حرب في الخليج... نزاع الجزر اثلاث

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: اسهمت زيارة الرئيس الايراني الى جزيرة أبو موسى وهي احدى الجزر الثلاث المتنازع عليها والتي تقع قرب الممرات الملاحية عند مدخل مضيق هرمز الاستراتيجي، الى تجدد الخلاف بين ايران والامارات العربية المتحدة ، ويرى بعض المراقبين ان بوادر ازمة سياسية تلوح في افق الخليج العربي قد تسهم بخلق توتر عربي ايراني جديد خصوصا مع استمرار الخلاف فيما يخص الملف النووي الايراني الذي ترفضه امريكا وحلفائها، ويرى بعض المتخصصين ان ايران بدأت العب بأكثر من اتجاه لأجل كسب الرهان وتضيع الفرص على اعدائها من خلال استخدام العديد من الاوراق والخطط ومنها ورقة الضغط الخليجي وسيطرة على بعض المواقع الاستراتيجية المهمة التي قد تخدمها في حالة حدوث نزاع عسكري.

وفي هذا الشأن فقد حذرت الامارات العربية المتحدة من أن النزاع مع ايران على ثلاث جزر في الخليج لا يمكن أن يستمر "الى الابد" وحثت طهران على قبول اجراء محادثات أو تحكيم دولي. ونقلت وكالة أنباء الامارات عن وزير خارجية الامارات الشيخ عبد الله بن زايد ال نهيان قوله في مؤتمر صحفي في أبوظبي "لا نستطيع أن نترك الامر الى الابد." واضاف "أرجو من الاخوة في ايران التخفيف من هذا التوتر والعودة الى طاولة المفاوضات بتوقيت محدد وأجندة واضحة وتكون نتائجها واضحة وذلك بالاتفاق على حل الموضوع أو الذهاب الى محكمة العدل الدولية."

واستدعت الامارات سفيرها في طهرن للتشاور كما ألغت مباراة كرة قدم ودية مع المنتخب الايراني كان من المقرر أن تقام في وقت لاحق ردا على ما وصفه مسؤولوها بأنه "انتهاك صارخ لسيادة الامارات العربية المتحدة على أراضيها."

وانتقدت السعودية أيضا زيارة أحمدي نجاد للجزيرة وقال مجلس الوزراء السعودي ان الزيارة انتهاك لسيادة الامارات وتعد على جهود التوصل الى حل سلمي لقضية الجزر. ومن ناحية اخرى ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية الايرانية ان وزارة الخارجية الايرانية استدعت السفير السعودي للاستفسار عن اعتقال عدد لم تحدده الوكالة من الايرانيين في مدينة الدمام بشرق السعودية. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية السعودية انه لا يستطيع التعليق على الفور على النبأ.

وزار أحمدي نجاد جزيرة أبو موسى الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا من ساحل الامارات في اطار جولة في ساحل ايران المطل على الخليج. وتقول ايران ان سيادتها على الجزر الثلاث "غير قابلة للتفاوض" لكنها دعت لاجراء محادثات مع الامارات لازالة "سوء الفهم". وحثت ايران دول الخليج على عدم "تعقيد" الموقف. بحسب رويترز.

ونقلت وكالة الطلبة الايرانية للانباء عن وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي قوله "نأمل أن تتصرف الاطراف الاخرى بحكمة وصبر بشأن سوء الفهم بين الحين والاخر والا فقد يصل تعقيد الموقف حدا يتعذر معه حله." واضاف "نحن نريد افضل علاقة ممكنة مع الامارات لان علاقاتنا التجارية والاقتصادية مهمة. حالات سوء الفهم التي تطرأ بين الحين والاخر يمكن حلها من خلال المحادثات الثنائية."

وحذرت الخارجية الإماراتية من أن استمرار احتلال إيران لثلاث جزر خليجية، تقول الدولة العربية إنها تابعة لها، "قد يمس الأمن والسلام الدوليين"، باعتبار أن هذه الجزر تقع في منطقة حيوية، يمر من خلالها نحو 40 في المائة من موارد مصادر الطاقة في العالم. ووجه وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، رسالة إلى الجمهورية الإسلامية قائلاً: "أناشد إيران بكل محبة، الاستماع لصوت العقل، لإنهاء هذا الخلاف، الذي قد يؤدي إلى عواقب قد لا تستطيع الإمارات ولا إيران احتواءها في المستقبل"، دون أن يوضح طبيعة هذه العواقب.

