العمالة القسرية... ظاهرة تتقاسمها العديد من الدول

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: لا يزال آلاف العمال الفقراء يقعون ضحية العمل ألقسري في بلدهم، على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومات للقضاء على هذه الظاهرة المنتشرة في العالم وخاصة في البلدان النامية، فيما قررت السلطات الفلبينية أنها منعت على مواطنيها السفر للعمل في 41 بلدا وذلك لحمايتهم من سوء المعاملة، كما يستمر مسلسل الاضطهاد والاستغلال للعمال في بنغلادش فلا تزال حقوق العمال مشكلة رئيسية في اغلب بلدان العالم مثل باكستان ولبنان والإمارات والصين وروسيا.

بينما أكد عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين على المخاطر العديدة التي تترتب على تضخم أعداد العمالة الآسيوية في دول الخليج العربي ووصولها لمراكز حساسة داخل البنية العامة للمجتمع الخليجي وخصوصا البنية الاقتصادية لتلك الدول، إذ تعاني أوضاع العمال اليوم من أزمات كبيرة على أكثر من صعيد في ظل تفاقم ألازمات الحقوقية المختلفة  فجميع  انحاء العالم.

العمل القسري

فقد أعلنت وزراة العمل البرازيلية أن 2270 شخصا تقريبا قد أنقذوا من السخرة في البرازيل سنة 2011، ولا سيما في مجال الاستثمارات الزراعية، كما أن عقوبات قد فرضت على 294 رب عمل، وتعرف السلطات البرازيلية السخرة بأنه إخضاع العمال لظروف متردية من النواحي الصحية والغذائية والسكنية ومنحهم أجرا أقل من الحد الأدنى للأجور (336 دولارا)، وغالبية الضحايا هم أشخاص وقعوا في فخ تجار اليد العاملة الذين يبعدونهم عن مسقط رأسهم ليستخدموهم في مزارع كبيرة، وخصوصا مزارع قصب السكر، إلى ذلك نجد العمل القسري الذي يستهدف الأجانب بشكل خاص في المدن أيضا، ولا سيما في صناعة الأقمشة بما في ذلك مشاغل تعمل لصالح ماركات عالمية مهمة، وقد وضعت البرازيل سنة 2004 "لائحة سوداء" تشمل أرباب العمل المتهمين بفرض العمل القسري، ويتم تحديثها كل ستة أشهر، وتفرض عقوبات عدة على المؤسسات والأشخاص المذكورين في اللائحة، مثل الغرامات واستحالة حصولهم على قروض من المصارف الحكومية وفرض قيود عليهم في ما يتعلق بتسويق منتجاتهم لفترة سنتين على أقل تقدير. بحسب فرانس برس.

فيما أظهرت دراسة لمنظمة العمل الدولية، ومنذ العام 1995، تم تحرير أكثر من 40 ألف عامل يعملون في ظروف مشابهة للعبودية من دون عقد عمل ولا أجر، على ما ذكرت الدراسة، وبعد مقابلة 121 عاملا حرروا بين العامين 2006 و2007، لاحظت منظمة العمل الدولية أن 59,7% منهم دخلوا دوامة العمل القسري لأنهم لم يجدوا أمامهم خيارا آخر، وغالبية هؤلاء العمال هم من السود الذين بدأوا العمل وهم صغار والمتحدرون من شمال شرق البلاد الذي يعاني من الفقر ومن نسبة تعليم منخفضة جدا، وعندما يتلقون أجرا، يضطرون إلى تحمل تكاليف الغذاء والمسكن والمعدات ويجدون صعوبة في جمع الأموال اللازمة لذلك، ويعيش الكثير منهم في اكواخ متداعية من دون مياه شرب ولا مراحيض ويكدون في العمل لساعات طويلة.

العمال الفليبينيين

كما اعلنت السلطات الفيلبينية انها حظرت على مواطنيها السفر للعمل في 41 بلدا ومنطقة فشلت على حد زعمها في توفير الضمانات الكافية لحمايتهم من سوء المعاملة، وذكرت وزارة العمال والتوظيف في قرار نشرته على موقعها ان الدول المدرجة على القائمة السوداء لم توقع الاتفاقات الدولية لحماية العمال الاجانب، كما لم توقع تلك الدول على اتفاقيات مع الفيليبين حول "حماية حقوق العمال الفيلبينيين في الخارج"، اضافة الى انها ليست لديها قوانين تحمي العمال الاجانب، ومن بين تلك الدول افغانستان وليبيا والعراق والسودان وتشاد وباكستان التي تشهد اعمال عنف، وقال كارلوس كاو رئيس وكالة التوظيف الخارجي في الحكومة ان الدول ال41 المشمولة بالحظر ليس لديها عدد كبير من العمال الفيلبينيين ولذلك فان الحظر لن يكون له تاثير كبير جدا عليها. بحسب فرانس برس.

