الجوائز الأدبية نفحات لإنعاش الثقافة العربية

 

شبكة النبأ: شهدت الساحة الثقافة العربية قفزات جديدة على واقعها المؤلم من خلال حصد الجوائز الأدبية والإبداعية. التي  تجسد قضاياها من خلال ما تقدمه من آفاق ثقافية وفنية عديدة، التي تمزج بين تاريخ الحضارات وعصر الحداثة.

 حيث فاز أربعة أدباء من تونس ومصر ولبنان بجائزة الشيخ زايد للكتاب التي تعد من اغنى الجوائز الادبية في العالم في دورتها السادسة التي منحت جائزة لدار نشر هولندية وجائزة (شخصية العام الثقافية) لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو). كما اختيرت ست روايات من مصر ولبنان والجزائر وتونس ضمن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) في دورتها الخامسة (2012)، في حين منحت جائزة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش (للحرية والابداع) في دورتها الثالثة للكاتبة والممثلة التونسية جليلة بكار والشاعر الفلسطيني المقيم في الاردن زهير ابو شايب. الى جانب ذلك فبعد توقف دام أكثر من 40 عاما تعود مجلة (المجلة) الثقافية المصرية الى القراء لتستأنف دورا تعهدت به منذ صدورها في نهاية الخمسينيات حاملة شعار (سجل الثقافة الرفيعة)، ويصدر العدد الاول من (المجلة) التي تقع في 100 صفحة كبيرة القطع وتصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب. وفي ذات الصدد بدت الثورات التي تشهدها عدد من الدول العربية حاضرة وبقوة في كثير من معاقل الثقافة العربية اليوم. فلطالما كان فن الثقافة العربية، باباً تبرز للثقافة الإنسانية لما له من نكهة وتميز خاص على مدى التاريخ.

جائزة الشيخ زايد للكتاب

فقد فاز تونسيان ولبناني ومصري بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها السادسة التي منحت جائزة لدار نشر هولندية وجائزة (شخصية العام الثقافية) لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) وحجبت الجائزة في فرعي الاداب والتنمية وبناء الدولة، وقال علي بن تميم الامين العام للجائزة في مؤتمر صحفي في أبوظبي ان المشاركات في الفروع التسعة للجائزة بلغت 560 مشاركة من 27 دولة عربية وأجنبية، والفروع التسعة للجائزة هي (شخصية العام الثقافية) و/التنمية وبناء الدولة/ و/الاداب/ و/الترجمة/ و/أدب الطفل/ و/المؤلف الشاب/ و/النشر والتوزيع/ و/الفنون/ و/أفضل تقنية في المجال الثقافي/، وتبلغ القيمة المالية للجائزة التي أسست عام 2006 سبعة ملايين درهم اماراتي (نحو 1.9 مليون دولار) منها ستة ملايين درهم توزع على ثمانية فائزين يحصل كل منهم على 750 ألف درهم في حين ينال الفائز بشخصية العام الثقافية مليون درهم، وفازت بالجائزة في فرع (المؤلف الشاب) التونسية ليلى العبيدي عن كتابها (الفكه في الاسلام) الذي يرصد ويحلل الفكاهة في الموروث العربي الاسلامي. وفي فرع الترجمة فاز التونسي أبو يعرب المرزوقي عن ترجمة كتاب (أفكار ممهدة لعلم الظاهريات الخالص وللفلسفة الظاهراتية) للفيلسوف الالماني ادموند هوسرل، وفي فرع أدب الطفل فازت رواية (الفتى الذي أبصر لون الهواء) للبناني عبده وازن وفي فرع الفنون فاز كتاب (الفن والغرابة.. مقدمة في تجليات الغريب في الفن والحياة) لشاكر عبد الحميد وزير الثقافة المصري، وذهبت جائزة النشر والتوزيع لدار (بريل) الهولندية نظرا "لدورها التاريخي في تحقيق المخطوطات العربية ودراسة التراث العربي وترجمتها الى اللاتينية والى اللغات الاوروبية الحية" واستخدامها المطبعة الحديثة في طباعة الكتب العربية منذ عام 1683 "قبل العرب وصدر عنها أشهر المراجع والموسوعات عن الادب العربي والاسلام" كما قال بيان لمجلس أمناء الجائزة، وفازت بجائزة شخصية العام الثقافية منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) "تقديرا للدور الثقافي الذي نهضت به في تشجيع الحوار وفهم الاخر مع المحافظة على التنوع الثقافي والتعدد اللغوي والتأكيد على نشر التعليم وحماية الذاكرة الثقافية للشعوب اضافة الى ترويج التفاهم المتبادل بين الشعوب واحترام حقوق الانسان والدعوة للمساواة" كما قال البيان. بحسب رويترز.

