الألغام عدو نائم ... يحصد الارواح وإن انتهت الحروب

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعد الألغام من الأسلحة الفتاكة التي لها تأثير طويل الأمد على الشعوب بعد انتهاء الحرب بعقود طويلة. فهي تحول دون تطوير المساحات التي بها حقول للألغام وتعرض البشر وثرواتهم الحيوانية لأخطار لا يزول أثرها عبر السنوات، وشهد العالم في الآونة الاخيرة اقبال كبير ورعاية خاصة من اجل مكافحة هذه الظاهرة والقضاء عليها نهائيا من خلال عقد المؤتمرات الدولية الداعية الى حضر استخدام الالغام الارضية المحرمة، حيث دعا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة جميع دول العالم للانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحظر الألغام، معرباً عن أمله في إخلاء العالم من تلك الأسلحة القاتلة في غضون سنوات قليلة. هذا بالإضافة الى ابتكار وسائل جديدة تسهم في اكتشاف الالغام وتوقيع مذكرات تعاون بين البلدان المتجاورة من اجل تنظيف الحدود من مشكلة الألغام في العالم.

ويعد العراق من بين البلدان الأكثر تضررا بالألغام في العالم، أذ ان العراقيين يعيشون وسط واحد من أكبر تجمعات الألغام الأرضية والذخائر غير المتفجرة وغيرها من المتفجرات من مخلفات الحرب في العالم. بينما في أفغانستان ما زال حوالى 1,3 ملايين شخص معرضين لخطر الغام مزروعة في حقول مساحتها 600 كلم مربع، في أفغانستان حيث يعمل المجتمع الدولي والحكومة على تنظيفه منذ عشرين عاما، حسب الامم المتحدة، في المقابل تعد امريكا من أهم أسباب انتشر هذه الأسلحة الفتاكة في اغلب البلدان في العالم بسبب التصنيع والحروب. لكن في خطوة جديدة فشل المسعى الامريكي لتنظيم استخدام القنابل العنقودية بدلا من حظرها بعد اعتراض 50 دولة.

من جهة أخرى دعا الاجتماع الثاني للدول الاطراف في اتفاقية الذخائر العنقودية الى "عالم خال من الذخائر العنقودية"، وشارك فيه ممثلون لنحو مئة دولة، ففي بلدان عديدة تشكّل الذخائر غير المتفجرة تهديداً أكبر لسلامة الناس. والذخائر غير المتفجرة تشمل القنابل أو مدافع الموتر أو القنابل اليدوية أو الصواريخ أو الوسائل الأخرى التي لا تنفجر عند ارتطامها ولكنها تظل في حالة عدم استقرار ويمكن أن تؤدي إلى القتل إذا لمُست أو حُرِّكت. والقنابل العنقودية تشكِّل بعضاً من المصادر الرئيسية للذخائر غير المتفجرة. وبرامج الأعمال المتعلقة بالألغام تعالِج اليوم، عادةً، المشكلات المتعلقة بالألغام الأرضية.

اكبر استخدام للألغام الأرضية

فقد افاد مسح عالمي بتنامي استخدام الالغام الارضية مضادة للأشخاص في عدد من بلدان العالم خلال العام الماضي اكثر من اي عام مضى منذ عام 2004، واشار تقرير مراقبة الالغام الارضية الى تزايد استخدام هذا النمط من الاسلحة على الرغم من عمليات تنظيف العديد من المناطق من هذه الالغام، وقامت اربعة من البلدان غير الموقعة على معاهدة دولية تحظر استخدام هذه الاسلحة (سورية، ليبيا، بورما، واسرائيل) بزرع ألغام جديدة هذا العام، كما قامت جماعات مسلحة في افغانستان وكولومبيا وبورما وباكستان بزرع الغام جديدة ايضا، وقال مسؤولون كولومبيون إن ثلاثة جنود قد قتلوا بانفجار الغام ارضية زرعت جنوب غرب البلاد من قبل متمردي حركة فارك اليسارية، وكانت هيئة مراقبة الالغام شكلت في عام 1998 بعد حملة دولية لحظر استخدام الالغام الارضية، وذكر التقرير الأخير للهيئة أيضا أن تكلفة عملية تمويل نزع الألغام، ومساعدة ضحاياها قد سجَّلت رقما قياسيا في عام 2010، إذ بلغت 637 مليون دولار أمريكي، وقالت جاكلين هانسين، مديرة برنامج رصد ومراقبة الألغام في الهيئة المذكورة: تظهر الحكومات في هذه الأوقات التزامها القوي بتخليص العالم من الألغام الأرضية، وذلك من خلال مواصلة تمويل جهود نزع الألغام ومساعدة الناجين، يُشار إلى أن 9 بالمائة فقط من تمويل أعمال نزع الألغام تُخصَّص لمساعدة ضحايا هذه الألغام، والذين يزداد عددهم باضطراد، وهم يحتاجون للمساعدة والراحة في حياتهم.

