أبواق السلطان

عبدالعزيز حسن آل زايد

الهم يغزو بني البشر والشيخوخة تحل قبل أوانها، فئات ومناطقيات تقطع الوطن لتكون متخمة والناس في درك خط الجوع تعيش، إقطاعيات تبتلع الحصص وتزدرد الكعك لحد التقيؤ من بطنة الثراء الفاحش والبقية لهم الله.

كيف لا يثور من حاصره الفقر؟! لو قالوا أن للخير موطناً لقلنا إيانا تقصدون، فبلد الخير بلدنا وأوطان النعمة أوطاننا، ولكن العار إن يستجدي المواطن ويتسول بطرق رسمية وغير رسمية ليكفل لنفسه البقاء.

لا غرابة في تلميع من يلتهم الأخضر واليابس، فلكل ملمع من صاحبه أجر ونصيب، المأجورون يلهثون وراء الجيف، و أبطال الطلاء كزبد البحر، هذا قلم خلف صحيفة، وهذه لحية ترتدي عباءة، وهذا وهذا، تمتد القائمة كلاً يرغب في ليلى، وليلى لا تقربهم إلا من جهنم، داهية هي بخبثها توقع فحول الطمع، فيباع عليها الغالي والنفيس لبلوغ المرام.

البوق الذي يعزف ألحان الازدواجية يقتلنا، فالعزيز ينقلب ذليلاً في النوتة التي يراد لها أن تتوج حفل السهرة، تتبدل الأدوار وينكسر الإيقاع، فالرفيع يقبر والوضيع فوق السحاب يطير، ينحسر الضياء ظلمة والغسق المدلهم يستفيق صباحاً مبكراً، هكذا ملأت قلوبنا بالنفاق وأدخل بسببنا البريء في قعر السجن، وكم في السجن من مظاليم؟! (يدعو عليك وعين الله لم تنم).

الركون إلى بلاط الحطام والنفخ في بوق السلطان لا يقربان إلا من الهاوية، فالفساد والطغيان حكايتهما شكسبيرية الطعم والمذاق " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَاد "؟!، سوط العذاب الذي يتلوى على أجساد الأحرار سيرتد وشيكاً ومضاعفاً على ظهور الخونة وأزلامهم " من أعان ظالما سلطه الله عليه "، دواليب الزمن تتحرك كما ورد: " الظالم سيفي انتقم به وانتقم منه "، ولو نطقت السماء لقالت: " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاة ".

يتمادى أتباع السلطة فيغرقون في بحر الدماء والفواحش والحرام، والمهل يغري من لا يتعظ، ألم يحذرهم كتاب الجليل: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)؟!

العلاج في التوبة واقتلاع الروح من مستنقعات القذر، فالآخرة هي الحياة ولا خير في خير بعده النار، كما لا شر في شر بعده الجنة، والانتفاضة التي نرجوها هي تلك التي تولد في رحم السلطة، فالمقربون من رأس الأفعى حينما يتوبون ويؤوبون إلى خالقهم تنقدح الفطرة وتقبلهم رحمة الإله، أولم يتقبل الله سحرة فرعون، ولتكن رصاصة الحق في وجه الصنم: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/نيسان/2012 - 2/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م