واوضح "هذه دولة صغيرة نسبيا باسواق صغيرة. والتأثير السلبي لن يكون كبيرا جدا، كما ان الحظر لن يؤثر على العمال الفيلبينيين المتواجدين حاليا في تلك الدول، ولذلك فلن يتعين عليهم العودة الى بلدهم الا بعد انتهاء عقودهم، بحسب كاو، ويقيم نحو تسعة ملايين عامل فيلبيني في الخارج او نحو 10% من سكان الدول، بحسب احصاءات رسمية، يعمل العديد منهم في خدمة المنازل والعمالة اليدوية، كان عدد منهم من البحارة، في مناطق يتعرضون فيها لسوء المعاملة.

في بنغلادش.. يبصقون دما

في سياق متصل بعدما أمضى ثلاثة أعوام في "تعتيق" سراويل الجينز من خلال ذر جزيئات دقيقة على القماش، تقيأ سومان هولادر دما في أحد مستشفيات دكا... ومثله يدفع آلاف العمال في بنغلادش الثمن غاليا لقاء إحدى صيحات الموضة التي يكثر الجدل حولها، يعاني هولادر من سعال دائم ويجد صعوبة في التنفس. ويقول "في أحد الأيام، بينما كنت أعمل، خرج الدم من فمي ومن أنفي، ويتابع "قالوا لي إن العمل غير خطر ولكن ذر الرمال كان يملأ الغرفة بالرمل والغبار. فكنت أتنشقهما وأبتلع كمية كبيرة منهما". واعتاد هولادر "تعتيق" ما بين مئتي وثلاث مئة سروال جينز على مدى عشر ساعات يوميا مكتفيا بوضع قناع من القماش على وجهه، وبحسب المجموعات المدافعة عن حقوق العمال، يعاني هولادر وعدد كبير من العمال الآخرين من السحار السيليسي وهو مرض رئوي مميت ناجم عن استنشاق غبار السيليكا الذي ينبعث خلال عملية ذر الرمال، وتقضي هذه العملية بذر الرمال عالي الضغط على سراويل الجينز كي تبدو قديمة وعتيقة، علما أن هذه الموضة أصبحت رائجة قبل بضع سنوات في البلدان الغربية حيث يصل سعر هذه السراويل إلى 300 يورو، وأعلنت ماركات مهمة (مثل غوتشي وليفايس وايتش أند أم وغاب) أنها توقفت عن تسويق هذا النوع من سراويل الجينز. وفي تموز/يوليو، أعلنت فيرساتشي عن التزامها بالامتناع عن اللجوء إلى هذه العملية بعد حملة أطلقها اتحاد "كلين كلوث كامبين" (حملة الثياب النظيفة). أما "دولتشي أند غابانا" فترفض التخلي عن هذه العملية، وقد منعت هذه العملية في أوروبا والولايات المتحدة ولكن ليس في بنغلادش حيث اليد العاملة رخيصة جدا، وتقول كالبانا أختر من مركز تضامن العمال في بنغلادش "ذر الرمال شائع جدا هنا. ولا يبحث الأطباء بشكل عام عن أعراض السحار السيليسي بل غالبا ما يتحدثون عن السل"، وبما أن غالبية المصانع في بنغلادش لا تؤمن لمستخدميها تأمينا صحيا. بحسب فرانس برس.