منظمات غير حكومية

اتهم الائتلاف ضد القنابل العنقودية الذي يضم نحو 350 منظمة غير حكومية، الولايات المتحدة بالتفاوض حول بروتوكول من شأنه تسهيل استخدام القنابل العنقودية، وتجري هذه المفاوضات في جنيف في اطار المؤتمر الرابع لدرس الاتفاق حول بعض الاسلحة التقليدية، واورد بيان ان "الائتلاف حول القنابل العنقودية يعتبر ان مشروع النص ضعيف ويتضمن استثناءات عدة، واضاف ان هذا البروتوكول "قد يؤدي الى زيادة استخدام وانتاج القنابل العنقودية في الدول التي لم تنضم الى اتفاق الحظر" الذي دخل العام 2010 حيز التطبيق والذي لم توقعه واشنطن، واوضح ستيف غوس مدير دائرة الاسلحة في منظمة هيومن رايتس ووتش ونائب رئيس الائتلاف ضد القنابل العنقودية ان البروتوكول الذي تؤيده الولايات المتحدة يتيح خصوصا للدول استخدام قنابل عنقودية تم تصنيعها ما بعد 1980 وتقل نسبة اخفاقها عن واحد في المئة، واكد غوس ان "الولايات المتحدة تولت قيادة" المفاوضات، لافتا الى ان روسيا والصين اللتين لم توقعا ايضا اتفاق الحظر، تؤيدان على ما يبدو الاقتراح الاميركي. بحسب فرانس برس.

من جانبه، اكد هارولد كوه المستشار القانوني لوزارة الخارجية الاميركية ان اتفاق حظر القنابل العنقودية والاتفاق حول الاسلحة التقليدية "يتكاملان ولا يتناقضان"، مشددا على ان البروتوكول الجديد يسمح للولايات المتحدة وحدها بان تتخلص من مليوني قنبلة ومئة مليون قنبلة عنقودية، ما يوازي ثلث مخزونها، واعلن رئيس الوفد الاميركي في جنيف فيليب سبكتور ان النص المطروح يؤمن للولايات المتحدة "الفرصة الوحيدة لإدخال كبار مستخدمي ومنتجي القنابل العنقودية والذين يمثلون ما بين 85 وتسعين في المئة من الاحتياطي العالمي، ضمن اطار قانوني ملزم، ووقعت 111 دولة اتفاق حظر القنابل العنقودية، ومنذ تطبيقه في اب/اغسطس 2010، استخدمت دولتان لم توقعا الاتفاق قنابل عنقودية هما ليبيا في مدينة مصراته في نيسان/ابريل وتايلاند في كمبوديا في شباط/فبراير، وفق التقرير السنوي لائتلاف المنظمات غير الحكومية، في المقابل، تحدثت 12 دولة عن تدمير نحو 600 الف قنبلة عنقودية.

افغانستان

ما زال حوالى 1,3 ملايين شخص معرضين لخطر الغام مزروعة في حقول مساحتها 600 كلم مربع في افغانستان حيث يعمل المجتمع الدولي والحكومة على تنظيفه منذ عشرين عاما، حسب الامم المتحدة، وصرح مدير مركز التنسيق والعمل لمكافحة الالغام في افغانستان التابع للأمم المتحدة الان مكدونالد انه في العقدين الاخيرين ازيل "اكثر من 500 الف لغم ضد الافراد واكثر من 22 الف لغم ضد المدرعات واكثر من 15 مليون ذخيرة غير منفجرة"، واصفا الحملة بانها "نجاح كبير"، واصيب حوالى 375 شخصا او قتلوا عام 2011 بسبب الالغام سواء كانت ضد الافراد او المدرعات او بسبب ذخائر غير منفجرة، مقابل 2027 عام 2001 الذي شكل رقما قياسيا، بحسب المركز. بحسب فرانس برس.

