يوم اوروبا... الوجه العريض

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: بين رواية الحي اللاتيني للكاتب سهيل ادريس، وتعبير القارة العجوز الذي اطلقه دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي في عهد بوش الابن، مسافة زمنية تمتد لما يقرب من خمسة عقود.

رواية الحي اللاتيني، صدرت في العام 1956، واختارها اتحاد الكتاب العرب في قائمته التي صدرت عام 2001 في المرتبة الثالثة والاربعين ضمن افضل مائة رواية عربية.

الرواية والكاتب وعلى لسان المصري يوسف الشاروتي (استطاع سهيل إدريس أن يجعل النفس الإنسانية مسرحا للصراع بين بيروت وباريس، بين الشرق والغرب، الشرق بأديانه وأخلاقه، وتقاليده وصموده ورغبته في التحرر، والغرب بحريته وتقدمه وثقافته ونزعته الإستعمارية أيضا).

في السبعينات من القرن المنصرم، وكنت في فترة مراهقتي العمرية، اجد هذه الرواية في جميع المكتبات التي ارتادها، وكانها كانت درة الروايات الموجودة في المكتبات، لم لا، وهي التي تتحدث عن اوروبا، تلك القارة والدول الساحرة، بجمال طبيعتها وجمال نسائها، وكنا نقرأ تلك السنوات ايضا، مجلة طبيبك معك السهرة، ونلاحق مواضيع الجنس فيها، ونستمع الى راديو مونتي كارلو.

كانت اوروبا للمراهقين، وحتى لكبار السن مصدر الهام وبريق لا يمكن تجاهله، على اختلاف التوجهات، وكانت كذلك مصدرا لابداعات الفنية المتعددة في الرواية والشعر والمسرح والسينما والثقافة على اختلاف مشاربها وطرق تعبيرها.

هذا كان فيما مضى، قبل ان تتعب اوروبا وتشيخ وتفسح المجال لمصدر الهام جديد على الساحة العالمي، واعني بها الولايات المتحدة الامريكية، وليطلق عليها رامسفليد ذلك الوصف لتبيان حالتها الراهنة.

ماذا عن العرب والمسلمين؟

اوروبا هي الجوار الجغرافي والتاريخي للعرب والمسلمين، والذاكرة العربية والاسلامية تختزن الكثير من الماسي على مدار قرون طويلة، فهو تاريخ من الصراعات والحروب المدمرة، عرفت بالحروب الصليبية، وهي ضياع لاحدى اعرق المدن وهي الاندلس، وهي حلم بالعبور المستمر الى العالم الاول بالنسبة الى الاتراك، وذاكرتهم التي تتسيدها مدينة اسطنبول، وقلائل من يعرفون أن لتركيا جسرين يصلانها بأوروبا عبر إسطنبول، الأول يقع قرب القلعة التي دشنها السلطان محمد الفاتح الذي أسقط الدولة الرومانية والبيزنطية، والثاني الجسر المعروف باسم جسر البوسفور، وكلاهما من الناحية الجغرافية والتاريخية يشكل الرابط بين تركيا وأوروبا، وبالتالي الجسر المادي الذي يجعل تركيا قابلة بالمنطق الجغرافي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. لكن المنطق الثقافي يرفض انضمام تركيا الى ذلك الاتحاد.

واوروبا تعود لموقع الالهام بالنسبة للمجتمعات العربية، في ايام ربيعها او جحيمها الثوري، فالصورة لازالت ضبابية حتى الان، تعود لموقعها الذي تتطلع اليه بلدان العالم في مراتبه المتاخرة، وهذه المرة على لسان عمرو موسى احد المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية، حين اكد أنه فى حال فوزه بالانتخابات سيجعل مصر تتبع نفس السياسات التى تتبعها الدول الراغبة في الانضمام للاتحاد الأوروبى لأنها الطريقة الأفضل فى بناء الدول.

واقترح أن يتضمن البرنامج الانتخابى الخاص به خطة لمدة 100 يوم يعتمد خلاله على فكرة مفادها التوجه لنفس نهج الدول الأوروبية.

كلمة اوربَّا اصلها اغريقي وتعني الوجه العريض، تصل مساحة القارة لحوالي 10.180 مليون كم2 (7.1 % من مساحة الأرض). ثالث قارة من حيث عدد السكان في العالم إذ يزيد عدد سكانها عن 700 مليون نسمة (11 % من سكان الأرض).

صنف علماء الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) الجنس البشري في الماضي، إلى ثلاث مجموعات عنصرية: السلالة القوقازية ذات البشرة البيضاء، والسلالة المغولية ذات البشرة الصفراء والسلالة الزنجية ذات البشرة السوداء. وطبقًا لنظام التصنيف هذا، ينضوي الأوروبيون تحت مجموعة السلالة القوقازية.

