اصدارات جديدة: ناظم عودة وأمور الحياة

 

 

 

 

الكتاب: قصائد الحب والزوال

الكاتب: ناظم عودة

الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت

عدد الصفحات: 158 صفحة

عرض: جورج جحا

 

 

 

 

شبكة النبأ: قصائد الشاعر العراقي ناظم عودة في مجموعته الاخيرة "قصائد الحب والزوال" تنطلق من أمور ومن اشياء الحياة وكائناتها الصغرى لتكشف عن انها اشياء مهمة نصل من خلالها الى كبرى مسائل الانسان والحياة.

ويكتب ناظم عودة شعرا حديثا ذا وزن متتابع الضربات ومتنوع الطول والقصر لكنه يخلو غالبا من القافية مكتفيا بتلك الموسيقى التي تنتج عن الاوزان. حملت المجموعة عنوانا دالا ببلاغة ووضوح في مراميه الفكرية والنفسية وهو "قصائد الحب والزوال".

انها وقبل كل شيء مجموعة تتسمم بالتساؤلات الفكرية التي تتحول الى حالات شعرية دافئة وان كان بعضها يأتي احيانا ببرودة الكلام الفكري اي دون توتر شعري. لكن قدرة الشاعر الايقاعية تغطي على هذا الامر فتستمر القصيدة سيالة.

صدرت المجموعة في 158 صفحة عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت وتوزعت قصائدها الثلاث والخمسون على اربعة ابواب هي "قصائد الزوال" و"حورية الغابات الاسكندينافية" و"صلاة اخرى" و"مراثي الفقراء". بحسب رويترز.

وجاء تحت العنوان الداخلي للمجموعة "كتبت قصائد هذا الكتاب كلها في مدينتي اوشا وفالون (السويد 2012". القصيدة الاولى تتميز من ناحية بقدرة تصويرية تفصيلية على نقل عالم الطبيعة قبل عالم هذه الكائنات الصغيرة المميزة ليجعل منها ما يشبه الرمز.. ومن ناحية اخرى على الانتقال بالقارىء من هذا العالم وتفاصيله و"محلياته" الى موضوع الحياة عامة والمصير والزوال والى الطبيعة نفسها التي ينطلق منها الى كل هذه الاسئلة والى موضوع الانسان نفسه. انها قدرة واضحة ومميزة على هذا النوع من الانتقال.

يقول الشاعر في القسم الاول من القصيدة "قرب بحيرة تماثلت للتو من وعكة الجليد) طيور تشتبك في غرام وعراك/ اطفال كالطيور يمرحون ويتشاجرون/ فتاة تمارس القبلات وتلهث ككلبة الغريزة/ وأخضر الشجر يبعث الحياة بعد ميتة الشتاء/ على الساحل الرملي تمتد قوافل النمل/ رتل من العجلات المسلحة بمخالب شرهة/ تسير كخيط ممدود/ تحفظ حكمة الاسلاف.. "كل ما فوق التراب تراب"/ تحلل العضويات بانزيم الفناء/ تنقل المؤونة من جثة الجرادة الى شق صغير/ من الاعلى الى الاسفل/ يغزل النمل ملحمة البقاء والفناء."

وفي القسم الثاني من القصيدة يضيف "من مستعمرة الى مستعمرة مؤجلة/ ينقل الجسم/ هنا بشر بمخالب/ هناك نمل عضوض/ ملك وجنود وحاشية/ عرش يتجبر في ظلام المقابر/ يحرق كلماتنا بخورا لمأدبة الزوال/ يفترش عيوننا حجرات وثيرة/ ويجفف الدمع شريطا اسود لحياة سابقة."

وفي قصيدة "الورقة" وبرومانسية وفي جو من اجواء ابي العلاء المعري وقوله "خفف الوطأ ما اظن اديم الارض الا من هذه الاجساد" يصل بنا الى انه ليس ثمة ما يبقى غير الورقة وهذا الرمز وما تنطوي عليه من تمثيل للحياة ككل.

يقول الشاعر "لا الشرق/ لا الغرب/ الورقة البيضاء كل ما تبقى من هذه الارض/ ارض هائلة بلا اسيجة/ بلا هياكل مقدسة/ ارض مضيئة معشوشبة/ فاركض كما شئت/ وتمرغل على العشب/ تحسس نبض من غيبوا في التراب وتركوا على جدران المدينة اخر صرخاتهم/ ومضوا وتحت ألسنتهم مقبرة من كلمات/ افتح رئتيك لكل الهواء والكلمات (وطر كورقة خريفية) تتحرك بكل اتجاه/ مخضبة بخيال الزوال/

"لا الشرق/ لا الغرب/ الورقة البيضاء كل ما تبقى من هذه الارض/ فاحرثها/ وابذرها/ وابك عليها مطرا/ لتنبت فيها جذور/ وأشجار صديقة/ معك الطير/ والهواء/ وكلمات من غيبوا في التراب/ تحلق في فضاء مطلق في الورقة."

وفي القسم الرابع من القصيدة ينتقل الى القول "هذه المائدة/ لا خمرة فيها/ لا صديق/ لا شجر يورق/ ولا خريف يمضي."

وفي قصيدة "صحراء مطلقة" نقرأ "لم يفز حصاني بالسباق/ كان اول الخاسرين/ لكم انا مبتهج اذ اجمع اوراق الخسارة من اقدام/ حصاني/ ها هو يحمل انقاضي على ظهره/ وها انا اواصل الحداء/ معي فم بدوي مزقته الرياح/ وعزيف الجن ووحشة الطريق

"اقطع الفلوات وأستعيد تراث الصمت فيها/ تستيقظ الحيوانات البرية ما اجملها/ تتراكض في فلواتي وأتراكض في فلواتها/ معا نعلق قصائدنا على استار الكثبان/ كم جميل ان تركض الصحراء فينا وحيواناتها/ كم جميل ان نركض فيها/ معي هذا الامتداد المطلق/ ألبس الصحراء وتلبسني/ ونمتد معا خارج الافق واللغة/ ولم نعد نحلم بالسباق وفرسانه."

وفي الكلام عن الاسى الذي ينتج عن مرور الزمن وأفول الايام وفي قصيدة بعنوان "هزيمة" يتحدث الشاعر عن الزمن وكيف يسوي بين الامور التي كانت ذات اهمية فتحولت الى هباء.

يقول الشاعر "بعد ان ارهقنا المسير/ وعوت خلفنا كلاب وذئاب/ وطوانا ليل بنجوم افلة/ وشتتت عواصف الرمل خطانا/ وأراجيزنا/ وهامت ارواحنا مذعورة في القفار الهاجرة/ وبعثرت الريح خيامنا ومتاعنا/ لم نجد من عدو غير اطلال/ لقوم رحلوا قبلنا/ وتركونا وحدنا نشحذ ما تبقى من خساراتهم سيوفا/ لاخر الرحلة القاهرة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/آيار/2012 - 15/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م