فإن العمال الذين يمرضون يعودون إلى ديارهم في حالة جسدية مزرية، وبحسب خورشيد علم الذي يترأس مجموعة للدفاع عن حقوق العمال، يستخدم حوالى 500 مصنع هذه العملية التي تعرض حياة عشرات آلاف العمال للخطر، ويقول إن الكثير من المصانع الكبيرة تدرك مخاطر ذر الرمال فتقرر بالتالي تكليف وحدات أصغر حجما بهذه العملية، ولكن الأجر مغر ويبلغ 7500 تاكا (74 يورو) أي ضعف الحد الأدنى للأجور والمرشحون كثر في هذا البلد الغارق في الفقر، ويقول محمد إيلياس (21 عاما) الذي أتى من الشمال للعمل في أحد المصانع "تؤمن بعض المصانع معدات تحمي من الرمال. ولكن هنا، نستخدم قناعا من القماش ولا يمكننا تفادي الرمال. علينا إذا أن نعتاد الأمر، ويضيف "يساعدني شرب الكثير من الماء وتناول موزة يوميا على البقاء في صحة جيدة. لا أمانع استنشاق الرمال طالما أن الأجر جيد، أما شافيول اسلام محي الدين مدير جمعية منتجي ومصدري الملابس فيقول "نحن من البلدان الأقل نموا. أرجوكم، لا تعتقدوا أننا في سويسرا"، معتبرا أن صدور قرار بمنع هذه العملية على الصعيد الوطني أمر مستبعد، وتقول إينيكيه زلدنروست المتحدثة باسم اتحاد "كلين كلوث كامبين"، "نخشى أن تصبح بنغلادش شبيهة بتركيا" حيث يموت عشرات العمال ومن بينهم مراهقون جراء السحار السيليسي، قبل أن يطالب الرأي العام بمنع هذه العملية، ولكن أسما البالغة من العمر 25 عاما والتي تخضع للعلاج في مستشفى داكا تقول إنه ما من خيار آخر لديها وتوضح أن "المرض قضى على مدخراتي. إن لم أعمل فلن أتمكن من شراء الطعام".

انهيار مصنع في باكستان

من جانب أخر قتل طفل في ال12 من العمر واصيب تسعة اشخاص بجروح في انهيار مصنع في لاهور كبرى مدن شرق افغانستان بحسب الشرطة المحلية التي اشارت الى ان 40 شخصا ما زالوا تحت الانقاض، وقالت السلطات وشهود ان الحادث قد يكون ناجما عن انفجار قارورة غاز في المصنع حيث يعمل حوالى 150 شخصا بينهم نساء واطفال والواقع في حي ملتان رود المكتظ، وصرح المسؤول في الشرطة المحلية شعيب خرم جنباز لفرانس برس "احصينا قتيلا هو طفل في الثانية عشرة وتسعة جرحى" من بينهم خمس نساء مضيفا ان حوالى 40 شخصا ما زالوا عالقين تحت الانقاض، وتابع ان "الحادث وقع نتيجة انفجار سخان مياه. كما تعرضت المباني المحيطة للضرر، وشاهد مراسل فرانس برس انتشال عدد من النساء والاطفال من الركام، وقال شهود ان المصنع كان ينتج لقاحات للحيوانات، ويقطن حوالى 8 ملايين شخص لاهور الواقعة على بعد 250 كلم شرق العاصمة اسلام اباد. وتعتبر المدينة عاصمة البلاد الثقافية والاكثر ليبرالية في الجمهورية الاسلامية المحافظة. بحسب فرانس برس.

