتهيئة بيئة ملائمة للاستثمار، وإصلاح التعليم من أجل الارتقاء إلى مجتمع المعرفة، والتركيز على الإصلاحات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

فأصبح من  الضرورة الملحة تعزيز التنمية العادلة والمساواة بين الجنسين في ظل تزايد مشاكل السكن والوظائف ومشاكل أخرى عديدة، التي تؤجج استمرار التوتر بالعالم العربي في المستقبل القريب.

مشاكل السكن والوظائف

فقد قال تقرير للأمم المتحدة إن تردي حالة البنية التحتية في الحضر وارتفاع معدلات البطالة بين الشبان يؤججان الربيع العربي وإن حكومات المنطقة يجب عليها مواجهة المشكلتين لمنع المزيد من الاضطرابات، وقال برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية إنه يتوقع أن يزيد عدد سكان المناطق العمرانية في المدن العربية إلى أكثر من الضعف ليصل إلى 438.6 مليون شخص بحلول عام 2050 مما سيزيد الطلب على السكن والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية، وعلى الرغم من أن المسبب الأساسي للاضطرابات في المنطقة خلال العام المنصرم بدا أنه الرغبة في المزيد من الحرية في مواجهة أنظمة حكم مستبدة فإن التقرير قال إن العوامل الإجتماعية زادت من إحباط الناس وإنه يجب مواجهتها جنبا إلى جنب مع المطالب السياسية، وقال البرنامج في تقريره "حالة المدن العربية عام 2012" في الكويت "الأمر الذي لا يفهم كثيرا هو أن الربيع العربي هو بالفعل دعوة للاصلاح الاجتماعي ولسياسات حضرية يمكن أن توفر ظروف معيشة مناسبة لشبان وفقراء يتزايد عددهم في الحضر، وأضاف "البطالة بين الشبان مرتفعة للغاية في المنطقة العربية وفرص إيجاد مساكن بسعر معقول ضئيلة بالنسبة للكثير من الشبان في الحضر أيضا، وتابع التقرير "يلتقي هذان الاتجاهان في المدن العربية ويكونان مزيجا ناسفا أجج الاضطرابات الاجتماعية في المنطقة خلال العام المنصرم، وأطاحت ثورات العام الماضي بزعماء تونس ومصر وليبيا واليمن بينما مازالت انتفاضتا سوريا والبحرين مستمرتين. وكان للثورات العربية تداعيات في المنطقة بأسرها. بحسب رويترز.

واندلعت شرارة الثورة التونسية عندما أضرم بائع خضروات تونسي النار في نفسه احتجاجا على الفقر وقمع السلطات، وأشارت الأمم المتحدة إلى أن الانتفاضات كانت في الأغلب ظاهرة حضرية وإن مدن المنطقة أصبحت نقاط التقاء للمواطنين الذين يطالبون بحكم أفضل وبإدارة أفضل للاقتصاد وبالشفافية، وقالت المنظمة في بيان منفصل "مازالت مجتمعات عربية كثيرة تعاني من مستويات مرتفعة بشكل غير مقبول من الفقر في الحضر وفقر التنمية بينما يتم تطوير الحضر بسرعة مذهلة في مجتمعات أخرى، وأضافت المنظمة أن نحو 60 في المئة من سكان المنطقة دون 25 عاما وإن معدلات البطالة الإجمالية تتراوح بين 11 في المئة في الكويت و25 في المئة في المغرب.

تعزيز التنمية العادلة

فيما يظهر "الربيع العربي" الذي بدأ مع مطلع العام 2011 حاجة الى "تعزيز التنمية البشرية العادلة" عبر الحد من انعدام المساواة بين الجنسين ومساعدة المجتمعات المهمشة، كما افاد تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الامم المتحدة الانمائي، وجاء في التقرير ان "الربيع العربي يظهر حاجة الى (...) بذل جهود أشمل لتعزيز التنمية البشرية العادلة، وذلك عبر الحد من اوجه انعدام التوازن بين الجنسين وتوسيع الفرص المتاحة للمجتمعات المهمشة"، ويواجه الربيع العربي بحسب التقرير "تحديات" تتمثل في ايجاد "مصادر تمويل جديدة للمساهمة في تسديد كلفة التنمية المتوازنة والانتقال الى الطاقة المتجددة".

