الطاقة البديلة... رهان دولي وخيار لابد منه

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: أدى ارتفاع أسعار الوقود ونفاذ الطاقة التقليدية إلى التفكير في إيجاد مصادر طاقة بديلة، وهو ما دفع بالباحثين إلى اكتشاف طاقة متجددة تحل محل الطاقة التقليدية. نظراً لما يشهده العالم من ارتفاع رهيب في تلك ألأسعار التي تزداد يوماً بعد يوم، وفي المقابل تزداد معها احتياجاتنا له كمصدر أساسي للطاقة في حياتنا، حيث تتضافر جهود العلماء للبحث والتنقيب عن وسائل طاقة بديلة وغير مكلفة وفي نفس الوقت لا تضر بالبيئة، وبعد موجة الانتقادات التي تعرضت لها الدول الكبرى نتيجة سعيها لتحويل المحاصيل الزراعية كالذرة والقمح والسكر إلى وقود حيوي. كشفت دراسة حديثة للجنة الدولية للتغيرات المناخية أنه يمكن الحصول على نحو 75% من الطاقة في جميع أنحاء العالم من مصادر بديلة بحلول عام 2050. في الوقت الذي تسعى فيه اغلب دول العالم من جميع القارات الى التحول بالكامل الى الطاقة البديلة والاستغناء عن طاقة محروقات. كما تسعى الجهود العالمية المتزايدة للبحث عن مصادر مستدامة للطاقة، فيعلق قطاع كبير من العلماء والشركات ايضا الامال على تجنيد جيل جديد من الميكروبات المعدلة وراثيا يمكنه تحويل ضوء الشمس وثاني اكسيد الكربون الى نفط وغيرها الكثير الكثير من المصادر الأخرى.

في حين تلعب ألمانيا الدور الأبرز في إنتاج طاقة البدائل، ناهيك عن نهوض عملاقي العالم الصين والهند في هذا المجال، كما توجهت الأمريكتين الى نفس المسار، بينما هدد خبراء بهذا الشأن من ان انتاج الطاقة المتجددة وتطويرها في اوروبا ربما يدخل في مرحلة من الشلل المفاجئ نتيجة نقص خمس مواد اولية تعرف بالمعادن النادرة التي تستعمل في انتاج الالواح الفوتوضوئية اضافة الى انتاج مراوح، لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح. أذ باتت اليوم الطاقة البديلة خيار لا مفر منه للدول العالم كافة.

طاقة العالم

فقد وافقت الحكومات على تقرير للأمم المتحدة يتوقع أن يكون بمقدور مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية تلبية نحو 80 بالمئة من الطلب العالمي بحلول عام 2050، إذا توافرت السياسات الصحيحة، وتطابقت الدراسة تقريبا مع مسودة كتبها علماء قبل الاجتماع لكن منظمة السلام الأخضر "جرين بيس" المدافعة عن البيئة قالت إنه جرى تخفيف بعض النتائج بسبب معارضة السعودية عضو منظمة أوبك ذي الثقل والبرازيل، وقال التقرير الذي أعدته اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة إن التحول إلى مصادر طاقة نظيفة سيساعد أيضا في خفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي عزا إليها تغيرات مناخية مثل الفيضانات والجفاف وموجات الحر وارتفاع مستويات البحار، وقالت اللجنة في بيان بعدما أقر مندوبو الحكومات تقريرا خاصا خلال محادثات في أبوظبي إن "نحو 80 بالمئة من معروض الطاقة العالمي يمكن تلبيته بمصادر متجددة بحلول منتصف القرن إذا تدعم ذلك بالسياسات العامة الصحيحة، وقال سفين تيسكه من جرين بيس وأحد كتاب التقرير "سيكون هذا هو الكتاب المعياري للمصادر المتجددة. بحسب رويترز.