 أما جائزة (أفضل تقنية في المجال الثقافي) والتي حجبت منذ تأسيس الجائزة فذهبت هذا العام الى (مدينة كتاب باجو) التي تأسست عام 1989 في كوريا الجنوبية، وقال بيان مجلس أمناء الجائزة ان المدينة أنشئت "ضمن رؤية شاملة لوضع حجر الاساس للمعرفة والمعلوماتية اللتين تلعبان دورا رئيسا في التنمية الوطنية" كما توفر مكتبتين ضخمتين للزائرين وصالة لعرض الافلام المرتبطة بالادب والثقافة وتنظيم مهرجانات ثقافية للاطفال ومنتديات حوارية مع أبرز الكتاب كما تحافظ على استخدام مواد صديقة للبيئة وتصميم هندسي ثقافي للمدن "يعد الاول من نوعه في العالم.

روايات عربية في قائمة البوكر

فيما اختيرت ست روايات من مصر ولبنان والجزائر وتونس ضمن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) في دورتها الخامسة (2012)، والاعمال الستة التي أعلن رئيس لجنة التحكيم الناقد اللبناني جورج طرابيشي في مؤتمر صحفي بالقاهرة ترشحها للقائمة القصيرة هي (العاطل) للمصري ناصر عراق و/عناق عند جسر بروكلين/ للمصري عز الدين شكري فشير و/شريد المنازل/ للبناني جبور الدويهي و/دورز بلجراد/ للبناني ربيع جابر و/دمية النار/ للجزائري بشير مفتي و/نساء البساتين/ للتونسي الحبيب السالمي، ويحصل كل مؤلف بلغت روايته القائمة القصيرة على عشرة الاف دولار أما الفائز فيحصل على 50 ألف دولار أخرى، ويعلن اسم الفائز بالجائزة في حفل بأبوظبي في مارس اذار 2012، وتنظم الجائزة برعاية مؤسسة جائزة بوكر البريطانية وتمويل (مؤسسة الامارات للنفع الاجتماعي). بحسب رويترز.

جائزة محمود درويش

الى ذلك منحت جائزة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش (للحرية والابداع) في دورتها الثالثة للكاتبة والممثلة التونسية جليلة بكار والشاعر الفلسطيني المقيم في الاردن زهير ابو شايب، وقال محمود شقير عضو لجنة تحكيم الجائزة في كلمته للاعلان عن الفائزين في الحفل وشارك فيه عدد كبير من المسؤولين والمثقفين ومحبي درويش "قررت لجنة جائزة محمود درويش للحرية والابداع في دورتها الثالثة منح الجائزة الى المبدعة التونسية جليلة بكار والشاعر الفلسطيني زهير ابو شايب، واضاف "واذا كانت الجائزة في الدورتين السابقتين قد ذهبت الى مبدع عربي (اهداف سويف) وغير عربي (الجنوب افريقي برايتن برايتنباخ) فان الثورات العربية الدائرة اقترحت عليها الخروج عن القاعدة دون ان تنسى اللجنة دلالة الجائزة التي تنطلق من كونية الابداع الانساني، وتوفي درويش في التاسع من اغسطس اب 2008 اثر مضاعفات لعملية جراحية في القلب اجريت له في هيوستون بالولايات المتحدة. وقررت الحكومة الفلسطينية برئاسة سلام فياض اعتبار يوم الثالث عشر من مارس اذار الذي يوافق مولد دوريش يوما للثقافة الفلسطينية، ولجنة جائزة محمود درويش للثقافة والابداع يرأسها الفلسطيني فيصل دراج وتضم في عضويتها عددا من الشخصيات العربية الثقافية المعروفة مثل محمد لطفي اليوسفي من تونس وخالد الكركي من الاردن وصبحي الحديدي وجمال شحيد من سوريا وشيرين ابو النجا من مصر واحمد حرب وسليمان جبران وابراهيم موسى وابراهيم ابو هشهش من الاراضي الفلسطينية، وقالت لجنة التحكيم في بيان منحها الجائزة "لجليلة بكار في تونس بلد الياسمين وفي المشهد الابداعي المغاربي والعربي منزلة ومكانة فهي مبدعة متفردة.. امرأة وهبت نفسها للفن المقاوم وكرسته سواء في ما سمي مسرح المواطنة او مسرح التحدي في ازمنة كان التحدي فيها حدث مقاومة لسطوة النسيان. بحسب رويترز.