واوضح برنامج الامم المتحدة الانمائي، بحسب التقرير الملخص الذي وزع على وسائل الاعلام ويحمل عنوان "الاستدامة والانصاف: مستقبل افضل للجميع"، ان "انماط التنمية البشرية المتفاوتة في البلدان العربية حققت تقدما ثابتا خلال اربعين عاما من حيث الدخل والتعليم والرعاية الصحية، واعتبر ان "الربيع العربي سجل قفزة اخرى نحو الامام في مجال التقدم البشري"، وان "حركة الدمقرطة هي نتيجة مباشرة لتقدم التنمية البشرية لا سيما على صعيد الصحة والتعليم، واعطى التقرير مثلا ان "الشباب المثقف" هو الذي "قاد التظاهرات الداعمة للديموقراطية في كل من تونس ومصر، واشار التقرير الى ان سلطنة عمان والسعودية وتونس والجزائر والمغرب هي بين الدول العشر الاولى التي يشملها التقرير من اصل 187 حققت اداء مرتفعا في مؤشرات التنمية البشرية، وان كانت لا تزال في مراتب متدنية، بينما تبقى ليبيا بين الدول العشرة الاقل نشاطا في هذا المجال منذ 1970، واحتلت الامارات العربية المتحدة المرتبة الثلاثين في دليل التنمية البشرية للعام 2011، والبحرين المرتبة 42، والسعودية المرتبة 56، والكويت 63، ولبنان المرتبة 71 وسوريا المرتبة 119، ويحتل السودان المرتبة 169، والعراق المرتبة 132، والمغرب 130، والاراضي الفلسطينية المحتلة المرتبة 114، والجزائر 96، والاردن 95، وجاءت اسرائيل في المرتبة السابعة عشرة من الدليل نفسه. بحسب فرانس برس.

وفيما رأى التقرير ان "نتيجة الاضطرابات في الدول العربية لن تنكشف قريبا"، دعا الى "مجموعة اجراءات اكثر جرأة حول اوجه عدم المساواة الداخلية والمخاطر البيئية، وجاء في التقرير ان "لمشاركة المرأة في عملية اتخاذ القرار السياسي تبعات مهمة للاستدامة والانصاف"، وان الدول العربية "لا تزال متخلفة عن غيرها في مجال تمكين المرأة"، وتتصدر اليمن دول العالم في مجال عدم المساواة بين الجنسين تليها السعودية والسودان، ويشدد التقرير على ضرورة بدء التداول بمصادر الطاقة المتجددة، مشيرا الى ان "الفساد وغياب التشريعات قد يبطئان من زخم ذلك"، وتحتل المراتب الثلاثة الاولى في دليل التنمية البشرية للعام 2011 النروج واستراليا وهولندا، وتليها الولايات المتحدة ونيوزيلاندا وكندا وايرلندا.

دعوة لإصلاح التعليم

الى ذلك يقول الخبراء أن إصلاح التعليم سيساعد الشباب العربي على الانضمام إلى "مجتمع المعرفة، وقال خبراء خلال حفل إطلاق تقرير المعرفة العربي لعامي 2010-2011 في دولة الإمارات العربية المتحدة أنه إذا قدر للربيع العربي أن يحظى بتأثير دائم، فإن التعليم يجب أن يتصدر قائمة أولويات الإصلاح في مرحلة ما بعد الثورات العربية، وفي هذا السياق، قالت أمة العليم السوسوة، الأمين العام المساعد ومدير المكتب الإقليمي لشؤون الدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تصريح على هامش هذا الحدث في دبي أنه "ليس أمام ]الدول العربية] بديل سوى التصدي لهذه القضية...فعند الحديث عن أي نوع من الإصلاح - سواء سياسي أو قضائي – يكون التعليم جزءاً لا يتجزأ منه، وإلا كان إصلاحاً مصطنعاً، ودعا تقرير المعرفة العربي، الذي قام بإعداده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، إلى العمل من أجل تمكين الشباب في المنطقة من المشاركة بشكل أفضل في ما يسمى ب "مجتمع المعرفة" وتجاوز الفقر والبطالة اللذان أديا إلى مظاهرات حاشدة وإسقاط حكومات عديدة خلال العام الماضي، ووفقاً لبعض التقديرات، تقل أعمار أكثر من 60 بالمائة من سكان البلدان العربية عن سن 25 عاماً. ولكن الآفاق المتاحة أمام الشباب العربي ظلت حتى الآن محدودة بسبب ضعف الحوكمة، وارتفاع معدلات الفساد، وضعف مؤشرات الحرية وغياب الديمقراطية، وتزايد معدلات الفقر والبطالة، واستمرار القيود المفروضة على حرية المرأة، وفشل الإصلاحات الاقتصادية في تحقيق العدالة الاجتماعية أو توفير فرص العمل للشباب، حسب التقرير، وخلص التقرير إلى أن العالم العربي لا يزال متخلفاً عن الركب، ويعاني من "انخفاض حاد" في المهارات المعرفية لدى الشباب، بما في ذلك مهارات حل المشاكل، والتواصل الكتابي، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، والقدرة على البحث عن المعلومات. وحصل الطالب العربي في المتوسط على 33 من 100 عند خضوعه لاختبارات في هذه المجالات.

