الحكومات وحقوق الانسان الثقافية

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: تتوزع حقوق الانسان على ميادين متعددة، سياسية اجتماعية وفكرية وغيرها، كلها كفلها الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وتعد الحقوق الثقافية من الامور الاساسية في حياة الانسان، لاسيما التنوع الثقافي والتشجيع على نشر الانسجام بين الثقافات المتعددة، حتى لو انضوت تحت مظلة نسيج اجتماعي واحد، وهي حالة شائعة يمكن ملاحظتها في معظم المجتمعات والدول التي تتميز بتداخل الثقافات وتنوعها، لذلك سعت الامم المتحدة بالتعاون مع منظمة اليونسكو على تحديد يوم سنوي يحتفل فيه العالم أجمع بـ التنوع الثقافي لأهميته في تطوير العلاقات الانسانية، وتعميق وترسيخ الاحترام المتبادل بين الثقافات.

لذا من حق الفرد أن يطرح أفكاره بغض النظر عن الثقافة التي يؤمن بها أو ينتمي إليها، على أن لا ينطوي ذلك على مساس بحريات الآخرين وخياراتهم الثقافية، وللفرد أن ينشر ما يؤمن به بأية لغة يختارها، لاسيما اللغة الأم، كما تنص المادة خامسا من إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي التي تؤكد على أن: (الحقوق الثقافية جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان التي هي حقوق عالمية ومتلازمة ومتكافلة. ويقتضي ازدهار التنوع المبدع الإعمال الكامل للحقوق الثقافية كما حُددت في المادة 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي المادتين 13 و 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبناء على ذلك ينبغي أن يتمتع كل شخص بالقدرة على التعبير عن نفسه وإبداع أعماله ونشرها باللغة التي يختارها، وخاصة بلغته الأصلية).

ومن الملاحظ أن التجمعات الاجتماعية المتنوعة في ثقافاتها، تتسم برؤى سليمة ومتنوعة من حيث أساليب التفكير وأنماط الحياة، فكلما تنوعت الثقافات في المجتمع الواحد، كلما أصبح أكثر قدرة على الابداع والتطور، وهنا يظهر دور الدولة ونظامها السياسي بجلاء، حيث الإسهام الفاعل في تعميق النهج الفكري الثقافي المتحرر بين الجميع، وفق ضوابط تأخذ مضامينها وتحديداتها من أصول الثقافات ومشتركاتها الكثيرة، لذا تحرص الحكومات الديمقراطية على حماية الحقوق الثقافية للفرد، وتدعمها على نحو متواصل، وهذا ما أكده ايضا إعلان اليونسكو الذي سبق ذكره، كما نقرأ في النص التالي: (لكل شخص الحق في تعليم وتدريب جيدين يحترمان هويته الثقافية احتراما كاملا. وينبغي أن يتمتع كل شخص بالقدرة على المشاركة في الحياة الثقافية التي يختارها وأن يمارس تقاليده الثقافية الخاصة، في الحدود التي يفرضها احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية).

لذلك حين يوضع يوم عالمي للتنوع الثقافي، ويتم التشجيع على تقارب الثقافات، فإن ذلك يؤكد حاجة العالم أجمع الى نشر القيم المشجعة للتنوع، ولن يتم ذلك من دون جهد كبير ومنظَّم على نحو جيد، تمثله جهود حكومات تربط بين التنمية والثقافة معا، فكلاهما يدعم الطرف الآخر، وينشر الوعي الفردي والجمعي في آن، وغالبا ما يكون اليوم العالمي للتنوع الثقافي منطلقا لمبادرات تصب في تعميق القيم الثقافية التي تقبل بالآخر ولا تلغيه، لذلك تؤكد منظمة اليونسكو في هذا المجال على أن يوم التنوع الثقافي يعد فرصة من أجل تعميق مفهومنا لقيم التنوع الثقافي ويعلمنا أيضاً كيف "نعيش سوياً" بشكل أفضل. وتستمر اليونسكو بالترويج لزيادة الوعي حول طبيعة العلاقة الماسة والضرورية بين الثقافة والتنمية وأهمية الدور الذي يجب أن تلعبه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في هذه العلاقة. وهذا الامر يتعلق بالدرجة الاولى بما تقدمه الحكومات من تسهيلات مادية ومعنوية، تساعد على حفظ الحقوق الثقافية للافراد والجماعات، مهما تعددت أو تنوعت.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/نيسان/2012 - 27/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م