واضافت اللجنة "مددت يدي فقطعوها.. اهديت دمي فهدوره.. صرخت فأضاعوا صوتي في غوغاء خطاباتهم.. فاكتفيت بعدّ الموتى والتصدي للنسيان. هذا ما تصرح به جليلة بكار عاليا في مسرحية عائدة. ان المسرح عندها فعل وجود. انه فعل جمالي مقاوم ينشد تأثيث ذاكرة المستقبل بما يتعالى عليه من جراحات بني البشر وعذاباتهم، وبعثت جليلة بكار بتسجيل مصور الى الاحتفال بعد ان رفضت اسرائيل منحها تصريح دخول الى الاراضي الفلسطينية قالت فيه "كنت اود ان اشتم روائح فلسطين وان اشد على اياديكم. كنت اود ان التقي بصديقة العمر عايدة اليافاوية التي غابت عني اخبارها غداة الانتفاضة الثانية. حلمت بهذه الزيارة. تشوقت واشتقت كاشتياق المسلمة الى الكعبة. ولكنهم (اسرائيل) منعوني. لا تهمني الاسباب ولا تهمني الاطراف، وتابعت قائلة "ظانين ان فلسطين بلد عادي له حدود تقفل وله شعب يحبس وحارس بيده المفاتيح يقرر من له حق الزيارة ومن يرفض ولكنهم ضالون اغبياء لا يفقهون. ففلسطين ليست ارضا فقط. هي بلاد لا حدود لها كفكرتنا عن المجهول.. ضيقة وواسعة.. وهي ليست شعبا فقط بل ملايين من نساء ورجال العالم حفظوها منذ اجيال وأحبوها، ووصفت جليلة حب فلسطين بأنه "مرض وراثي. ففلسطين اصحبت منذ عقود كلمة الشعر ودمعة الطفل وصرخة الصبية وبندقية الفدائي وقهوة الام وحجر الانتفاضة وغصن الزيتون وحصار الزعيم وصمود المقاومة وهي الحنين للتراب والتوق للحياة وهي الصبر على وعود الاشقاء والاصدقاء وهي غضب امام حق مغتصب، واضافت "ولينفوني من ارض فلسطين فهل يستطيعون منعي من الابحار في ابيات محمود درويش وهل يستطيعون اسكات نبض قلبي كلما تنفست فلسطين... اغبياء هم جاهلون قوة كلمة واحدة.. فلسطين. عمي هم فانا بينكم وهم لا يعلمون، وتخلل الحفل اضافة الى الفقرات الموسيقية صعود الطفل معتز مطور الذي يبدو انه لم يتجاوز السابعة من عمره الى المنصة بعد ان طلب من رئيس الوزراء ان يقرأ قصيدة (عابرون في كلام عابر) لدرويش وقد صفق له الجمهور الذي ضاقت به مقاعد قصر رام الله الثقافي الثمانمئة والخمسين، واعرب الشاعر ابو الشايب عن سعادته بالحصول على جائزة دوريش وقال في كلمة خلال الحفل "اليوم اذ اتشرف بالحصول على هذه الجائزة الادبية الرفيعة التي تحمل اسمها المزدوج المقترن باسم محمود درويش واسم فلسطين معا فانني اشعر بان ذلك يشكل اعترافا وتكريما لابناء جيلي من الشعراء الفلسطينيين، واضاف "اتوجه بالشكر لكم جميعا ولمؤسسة محمود درويش الرائدة وللجنة الكريمة التي اختارتني لنيل هذا الشرف العظيم الذي يضعني اليوم امام مسؤوليات جديدة في الحياة والكتابة، وافتتح الفلسطينيون في ذكرى ميلاد درويش حديقة تحمل اسم مسقط رأسه (البروة) على تله في رام الله مطلة على القدس وضمت اضافة الى ضريحه متحفا يحتوي على مجموعة من اغراضه الشخصية.. اقلامه ومكتبه ونظارته ورسائل وقصائد كتبها بخط يده والجوائز التي نالها في مسيرته الثقافية، وقال ياسر عبد ربه رئيس مؤسسة محمود درويش الثقافية "ان المتحف من تصميم المهندس جعفر طوقان ابن الشاعر الكبير ابراهيم طوقان... المتحف صرح وطني لجميع ابناء شعبنا وتأكيد على ان شاعرنا الوطني سيبقى دائما في ضميرنا نحمله جيلا بعد جيل حفاظا على رسالته التي حملها وهي الحرية.. حرية الوطن والشعب واستقلاله رغم كل الغزوات التي مرت عليه، وجدد سلام فياض رئيس الحكومة الفلسطينية في كلمة في حفل الافتتاح "التزام السلطة الوطنية الكامل بالمضي قدما نحو استنهاض مشروعنا الثقافي وتوفير الامكانيات اللازمة لتحقيقه واقعا على الارض واصرار الحكومة على ازاحة كل العقبات لمواصلة اندفاعة الفكر والثقافة والفنون والاداب والابداع بكافة مكوناتها بهدف تكريس هويتنا الثقافية في مواجهة كل أشكال الالغاء والتغريب والاستلاب، واضاف "ان قوتنا تكمن في توفير المناخ الحر للابداع بكل مكوناته باعتبار الحرية شرطا للحصانة الوطنية. هذا هو وفاؤنا الدائم لك يا محمود ولروحك المحلقة في سمائنا... وهذا هو التزامنا لشعبنا ولن نحيد عنه.