جسور للحياة والموت

على صعيد أخر يعبرون جسورا للحياة.. يخافون جوعا في بلادهم الفقيرة.. فيدركهم قدرهم في غربة عن ترابهم.. يلهثون وراء العيش في لبنان واذ بأنفاسهم تخطف مرة في السماء ومرات تحت الانقاض.. تضيع رفاتهم في مياه البحر المتوسط ويحاصرون تحت تربة لطالما عملوا على نهوضها عمرانيا، انهم العمال الاجانب في لبنان من أثيوبيين وسودانيين ومصريين وفلبينيين وسيريلانكيين وغيرهم الذين يعملون ليل نهار عند مخدوميهم وقد يموتون في البلاد ولا يستطيعون الحصول على أدنى حقوقهم، يضعهم القدر أيضا مع قضاء عادل في احتساب النهايات. فالموت يوحد بين البشر فتصبح العاملة الاثيوبية كمخدوميها في لحظة السقوط من السماء الى البحر كما حدث لدى سقوط الطائرة الاثيوبية منذ عامين وهو الحادث الذي قتل فيه جميع من كانوا على متنها وعددهم 90 شخصا. وكما حصل أيضا في يناير كانون الثاني الماضي عندما انهار مبنى سكني في العاصمة بيروت أدى الى مقتل نحو 26 شخصا بينهم سودانيون وأثيوبيون ومصريون وفلبينيون، انهم يتسولون أوراقهم الرسمية على أبواب الادارات ...تخافهم المستشفيات ولا تلتزم شركات التأمين بتغطية نفقات علاجهم الصحي، وتفيد التقديرات الرسمية بان حجم العمالة الاجنبية في لبنان لا يقل عن 400 ألف الى نصف مليون شخص في بلد لا يتعدى تعداد سكانه اربعة ملايين نسمة، لجأت الاثيوبية مسكريم ايسفا ميسراك الناشطة في جمعية للمهاجرين في لبنان الى برنامج تلفزيوني لجمع تبرعات لعلاج صديقتها قائلة "حرام ان تموت. لم تر أمها وأهلها منذ سنوات. نحن نسعى لتجميع 30 ألف دولار لدفع تكاليف المستشفى الباهظة، فما كان من وزير الصحة اللبناني علي حسن خليل الا ان تكفل بأن تدفع وزارته تكاليف العلاج رغم انها لاتغطي النفقات الصحية للاجانب. لكن هذه الحالة تثبت أن الكثير من المهاجرين لا يستطيعون تلقي العلاج الباهظ الثمن في لبنان، ويقول عثمان الصديق العامل في احدى محطات الوقود في بيروت "أحد اقربائي أصيب بكسور في انهيار مبنى الاشرفية (في بيروت) الذي قتل فيه سبعة سودانيين لكنه فر من المستشفى قبل اتمام علاجه لانه يخشى ملاحقته لانه دخل البلاد خلسة ولا يستطيع أن يحصل على الاوراق الرسمية الباهظة الثمن، لم ينصفهم البحر الذي احتضن أجسادهم ولم تكن الارض وركامها أكثر رحمة. هي جاليات تحيا تحت سقف السقوط.. ودموع ذويهم في الوطن تبقى محاصرة بين المقل لا تجد جثمانا تبكي عليه، وتقول العاملة الاثيوبية سارة "تركت طفلتي قبل خمس سنوات ولم أرها منذ ذلك الحين الا عبر الصور وأنا هنا أعمل منذ الصباح الباكر حتى ما بعد منتصف الليل ولا أنام الا خمس ساعات لقاء 150 دولارا في الشهر أدفع منها المخابرات الهاتفية الباهظة الثمن لاطمئن على ابنتي، أضافت "أنا هنا أربي الاولاد وأعمل كل شيء ولا يمر يوم من دون توبيخي وشتمي من المدام (ربة المنزل).. حتى أنهم لم يسمحوا لي بالذهاب للبحث عن قريبتي التي سقطت في حادث الطائرة. لقد حجزوا جواز سفري ولا استطيع المغادرة الان. بحسب رويترز.

ويسلم مسؤولون رسميون وحقوقيون وناشطون في مجال حماية الفئات المهمشة ومن ضمنها العاملات في المنازل بأن انتهاك حقوقهم يشكل ظاهرة مقلقة في لبنان من باب تعرضهم للاساءات الاقتصادية والنفسية والجسدية واحيانا الجنسية، وفي ظل استثنائهن من قانون العمل اللبناني تترك العاملات في المنازل فريسة للاستضعاف والانعزال والارتهان المطلق لارادة الكفيل الذي يحدد شروط العمل والياته، وتقسم الناشطة في جمعية "كفى" مايا عمار الاساءات التي تتعرض لها العاملات المنزليات الى اقتصادية.. تتمثل بعدم دفع رواتبهن سواء في الوقت المحدد أو بالكامل ونفسية.. تتجلى في منعها من الاتصال بعائلتها او تقييد حركتها في أوقات فراغها ولفظية.. يعبر عنها باستخدام الالفاظ المهينة والمذلة بحق العاملة او السخرية من لفظها او ملبسها او ديانتها وجسدية.. تمارس عليها بالضرب والركل والحرق وغيرها من الممارسات التعنيفية وجنسية.. تبدأ بالتحرش الجنسي وتصل الى حد الاغتصاب، ويقول وزير العمل شربل نحاس لرويترز "لدينا مشكلة كبيرة جدا في كل أوضاع العمل في لبنان. من جهة اللبنانيون يهاجرون بكثافة ومن جهة أخرى تأتي يد عاملة اجنبية بكثافة، أضاف "السياسة التي نعتمدها.. ان كان على مستوى الاجور أو سياسة الاستثمارات العامة هي اعادة تصويب الوضع لانه من غير الطبيعي ان يكون هناك بلد أبناؤه يهاجرون وفي نفس الوقت يجلب أولاد الناس من اخر الدنيا، ومضى يقول "رقم العمالة الاجنبية لا يقل عن 400 ألف الى نصف مليون شخص (في بلد لا يتعدى تعداد سكانه اربعة ملايين نسمة). قسم كبير من السوريين لا نستطيع ان نحصيهم لانهم يدخلون ويخرجون وعملهم موسمي، وقال نحاس "لبنان بنفس الوقت قوة طاردة وجاذبة للايدي العاملة. طاردة على مستوى الكفاءات المتوسطة والعليا وجاذبة على مستوى الكفاءات المتدنية.