وقال، في مؤتمر صحفي مع وزير خارجية الهند، سامنهالي كريشنا: "نحن في الإمارات جادون لحل الخلاف بشأن الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران، ولكن لأسباب داخلية إيرانية، منها تدهور العملة الإيرانية، والاقتصاد الإيراني، وعدم مواجهة الموقف الأوروبي والعالمي، هناك رغبة من إيران في تصدير همومها في مسألة فرعية."

وأضاف الشيخ عبد الله بن زايد، في تصريحاته التي أوردتها وكالة الأنباء الإماراتية "وام": "من المؤسف أن بلداً جاراً إسلامياً، ذا حضارة وتقاليد، من المفترض أن يتصرف بعقلانية وعدم تصدير همومه و قضاياه من الداخل إلى الخارج، لأن عواقب ذلك قد تكون خطيرة." وتابع قائلاً: "لا أريد أن أكرر موقفي وموقف الإمارات، الذي أعلن في نفس يوم الزيارة التي قام بها رئيس جمهورية إيران، محمود أحمدي نجاد، إلى جزيرة أبوموسى الإماراتية المحتلة من قبل إيران ".. مشيراً إلى لقائه مع سفراء الدول الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن الدولي، لعرض الموقف الإماراتي. بحسب CNN.

وأشار بن زايد إلى أن الإمارات وإيران كانتا قد اتفقتا في السابق على "التهدئة" حول القضية، كما كان هناك اتفاق بين البلدين حول وقف البيانات فيما يتصل بالجزر، وأكد أن "الإمارات التزمت، وسحبت الإشارة إلى الجزر من قرارات اجتماعات مجلس التعاون، واجتماعات الجامعة العربية، عدا البيان الرسمي للدولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأضاف أن كلتا الدولتين كانتا "في اتجاه للبحث عن آلية مناسبة لإنهاء الخلاف، وقطعنا بعض الخطوات، إلا إننا تفاجأنا بزيارة استفزازية من الرئيس الإيراني لجزيرة أبوموسى الإماراتية المحتلة"، وأكد أن "تصرف إيران بهذه الطريقة، يعني عدم الاستماع للمبادرات المتكررة، لحل الصراع وإنهاء احتلال الجزر الإماراتية."

يُذكر أن وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات، أنور محمد قرقاش، كان قد استدعى، في وقت سابق السفير الإيراني لدي الدولة الخليجية، وقام بتسليمه "مذكرة احتجاج شديدة"، حول زيارة الرئيس الإيراني نجاد لجزيرة أبوموسى، واعتبار الإمارات تلك الزيارة "خرقاً للهدنة"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية. في المقابل، شنت وسائل إعلام إيرانية هجوماً قاسياً على دولة الإمارات العربية المتحدة، منددة بموقفها المنتقد لزيارة نجاد لجزيرة أبوموسى، التي تعتبرها طهران "جزءاً" من الأراضي الإيرانية.

إيران تهاجم

في السياق ذاته واصلت الحكومة الإيرانية ، هجومها على دولة الإمارات العربية المتحدة، بسبب إدانة الأخيرة الزيارة التي قام بها الرئيس محمود أحمدي نجاد، إلى جزيرة "أبوموسى" المتنازع عليها، في الوقت الذي امتد فيه هجوم وسائل الإعلام الإيرانية ليشمل كلاً من السعودية ومصر والمغرب.وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن وزارة الخارجية استدعت السفير السعودي، إثر الأنباء الواصلة "المثیرة للقلق"، بشأن "الأوضاع" التي یعاني منها عدد من الرعايا الإيرانيين في سجن مدينه الدمام بالسعودية، دون أن تفصح الوكالة الرسمية عن طبيعة هذه الأوضاع، أو مصدر الشكوى على وجه التحديد. وقالت الدائرة العامة للمعلومات والأخبار في الخارجية الإيرانية، إن مساعد وزیر الخارجية في القضايا القنصلية وشؤون الإیرانیین في الخارج، حسن قشقاوي، أعرب خلال اللقاء، عن "القلق" من بعض الأخبار الواصلة فیما یتعلق بأوضاع بعض المواطنين الإیرانیین في سجن الدمام، داعیاً إلي اتخاذ "إجراء عاجل" من قبل الجهات المعنية في السعودية، للكشف عن مصیر الأفراد المعتقلین.

