المجلات العراقية الادبية... تأريخ وعناوين

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: مثلما نتفق على المكانة الكبيرة للكتاب الادبي (رواية، ديوان، مجموعة قصصية، مسرحية، نقد أدبي، أدب مترجم) حتما سنتفق على الاهمية نفسها بالنسبة للمجلة الادبية، ودورها المهم في تدعيم الجنس الادبي الذي تتخصص به، لهذا دأب المتميزون على اصدار مجلات متخصصة في الشعر، أو القصة، أو النقد، أو الرواية والمسرح وسواه، وطبعها بأسماء تتسق مع متونها،  والسبب واضح جدا، أن التخصص واسم المجلة يمنحاها عمقا أكثر وآفاقا أوسع، وينطبق ذلك على المجلات الثقافية العامة ايضا، إذ يشير تأريخ الاصدارات العربية والعالمية، الى مجلات رسخت في الذاكرة الادبية على مر العقود، وتوجد هناك أمثلة كثيرة على ذلك، عراقية وعربية وعالمية، فقد كانت المجلات الخاصة بالشعر والسرد والنقد ولا تزال، تصدر على نحو متواصل لتدعم هذه الاجناس وتجارب كتابها على وجه العموم.

ولدينا أيضا تجارب لا تُنسى مع مجلات ادبية مهمة، لم تحصر نفسها وعمقها في جنس ادبي بعينه، ونجحت ايضا في ترسيخ ونشر التجارب الادبية المهمة، في الشعر، والسرد، والنقد، والمسرح، والتشكيل، والنحت، والموسيقى، وغيرها، كما نلاحظ ذلك مع مجلات (الكرمل، والآداب البيروتية، والحركة الشعرية، وألواح، ونزوى، وأوغاريت، والعربي، وأفق، وغيرها) أما في العراق فلدينا تأريخ حافل بالنجاح لمجلات ادبية وثقافية مهمة مثل (الاقلام، الثقافة الاجنبية، التراث الشعبي، المورد) ولا ننسى مجلة كلمة التي صدرت في النجف، ابان المد الأدبي الستيني المتمرد، شعرا وسردا ونقدا وتشكيلا ايضا.

من هذا الاستعراض السريع للمجلات الادبية والثقافية المتخصصة والعامة، نستطيع أن نتفحص بوضوح الاهمية القصوى التي تنطوي عليها المجلة الادبية الثقافية، ودورها الكبير في نشر التجارب الادبية والفكرية المتنوعة، وقد دفعني لكتابة هذه الكلمات نوع من الازدراء الذي تتعرض له المجلات الادبية والثقافية من لدن ثقافتنا ومؤسستنا الثقافية، ناهيك عن المنظمات الثقافية الكثيرة التي بدأت تستسهل على نحو مؤسف، اصدار مجلات ادبية ضعيفة، ضاربة بذلك عرض الحائط تأريخا رصينا للتعامل مع هذا النوع من المجلات.

إن الامر لا يتعلق بالكم والتعدد الكبير لهذا النوع من الدوريات الفصلية او الشهرية او حتى الاسبوعية، إنه يتعلق برصانة التجربة وضخامتها وعمقها في آن، ولسنا هنا بصدد المزايدات الكثيرة التي قد تتضارب بشأن التهميش والتركيز والاقصاء وما شابه، نحن نتحدث هنا عن مجلات ادبية وثقافية، لابد أن تتخذ رصانتها من عمقها التأريخي اولا، ثم تأخذ أهميتها من متنها الغني بالتجارب الراسخة والشابة في آن، ولا أعرف مثلا لماذا أقدم اتحاد الادباء والكتاب في العراق، على تغيير اسم مجلته العتيدة ذات التأريخ الادبي المهم من (مجلة الاديب المعاصر) الى (مجلة الاديب العراقي)، بعض الاصدقاء من المعنيين يقول، آن الأوان لكي يأخذ الاديب العراقي دوره وأحقيته في الظهور والمشاركة وتسليط الضوء وما شابه، لكن القضية لا تتعلق بهذا الجانب التأريخي، إننا نتحدث عن الاصالة والجذور والعمق الفكري الادبي الذي ترتكز اليه هذه المجلة او تلك، ولا بأس في اصدار مجلات مستحدثة، على أن لا تلغي دور المجلات الراسخة، وحسنا فعلت دار الشؤون الثقافية – مثلا - حين أبقت على اسم مجلة الاقلام نفسه في اصداراتها الجديدة المتتابعة، على العكس من اتحاد الادباء الذي غيّر اسم مجلته كما ذكرت أعلاه، ولنا أن نتصور احدا يجرؤ على تغيير مجلة الآداب البيروتية الى اسم آخر تصدره مؤسسة سهيل ادريس نفسها، هل يمكن أن يحدث ذلك؟ بطبيعة الحال لا يتعلق الامر بالاسماء بحد ذاتها، أنه يتعلق بالتأريخ المتراكم لتجارب الآخرين والجهد الثقافي الادبي الذي تبنته هذه المجلة او تلك، لذلك يستدعي الامر أن نعتني باصداراتنا الجديدة من المجلات والدوريات الادبية، لكي ترسم مسيرتها بالطريقة التي تجعلها راسخة في الذاكرة القرائية على الدوام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/نيسان/2012 - 2/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م