وقال إنه راض عن التقرير بوجه عام لكن الملخص الموجه لصناع السياسات جرى تخفيفه كما في إقرارات كانت واضحة بأن مصادر الطاقة البديلة عادة ما تكون غير مكلفة بالفعل، وقال عن التقرير الذي اتفق عليه خلال اجتماع اللجنة في أبوظبي والذي بدأ يوم الخامس من مايو أيار "هناك أجزاء جرى تخفيفها." وامتدت الجلسة النهائية خلال الليل، وقال أوتمار إدنهوفر رئيس التقرير إنه لا توجد قيود تذكر على إمكانيات مصادر الطاقة المتجددة على المستوى النظري. لكنه أضاف أن "تحقيق زيادة لكبيرة في المصادر المتجددة تنطوي على تحد كبير من الناحية التقنية والسياسية، كان إنتاج الطاقة المتجددة في 2008 حوالي 12.9 بالمئة من معروض الطاقة الرئيسية العالمي وهيمنت عليه الطاقة الحيوية مثل الحطب في الدول النامية ثم الطاقة المائية والرياح والطاقة الحرارية الجوفية وطاقة المحيطات والطاقة الشمسية، وقال التقرير إن مراجعة لمئة وأربعة وستين تصورا لمسارات التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة أظهرت أنها يمكن أن توفر 220 إلى 560 مليار طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الفترة من 2010 إلى 2050 مما سيساعد في مكافحة ارتفاع درجة حرارة الأرض، ويمكن مقارنة ذلك مع 1.53 تريليون طن من انبعاثات الوقود الاحفوري وثاني أكسيد الكربون الصناعية في تصور مرجعي للفترة ذاتها.

اوروبا

فيما هدد مراقبون من ان انتاج الطاقة المتجددة وتطويرها في اوروبا ربما يدخل في مرحلة من الشلل المفاجئ نتيجة نقص خمس مواد اولية تعرف بالمعادن النادرة التي تتراجع كمياتها المتوافرة ومنها الانديوم والغاليوم والتيلوريوم التي تستعمل في انتاج الالواح الفوتوضوئية اضافة الى النيوديميوم والديسبروسيوم المستخدمتين في انتاج مراوح، توليد الكهرباء بطاقة الرياحن ينوه خبراء الى ان التوترات الراهنة الناتجة عن ارتفاع الطلب على هذه المعادن لا تسبب زيادة في اسعارها وحسب بل تولد ازمة تسحب المواد من الاسواق في المدى المتوسط كما تعاني اوروبا مشكلة اخرى تتمثل في افتقادها للمناجم التي تحتوي على هذه المواد ويذكر ان الصين هي الابرز من حيث استخراج هذه المعادن وتخزينها عالميا.

يجد الخبراء ان تصدير هذه الانواع من المعادن لا يحظى بموافقة الحكومة الصينية التي تستغلها كسلاح تجاري في وجه الدول الغربية. وتستفيد الصين من الفرصة للتوغل في افريقيا الغنية بالمناجم لاستخراج بعض انواع هذه المعادن ويتوقع الخبراء الاكثر تفاؤلا ان يتراجع إنتاج الصين من المعادن النادرة حول العالم الى ما دون 50 في المئة بحلول عام 2016، وتعتمد اوروبا في استراتيجيتها لتأمين الكهرباء على توليدها من الرياح والشمس والطاقة النووية وتأسيس شبكات ذكية لادارة الكهرباء وإذابة ثاني اكسيد الكربون في الجو ما يرفع حاجتها من المعادن النادرة في المقابل تتعدد الاستراتيجيات الاوروبية في مواجهة اي نقص في هذه الانواع من المعادن لكنها تبقى غير متكاملة وتشمل هذه الاستراتيجيات تكثيف الدراسات والبحث عن اتفاقات تجارية واعادة تدوير النفايات للعثور على معادن بديلة وفي سويسرا تسود الريبة قرارات التخلص من استعمال الطاقة النووية التي يصفها بعضهم بالانتحار الذي سيضع سويسرا تحت رحمة الصين.