مجلة الكرمل

كما اختار القائمون على اصدار مجلة (الكرمل الجديد) في عددها الثاني ترجمة ونشر 40 قصيدة من قصائد الشاعر السويدي توماس ترانسترومر الفائز بجائزة نوبل للاداب عام 2011، وقال حسن خضر رئيس تحرير المجلة "اخترنا نشر هذه القصائد في العدد الثاني من مجلة الكرمل الجديد لان المجلة منذ صدورها اعتادت تخصيص ملف للفائزين بجائزة نوبل للاداب في كل عام وقصائد ترانسترومر المترجمة مختارة من اعماله الشعرية التي تغطي جانبا كبيرا من حياته الادبية، واضاف "عمل الشاعر الفلسطيني سامر ابو هواش صاحب الخبرة الكبيرة في ترجمة الاشعار على ترجمة القصائد من الانجليزية الى العربية، ويضم العدد الثاني الذي يعتبر امتدادا لمجلة الكرمل التي أسسها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش معتمدة على نفس المبادئ والافكار التي انطلقت عليها قبل ثلاثين عاما، واوضح خضر ان العدد الثاني الذي يقع في 281 صفحة من القطع المتوسط يتضمن دراسة تحليلية طويلة لديوان درويش (سرير الغربية) الصادر في العام 1999 المكرس باكمله لقصيدة الحب للناقد والكاتب السوري المقيم في فرنسا صبحي الحديدي، وقال خضر ان العدد القادم سيخصص مساحة كبيرة لحياة الشاعر درويش الذي رحل في اغسطس اب عام 2008 وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الحادية والسبعين لميلاده، ويضم العدد ملفا خاصا عن المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد بمناسبة الذكرى السنوية الثامنة لرحيله ويشارك بمقالات ودراسات كل من عادل اسكندر وحاكم رستم وتمارة كرمي وايلان بابيه، وكتب عادل اسكندر وحاكم رستم اللذان قاما بتحرير كتاب (اداورد سعيد.. ميراث الانعتاق والتمثيل) مقدمة لهذا الملف جاء فيها "بعد ثماني سنوات من على وفاته (ادوراد سعيد) لم تبق كتابات سعيد لصيقة بأي مراقب يعاين الاحداث التي تمر بها المنطقة فحسب بل انها اثبتت انها كانت بالاحرى نبوءات انطوت على رؤية المسار الراهن الذي يسير فيه العالم العربي، ويضيف الكاتبان "تمثل حصيلة هذا العمل (اداورد سعيد.. ميراث الانعتاق والتمثيل) تحليلا دقيقا لتأملات سعيد ووسيلة للوقوف على الاثار التي افرزتها أعماله ومحاولة طموح لاستشراف كل جانب من جوانب حياة رجل موسوعي الثقافة ومنظر انساني صادق منفي عن وطنه ومفكر بارع لا يضارعه احد في جلده وثباته على مبادئه الاخلاقية في هذا العصر الحديث، ويرى الكاتبان ان الغاية من هذا الكتاب في النهاية هي "السعي الى التعريف بما بتنا نسميه الان بمنهجية سعيد في وقت اكثر ما نكون فيه بحاجة الى صوته الرزين الذي ينم عن الوقار والاعتدال، وخص الشاعر والروائي الفلسطيني ابراهيم نصر الله المجلة بفصول من روايته الاخيرة (قناديل ملك الجليل) مع تقديم لقصة كتابته لهذه الرواية التي يتحدث فيها عن (ظاهر العمر) الذي عاش في القرن الثامن عشر وسعى "نحو اكبر هدف يمكن ان يحلم به رجل في تلك الايام تحرير الارض وانتزاع الاستقلال واقامة الدولة العربية في فلسطين. بحسب رويترز.