كما أوردت "إرنا" نقلاً عن مصدر مطلع في وزارة الخارجية، لم تفصح عن اسمه أو طبيعة موقعه، أن الوزارة أجرت العدید من المتابعات مع الجهات المعنية في السعودية وطهران، مشيراً إلى أن هذه المساعي "مازالت مستمرة." وأضاف المسؤول الإيراني أن وزارة الخارجية "كانت علي الدوام صريحة وجدية إزاء الحفاظ والدفاع عن حقوق الرعايا الإیرانیین، وأن عدم الرد من الجانب السعودي، لا یلغي المسؤولية القانونية والدولية، والتزامات هذا البلد في إطار المعاهدات ذات الصلة بحقوق السجناء."

وفيما يتعلق بالموقف الإماراتي الرافض للزيارة التي قام بها نجاد إلى جزيرة "أبو موسى"، والتي تعتبرها طهران "جزءاً" من الأراضي الإيرانية، اعتبر مستشار الشؤون الدولية لرئيس مجلس الشورى الإسلامي، حسین شیخ الإسلام، إن تصريحات المسؤولين الإماراتیین حول "الجزر الإيرانية في میاه الخليج الفارسي"، على حد قوله، تدخل فی إطار "مخطط قدیم تقف وراءه كل من بریطانیا والكیان الصهیوني."

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن شيخ الإسلام قوله إن "سیادة وملكية جزیرة أبو موسى للجمهورية الإسلامية الإيرانية وحدها، وهی جزء لا یتجزأ من الأراضي الإيرانية"، وأضاف أن زیارة الرئيس محمود احمدی نجاد للجزیرة "جاءت فی إطار زياراته الدورية للمحافظات الإيرانية، وأن ذلك أمر مرحب به، ویتطابق مع سياسات الجمهورية الإسلامية الإيرانية."

وذكرت الوكالة الإيرانية أن جزيرتا "صنافير" و"تيران"، التابعتين للأراضي السعودية، التي احتلها "الصهاينة" خلال حرب الأيام الست، في إشارة إلى حرب يونيو/ حزيران 1967، "غابت تماماً عن الذاكرة العربية، بعد صمت الجامعة العربية، وعدم متابعة القضية، وتقوم الرياض بالتعتيم والتغييب الإعلامي على هاتين الجزيرتين لأسباب سياسية بحتة، حتى لا يفتح آل سعود على أنفسهم أبواب المواجهة مع إخوتهم الأعزاء في تل أبيب." وتابعت: "قد يظن البعض بأن الأراضي العربية المحتلة هي فقط الأراضي الفلسطينية، أو في مرتفعات الجولان السوري، أو مزارع شبعا اللبنانية.. ولكن للأسف فهناك أيضاً جزيرتا صنافير وتيران، التابعة للأراضي السعودية، وهي جزر محتلة ومسيطر عليها من قبل الكيان الصهيوني، ومنذ عدة عقود.. وتحديداً منذ حرب 67 ولحد الآن، وتلك الجزر المسلوبة ترزح تحت الاحتلال الصهيوني."

وطال الهجوم الإيراني مصر أيضاً، حيث ذكرت الوكالة أن "الكيان الصهيوني" احتل هاتين الجزيرتين بسبب موقعهما الاستراتيجي الهام، لأنهما تقعان على بوابة مضيق تيران، و"قيل إن مصر قد استعارتهما من آل سعود لإغلاق المضيق أمام ملاحة الكيان الصهيوني.. ثم خسرتهما مصر في تلك الحرب، كما خسرت صحراء سيناء.. والغريب أن أنور السادات لم يُطالب بهما ضمن اتفاقية كامب ديفيد.. لأنها في الحقيقة جزراً سعودية."