اميركا اللاتينية

في سياق متصل طرحت البرازيل العام الماضي اكبر اكتتاب عام مبداي في تاريخها لتجمع المال اللازم لاستثمارات الطاقة حيث جمعت بتروبراس شركة النفط الحكومية 70 مليار دولار توجه الى مشروعات حفر آبار تحتوي على احتياطيات ضخمة من النفط بمناطق المياه العميقة  الا ان ذلك لم يرق لاولئك الذين كانوا ياملون في ان تزيد البرازيل اكبر اقتصادات اميركيا اللاتينية من جهودها تجاه جعل استخدام الطاقة في المنطقة اكثر استدامة، وقال كلوديو بيشات البروفيسور الخبير في الاستدامة انها فترة صعبة ومثيرة للجدل للبرازيل اذ تعتبر الاحتياطيات مصدرا للثروة القومية يمكن استغلالها لانتشال الناس من الفقر من جهة ومن جهة اخرى سيترتب على ذلك تأثير سلبي هائل يتمثل في انبعاثات البرازيل من الكربون مستقبلا، وعلى الرغم من الامكانات الضخمة لا تزال دول اميركا اللاتينية تشكل نسبة صغيرة من انتاج العالم من الطاقة المتجددة ورغم ان العديد من اقتصاداتها مزدهرة خلافا لاوروبا والولايات المتحدة اللتين تخشيان من تكرار فترة ركود فإنه من غير المتوقع ان تتحول اميركا اللاتينية الى الطاقة المتجددة قريبا، وتعد اكتشافات النفط الضخمة بالبرازيل احد عوامل تأخر القارة في مجال الطاقة النظيفة ورغم ان مزارع طاقة الرياح قبالة سواحل البرازيل وخطط الطاقة الشمسية في صحراء تشيلي واعدة فإنها لا تزال في مراحلها الاولى.

الصين و الهند

كما ظهرت بوادر الى ان الطاقة المتجددة ربما بدات في كسب مساحة مقدرة في الدول النامية مثل الصين والهند ومن المتوقع نمو استهلاك الطاقة في هاتين الدولتين بنحو 53% بحلول عام 2035 بحسب التقرير الدولي الصادر عن ادارة معلومات الطاقة الاميركية ومن المنتظر ان ياتي معظم هذا الاستهلاك من الوقود الاحفوري ومن المفروض ان حاجة اسيا لحلول الطاقة الملحة خاصة انها تشهد زيادة ملحوظة في عمليات انتاج الطاقة المتجددة لكن هل من المتوقع ان تعتمد شركات الطاقة الكبرى في القارة على تقنياتها الخاصة لتلبية طلبها المتزايد، وهل سيكون ذلك قرارا سياسيا منعزلا يقوم على الاقتصادات لكن ربما يبرز بجانب ذلك عامل المستهلك حيث تدل المؤشرات في الصين على كسب السكان لصوت اقوى في ما يتعلق بالاهتمامات البيئية في اعقاب قفل محطة للطاقة الشمسية بتهمة التلوث وكذلك تحويل مصنع للكيماويات، ووجدت دراسة جديدة في الهند ان 71% من المستهلكين لا يمانعون في دفع رسوم اعلى مقابل الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة ومن المتوقع ان تحل الصين والهند على راس قائمة دول العالم في زيادة طلب الطاقة خلال العقدين المقبلين او ما يزيد وبينما من الممكن ان تحظى الطاقة المتجددة بالنصيب الاكبر من ذلك الاستهلاك فان الوقود الاحفوري سيظل مهيمنا على وتيرة الاستهلاك العالمي بحلول عام 2035، وراجعت ادارة معلومات الطاقة الاميركية في تقريرها الذي اصدرته مؤخرا توقعاتها للاسواق الحالية حتى العام 2035 على الرغم من انها لم تضع في اعتبارها امكانية تغيير السياسات وفيما يخص الطاقة المتجددة فمن المتوقع ان تكون سعتها المستقبلية متوقفة على السياسات الحالية و المستقبلية لحد كبير للدول المتقدمة والنامية على حد سواء ، ويتوقع التقرير ارتفاع معدل الاستهلاك العالمي بنسبة قدرها 53% في الفترة بين 2008 و2035 حيث يجيء نصف هذا النمو من الصين والهند كما من المنتظر ان يزيد استهلاك الصين من الطاقة التي اصبحت اكبر منتج لها في العالم بنسبة 68% عن اميركا بحلول عام 2035.