وقد رفض الكثير من علماء الأنثروبولوجيا هذا النظام للتصنيف بحجة أنه تصنيف غير علمي. ويقسم معظم الخبراء الآن الجنس البشري إلى تسعة أو عشرة عناصر جغرافية رئيسية. تنتمي الغالبية العظمى من الأوروبيين إلى المجموعة السلالية الجغرافية الأوروبية. ويتميز الأوروبيون ـ بصفة عامة ـ عن شعوب أي سلالة آخرى بلون البشرة الفاتح. وفي المجموعة الأوروبية ذاتها، يتميز معظم الأوروبيين الشماليين، كالسويديين مثلاً، عن الأوروبيين الجنوبيين، كالإيطاليين، بلون البشرة الفاتح ولون الشعر الفاتح، كما أن الشماليين أطول قامة من الجنوبيين. ويسكن في أوروبا أيضًا كثير من الإفريقيين والآسيويين، وآخرون من المجموعات العنصرية الجغرافية الأخرى. وقد نزح هؤلاء إلى أوروبا بحثًا عن العمل، وازدادت أعدادهم بشكل أكبر منذ الخمسينيات، إلا أنهم لايزالون يمثلون نسبة ضئيلة من سكان أوروبا.

اما بالنسبة للمجموعة العرقية أو الإثنية فتتميز أوروبا بتعدد وتباين المجموعات العرقية. ففيها توجد عشرات المجموعات البشرية العرقية، إذ نجد في كل قطر من أقطار أوروبا مجموعتين أو أكثر. فعلى سبيل المثال يتكون سكان يوغوسلافيا السابقة من الألبانيين والكرواتيين والمجريين والمقدونيين وسكان الجبل الأسود والبوسنيين والصرب. أما الشعب البلجيكي فإنه يتكون من الفلمنكيين والوالون. تعطي المجموعة العرقية لأفرادها، الشعور بالانتماء، وتوطد القواعد السلوكية لديهم، وتحافظ على تقاليدهم الفنية وتعاليمهم الدينية وأعرافهم الأخرى. لكن غالبًا ما يسود الشعور بالكراهية وعدم الثقة بين المجموعات العرقية المتجاورة. وغالبًا ما يقود هذا الشعور إلى القتال بين المجموعات العرقية في القطر الواحد، أو بين المجموعات في الأقطار المتجاورة. ولقد حدثت بالفعل مثل هذه النزاعات في أوروبا في القرن العشرين الميلادي، بين الإنجليز، والإيرلنديون وكذلك بين الإيرلنديون الكاثوليك من أتباع الكنيسة الرومانية، والبروتستانتيين، وبين التشيكيين والسلوفاكيين في تشيكوسلوفاكيا السابقة.

لكن وبشكل عام بدأت معظم المجموعات العرقية الأوروبية تنسى تدريجيًا بمرور الزمن الاختلافات بينها، وبدؤوا ينظرون لأنفسهم كأعضاء في مجموعة قومية واحدة كالدنماركيين، والإيطاليين. وفي أجزاء أخرى من أوروبا، ذهب البعض إلى أبعد من ذلك إذ بدؤوا يفكرون في أنهم أوروبيون أولاً قبل أن يكونوا أفرادًا في مجموعة قومية بعينها. ولكن ما شهدته يوغوسلافيا السابقة من تصفية جسدية للمسلمين في البوسنة والهرسك على يد النصارى الصرب؛ لم يشكل في ظاهره لونا من ألوان التصفية العرقية ضد السكان المسلمين في تلك البلاد فحسب، وإنما عكس شعورًا أزليا ومتناميا من الكراهية ضد الإسلام، والمسلمين.

في أوروبا احتفال سنوي للسلام والوحدة فيها. هناك نوعان من التسميات منفصلة يوم أوروبا: 5 مايو لمجلس أوروبا، و 9 أيار للاتحاد الأوروبي.

بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وكما هو معروف اليوم كيوم شومان، في ذكرى الاعلان التاريخي لوزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان.

وأوروبا اليوم هي واحدة من عدد من الرموز الأوروبية تهدف إلى تعزيز الوحدة بين الأوروبيين.

أنشأ هذا التاريخ في عام 1964، وعلى الرغم من تفضيل 9 أيار / مايو، فإنه لا يزال لوحظ من بعض الدول الاوربية لمجلس أوروبا دور في الدفاع عن حقوق الإنسان البرلمانية والديمقراطية وسيادة القانون، في حين أن إعلان شومان هو مجرد اقتراح تجميع الفرنسية والألمانية الفحم والصلب.

وعلاوة على ذلك، في 9 أيار / مايو يتزامن مع يوم النصر، في نهاية الحرب العالمية الثانية الذي يحتفل به في 8 أيار / مايو أو في أوروبا الغربية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 9/آيار/2012 - 17/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م