وتابعت وكالة "فارس" طرح المزيد من التساؤلات، منها: "لمَ تناسى آل سعود أراضيه المغتصبة؟.. ولماذا لم تطرح الجامعة العربية، في مفاوضاتها مع الغرب و"الصهاينة"، موضوع استعادة هذه الجزر؟.. ولماذا لم يضع محور "الاعتدال العربي" موضوع استرجاع هذه الجزر على طاولة مفاوضات السلام في الشرق الأوسط؟"

وأضافت ضمن تساؤلاتها: "هل أُبرمت صفقة ما بين النظام السعودي والكيان الصهيوني، ليغض آل سعود البصر على هاتين الجزيرتين؟.. عن ماذا تنازل الجانبان؟.. لماذا يتبرع "أبو متعب" (الملك عبد الله) بأموال هائلة، ليسلح المعارضة السورية، ولم يعمل قيد أنملة لتحرير جزيرتا صنافير وتيران؟" كما تساءلت: "لماذا لم يصدر أحد رجال الدين في المملكة فتوى لتحرير هاتين الجزيرتين، ويصدرون شيوخ المملكة فتاوى ضد النظام السوري، ويحثون شبابهم للجهاد في بلاد الشام لإقامة حكم سلفي وهابي؟"

وفي هجوم على وسائل الإعلام العربية، قالت الوكالة الإيرانية: "إذن الجميع يعرفون أن (إسرائيل) هي العدو الأول لهذه الأمة، فكيف يستهدف الإعلام العربي، في توقيت غير سليم، زيارة الرئيس الإيراني لجزيرة إيرانية في الخليج الفارسي، وتطلق بعض الدول ادعاءات واهية حول الجزر الثلاث الإيرانية، ولن يتطرق هذا الإعلام إلى جزر استراتيجية سعودية محتلة من قبل الكيان الصهيوني؟" بحسب CNN.

وبالنسبة للمغرب، تساءلت الوكالة الإيرانية: "وما فعلت المملكة المغربية حيال تحرير أراضي سبتة ومليلية، التي مازالت تحتلها إسبانيا، وهذه المملكة لم تتخذ أي موقف حيال غزة، بينما تسارع لاتخاذ أي موقف مضاد للجمهورية الإسلامية؟" واختتمت "فارس" تقريرها بـ"كلمة أخيرة"، جاء فيها: "قد أبصر الجهاز الدبلوماسي والإعلامي للجمهورية الإسلامية ما خطط له العدو من اختلاق صراعات بين إيران ودول الجوار، ولم تقع إيران في هذا الفخ، واتخذت موقف حكيم من هذه المؤامرة النكراء." وأضافت بقولها إن "بوصلة القيادة الإيرانية قد شخصت منذ اليوم الأول، العدو الحقيقي لهذه الأمة، وتعاملت إيران مع دول الجوار على مبدأ السلام وحسن الجوار والتآخي، والنظام الإسلامي في إيران يتأهب لمواجهة العدو الحقيقي لهذه الأمة"، في إشارة على الأرجح إلى إسرائيل.

وفي السياق ذاته اكد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في خطاب بمناسبة عيد الجيش ان ايران تؤيد التعاون لحفظ السلام في الخليج لكنها ستدافع "بتصميم" عن سلامة اراضيها من اي اعتداء. وقال احمدي نجاد ان "الشعب الايراني يؤيد الاعتدال والسلام لكن العالم يجب ان يعرف انها سترد بتصميم على اي عدوان على وجود ايران ووحدة وسلامة اراضيها". وبدون ان يذكر بوضوح عودة التوتر مع الدول العربية في الخليج بعد زيارته لجزيرة ابو موسى التي تطالب بها الامارات العربية المتحدة، قال الرئيس الايراني ان "وحده التعاون" يمكن ان يضمن امن المنطقة "الحساسة جدا".

هجوم مضاد

من جهة اخرى شنت الصحف السعودية هجوما عنيفا على ايران بعد زيارة الرئيس محمود احمدي نجاد الى جزيرة ابو موسى الاماراتية في الخليج وانتقدت عدم التحرك الحازم ازاء "التدخلات الايرانية" في الشؤون الخليجية. وكتبت صحيفة الشرق الاوسط التي تصدر في لندن ان "توقيت زيارة نجاد لجزيرة ابو موسى له مدلولات واضحة بل وصارخة حيث كانت قبل انطلاق مفاوضات الملف الايراني النووي مع المجتمع الدولي بتركيا، وتزامنا مع زيارة المبعوث الاممي للازمة السورية كوفي انان لايران".