كما جاءت العديد من الإحصاءات الأخرى صادمة بنفس القدر: ففي عام 2007، كان 29 بالمائة من العرب فوق سن 15 عاماً من الأميين، مقابل 16 بالمائة على الصعيد العالمي؛ في حين كان 19 بالمائة فقط من الأطفال العرب دون سن 6 سنوات يمتلكون القدرة على الوصول إلى مراكز رعاية الأطفال العامة في عام 2010، مقارنة مع 41 بالمائة على الصعيد العالمي؛ كما استمر الطلاب العرب في احتلال مراتب متدنية في الامتحانات الدولية. ورغم أن المنطقة شهدت نمواً هائلاً في استخدام الانترنت، إلا أنه لا يزال أقل من المتوسط العالمي، ومما لا شك فيه أن الربيع العربي قد ساهم في تغير بعض هذه الأحوال، فمن الواضح أن الشباب استخدموا التكنولوجيا لإيصال رسالتهم، وأدت احتجاجاتهم إلى بيئة أكثر حرية وديمقراطية في كثير من البلدان. (كان توسيع نطاق حرية الفكر أحد التوصيات الرئيسية لتقرير المعرفة العربي لعام 2009). وتحسين مستوى التعليم. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

يبدو أن حكومات عربية عديدة قامت بإهمال التعليم عمداً لفترة طويلة، حسب المراقبين، اعتقاداً منها أن الشعب غير المتعلم أقل ميلاً إلى التمرد، ويرى حسن البيلاوي، أستاذ علم اجتماع التعليم في جامعة حلوان بالقاهرة، أن "ثقافة الصمت" كانت من بين أسباب القصور في نظام التعليم، مضيفاً أن "أمامنا تحد ثقافي؛ فنحن نعاني من التخلف الثقافي. لقد حدثت تغييرات كثيرة في العالم العربي ولكن لم يتم ربطها بمنهجية التدريس أو ثقافة المدارس. لذا ينبغي علينا إجراء إصلاحات واسعة، من جهتها، قالت موضي الحمود، وزيرة التعليم الكويتية السابقة أن الإصلاحات السابقة كانت توصف بأنها "مهمة تقنية" يعهد بها إلى البيروقراطيين في وزارات التعليم العربية، دون دعم من سياسات الدولة أو المجتمع المدني، و"بناء على ذلك، فقد فشلنا". وحثت الحكومات على تجاوز الإصلاحات السطحية للتعليم، ولكن غيث فريز، مدير التقرير، أكد أن فجوة المعرفة ترجع إلى أكثر من مجرد ضعف التعليم فقط، مشيراً في حديثه لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن المسألة "تشمل جميع قطاعات المجتمع وتتجاوز حدود التعليم بكثير، فالمجتمع المدني له دور، والعائلة لها دور". وحقوق الملكية الفكرية، على سبيل المثال، هي مجال آخر "نحن كعرب غائبون عنه في الأساس، وألقى المشاركون في إطلاق التقرير الضوء أيضاً على أهمية مشاركة الشباب في إيجاد الحلول."إذا تولينا القيادة، فإننا سندمر ما فعله الشباب. لذا ينبغي على الشباب تحديد الخطوات التالية،" كما أكد أحد المشاركين من الأردن.