حقوق العمال لا تزال مشكلة

من جهتها قالت منظمة هيومن رايتس ووتش ان الامارات حسنت معاملة عمال من جنوب اسيا يعملون في جزيرة السعديات وهي مشروع ثقافي يتكلف 27 مليار دولار في أبوظبي لكنها أضافت أنه ينبغي بذل جهد أكبر لانهاء ما وصفته بأنه يرقى الى عمالة قسرية هناك، ودعت المنظمة ومقرها الولايات المتحدة في تقرير الجامعات والمؤسسات الثقافية الغربية التي تفتتح فروعا في الجزيرة ومن بينها متحفا اللوفر وجوجنهايم ضمان حصول العمال على أجورهم ومعاقبة من اساءوا معاملتهم، وسبق أن اتهمت المنظمة الامارات التي تستقدم العمالة غير المؤهلة من الخارج بغض الطرف عن المقاولين الذين يفرضون رسوما ادارية سرية على العمال الاجانب مما يحملهم ديونا واحتجاز جوازات سفرهم بينما يعملون مقابل سداد ديونهم الى جانب أشكال اخرى من سوء المعاملة، وقالت المنظمة ان السلطات الاماراتية تحركت لضمان دفع أجور العمال ومعظمهم من شبه القارة الهندية وتوفير رعاية طبية لهم والسماح بنوع من الرقابة المستقلة على ممارسات المقاولين في جزيرة السعديات. بحسب رويترز.

ولكن مازالت انتهاكات مثل احتجاز جوازات السفر مستمرة، وقالت المنظمة في بيان "أخيرا تدخلت شركات تطوير اماراتية وشركاؤها الدوليين للضغط بشأن جزيرة السعديات للبدء في حماية العمال ولكن ينبغي أن يبذلوا جهدا أكبر لكبح الانتهاكات، ورحبت شركة التطوير والاستثمار السياحي التي تتولى تنفيذ المشروع بتحسن التقييم لكنها قالت ان الدراسة قديمة وتعتمد على عينة محدودة من العاملين، وقالت الشركة في بيان انها تعتقد أن هذا التقرير لا يقدم صورة دقيقة للوضع الحالي في السعديات، وأضافت أنها ملتزمة تماما بمراجعة سياساتها بانتظام وتعديلها عندما تقتضي الحاجة لتواصل ارساء أعلى المعايير، والسعديات من أكبر المشروعات الثقافية في الشرق الاوسط وفي العام الماضي قال أكثر من 130 فنانا انهم سيقاطعون متحف جوجنهايم هناك بسبب استغلال العمالة الاجنبية، ومن بين المؤسسات التي تعتزم انشاء فروع لها في الجزيرة متحف جوجنهايم ومتحف اللوفر وجامعة نيويورك. وستضم الجزيرة أيضا ملعبا للجولف ومساكن راقية.