وكتب نصر الله انه "بعد عام كامل من البحث بدأت أشكل رؤيتي الخاصة لهذه الشخصية قلت لنفسي لم لا فلتذهب الى القرن الثامن عشر لتعيشه انها فرصة قد لا تتكرر ولتتعلم ايضا كيف يمكن ان تكون حرا وانت تكتب عن شخصية تاريخية بهذا الوزن وهذا ما كان... انا على يقين اننا لو عرفناه/ظاهر العمر/ بصورة وافية من قبل لكنا الان اجمل، ويضيف "لقد كانت تجربة هذه الرواية استثنائية في صعوبتها وفي حجم المسؤولية التي سيحس بها اي كاتب يمكن ان يقبل على كتابة رواية عن ظاهر العمر او ملك الجليل كما كان يسمى لكنني خرجت من هذه التجربة انسانا مختلفا اذ احسست بان حياتي مع ظاهر العمر قد اعادت ترتيب روحي من جديد ووضعت اساسا جديدا ومذهلا لهويتي وانا اتتبع تلك الجذور الذاهبة عميقا في ارض فلسطين، وتابع قائلا "ان كان لي من امل فهو ان تنقل كل تلك الاحاسيس التي عشتها الى قارئ هذه الرواية (قناديل ملك الجليل) لانني على يقين من انه عند ذلك سيحس كم اصبح افضل، واشتمل العدد على مجموعة من القصائد منها (قلبي على البحر الطويل) لقاسم حداد و/سوف اقتلك ايها الموت/ لسامر ابو هواش ونصوص روائية (سينالكو) للياس خوري اضافة الى قصة (جنيات النيل) لمنصورة عز الدين/ اضافة الى دراسة قدمها رئيس تحرير المجلة حول تجلي علاقات الحب والدوافع الجنسية بين الفلسطينيين والاسرائيليين في الادب الاسرائيلي تحت عنوان (الايروس في ارض حرام).

وبدت الثورات التي تشهدها عدد من الدول العربية حاضرة في العدد الثاني من مجلة الكرمل حيث يقدم الكاتب والقاص الفلسطيني محمود شقير شهادة حول الثورات بعنوان (ثورات الربيع العربي تاملات يساري فلسطيني) يروي فيها شهادته حول "ثورة المخمل التي كانت واحدة من ثورات سلمية عدة شهدتها بلدان الكتلة الشرقية (الاتحاد السوفيتي سابقا) التي كانت تحكمها الاحزاب الشيوعية يومها، نويدعو رئيس تحرير المجلة في كلمة الافتتاح المخصصة للثورات العربية الى "الاحتكام الى نصيحة ذهبية من ادوارد سعيد مفادها كلما اشتد الضباب يجب ان نعود الى الافكار الاساسية والواضحة ومن الافكار الاساسية الواضحة ان ما حدث ويحدث هذا العام يفصل بين مرحلتين تاريخيتين في العالم العربي بين ما اصبح في حكم الماضي ولكنه لم يمض تماما والجديد الذي لم يولد بعد، ويضيف "نحن اذا في مرحلة انتقالية وهذا يفسر لماذا يزداد الضباب فقوى الاستبداد التي اصابتها الموجة الثورية الاولى بلطمة مفاجئة تلتقط الان انفاسها في محاولة للحفاظ على مواقع لم تفقدها بعد او لاختطاف ما حققته الموجة الثورية الاولى في اماكن اخرى وفي هذا السباق على الجائزة تختلط الاوراق وتتقاطع المصالح وتتكاثر الرؤى والاستيهامات في لحظة فريدة ونادرة، ويرى رئيس التحرير انه "مهما تعددت التسميات فان المجابهة الحالية لا تحمل تسمية اوضح من الصراع على طبيعة وهوية العقد الاجتماعي الجديد وسنشهد انتصارات وخيبات امل كثيرة في قادم الايام وربما حتى اواسط هذا القرن."