وتابعت ان "هذا يعني ان نجاد يقول ان اوراق التفاوض الايرانية ستكون على المنطقة وليس على ما يمكن ان تقدمه طهران للمجتمع الدولي حول الملف النووي". وتساءلت الصحيفة ان "ايران تفعل كل ذلك ويتجرأ نجاد بزيارة ابو موسى الاماراتية المحتلة، لكن ماذا عنا نحن العرب؟ اين نحن من كل ما يحدث؟". ودعت الصحيفة الى اطلاق "جهد خليجي عربي جديد لإنقاذ الشعب السوري وكف يد ايران هناك"، مؤكدة ضرورة "استخدام كل اوراق قوتنا وهي كثيرة لإطلاق جهد خليجي عربي بمشاركة تركيا".

من جهتها، كتبت صحيفة عكاظ "منذ عام 1971 ونحن نسمع عن احتلال ايران للجزر الاماراتية الثلاث ومنذ ذلك العام ونحن نقرا آلاف القرارات العربية الشاجبة لاستمرار هذا الاحتلال". واضافت ان هذه "القضية دخلت نفس مسارب القضية الفلسطينية بالطول وبالعرض وحتى الشكوى الى الامم المتحدة كما ترتب لذلك دول مجلس التعاون و قد لا تحقق شيئا لاصحاب القضية تماما".

اما صحيفة الوطن فقد دانت "التهرب الايراني المتصاعد من اللجوء الى محكمة العدل الدولية للاحتكام حول تبعية الجزر المحتلة". واعتبرت ان هذا الموقف "يرسم علامات استفهام كبرى حول حقيقة مزاعمها ولا يمكن تفسير ذلك الا بوجود رغبة ايرانية لتعزيز فارسية الخليج من خلال مثل هذه الممارسات الاستيطانية التي لا تختلف عن سلوك الكيان الصهيوني، فالمبدأ واحد، وهو الاحتلال".

واضافت ان "الحكمة الخليجية يجب ان تقابل بتفهم دولي. فمن غير المنطقي ان تراعي دول مجلس التعاون مصلحة العالم، والمجتمع الدولي لا يحرك ساكنا ازاء ما تتعرض له من ايران".

ورأت صحيفة الرياض في افتتاحيتها ان "ايران نجحت ان تكون فزاعة دول الخليج العربي، ثم دول المنطقة من خلال الطوق الشيعي واستطاعت ان تحرك من يشاركونها المذهب ان يكونوا طابورها الخامس". واشارت الى ان "الغرب وامريكا يجدان بها (ايران) مصدرا استراتيجيا واقتصاديا بدفع دول المنطقة شراء الاسلحة واعداد صفقات اخرى مثل بقاء القواعد او انشاء قوة اخرى مثل درع الصواريخ". بحسب فرنس برس.

واتهمت الصحيفة ايران "بالدخول في تحالفات ومساندة مادية ومعنوية" مع "اقليات مذهبية عربية بدول الخليج"، في اشارة الى الاقليات الشيعية. وقالت ان "كل الدراسات تتحدث عن سخط داخلي من المسلمين السنة والعرب بما فيهم الشيعة الى جانب اقليات كبرى تشكل جميعا ثلثي الشعب الايراني لم ندخل معها في تحالفات ومساندة مادية ومعنوية اسوة بما تتعامل به ايران مع اقليات مذهبية عربية بدول الخليج".

واضافت ان بقاء دول الخليج العربية "رهن المخاوف ونحن نرى نجاد يدخل جزر الامارات ونكتفي بالشجب ودعوة المجتمعات الدولية انصافنا وهو موضوع استهلك كثيرا ولا يعني احدا".

ورأت ان "مشكلة دول المجلس انها بلا استراتيجية تحدد الاهداف العليا. فكل دولة لها مخططات وتسلح ورؤية بالاخرى تختلف ولا تتفق على قراءة الواقع والمستقبل بما يحدد كيف نقوم امننا ومخاطره امام جار لديه الرؤية والاستراتيجية المحددتين".

والجزر الثلاث هي أبو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى، وكانت تحتلها قوات بريطانية انسحبت منها عام 1971، لتدخلها القوات الإيرانية، وتبقى فيها منذ ذلك الحين، إذ تزعم طهران أن تبعية الجزر تعود لها، بينما تؤكد الإمارات أحقيتها في الجزر. وجاءت السيطرة الإيرانية على الجزر في عام 1971، أي قبل فترة قصيرة من استقلال سبع إمارات (أبوظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، ورأس الخيمة، وأم القيوين، والفجيرة) عن بريطانيا، واتحادها معا في دولة الإمارات العربية المتحدة.