لكن ما زال ينبغي تنظيف الكثير من الحقول بحسب مكدونالد. وقال "نعلم تماما مكانها. انها في كل انحاء البلاد. في نهاية 2011 سجلت 6048 منطقة خطر باقية تحتل 588 كلم مربع وتطال 1930 بلدة"، ما يوازي "تعريض 1277857 شخصا للخطر، وتابع "نعلم مواصفات حقول الالغام والسكان الذين يعيشون حولها. ونعطي الاولوية (لإزالة الالغام من المواقع الاكثر خطورة) ما يحد من عدد الحوادث، وينفق المجتمع الدولي سنويا حوالى 90 مليون دولار لتحقيق هذا الانجاز في احد البلاد التي تحتوي اكثر عدد من الالغاء. وعمل حوالى 15 الف شخص على ازالة الالغام عام 2011، ونشرت هذه المتفجرات بأغلبيتها في اثناء ثلاثة حروب معاصرة وهي الاجتياح السوفياتي (1979-1989) ثم الحرب الاهلية بين الزعماء الافغان (1992-1996) والحرب بين حركة طالبان وتحالف الشمال التابع للقائد الراحل احمد شاه مسعود (1996-2001)، يضاف الى ذلك النزاع الجاري بين حكومة كابول التي تلقى دعم الحلف الاطلسي وحركة طالبان. منذ بضع سنوات بدأ المتمردون يصنعون عبوات منزلية توضع الى جانب الطرقات وتفجر عن بعد، تحولت الى سلاحهم المفضل والاكثر فتكا.

العراق

اكدت دراسة للأمم المتحدة ان انتشار الالغام في العراق يؤثر بشكل مباشر على حياة اكثر من 1,6 مليون شخص ويعرقل التطور الاقتصادي للبلاد، خصوصا في مجال الزراعة والنفط، واوضحت الدراسة التي وزعتها الامم المتحدة منها ان "العراق بين البلدان الاكثر تضررا بالألغام في العالم"، واضافت ان "الالغام والعبوات غير المتفجرة تغطي حوالى 1730 كيلومترا مربعا وتنعكس اثارها على نحو 1,6 مليون شخص يعيشون في 1600 منطقة ويمثلون 21" بالمئة من سكان البلاد، واضافت ان "90% من الاراضي الملوثة بالألغام هي اراض زراعية اضافة الى وجود اعداد كبيرة اخرى من الالغام في مناطق نفطية" حيث "تعيش العائلات التي تسكن في هذه المناطق ظروفا صعبة جدا"، متحدثة عن "صعوبة التعلم والحصول على المواد الغذائية والخدمات العامة"، وتعد المناطق الجنوبية الشرقية من العراق الاكثر تضررا من الالغام على امتداد الحدود مع ايران جراء الحرب التي استمرت من 1980 الى 1988. بحسب فرانس برس.

والتي ما زال بعضها غير مكتشف حتى الان، وفقا للتقرير، كما ذكر التقرير الذي صدر في اليوم العالمي للتعريف بمشاكل الالغام والاجراءات المتعلقة بمكافحتها ان "الناس الاكثر تأثرا هم المتواجدون في مناطق زراعية جراء هذه الالغام التي تعيق ايضا العمل والانتاج في الحقول النفطية، وناشدت الامم المتحدة السلطات العراقية بذل جهود من اجل مكافحة الالغام، ووقع العراق عام 2008 اتفاقية اوتاوا لحظر الالغام المضادة للأفراد، ويلتزم بموجبها بعدم استخدام او انتاج او حيازة او تصدير هذه الالغام الى الابد، كما يلتزم بتدمير الالغام المخزونة في غضون اربع سنوات وتطهير حقول الالغام بحلول عام 2018، ومن جانبها، وضعت الامم المتحدة برنامجا لمساعدة الحكومة العراقية لإزالة الالغام وتوعية الناس حول مخاطرها، ومنع الجيش العراقي في كانون الاول/ديسمبر 2008 الشركات المدنية من مسح البلاد لإزالة الالغام خشية بيعها او وقوعها بعد ذلك في ايدي المتمردين، ودعت الامم المتحدة مرارا دون جدوى السلطات العراقية للسماح للمنظمات المدنية الاجنبية بإزالة الالغام.