عمال جزيرة المتاحف بابوظبي

الى ذلك اكدت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان حصول تقدم ملحوظ في ظروف عمل وحياة العمال الوافدين الذين يشاركون في اعمال الانشاءات على جزيرة السعديات، وهي جزيرة قبالة شواطئ ابوظبي ستحتضن متاحف عالمية، الا انها طالبت بمزيد من الجهود لحماية العمال، واشارت المنظمة التي سبق ان نشرت في 2009 تقريرا مفصلا انتقدت فيه ظروف حياة العمال الوافدين في هذا المشروع الذي تبلغ كلفته 22 مليار دولار، الى استمرار وجود "ثغرات" ابرزها استمرار العمال بدفع رسوم استقدام في بلادهم لوسطاء التوظيف ومصادرة جوزات سفر العمال من قبل بعض المقاولين، وردت "شركة التطوير والاستثمار السياحي" التي تقوم بتطوير جزيرة السعديات على التقرير بالتاكيد على التزامها الكامل بحماية حقوق العمال مشيرة الى ان ما اوردته هيومن رايتس ووتش حول الثغرات "لا يمثل يقدم صورة دقيقة عن الوضع الحالي على جزيرة السعديات، وذكرت المنظمة الحقوقية الدولية في تقريرها الجديد تحت عنوان "عودة إلى جزيرة السعادة"، ان شركات التطوير الإماراتية والمؤسسات التعليمية والثقافية المشاركة في تطوير جزيرة السعديات "قد التزمت بتعهدات هامة للتصدي لمشكلة استغلال العمال الوافدين من جنوب آسيا للعمل في الجزيرة، الا ان هناك ثغرات مستمرة في تدابير الحماية"، وذكرت المنظمة ان من ابرز الثغرات المستمرة "عدم تعويض العمال على ما يدفعونه من رسوم استقدام للعمل"، وهي رسوم يدفعها العامل في بلاده لوسطاء التوظيف من اجل الحصول على الوظيفة، وقالت هيومن رايتس ووتش ان "تسديد هذه الرسوم يستغرق منهم شهورا وسنوات في العادة، وهو ما يعتبر اكبر عامل يهيئ اوضاع العمل الجبري" لهؤلاء العمال، كما اشارت المنظمة الى وجود "مشكلات في عملية العقاب الفعال للمقاولين المخالفين والمتجاوزين للحقوق ومشكلات في متابعة تنفيذ الوعود الخاصة بعلنية تقارير المراقبة، وستحتضن الجزيرة التي تطورها حكومة ابوظبي من خلال "شركة التطوير والاستثمار السياحي" (تي دي اي سي)، فروعا لجامعة نيويورك ولمتحف اللوفر ولمتحف غوغنهايم، اضافة الى مشاريع ثقافية رائدة اخرى. بحسب فرانس برس.

قالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش "لمدة طويلة، أدى العمال الوافدون في الامارات عملهم في ظروف مسيئة دون اهتمام يذكر من جهات الاستثمار العامة أو الخاصة والآن غيَّر المستثمرون الاماراتيون اخيرا ومعهم شركاؤهم الدوليين من هذا المنهج في جزيرة السعديات، من أجل البدء في حماية العمال، الا ان عليهم بذل المزيد من الجهود لوقف الإساءات، وذكرت المنظمة ان الجهات المعنية بتطوير الجزيرة قامت بتنفيذ "تعهداتها الخاصة بضمان انتظام دفع الأجور للعمال وتوفير أوقات للراحة وأيام عطلة وتوفير تأمين صحي يدفع ثمنه أصحاب العمل واستخدام جهات مراقبة مستقلة للتفتيش على انتهاكات حقوق العمال في الجزيرة والكتابة عنها علنا، الا ان تقرير المنظمة خلص ايضا الى ان "الكثير من العمال ما زالوا يدفعون رسوم استقدام للحصول على الوظائف" كما ان المقاولين يقومون "بشكل منتظم بمصادرة جوازات سفر العمال ويبدلون عقود العمال بعقود أخرى بامتيازات أقل لدى وصول العمال إلى الإمارات العربية المتحدة، واشارت المنظمة الى تراجع هذه المظاهر بشكل عام منذ 2009، الا انها مستمرة ما "يعكس وجود ثغرات قائمة في تدابير الحماية المكفولة للعمال".من جانبها، اشارت "شركة التطوير والاستثمار السياحي" في ردها الذي تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه الى ان "بعض ما خلص اليه التقرير تخطاه الزمن وغير دقيق اذ ان التقرير يستند الى مقابلات اجريت مع عمال بين تشرين الاول/اكتوبر 2010 وكانون الثاني/يناير 2011، واقرت الشركة بوجود مشكلة على مستوى دفع العمال رسوم للاستقدام في بلادهم، الا انها قالت انه "من الصعب جدا التعامل مع هذه المشكلة من الامارات، وقالت ان سياستها تنص على انه في حال اثبات اي عامل بانه دفع رسوم استقدام، فانها ستتخذ التدابير اللازمة مع المقاول لتعويض العامل، وذكرت بان "قرية الانشاءات في السعديات" التي تتسع لعشرين الف عامل والمخصصة لسكن العمال الذين سيشاركون في الانشاءات على الجزيرة، قد اثارت اعجاب الكثير من المسؤولين والصحافيين الذين جالوا فيها، وهي قرية نموذجية تقدم للعمال افضل الخدمات كالانترنت والحدائق وملاعب الرياضة.