أميركا

الى ذلك تمكنت الولايات المتحدة من مضاعفة حجم إنتاجها من الطاقة الشمسية خلال العام الماضي مقارنة بالعام 2010 من خلال التوسع في إقامة محطات الطاقة الشمسية لشركات المرافق، وذكر تقرير صحفي لصحيفة وول ستريت أن زيادة إنتاج الطاقة الشمسية في أميركا زاد رغم أن الإنتاج الأميركي من الألواح الشمسية تراجع العام الماضي في ظل زيادة الطاقة الإنتاجية لهذه الألواح في العالم مع انخفاض الأسعار، ونقلت الصحيفة عن دراسة نشرها اتحاد صناعات الطاقة الشمسية الأميركي ومؤسسة "جي تي إم ريسيرش" القول إن انخفاض الأسعار والدعم الحكومي للطاقة الشمسية ساعد في نمو هذا القطاع بقوة العام الماضي، وحسب الدراسة فقد تم إنشاء محطات طاقة شمسية خلال العام الماضي تنتج 1855 ميغاوات بتكلفة إجمالية بلغت 8.4 مليارات دولار مقابل طاقة إنتاجية قدرها 887 ميغاوات في عام 2010، وأصبحت الولايات المتحدة رابع أكبر سوق للطاقة الشمسية في العالم بعد ألمانيا وإيطاليا والصين بحسب الدراسة الأخيرة، وتصل حصة الولايات المتحدة من هذه السوق حاليا 7% ولكن يتوقع أن تضاعف أميركا هذه الحصة بحلول عام 2016 في حال استمر نمو القطاع بنفس الوتيرة. بحسب رويترز.

ووفقا لتقديرات متخصصة فإن من شأن التوسع في صناعة استغلال الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة أن توفر نحو 37 ألف وظيفة إضافية خلال العام الجاري، وكان قد عمل نحو مائة ألف شخص في هذه الصناعة خلال العام الماضي، ويتوقع باحثون أن ترفع أميركا إنتاجها للكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية إلى نحو 2800 ميغاوات خلال العام الجاري أي بزياد بأكثر من 50% عن إنتاج العام الماضي، وخلال العامين الماضيين انخفض معدل تكلفة استكمال النظام الشمسي بنسبة 35%، وعزي ذلك  بشكل رئيسي إلى تراجع أسعار المكونات الرئيسية لبناء محطات الطاقة الشمسية المستوردة بشكل رئيسي من الصين.

المانيا

من جهتها أكدت جمعية فراونهوفر العلمية الألمانية إمكانية التحول الكامل إلى مصادر الطاقة المتجددة في ألمانيا بحلول عام 2050. وأوضح رئيس الجمعية هانز يورج بولينجر في ميونيخ أن طاقة الرياح قادرة على الوفاء بالجزء الأكبر من احتياجات ألمانيا من الطاقة وأن إنشاء مزارع لدوارات الرياح في بحر الشمال يمكن أن يرفع إنتاج ألمانيا من التيار الكهربائي بالطاقات المتجددة بشكل واضح. وتعتزم الجمعية زيادة استثماراتها في أبحاث مصادر الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة بدءا من قطاع الطاقة الشمسية وحتى العزل الخارجي للمباني والذي يهدف لمنع تسرب البرد إلى داخلها. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وأكد بولينجر أن التحول الذي يشهده قطاع الطاقة في الوقت الحالي والتوجه السياسي نحو التخلي عن الطاقة النووية يدفعان شركات الطاقة بقوة لتعزيز استثماراتها في الطاقات المتجددة. ويتوقع علماء على مستوى أوروبا أن يوفر قطاع الطاقات المتجددة نحو 400 ألف فرصة عمل إضافية وأن تبلغ تكلفة هذا التحول المرجو في قطاع الطاقة نحو عشرين مليار يورو سنويا حتى عام 2015 أي ما يعادل نحو 8% من إجمالي نفقات الطاقة في ألمانيا.