والموقف المعلن الدائم للإمارات هو حث طهران على التفاوض، أو قبول إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، بينما تصر إيران على أن سيادتها على الجزر ليست محل نقاش، وتدعو الطرف الإماراتي إلى "تفهم الموقف." وعادة ما تحمل المناطق المتنازع عليها أهمية معينة، إما استراتيجية أو مجرد كونها غنية بالموارد الطبيعية، أو تعطي زخما حدوديا لدولة ما، فما هي الحال بالنسبة للجزر الثلاث؟

المحلل السياسي الإماراتي، وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله عبد الخالق، يرى أن الإمارات تطالب بالجزر الثلاث لأنها جزء منها، بصرف النظر عن أهميتها، وتحاجج إيران عليها، وقال: "إذا أثبتت إيران بالوثائق أن الجزر لها فلتأخذها." وأضاف قائلا: "وبعيدا عن مسألة المطالبة بالحق الإماراتي، فإن الجزر ذات أهمية استراتيجية، فهي تقع على مدخل الخليج، وإيران سارعت إلى احتلالها بمباركة بريطانية أمريكية في السبعينيات، لأنها أرادت أن تكون شطري المنطقة، وتتحكم في من يدخل ويخرج."

وأشار عبد الخالق إلى أن "إيران بدأت بحركة استيطانية في جزيرة أبو موسى، التي كانت تحت سيادة مشتركة، ودفعت بمواطنين إيرانيين من الشمال إلى الجزيرة، واتخذت عدة إجراءات من شأنها مضايقة الإماراتيين القاطنين في الجزيرة، ما أدى إلى تراجع عدد السكان الإماراتيين من 1200 شخص إلى نحو 80 شخصا الآن." وأوضح المحلل السياسي الإماراتي أن إيران والإمارات توصلتا إلى تفاهم خلال العامين الماضيين بتهدئة النزاع والتحضير لمفاوضات، ووافقت أبوظبي على ذلك، و"خففت لهجتها وعملت على عدم تضمين الاجتماعات الخليجية أي مطالب حول الجزر، لكن زيارة نجاد كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، ودفعت الإمارات إلى التصعيد." واعتبر عبد الخالق أن الشأن الآن "أصبح خليجيا بالدرجة الأولى، وعربيا أيضا، وعلى دول الخليج الوصول إلى موقف موحد وقوي يرسل رسالة حادة إلى إيران، التي ارتكبت خطأ كبيرا بزيارة مخطط لها لنجاد إلى جزيرة أبو موسى."

وفي المقابل، يقول الدكتور محمد صالح صدقيان، مدير مركز الدراسات العربية في طهران، إن "إيران سعت دائما إلى التأكيد على حقها التاريخي في الجزر، وجاءت زيارة نجاد إلى جزيرة أبو موسى، رغم أنها مفاجئة، في إطار التأكيد على السيادة الإيرانية على الجزيرة." وحول أسباب النزاع وأهمية الجزر، قال صدقيان: "عندما تدعي أي دولة أحقيتها في منطقة ما، فالأهمية الاستراتيجية تصبح هامشية، وينصب الاهتمام على السيادة الوطنية على تراب البلاد، وهو ادعاء تتبادله كل من إيران والإمارات." لكن صدقيان قلل من الأهمية الاستراتيجية للجزر الثلاث حاليا، وقال إنها كانت مهمة فعلا في التسعينيات (خلال الحرب العراقية الإيرانية) لكن مع تطور العلوم والتكنولوجيا العسكرية فقدت هذه الجزر أهميتها كموقع استراتيجي على مدخل الخليج.

وتبعد جزيرة أبو موسى نحو 80 كيلومترا عن الإمارات، ويقول محللون إن إيران دفعت بقواتها بكثافة إلى الجزيرة، ونصبت صورايخ ومعدات عسكرية أخرى، وهو ما يشكل تهديدا للأراضي الإماراتية، بينما تؤكد طهران بشكل ثابت على أن "نواياها" سليمة تجاه جيرانها في دول الخليج.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19/نيسان/2012 - 28/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م