عودة مجلة (المجلة) الثقافية المصرية

على صعيد أخر وبعد توقف دام أكثر من 40 عاما تعود مجلة (المجلة) الثقافية المصرية الى القراء لتستأنف دورا تعهدت به منذ صدورها في نهاية الخمسينيات حاملة شعار (سجل الثقافة الرفيعة)، ويصدر العدد الاول من (المجلة) التي تقع في 100 صفحة كبيرة القطع وتصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب وتضم رسوما للتشكيلي محمد حجي ونصوصا لمصريين منهم أحمد الخميسي وسيد حجاب وجمال القصاص وأنور مغيث وجمعة فرحات وأحمد الصاوي وأحمد عز الدين وحسن عطية اضافة الى الشاعر العراقي شاكرلعيبي، وصدرت (المجلة) في يناير كانون الثاني 1957 في عهد وزير الارشاد المفكر البارز فتحي رضوان برئاسة تحرير محمد عوض محمد ثم توالى على رئاسة التحرير كل من حسين فوزي وعلي الراعي ويحيى حقي (الذي فوض للناقد شكري عياد رئاسة التحرير في الاشهر الاخيرة عام 1970) وعبد القادر القط، وأغلقت (المجلة) في أكتوبر تشرين الاول 1971 مع مجلات مصرية أخرى فيما يعتبره مثقفون مصريون "مذبحة مجلات" مهد بها الرئيس المصري الاسبق أنور السادات لمحو ذكرى سلفه جمال عبد الناصر، وقال رئيس تحرير (المجلة) الشاعر أسامة عفيفي ان (المجلة) صدرت بعد اكتمال "ثورية ثورة يوليو (تموز 1952") واندحار العدوان الثلاثي (البريطاني-الفرنسي-الاسرائيلي) اذ رأت مصر أن تصدر مجلة شعارها (سجل الثقافة الرفيعة) لتربطها معرفيا بالعالم وتؤسس تيار ثقافيا ينشر الوعي وقيم العقلانية في العالم العربي.

وأضاف في افتتاحية عنوانها (المجلة لماذا الان) أن هذا الوقت هو "موعدها الطبيعي... ثورة 25 يناير تحتاج مجددا لنفس المطبوعة.. أو بمعنى أدق لنفس الدور" في اشارة الى نجاح الاحتجاجات الشعبية في انهاء حكم الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير شباط 2011، وتابع أن قرار "اطفاء المصابيح الثقافية" في بداية حكم السادات كان تمهيدا "لعزل مصر عن دورها العربي وتجريف العقل المصري وهو ما تحقق بالفعل حتى اسقاط الشعب لنظام مبارك في (الاحتجاجات الحاشدة التي انطلقت يوم) 25 يناير 2011، وتحت عنوان (مستقبل الثقافة بعد ثورة يناير) يعيد الروائي البارز بهاء طاهر التذكير بمشروع عميد الادب العربي طه حسين "لتغيير الحياة في مصر الى الافضل... كان يرسي دعائم دولة ديمقراطية مكتملة الاركان من خلال الثقافة والتعليم" منذ أصدر كتابه (مستقبل الثقافة في مصر) عام 1938 ثم أطلق شعار (التعليم كالماء والهواء) عندما عين وزيرا للمعارف (التعليم) عام 1950، وشدد طاهر على أن مشروع طه حسين مازال صالحا للتطبيق وأن "ثورة 25 يناير... تفتح باب الامل لتحقيق كل أحلام مصر المؤجلة" واصفا الثورة بأنها فعل ثقافي كبير، وسجل تفاؤله قائلا "لا تفزعني حالات المد والجزر التي تمر بها الثورة مثلما تمر بها كل ثورة في التاريخ... ستخلق (الثورة) ثقافتها الجديدة وستعيد للدولة المدنية الحديثة بهاءها الذي ظن البعض أنه قد انطفأ وان يكن وهجه مرئيا لمن يريد أن يرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 7/نيسان/2012 - 16/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م