مخلفات البكتيريا

في حين لجأ العلماء إلى أسلوب جديد لإنتاج الوقود الحيوي عبر تسخير البكتيريا لتحويل النفايات النباتية وجميع المزروعات التي تحتوي على السكر، وخاصة تلك التي لا تحمل قيمة غذائية للبشر، إلى وقود حيوي، بعيداً عن الحبوب الزراعية، الأمر الذي سيعالج نقطة جوهرية في الخلاف الدائر حول استخدام الوقود الحيوي، ونجحت مختبرات أمريكية في تطوير هذا الأسلوب الجديد لإنتاج الوقود الحيوي المستدام، من خلال اتباع أسلوب الطبيعة، لكن مع اختصار الوقت.. فعوضاً عن انتظار تحول بقايا النباتات والكائنات الحية إلى وقود بعد عشرات ملايين السنيين بفعل التحلل، جرى تعديل جينات بكتيريا متناهية الصغر، بحيث تهضم مواد نباتية وتحولها إلى وقود خلال أيام، ويقول ستيفان ديلكاردير عالم الكيمياء الحيوية، نائب رئيس مختبرات LS9 لشؤون الأبحاث والتطوير، إن التجارب في هذا الإطار بدأت قبل عامين في منزله، لكنها تطورت اليوم إلى حد بات معه قادراً على إنتاج عدة براميل من الوقود يومياً. بحسب السي ان ان.

ويشرح العالم الأمريكي أسلوب عمله بالقول، إنه عدّل جينات أنواع معينة من البكتيريا الأحادية الخلية من فصيلة E.Coli ، بشكل جعلها قادرة على هضم جميع أنواع النباتات التي تحتوى على السكر وتحويله إلى وقود.ويقول ديلكاردير إن فريقه العلمي يركز حالياً على إنتاج الوقود الحيوي، لكن الهندسة الوراثية قادرة على تعديل عمل البكتيريا بحيث تنتج أنوعاً بعينها من الوقود، مثل البنزين أو المحروقات المخصصة للطائرات، وتعمد مختبرات LS9 على نقطة أساسية ترى أنها تصب مباشرة في صالحها، وهي أن الوقود الذي تنتجه البكتيريا مماثل لأنواع الوقود الحالية، وبالتالي فلن يكون هناك ضرورة لتغيير محركات السيارات أو وسائل التخزين الحالية، كما هي الحال لدى استخدام الوقود الحيوي المستخرج من النباتات.

هل صحيح أن المشي يولد الكهرباء ؟

على صعيد أخر فهل بالإمكان إنتاج الكهرباء عبر المشي. هذا ما تسعى شركة هولندية إلى تطويره حاليا للتوصل يوما ما إلى إنارة كل المدن والقرى والمناطق النائية بواسطة هذه الطريقة وإلى تلبية أغراض كثيرة أخرى لديها علاقة باستهلاك الطاقة، ليست فكرة تسخير الإنسان ليكون مصدرا من مصادر إنتاج الطاقة فكرة جديدة في حد ذاتها. ولكن الفكرة طرحت نفسها من جديد بإلحاح منذ أن أصبح الناس في العالم مضطرين إلى استخدام الطاقة الكهربائية لا للإنارة فحسب، بل أيضا لتشغيل كل المعدات الجديدة التي أنتجتها الثورة التكنولوجية الحديثة  وأدخلتها إلى البيوت والمكاتب والجيوب، ومنها الهاتف النقال، وقد نجحت إحدى الشركات الهولندية في السنوات الأخيرة في استنباط نظام يسمح للناس بإنتاج الطاقة الكهربائية عبر المشي. بحسب فرانس برس.