أوضاع العمل في الصين

في حين توصل تحقيق مستقل إلى وجود "قضايا هامة" تستحق البحث بشان بيئة العمل في مجمع صناعي صيني ينتج أجهزة شركة أبل، وقررت جمعية "العمل العادل" الأمريكية (أف ال أيه) إجراء تحقيق في ظروف العمل في مصنع فوكسكون إثر ورود روايات عن العمل لساعات طويلة وإجراءات السلامة المتدنية، وقالت الجمعية إنها حصلت على موافقات بتقليل ساعات العمل وحماية ممثلي العاملين، ويأتي الكشف عن هذه الأنباء، بينما يقوم تيم كوك المدير التنفيذي لشركة أبل مصنع فوكسكون، وكانت سلسلة من محاولات الانتحار في فوكسكون التي حدثت العام الماضي قد سلطت الضوء على أوضاع العمل في مصانع المجمع، وأعلنت أبل في فبراير/ شباط الماضي أنها بصدد إرسال محققين مستقلين من جمعية "العمل العادل" للوقوف على الأوضاع هناك، وقد توصل التحقيق، وهو واحد من أكبر التحقيقات التي أجريت على أنشطة شركة أمريكية خارج الولايات المتحدة. بحسب فرانس برس.  

إلى أن العمال يعملون أكثر من 60 ساعة في الأسبوع وأحيانا لسبعة أيام متتالية من دون توقف، كما تتضمن الانتهاكات الأخرى عدم دفع الأجر الإضافي ومخاطر تتعلق بالصحة والسلامة، ويتراوح متوسط الأجر الشهري في المصنع بين 360 إلى 455 دولارا، وقد رفعت إدارة مصنع فوكسكون الأجور الشهرية بحوالي 25 في المئة مؤخرا، وقالت جمعية "العمل العادل" إن إدارة المصنع وافقت على الالتزام بمعاييرها بالنسبة لساعات العمل بحلول يوليو/ تموز 2013، وذكر أن الشركة ستعين آلاف العمال من أجل الاقدام على هذه الخطوة، وذلك لتعويض ساعات العمل التي ستفقدها بعد تطبيق المعايير الجديدة.

حريق في موسكو

على صعيد مختلف اعلنت وزارة الاحوال الطارئة الروسية الثلاثاء لوكالة فرانس برس ان 17 من العمال المهاجرين قتلوا في حريق اندلع في مستودع احد اسواق جنوب موسكو، في حادثة تشهد على ما يبدو على الاوضاع المعيشية السيئة للضحايا، وقال ناطق باسم الوزارة لادارة مدينة موسكو "اصبح لدينا 17 جثة بعد العثور على مزيد من القتلى"، وكان المصدر نفسه ذكر ان "12 شخصا قتلوا في الحريق وهم عمال مهاجرون"، قبل ان ترتفع الحصيلة الى 15 قتيلا، واوضح ان السلطات تسعى لتحديد من اي جمهورية من الاتحاد السوفياتي السابق يتحدرون"، وذكرت وكالات الانباء الروسية نقلا عن الحققين ان الضحايا من رعايا طاجيكستان افقر جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. وجميعهم كانوا يعملون في هذا السوق المتخصص في مواد البناء، وكان العمال يقيمون في مكان وقوع المأساة وفوجئوا بالحريق الذي اندلع في الساعة 5,00 (01,00 تغ) من الثلاثاء كما قال مصدر مقرب من التحقيق لوكالة انترفاكس، وتم اخماد الحريق، وكان العمال نائمين في غرفة ملاصقة للمستودع في السوق الواقع جنوب العاصمة الروسية ولا يملكون اي منفذ الى الخارج لذلك حاصرتهم السنة اللهب، كما ذكر مصدر في فريق التحقيق لوكالة انترفاكس، وقال هذا المصدر "كانوا نائمين في مكان ضيق على الواح موضوعة على اربع مستويات ولم يكن لديهم اي منفذ الى الشارع"، واضاف "حسب حالة الجثث يبدو ان بعضهم حاولوا الهرب لكنهم ماتوا اختناقا بدخان الحريق"، وللوصول الى هذا المهجع، اضطر رجال الاطفاء لقص الجدار الحديدي في المكان، ودان وزير الحالات الطارئة سيرغي شويغو الظروف التي يعيش فيها هؤلاء العمال. بحسب فرانس برس.  