بطالة مرتفعة

من جهة أخرى حذر مدير منظمة العمل العربية، أحمد لقمان من ارتفاع نسب البطالة في العالم العربي، مشيراً إلى أن دول "الربيع العربي" تشهد نسباً عالية في هذا الخصوص، وجاءت تصريحات لقمان بينما تستعد المنظمة لعقد الدورة 39 لمؤتمر العمل العربي، التي تناقش آثار ثورات الربيع العربي على قضايا العمل والعمال وبرامج الحماية الاجتماعية، ومعدلات البطالة، وذكر لقمان، بحسب ما نقلته عنه وكالات الأنباء العربية، أن معدلات البطالة في العالم العربي "ارتفعت بنسبة 2 في المائة، لتتراوح ما بين 19 و20 مليون عاطل،" خاصة في دول "الربيع العربي، وأرجع لقمان أسباب ذلك إلى "توقف الإنتاج وعدم اكتمال الأمن واتساع المطالب والوقفات الفئوية، التي أثرت سلباً على أوضاع العمل بتلك الدول، مما يتطلب تبادل الرؤى بين أطراف الإنتاج الثلاثة (الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال) التي تمثلهم المنظمة لتفادى أي أضرار جديدة للتطورات في المنطقة، وعن الجديد الذي ستقدمه الدورة الحالية لمؤتمر العمل العربي، قال لقمان: "سيتم إنشاء رابطة للمجالس الاقتصادية والاجتماعية بالدول العربية، للحد "من آثار ثورات الربيع العربي على الإنتاج والعمالة والبطالة، وأضاف، أن المؤتمر سيصدر قراراً بتسمية "مدير عام مساعد، لمدة أربع سنوات، تبدأ من العام الحالي، وسيكون اختياره بالتناوب بين العمال وأصحاب الأعمال. بحسب السي ان ان.

يذكر أن أعمال الدورة التاسعة والثلاثين، لمؤتمر العمل العربي بمشاركة 17 وزير عمل، و70 من أصحاب الأعمال، و90 من العمال، بالإضافة إلى رؤساء وفود ومراقبين من منظمات عربية ودولية معنية، والجدير بالذكر أن وزير العمل السوري، لن يحضر أعمال الدورة الحالية لمؤتمر العمل العربي، بسبب تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية.

واحد من كل 4 شبان عرب

كما كشف تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية "ILO" أن واحداً من أصل أربعة شباب في العالم العربي، عاطل عن العمل، لتبلغ نسبة البطالة بين الشباب إلى 26.2 في المائة، في حين أن نسبة البطالة بين الأفراد الأكبر عمرياً تبلغ 6.6 في المائة، وأشار التقرير، الذي نشر على الموقع الرسمي للمنظمة، إلى أنه وعلى الرغم من ارتفاع مستوى التحصيل العلمي بين الشباب، غالباً ما يشتكي أصحاب العمل من غياب المهارات المؤهلة للتوظيف في صفوف شباب المنطقة، ما يُشكّل حاجزاً أمام وصولهم إلى فرص العمل، وفي الوقت عينه، لا يزال عدد كبير من فرص العمل المستحدثة في المنطقة يستهدف العمّال الأجانب، وذلك من خلال عرض الأجور والشروط والظروف التي تتعارض مع تطلّعات القوى العاملة المحليّة، وأكد التقرير أن هذه المشكلة أبرزت ازدواجية واضحة في سوق العمل العربي، ما طرح أسئلة مهمّة بشأن نوعية فرص العمل المُستحدثة في المنطقة، والحاجة إلى استحداث فرص عمل مؤاتية للباحثين عن العمل، والآثار المصاحبة لها، حيث من المستحيل فصل أزمة الشباب الاقتصادية عن موجة الاضطرابات الاجتماعيّة التي تجتاح المنطقة. بحسب ال سي ان ان.

وتظهر الأرقام الرسمية ارتفاع معدّل البطالة بين الشباب من 9.6 في المائة عام 2010، إلى 10.9 في المائة عام 2011، أمّا بالنسبة إلى العام 2012، فمن المتوقّع أن يسجّل معدّل البطالة ارتفاعاً ليصل إلى 11.0 في المائة، ولكن إن استمرّ تباطؤ الانتعاش الاقتصادي في مصر وليبيا وتونس على هذه الوتيرة التي شهدها العام 2011، من الممكن أن يرتفع معدّل البطالة أكثر في المستقبل، الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر على عمليات البناء والإصلاح، وبحسب التقرير الذي تصدره منظمة العمل الدولية سنوياً، يواجه العالم "تحدّياً خطيراً" يتطلّب استحداث 600 مليون وظيفة منتجة خلال العقد القادم، سعياً إلى ضمان استدامة النمو والمحافظة على اللحمة الاجتماعية.