وقررت بلدية مدينة تولوز الفرنسية الانخراط في تجربة لاختبار هذا النظام. وبدا من خلال نتائجها الأولى أنها واعدة لأنها تسمح بإضافة الأماكن القريبة من الممرات التي جهز بها هذا النظام الموصول بمولد كهربائي، وصحيح أن العراقيل التي تحول دون تسويق هذا النظام على نطاق واسع لا تزال كثيرة، ومن  أهمها تخزين الطاقة التي ينتجها المارة في النهار لاستخدامها في الليل. من هذه العراقيل أيضا أن كلفة التجارب الأولية على هذا النظام لا تقدر على تحمّلها كل المدن، ومع ذلك، فإنه لدى صائغي هذا النظام اليوم مشاريع كثيرة محددة تهدف مثلا إلى وضع منصات في الأماكن النائية تتيح شحن بطاريات الهواتف الجوالة وتشغيل أجهزة التلفزيون. بل إن فرضية توصل سكان المدن والقرى والأرياف يوما ما إلى إنتاج الطاقة الكهربائية عبر المشي لتلبية حاجات كثيرة أصبحت فعلا فرضية جادة.

الطاقة الشمسية حتى في الليل

بينما استطاعت إسبانيا بالتعاون مع أبو ظبي إنشاء محطة قادرة على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية حتى في الليل وفي الأوقات التي تتلبد فيها السماء.بين مدينتي قرطبة وإشبيلية يستطيع زوار الأندلس اليوم بيسر مشاهدة برج عال من أبراج تستعد إسبانيا إلى تصديرها إلى العالم كله لأنها تعتبر أداة فعالة لترويض أشعة الشمس وتوليد الطاقة منها، فهذا البرج يعلو محطة شمسية أقيمت على قطعة أرضية تمسح قرابة مائتي هكتار وجهزت بما يزيد عن ألفين وخمس مائة من الألواح المعدة لامتصاص الأشعة الشمسية وجعل المحطة قادرة على إنتاج الطاقة الشمسية حتى في الليل أو عندما تكون السماء ملبدة بالغيوم الممطرة أو غير الممطرة. بحسب فرانس برس.

 هذه الألواح الشمسية التي تسمح بتوليد الطاقة الشمسية في النهار تتولى أيضا عكس الأشعة الشمسية على هذا البرج فترفع درجات الحرارة فيه إلى ما يزيد عن ألف مرة درجات حرارة اليابسة. وعبر هذه الحرارة وأملاح تذوب في أحواض خاصة في البرج يفرز بخار قادر على توليد الطاقة الكهربائية في الليل أو الأوقات التي تغيب فيها الشمس، وتستطيع هذه المحطة تزويد ثلاثين ألف منزل بالطاقة الكهربائية والحيلولة دون نفث كميات من ثاني أوكسيد الكربون في الجو تقدر في السنة باثنين وثلاثين ألف طن. وميزة هذه المحطة الأولى من نوعها في العالم أنها قادرة على إنتاج كميات من الطاقة الشمسية تزيد بنسبة ستين بالمائة عما تنتجه حتى الآن المحطات الشمسية التقليدية غير القادرة على تخزين الطاقة الشمسية، وبالرغم من أن الحكومة الإسبانية قلصت في الأشهر الأخيرة مساعداتها الرامية إلى تعزيز مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة بسبب الأزمة المالية الحادة ،فإن إسبانيا تظل من رواد بلدان العالم التي حولت مشاريع الاستثمار في هذه المصادر إلى حقيقة ملموسة. بل إن هذا البلد يحتل اليوم المرتبة الثانية في العالم بعد الصين في مجال إنتاج الطاقة الشمسية والمرتبة الأولى في أوروبا في مجال توليد الطاقة من الرياح قبل ألمانيا،  وفي العام الماضي لبى الإسبان حاجاتهم من الطاقة عبر مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة بنسبة الثلث.