عالم خال من الذخائر العنقودية

كما دعا الاجتماع الثاني للدول الاطراف في اتفاقية الذخائر العنقودية الى "عالم خال من الذخائر العنقودية"، بحسب ما جاء في "اعلان بيروت" الصادر عن المجتمعين، وانتهى بعد الظهر الاجتماع الذي افتتح في العاصمة اللبنانية وشارك فيه ممثلون لنحو مئة دولة، بالإضافة الى مئات المنظمات غير الحكومية والمجتمع الاهلي، وجاء في الاعلان "يدعونا الواجب الى بذل مزيد من الجهد من اجل بلوغ هدفنا الجماعي، الا وهو عالم خال من الذخائر العنقودية، واضاف "نرحب بالتقدم المحرز من جانب الدول الاعضاء في اطار تنفيذ الاتفاقية، واعلنت سلوفينيا خلال المؤتمر انها انتهت من تدمير مخزونها من الذخائر العنقودية. كما اعلنت كل من بريطانيا والمانيا اللتين تعتبران من الدول التي تملك مخزونا كبيرا من هذه الذخائر، انها انتهت من تدمير اكثر من ستين في المئة من مخزونها، وتم توقيع اتفاقية الذخائر العنقودية في اوسلو العام 2008 ووضعت موضع التنفيذ العام 2010، ووقعت الاتفاقية اكثر من 100 دولة، ولم توقع بعد دول عديدة تنتج او تملك مخزونات من القنابل العنقودية مثل اسرائيل والولايات المتحدة والصين، ومن المشاركين في الاجتماع ناجون من الذخائر العنقودية او افراد عائلات اشخاص قتلوا نتيجتها، من لاوس وصربيا واثيوبيا ولبنان والولايات المتحدة والعراق وغيرها، وتم اختيار لبنان لعقد الاجتماع الثاني كونه "بلدا متضررا من الذخائر العنقودية، وشهد لبنان في صيف 2006 حربا مدمرة بين حزب الله والجيش الاسرائيلي القى خلالها الاخير اكثر من اربعة ملايين قنبلة عنقودية على جنوب البلاد، لم ينفجر كثير منها حتى الآن، بالإضافة الى الالغام المزروعة في مناطق جنوبية عدة. بحسب فرانس برس.

وتسببت الذخائر العنقودية بمقتل اكثر من 400 شخص في لبنان منذ 2006، تسعون في المئة منهم من المدنيين وثلثهم دون الثامنة عشرة، بالإضافة الى عشرات المعوقين، واعلنت المانيا خلال المؤتمر انها ستقدم مبلغ 700 الف يورو لاستكمال عملية التنظيف من الالغام والذخائر العنقودية في جنوب لبنان، وبحسب الجيش اللبناني، تم تنظيف 67 في المئة من الاراضي الملوثة في لبنان من مخلفات هذه الذخائر، ولا تزال الحاجة قائمة الى ازالتها من حوالى عشرين كيلومترا مربعا، ويقول الجيش ان هناك حاجة الى مبلغ 75 مليون دولار من اجل الانتهاء من عملية التنظيف، وتحظر اتفاقية الذخائر العنقودية استخدام وانتاج ونقل الذخائر العنقودية. كما تلزم الدول الاطراف بتطهير المناطق الملوثة في غضون عشر سنوات وتدمير المخزونات في غضون ثماني سنوات.

امريكا

وقد فشل المسعى الامريكي لتنظيم استخدام القنابل العنقودية بدلا من حظرها بعد اعتراض 50 دولة وقول ناشطين ان اي شيء اقل من الحظر الكامل لهذا النوع من القنابل سيكون ردة غير مسبوقة على قوانين حقوق الانسان، وبينما دعت الولايات المتحدة والصين وروسيا الى وضع ضوابط فقط على صنع واستخدام القنابل العنقودية يقول نشطاء ان من شأن هذه الضوابط ان تضفي الشرعية على هذا النوع من الذخائر مما يمثل تراجعا عن اتفاقية اوسلو الدولية التي تسعى الى حظرها نهائيا. بحسب رويترز.

