اصدارات جديدة: اسباب اللا تسامح ومظاهره

 

 

 

 

الكتاب: اسباب اللا تسامح ومظاهره

الكاتب: مايكل انجلو ياكوبوتشي

الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب / القاهرة

عدد الصفحات: 564 صفحة من القطع الكبير

عرض: حيدر الجراح

 

 

 

 

شبكة النبأ: انه يبدو كتابا قاسيا، كما يجب، لكنه لا يبعث على الياس.. هكذا يصف امبرتو ايكو الكتاب في المقدمة التي كتبها له.. حين يتم الحديث عن شيء متسامح به، سواء كان ممارسة ام اعتقادا ام حركة ام سلوكا، فنحن نعني اننا يجب ان نسمح به ونبيحه، ولا نحرمه او نضيق به، او نتدخل فيه. يعني التسامح اننا ننفر من الشيء المقصود، ولدينا القدرة على ايقافه، لكننا لسبب ما اخترنا ممارسة قمع ذاتنا.

وتدل كلمة (tolerare) اللاتينية التي يستمد التسامح اصله منها، على فكرة الاحجام هذه.. الاصل الاشتقاقي لمصطلح التسامح في اللغات الاوربية يدل على التجرع والاصطبار والاحتمال والقبول على مضض، في حين ان الدلالات الايحائية للمصطلح في العربية تدل في الاصل على الكرم والعفو والاباحة.

اذا كنا نحبذ شيئا ما، فنحن نحترمه ونرحب به، ولا يظهر سؤال التسامح معه.. اما اذا كنت لا نحبذه، ولكن ليست لدينا القدرة لفعل شيء بخصوصه، فنحن نرضخ له ونصطبر عليه ولكن لا يمكن القول اننا نتسامح معه.. مثلا، نحن لا نتسامح مع الطقس السيء، بل نعاني منه ونصطبر عليه.

مع ذلك لا يمكن دائما اجراء هذا التمييز بوضوح.. ففي جوانب اخرى من استعماله، ينطوي التسامح بالذات على القدرة في الصمود امام مالا يمكن تحاشيه.. وهناك ايضا ارتباطات بين هذا الاستعمال والمعنى الطبي للتسامح بوصفه القدرة على تجرع العقاقير والادوية بكميات كبيرة من دون احداث اثر ملحوظ – كالقول ان اجتراح العقاقير المتزايد يفضي الى احتياج كميات اكبر.

كما يمكن العثور على معنى للتسامح يرتبط بفكرة الحدود في الهندسة ايضا، كمرادف لهامش الخطأ في العمليات التصنيعية، كما الحال في البث الاذاعي، على سبيل المثال.. وتنقل هذه الارتباطات بالحدود الى المعنى السياسي للتسامح ايضا.. فمن خلال النقاشات عن اشكال الاعتقاد والسلوك التي يمكن او يجب التسامح معها تؤشر وتنظم عتنبات القبول الاجتماعي.

يمكن ان يكون فاعلو التسامح افرادا او منظمات او حكومات.. قد ينفر الفرد بقوة من المستهترين او اعضاء الاديان والاعراق الاخرى، وتكون له القدرة اذا ما اراد او ارادت ممارستها على ان يتفاداهم او يسخر منهم او يستنكر عليهم ان يعملوا او يرفض العمل معهم.

يكمن التسامح في عدم ممارسة هذه القوة، وما يصح على الفرد يصح على المنظمات ايضا.. ومادامت الحكومة تمتلك الحق والسلطة في منع الاعتقادات والممارسات وقمعها مما لا يمتلكه الافراد والمنظمات، فقد اثير سؤال المسامحة بشكل عام في ضوء العلاقة بها.

وعلى خلاف التسامح الذي يستعمل على العموم بالعلاقة مع الافراد، فان المسامحة تستعمل للاشارة الى سياسة الحكومة.... وفي الانجليزية كما في بعض اللغات الاوربية الاخرى، تستعمل احيانا نزعة المسامحة للاشارة الى التزام اخلاقي او مبدئي بسياسة المسامحة، لكن هذا الاستعمال اختفى منذ فترة طويلة.

يمكن اثارة سؤال التسامح بالعلاقة مع اية فعالية انسانية، قد ننفر ممن يتحدثون بصوت مرتفع، او لا يحسنون اختيار ملابسهم، او ياكلون بكلتا اليدين، او يمشون مشيا اخرق، او ياكلون اللحوم. ومادامت مثل هذه الفعاليات واسعة الانتشار، فان كل مجتمع عموما يصطبر على اكثرها.. وحين يتنبه الى بعضها، فانه لا يرى ان من الحكمة او الحصافة حظرها.. فهو على العموم يسعى الى تثبيط او حظر من يؤثرون في رايه على بقائه وهويته.

في اغلب المجتمعات تميل ثلاث فعاليات الى اثارة الاهتمامات الكبرى وكانت عرضة لنقاشات ساخنة.. وهي الجنس والدين والسياسة.. وتؤثر الجنسية على اكثر المناطق حميمية في الحياة بما فيها العلاقات العائلية والعلاقات بين الجنسين، وهذا هو السبب في ان اغلب المجتمعات تنقسم انقساما عميقا في ما اذا كانت تتسامح او لا تتسامح مع تعدد الزيجات، والمعاشرة، والجنسية المثلية، والاجهاض.

تنخرط الاديان في اعمق اعتقادات الناس وتتضمن دعاوى الحقيقة المطلقة.. وهذا هو السبب في ان اتباعها يتساءلون لماذا يتسامحون مع الاديان المخاصمة او التاويلات البديلة لمعتقداتهم الاساسية.

تؤثر السياسة في النظام الاجتماعي وبنية السلطة الغالبة، وقد تناقشت المجتمعات ما اذا كانت تتسامح مع الجماعات ذات الطابع الالفي او الفوضوية او الشيوعية او الجماعات الاخرى ام لا.

ومن الناحية التاريخية كان الدين الذي يشكل مواقف الناس من الجنس والسياسة واحدا من اهم مصادر التسامح عسرا وعنادا.. وليس من الغريب ان اكثر النقاش حول التسامح منذ ظهور المسيحية في الغرب قد تركز حوله.

قسم المؤلف كتابه الى اربعة اجزاء ضمنها ثلاثة وعشرون فصلا توزعت عناوينها على الاديان والثقافات والسياسة والمذاهب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/نيسان/2012 - 26/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م