طواحين معلقة في السماء

من جهة أخرى يعمل مهندسون كثيرون غالبيتهم من الأمريكيين على إطلاق طواحين إلى السماء لتوليد الطاقة الكهربائية من الرياح. عندما نصعد في الجو على ارتفاع يتجاوز عشرات المرات ارتفاع طواحين الريح الكلاسيكية ، نجد أنفسنا في مناطق يكثر فيها هبوب الريح بشكل منتظم وبسرعة أكبر من سرعة الرياح التي تولد منها الطواحين الكلاسيكية الطاقة، من هذه الملاحظة استنبط عدد من المهندسين غالبيتهم من الأمريكيين فكرة اختراع طواحين جديدة تستخدم للغرض ذاته وتطلق من الأرض باتجاه هذه الأماكن في الجو. بحسب فرانس برس.

 وميزة هذه الطواحين المتنقلة في السماء أنها تصبح قادرة ـ بعد وصولها إلى الممرات الهوائية التي تهب فيها الرياح بقوة ـ على تزويد نفسها بنفسها بجزء من الطاقة التي تولدها. أما الجزء الآخر الذي تنتجه من الطاقة الكهربائية فهو يرسل عبر كابلات موصولة بالأرض أو بمنصات تطفو فوق مياه البحار والمحيطات، وثمة اليوم قناعة لدى غالبية المهندسين الأمريكيين الذين يعملون على إنجاز هذا المشروع بأن إطلاق طواحين الريح المعلقة في السماء والمنتجة للطاقة عبر الرياح سيكون في حدود عام 2015 أي بعد ثلاث سنوات فقط. وفي حال التوصل إلى صنع هذه الطواحين بكلفة معقولة، سيتمكن الإنسان من تجاوز عدة عقبات ومشاكل لديها صلة بطواحين الريح الكلاسيكية ومنها أن هذه الطواحين لا تعمل باستمرار بسبب توقف الرياح أحيانا عن الهبوب وأنها تفسد على الطبيعة مناظرها الخلابة بما فيها البحار والمحيطات التي أصبحت في السنوات الأخيرة تؤوي مزارع رياح، ويرى البعض أن تعويض الطواحين الكلاسيكية  بطواحين معلقة في السماء سيسمح للطيور المهاجرة بالنزول بسهولة في الأماكن التي كانت مخصصة لإقامة طواحين الريح الكلاسيكية في قمم الهضاب والجبال المتوسطية القريبة من البحر. ولكن البعض الآخر يرى أن الطواحين المعلقة في السماء ستشكل بدورها خطرا على هذه الطيور.

بدائل خضر

فبعد إغلاق الحكومة الألمانية ملف إنتاج الطاقة النووية على خلفية الكارثة النووية التي ضربت اليابان قبل عام تقريباً، بدأ السعي الحثيث لتعزيز إنتاج الطاقات الصديقة للبيئة بهدف سدّ النقص المتوقع مع إقفال آخر مفاعل في البلاد عام 2021. ومنذ بدء هذا التحوّل التاريخي في البلاد، لم تتوقّف الاستثمارات الخاصة عن التدفّق إلى قطاع الطاقة الألماني، إلى جانب الاستثمارات العامة، وخصوصاً من جانب شركات الطاقة النووية التي ظلّت تقاوم عملية التحوّل. ففي الآونة الأخيرة، أظهرت دول أوروبية كانت تراهن على مواصلة استخدام الطاقة النووية، تحوّلاً ملموساً نحو تعزيز الطاقة الخضراء Green Energy فيها أيضاً، وهو وصف ينطبق على دول مثل فرنسا وبريطانيا. وفي السياق عينه، أعلنت سويسرا أنها في صدد الالتحاق بـ «المثال الألماني» في التخلي عن الطاقة النووية، في عام 2030 على أبعد تحديد. ويبدو أن اليابان تتجه إلى اختيار هذا الخيار أيضاً. بحسب الاقتصادية.

