العراق وهروب الهاشمي... طي صفحة أم بداية جديدة؟

 

شبكة النبأ: لاتزال قضية نائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي الذي لجأ الى اقليم كردستان على خلفية اتهامه بقضايا ارهاب تلقي بضلالها على الواقع السياسي في العراق، ويرى العديد من المراقبين ان بوادر ازمة سياسية جديدة بدأت تلوح في الافق بسبب مغادرة طارق الهاشمي ارض الوطن ويرجح هؤلاء المراقبين ان تتسع هوة الخلاف بين الاطراف السياسية وخصوصا بين حكومة المركز وحكومة الاقليم الذين اسهموا بتعطيل عمل القضاء العراقي من خلال رفضهم المستمر لتسليم المتهم طارق الهاشمي الذي صدرت بحقة مذكرة اعتقال هذا بالإضافة لوجود بعض القضايا الاخرى، وفي هذا الشأن اكدت وزارة الداخلية العراقية ان معلومات مؤكدة تفيد ان نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي لجأ الى اقليم كردستان لاتهامه بأكثر من 150 جريمة، ينوي مغادرة البلاد وطالبت الاقليم بتسليمه الى بغداد.

وافاد بيان صادر عن الوزارة نشر على موقعها الرسمي، انه "بناء على طلب الهيئة القضائية تسليم المتهم طارق الهاشمي ولتحديد موعد المحاكمة طلبت وزارة الداخلية من وزارة داخلية حكومة اقليم كردستان تنفيذ امر القبض الصادر بحقه وتسليمه الى الجهات القضائية".

واكد البيان "ورود معلومات مؤكدة بنية الهاشمي الهروب من الاقليم الى خارج العراق". وكان المتحدث باسم مجلس القضاء الاعلى عبد الستار البيرقدار اعلن ان السلطات القضائية "ارسلت منذ اليوم الاول للقضية مذكرة قبض بحق طارق الهاشمي الى السلطات التنفيذية في اقليم كردستان وفي بغداد". واضاف ان "مذكرة القبض هذه فاعلة في كل انحاء العراق ومن دون استثناء، وعلى سلطات اقليم كردستان التحرك لتنفيذها كي تسلم الهاشمي للقضاء في بغداد". واوضح البيرقدار ان "هناك اكثر من 150 جريمة ذكرت في اعترافات عناصر حماية الهاشمي" بينها قتل عناصر في الجيش والشرطة وقضاة وآخرين. واشار الى ان "عدد المتهمين في القضية 70 وهناك آخرون صدرت بحقهم مذكرات توقيف لكنهم لا يزالوا هاربين". واكد البيرقدار "اكتمال الاجراءات التحقيقية". وقال "طلبنا من ذوي العلاقة واهالي الضحايا ان ياتوا لكي يتم تدوين اقوالهم، وبعدها تحال هذه الدعاوى الى محكمة الجنايات الخاصة".

ويذكر ان رئيس اقليم كردستان العراق قال ان الاقليم لن يسلم نائب الرئيس العراقي الهارب طارق الهاشمي لبغداد التي تطلبه للمحاكمة لان "الاخلاق الكردية" تحول دون تسليمه. وفر الهاشمي وهو واحد من كبار السياسيين من بغداد الى الاقليم الكردي في ديسمبر كانون الاول هربا من المحاكمة بتهم تتعلق بقيادته فرق اغتيالات. وأدى وجود الهاشمي في كردستان الى مزيد من التوتر في العلاقات بين بغداد والاكراد. وتوجد نزاعات طويلة بين الجانبين على الارض والنفط. وقال مسعود برزاني رئيس الاقليم الكردي في شمال العراق في خطاب امام الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه "كردستان لن تسلم الهاشمي لان الاخلاق الكردية لا تسمح لنا بذلك. "وصل الامر الى درجة ان البعض اقترحوا علينا ان نسهل هربه الى خارج العراق. وكان ردنا اننا لا نعمل كمهربين ولن نقبل ذلك." واضاف "لو كان الهاشمي يريد مغادرة البلاد فيجب ان يكون ذلك متاحا ... واذا كان الهاشمي متهما الى الحد الذي تقوله الحكومة فلماذا يريدون من كردستان مساعدته على الهرب الى الخارج.."