وقال ستيف جوز المكلف بملف الاسلحة في هيومان رايتس ووتش في مؤتمر صحفي في جنيف "في مواجهة كل الموانع يبدو اننا سنحقق نجاحا هذه الليلة، "كم مرة رأيت الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند واسرائيل وروسيا البيضاء تسعى لتحقيق شيء ولا تحققه.. لقد حدث ذلك الى حد كبير بسبب وجود تحالف واحد قوي يقود شراكة اوسلو، وتنتشر القنابل العنقودية التي تطلق من الطائرات او من المدفعية الى مئات من القنابل الصغيرة على مساحة كبيرة ومن الممكن ان تقتل او تصيب المدنيين بعد وقت طويل من انتهاء الحروب، ويقول المسؤولون الامريكيون ان الافضل هو وضع قيود على انتاج واستخدام هذه القنابل لان ما بين 85 و90 في المئة من مخزونات هذا النوع من الذخيرة تملكه دول ليست عضوا في اتفاقية اوسلو وليست لديها نية للانضمام، وقال مسؤول امريكي رفيع ان القنابل العنقودية لها ضرورة عسكرية وحاجة لقصف اهداف تنتشر على مساحات واسعة وان استخدام انواع اخرى من الذخائر من شأنه ان يؤدي الى اضرار اكبر كما من شأنه ان يطيل امد الصراعات.

لبنان

على صعيد مختلف تسببت القنابل العنقودية في قتل أو تشويه أكثر من مائة طفل في لبنان منذ عام 2006، وقال مسؤول بالجيش اللبناني حول الذخائر العنقودية أن القنابل العنقودية تسببت في قتل أو جرح 408 مدني لبناني من بينهم 115 طفلاً، ويتولى المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام مهمة تنسيق جميع عمليات إزالة الألغام فى البلاد، وقد تحدث الرئيس اللبناني ميشيل سليمان في الاجتماع عن المعاناة الناجمة عن هذا السلاح "الدنيء" الذي صمم من أجل القتل المبرمج وإلحاق الإعاقات على مدار فترات طويلة. كما أكد التزام لبنان الكامل بالاتفاقية خاصة عندما يتعلق الأمر بتقديم المساعدة للضحايا وتخليص أراضيها من القنابل العنقودية، وقد ضم الاجتماع ممثلين من أكثر من 115 حكومة ومن الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والناجين من القنابل العنقودية لمناقشة كيفية التقدم فى الالتزامات الرئيسية للاتفاقية، وفي السياق نفسه، ذكر ستيف غووز، رئيس تحالف حظر القنابل العنقودية ومدير قسم الأسلحة في منظمة هيومان رايتس ووتش، أنه "يجب على الحكومات الالتزام بوعودها وإثبات اتخاذها لإجراءات عاجلة وشاملة من أجل القضاء على القنابل العنقودية ومعالجة الآثار غير الإنسانية التي تلحقها بالمدنيين في جميع أنحاء العالم، وتعتبر لبنان وتونس الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتين قامتا بالتصديق على الاتفاقية، في حين وقعها لبنان ولم يقم بالتصديق عليها بعد، وطبقا لتحالف حظر القنابل العنقودية، فان العراق ولبنان هما الدولتان الأكثر تضررا من آثار القنابل العنقودية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حين تعتبر ليبيا أكثر الدول تلوثا بالذخائر العنقودية في الآونة الأخيرة، وذكر أن الاتفاقية ساهمت في تدمير نحو 50 بالمائة من القنابل العنقودية في العالم، كما أشار تحالف حظر القنابل العنقودية إلى أنه تم تطهير حوالي 66 بالمائة من الأراضي الملوثة في لبنان وتمت إعادتها للسكان، وأضاف غووز أنه بالرغم من النجاح الباهر الذي حققته الاتفاقية إلا أن نحو 80 دولة لم تقم بعد بالتوقيع عليها بعد بما فيها عدد من أكبر الدول المصنِّعة أو المستخدِمة أو المخزِّنة للقنابل العنقودية مثل إسرائيل وأمريكا والصين وروسيا وباكستان والهند. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