لابد من حل سريع

في سياق متصل أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين على أهمية إيجاد حلول سريعة لمشكلة البطالة التي تزداد سنوياً بشكل يثير القلق في الدول العربية، في ضوء دراسة للبنك الدولي العام الماضي، أكدت حاجة الدول العربية إلى 100 مليون وظيفة في العام 2025، وذلك فقط للمحافظة على مستويات البطالة الحالية، ومنعها من الارتفاع، وقال الخبير الاقتصادي، حسام عايش: "أثار عدد من الدراسات العربية والأجنبية، العديد من التساؤلات حول ارتفاع نسب البطالة في العالم العربي بنسب عالية تتراوح بين 25-30 في المائة، خلال العام 2011، حيث أن هذه الأرقام هي الأعلى على الإطلاق على مستوى العالم، والتي تدق ناقوس الخطر، لإيجاد حلول سريعة وفعالة، وأضاف عايش أن "مشكلة البطالة لا تكمن في انخفاض مستوى التعليم في الدول العربية، حسب ما يدعيه البعض، حيث أن نسب التعليم العربي من أعلى النسب على مستوى العالم، من جانبه قال الخبير الاقتصادي، جواد العناني، أن "الخطير في قضية البطالة هو انتشارها بين صفوف الشباب التي تتراوح أعمارهم بين 25-35 عام، وخصوصا بين الإناث، والآثار السلبية التي تنعكس على الجوانب الاجتماعية كعزوف الشباب عن الزواج ومشاكل العنوسة، وأشار العناني إلى أهمية اتخاذ إجراءات سريعة من شأنها الحد من تفاقم أزمة البطالة في العالم العربي، من خلال تحفيز الاستثمارات الخارجية بين الدول العربية بالإضافة إلى تحفيز الاستثمارات الداخلية في الدول وتفعيل دور القطاع الخاص. بحسبي السي ان ان.

وتشير أرقام منظمة العمل العربية إلى أن أعداد العاطلين عن العمل في الوطن العربي خلال العام 2011 اقترب من 15 مليون شخص ومن المتوقع أن تؤدي الظروف السياسية التي يشهدها الوطن العربي حاليا إلي زيادة عدد العاطلين بأكثر من 5 ملايين شخص آخرين ليتجاوز حجم البطالة حاجز العشرين مليون عاطل لأول مرة في العام الجاري.

الفقر المدقع

في حين كشف تقرير صادر عن البنك الدولي، أن معدلات الفقر "المدقع" -الأفراد الذين يعيشون على 1.25 دولار في اليوم- انخفض في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجاء في التقرير الذي نشر على الموقع الرسمي للبنك، أن معدلات الفقر المدقع، انخفضت في الدول العربية، لتصل إلى 8.6 مليون شخص أو ما نسبته 2.7 في المائة من عدد السكان، وذلك حسب آخر التقديرات مقارنة مع 10.5 مليون شخص في العام 2005 و16.5 مليون شخص في العام 1981، ونقل التقرير على لسان مدير فريق البنك المعني بتقليص الفقر وتحقيق الإنصاف خاييمي سافيدرا، قوله: "معدلات الفقر البالغة 22 في المائة في البلدان النامية لمن يعيشون على أقل من 1.25 دولار للفرد في اليوم، و 43 في المائة لمن يعيشون على أقل من دولارين للفرد في اليوم تعد أرقاما غير مقبولة، ونحتاج إلى زيادة جهودنا، وأضاف سافيدرا "نحن بحاجة إلى مهاجمة الفقر على جميع الجبهات، من خلق وظائف أكثر وأفضل إلى توفير خدمات تعليمية وصحية وبنى تحتية أفضل، من أجل حماية الفئات الضعيفة والمتأثرة، أما على جانب عملية القياس، فإن البلدان بحاجة إلى توسيع عملية جمع البيانات وتعزيز القدرات الإحصائية، خاصة في البلدان منخفضة الدخل. بحسب السي ان ان.

ويمثل خط الفقر عند مستوى 1.25 دولار، المتوسط المستخدم في أفقر 10 إلى 20 دولة في العالم، ويكشف الخط الأعلى للفقر عند مستوى دولارين للفرد في اليوم وهو المتوسط بالنسبة للبلدان النامية، ونوه التقرير إلى أن الدراسات الحديثة بينت أن أزمتي الغذاء والوقود والأزمة المالية في الأربع سنوات الماضية، كان لها أكبر الأثر على الفئات الضعيفة اقتصاديا، وقدرتهم الشرائية، فإن معدل الفقر في العالم قد واصل تراجعه بصفة عامة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/آيار/2012 - 20/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م