تحويل ضوء الشمس الى نفط

كما يعلق قطاع كبير من العلماء والشركات ايضا الامال البحث عن مصادر مستدامة للطاقة في تجنيد جيل جديد من الميكروبات المعدلة وراثيا يمكنه تحويل ضوء الشمس وثاني اكسيد الكربون الى نفط، يذكر وجود البكتيريا السيانية المركبة للضوء على نطاق واسع جدا في الطبيعة لكن البكتيريا التي تجري عليها التجارب الآن تختلف عن نظيراتها البرية فقد تم تعديل حمضها النووي الوراثي دي ان ايه بحيث تقوم عندما يتوفر لها الضوء والماء وثاني اكسيد الكربون بإفراز مركبات كيميائية تعرف باسم الكينات او الهيدروكربونات غير المشبعة، وهي تعتبر المكونات الاساسية للديزل  وتتصور شركة التكنولوجيا الحيوية الاميركية جول انليميتد التي تقوم باستنبات هذا النوع من البكتيريا مستقبلا تمتلئ فيه رقع كبيرة من الاراضي الصحراوية بمفاعلات حيوية هي عبارة عن خزانات هائلة تعج بداخلها بكتيريا التمثيل الضوئي وتضخ الالكينات عندما تسطع عليها الشمس، وهناك فائدة اخرى لإنتاج النفط بهذه الطريقة التي تسخر طاقة الشمس وهي ان غاز ثاني اكسيد الكربون الذي تستنشقه البكتيريا يمكن ان يأتي من الانبعاثات الصناعية وهو ما سيوفر على الشركات تكلفة الاستثمار في تطوير تكنولوجيا دفن غازات الاحتباس الحراري بشكل آمن.

القطارات المعلقة

على صعيد مختلف يحسن علماء جامعة كاسل الالمانية بالتعاون مع معهد فراونهوفر لتقنية الريح والطاقة البديلة محركا جديدا يمكن ان يضاعف انتاج المراوح الهوائية للكهرباء وأن يقلل حجمها ووزنها ايضا ويستعد العلماء لنصب اول نموذج مصغر من محركات المراوح الحلقية العاملة بالحقول المغناطيسية في مارس 2012.فالمحرك قلب كل مروحة لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح حسب تصريح البروفسور زيغفريد هاير المتخصص بالتقنيات الكهربائية من جامعة كاسل الالمانية غرب حيث يعمل المحرك على تحويل الطاقة الحركية للمراوح الى طاقة كهربائية يجري نقله الى محطة لتوزيع الكهرباء، ويتناسب حجم المحرك وبالتالي حجم المروحة وحجم المحطة ككل مع قوة التيار الكهربائي المنتج هذا يعني ان الطموح لانتاج طاقة كهربائية كبيرة من مراوح استقبال الرياح تصطدم دائما بالحجم الكبير للمحطات الضرورية لذلك، يصل وزن محركات 6 ميغاواط، التي ينتجها رائد صناعة المراوح الكهربائية اينركون نحو 250 طنا وحينما تعمل الشركة لصناعة مراوح تنتج الكهرباء بطاقة 10 ميغاواط فإن هذا سيعني ان الوزن سيتضاعف بكلمات ثانية  بناء على تعبير هاير فإن مستقبل انتاج الكهرباء من المراوح سيحتاج الى مراوح وزنها 1000 طن ونصب ورعاية ونقل مثل هذه المحركات الضخمة متعذر تماما.

المستقبل يعود الى تقنية جديدة يعمل هاير وفريق عمله على تطويرها في جامعة كاسل وتخطط لإنتاج محركات عالية الإنتاجية وخفيفة الوزن في آن واحد ويمكن لعودة صغيرة الى الوراء للتذكير بالصعوبات الجمة التي تواجه صناعة المراوح الهوائية بسبب الوزن الثقيل للمراوح مقارنة بطاقة الانتاج اذ افتتحت انريكون عام 2002 في مدينة ماجدبورغ الالمانية شرق اكبر مروحة لتوليد الطاقة من الريح في العالم قادرة على تزويد 15 ألف وحدة سكنية بالكهرباء على مدار الساعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/نيسان/2012 - 25/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م