ليبيا

على صعيد ذو صلة كان الطفل محمود أحمد، البالغ من العمر تسعة أعوام، يلعب قرب منزله في الزنتان، غربي ليبيا، حين عثر على جسم أخضر اللون لم ير مثيلا له في السابق، فحمله إلى المنطقة الواقعة خلف المنزل، وبدأ بضربه بحجر، هذا الجسم لم يكن سوى قذيفة انفجرت في وجه الطفل الصغير وأدت إلى قطع ذراعه، وهو اليوم يعتاد على الحياة مستخدما يدا بلاستيكية، ومحمود هو واحد من عشرات الأطفال من ضحايا الحرب التي أسقطت نظام العقيد معمر القذافي، فالمجموعة الدولية الخيرية لاستشارات الألغام تقدر عدد الضحايا بنحو 90 معظمهم من الأطفال، تعرضوا لانفجار عبوات وقنابل في المنطقة الواقعة بين الزنتان ومصراته، وتقدر المجموعة عدد القتلى الليبيين في منطقة الجبال الغربية بنحو 45 قتيلا، غير أنها لا تزال في المراحل الأولى من جمع المعلومات حول هذه القضية، وإضافة إلى محاولتها جمع المعلومات من تلك المناطق لتي تحتوي على الكثير من الألغام، تسعى المجموعة الخيرية إلى تثقيف المجتمع الليبي بشأن مخاطر مثل هذه الأجسام. بحسب السي ان ان.

تقول لويس سكيلينغ، مديرة مكتب المنظمة الدولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "الأطفال هم من يتعرضون بشكل أساسي لمثل هذه الحوادث، لأنهم لا يدركون المخاطر الحقيقية وراء تلك الأجسام. ونحن نسعى من ناحيتنا إلى تغيير سلوك الأولاد الصغار بشكل خاص من خلال التحدث إلى أمهاتهم، وهناك منظمات إنسانية أخرى تحاول زيادة الوعي بين الليبيين بهذه المشكلة، فمحمد خليفة، المتطوع في الهلال الأحمر الليبي، يقوم بزيارة المدارس في البلدات التي تكثر فيها مثل هذه الحوادث، لتعليم الأطفال حول مثل هذه الحوادث، ويقول خليفة: "يحضر الأطفال هذه الأجسام إلى المدارس، لذا أقوم بزيارتهم وأتحدث إليهم حول الألغام والمواد المتفجرة، وحول ضرورة الابتعاد عن تلك المناطق التي يشتبه وجود المتفجرات فيها، أما منظمة ميرلين البريطانية الخيرية فهي تعمل على بناء مستشفى في منطقة نالوت، التي يعيش فيها نحو 25 ألف شخص، وتهدف إلى علاج الأطفال الذين تعرضوا للانفجارات، وتؤكد المنظمة أنه منذ نهاية الصراع في ليبيا، قتل طفل واحد في نالوت، وأصيب خمسة أطفال على الأقل بجراح خطيرة.

اليوغا تساعد ضحايا للألغام

ينصت داروين بيريز إلى توجيهات معلمة اليوغا وعيناه مغمضتان، فينسى في بعض الأحيان أنه فقد رجله في انفجار لغم ضد الأفراد.. ومثله يستفيد جنود كولومبيون معوقون من هذا العلاج الذي تموله المؤسسة العسكرية، ويروي هذا الجندي البالغ من العمر 27 عاما في البداية كان الأمر يسبب لي ألما كبيرا. لكن مع اليوغا، نتعلم كيف نسترخي وكيف نكف عن التفكير في ما أصابنا". ويتابع داروين بيريز جلسة أسبوعية في بوغوتا مع رفاق سلاح آخرين، غالبيتهم فقدوا أحد أطرافهم أو أصيبوا بالعمى، أحيانا يرافقهم بعض الأقارب الذي قد يشاركون في تلك الجلسات، كما هي الحال بالنسبة إلى هذا الجندي وزوجته اللذين يقومان معا بتمرين للاسترخاء في حين تردد معلمة اليوغا لهما: "علينا القيام بمجهود كبير حتى لا تطال إعاقة الجسد، الروح"، وكولومبيا التي تقع ضحية المجموعات المسلحة منذ حوالى نصف قرن، تعتبر أحد أكثر البلدان التي ضربتها الألغام ضد الأفراد إلى جانب أفغانستان، بحسب منظمة الأمم المتحدة التي تحيي في الرابع من نيسان/أبريل اليوم العالمي لمكافحة هذه الآفة. منذ العام 1990، قتلت هذه الألغام 2030 كولومبيا من عسكريين ومدنيين في حين أصيب 7616 شخصا، بحسب الأرقام الرسمية، في العام 2000، وقعت بوغوتا على اتفاقية أوتاوا التي تحظر الألغام ضد للأفراد، لكن السلطات تشير إلى أن العصابات المسلحة الماركسية "فارك" أو قوات كولومبيا المسلحة الثورية، ما زالت تلجأ إليها. وهي غالبا ما تصنع يدويا، نانسي بيو متخصصة في علم النفس تعمل منذ سبع سنوات مع كتيبة طبية فترافق العسكريين المصابين من خلال برنامج اليوغا هذا الذي كانت قد أطلقته الحكومة في العام 2010 في إطار العلاجات البديلة.