واضاف في تصريحات نقلتها لانترفاكس ان "احدهم جعلهم يقيمون في هذا المكان بينما من الواضح انه غير مناسب للسكن. اطلب من قوات الامن توضيح هذه القضية"، وذكر مصدر من قوات الامن لوكالة ايتار تاس ان الحادث نجم عن مدفأة كهربائية. وقال ان "الحريق قد يكون نجم عن مدفأة كهربائية في هذه الغرفة التي تم تحويلها الى مسكن، واضاف المصدر ان "المحققين يفحصون المكان ليحدووا ما اذا كان اسكان العمال فيه قانونيا"، ويعمل عشرات الالاف من رعايا الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى مثل طاجيكستان وقرغيزستان، في معظم الاحيان سرا، في ورش واسواق في موسكو ويعيشون في معظم الاحيان في ظروف صعبة جدا، وتشهد روسا باستمرار حرائق تودي بحياة عمال مهاجرين يعيشون في معظم الاحيان في مكان عملهم او في مباني خالية، وفي ايار/مايو 2011 قتل سبعة عمال في حريق مبنى متداع كان يقيم في اول طابقين منه مهاجرون، وفي كانون الثاني/يناير 2009 قتل سبعة مواطنين آخرين من احدى جمهوريات آسيا الوسطى في حريق في كراج تحت الارض يجري بناؤه وكانوا يعيشون فيه في موسكو، وتستقبل روسيا التي تعاني من نقص اليد العاملة خصوصا بسبب ازمة سكانية خطيرة، ملايين من مواطني الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى، لكن الرئيس الروسي المنتخب ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين وعد بمراقبة الهجرة بينما تشهد روسيا تصاعدا في المشاعر القومية والجرائم العنصرية منذ سنوات.

مخاطر اقتصادية وسياسية

من جانبه قال المحلل الاقتصادي، حسام عايش، في تصريح "تضخم العمالة الآسيوية في الدول الخليجية له الأثر الكبير على مختلف نواحي الحياة، حيث أن التغلغل الكبير في المراكز الحساسة في الدولة وخصوصا الاقتصادية منها يرجع بالمنفعة الكبرى الدول المصدرة لهذه العمالة وعلى رأسها دول شرق آسيا بدلا من ان يتم توجيهه الى الدول العربية الشقيقة الأخرى، نوأضاف عايش "تعتبر الحوالات الخارجية في عدد من الدول العربية رافدا مهما بل وأساسيا في دعم النمو الاقتصادي لتلك الدول، ودعم العمالة العربية بشكل أكبر يمكن ان يتم ِأخذه من مبدأ الدعم المادي المتمثل بالمنح والمساعدات التي تقدمها دول الخليج بشكل دوري للدول العربية الأخرى، وبين عايش "لا يمكن استبدال العمالة الآسيوية في الدول الخليجية بين ليلة وضحاها، حيث أن تغلغلها الكبير في مختلف القطاعات الاقتصادية يستدعي وضع خطط وبرامج يتم من خلالها استبدال هذه العمالة بالخبرات العربية المعروفة بجودتها وقدراتها العالية التي تضاف على التقارب والتفاهم الاجتماعي واللغوي، وأكد المحلل الاقتصادي هاني الخليلي على أهمية الحوالات في دعم الاقتصادات العربية بقوله "يعتبر الاقتصاد اللبناني من أكثر الاقتصادات العربية هشاشة إلا أن الأوضاع الاقتصادية ومستوى المعيشة داخل الدولة مدعوم بشكل كبير وأساسي بفضل حوالات اللبنانيين المغتربين حول العالم. بحسب السي ان ان.

وأضاف الخليلي "هناك أبعاد أخرى عديدة لارتفاع أعداد العمالة الآسيوية في دول الخليج والتصادم الحضاري والاجتماعي بين الثقافات واللغات، الأمر الذي يلاحظ تبعاته على التغيير الديمغرافي لبعض المناطق في الدول الخليجية، بالإضافة إلى انتشار الأطماع للعديد من الدول الآسيوية بالخيرات الخليجية التي للدول العربية الأخرى أحقية فيها من المبدأ الديني واللغوي والاجتماعي وغيرها."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 30/نيسان/2012 - 8/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م