إلى ذلك تؤمن الحكومة إلى ضحايا الألغام من المدنيين، مساعدة طبية واجتماعية، وتلفت هذه المرأة الشابة وهي تساعد الجنود على خلع أحذيتهم، حذاء واحد لكل جندي، إلى أن "ما نتعلمه في الجامعة مقتضب مقارنة مع هذا الكم من الألم"، تضيف أنهم "يجدون صعوبة كبيرة في تخطي ما أصابهم وتقبل الخسارة. هم لا يعانون فقط من جراء خسارة أعضائهم بل أيضا من خسارة عملهم". أما هي فتحثهم على "تعديل مشاريعهم في الحياة" وتعلم "دورهم الجديد كأزواج وآباء"، وتشرح بيو "عندما كانوا عسكريين فاعلين، كان الرجل منهم أشبه بخطيب يلتقي شريكته مرة كل أربعة أشهر خلال إجازته. أما اليوم فهم يوميا وسط عائلاتهم"، ويقر داروين بيريز أن زوجته ساعدته على تخطى محنته تلك. قبل عام ونصف العام عندما انفجر اللغم به، لم يكونا قد تزوجا بعد، ويقول "ابنتنا تبلغ اليوم شهرها العاشر. عندما أتقاضى تعويضي، أنوي شراء منزلين.. واحد لنا وواحد لأهلي. وسوف نطلق عملا تجاريا". بحسب فرانس برس.

بالنسبة إلى معلمة اليوغا أدريانا سيلفا، فإن آثار اليوغا مفيدة لهؤلاء الرجال الذين تعرضوا لإصابات بليغة، وهي تهدف إلى "مرافقة كل جندي" بهدف "معرفة ما عاشه، إلى جانب "تدليك المناطق التي تفرغ الضغط"، تعلمهم هذه المعالجة "التأمل" بالإضافة إلى "تقنيات التنفس التي تسمح لهم بالتغلب على الألم، وتقول "هذه التجربة سمحت لنا بلمس واقع الألم وبتشارك لحظات مع هؤلاء الرجال الذي وضعوا أجسادهم في خدمة الحرب".

يطوون سراويلهم

عمد عشرات الكولومبيين إلى طي أحد رجلي سراويلهم في بوغوتا، خلال تحرك رمزي ينظم سنويا في الرابع من نيسان/أبريل في إطار اليوم الدولي للتوعية من مخاطر الألغام المضادة للأفراد الذي تحييه الأمم المتحدة. منذ العام 1990، أدت هذه الألغام إلى مقتل 2030 عسكريا ومدنيا في كولومبيا التي تعتبر ثاني البلاد التي تطالها هذه الآفة بعد أفغانستان، وذلك على خلفية النزاع المسلح على مدى نصف قرن من الزمن ما بين السلطات والمجموعات المتمردة، وفي ميدان بوليفار وهو الميدان الرئيسي في العاصمة الذي يقع بالقرب من الوسط التاريخي، عرض عشرات المواطنين أحد رسغيهم وذلك في لفتة تضامنية مع ضحايا الألغام المضادة للأفراد. بحسب فرانس برس.

وقد رفعت لافتات وعرضت تصاميم حول إجراءات الوقاية الواجب اتخاذها في وجه هذه الألغام وحول حملات إزالة الألغام الذي ما زالت قائمة في هذا البلد الأميركي اللاتيني، وتشير الأرقام الرسمية إلى أن نحو 7616 شخصا في كولومبيا يعيشون حاليا مع ما خلفته لديهم هذه الألغام المضادة للأفراد، من قبيل أطراف مبتورة أو عمى، في العام 2000، وقعت بوغوتا على اتفاقية أوتاوا التي تحظر الألغام المضادة للأفراد، لكن السلطات تشير إلى أن العصابات المسلحة الماركسية "فارك" أو قوات كولومبيا المسلحة الثورية، ما زالت تلجأ إليها. وهي غالبا ما تصنع يدويا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/نيسان/2012 - 18/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م