ويقول الهاشمي ان التهم الموجهة اليه سياسية وانه لن يعود الى بغداد ليواجه هذه التهم امام المحكمة لان المحاكم منحازة. وعرض الهاشمي المثول أمام محكمة في كركوك وهي جزء من العراق يتنازع السيادة عليه الاكراد والعرب السنة. وقال فرهاد اتروشي النائب الكردي في البرلمان العراقي ان الاكراد يحمون الهاشمي كوسيلة لحماية اتفاق تقاسم السلطة. وقال "الهاشمي فرد لكن من ورائه تقف كتلة العراقية وهي واحدة من اكبر الكتل وتمثل مكونا من مكونات المجتمع وهو السنة. عندما يقولون ان هناك تهميشا واستبعادا فنحن ندافع عن ذلك." بحسب رويترز.

ويقول مسؤولون عراقيون ان القضية ضد الهاشمي جنائية محضة ولا تحركها اي دوافع طائفية.

ويقولون ان الهاشمي استغل سلطته السياسية في تقديم الغطاء للمسلحين المسؤولين عن اعمال القتل. ورفضت لجنة قضائية نقل القضية من بغداد. وقال علي الشلاه البرلماني العراقي النائب عن ائتلاف دولة القانون ان الهاشمي تسبب في احراج شديد لكردستان. واضاف ان برزاني يريد الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع كل الاطراف لانه يريد البقاء كوسيط جيد بين كل الاطراف. وقال ان على الهاشمي ان يرفع هذا الحرج عن الاكراد ويسلم نفسه للعدالة.

على صعيد متصل وجه رئيس منطقة كردستان العراق انتقادات حادة للحكومة المركزية تضمنت تهديدا مستترا باعادة النظر في العلاقات مع بغداد. وصعد رئيس كردستان مسعود البرزاني بشكل مطرد انتقاداته لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي في الاسابيع الماضية وسط خلافات بشأن النفط والارض واموال الميزانية وتقاسم السلطة في بغداد. ويبدو ان الكلمة التي القاها ستزيد من خطورة الوضع حيث احتوت على تعبيرات تشير الى انه قد يسعى لاجراء استفتاء من نوع ما على علاقة المنطقة الكردية ببغداد لكنه لم يصل الى حد خرق احد المحظورات بالاشارة بشكل صريح الى استفتاء على الاستقلال. وقال البرزاني في ترجمة رسمية لتصريحاته على موقعه على الانترنت "آن الاوان لنقول كفى." وأضاف "الوضع الراهن للامور غير مقبول لنا واطالب الزعماء السياسيين العراقيين بأن يحاولوا على نحو عاجل التوصل الى حل والا فاننا سنعود الى مواطنينا ونتخذ قرارا بشأن المسار الذي يرى شعبنا انه ملائم له." وقد ينظر الى التصريحات على انها تهديد مقنع بالسعي للاستقلال لان معظم الاكراد يقولون انهم سيصوتون للانفصال عن العراق اذا اتيحت لهم الفرصة.

الهاشمي يغادر العراق

على صعيد متصل وفي تطور مهم فيما يخص القضية توجه نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المطلوب للقضاء بتهمة دعم اعمال ارهابية الى الدوحة ، على ان يعود في وقت لاحق الى اقليم كردستان حيث يقيم، وفقا لبيان صدر عن مكتبه. واعلنت وكالة الانباء القطرية الرسمية في وقت لاحق ان الهاشمي وصل الى الدوحة "في زيارة رسمية للبلاد تستغرق عدة ايام"، وكان في استقباله وزير الدولة الشيخ حمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني. وذكر بيان مكتب الهاشمي ان الهاشمي "غادر اقليم كردستان العراق متوجها الى الدوحة في دولة قطر الشقيقة بناء على دعوة تلقاها في وقت سابق". وبحسب البيان الذي نشر ايضا على الموقع الخاص بالهاشمي، فان نائب الرئيس العراقي سيلتقي في الدوحة امير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. واشار البيان الى انه "من المتوقع ان تستغرق الزيارة بضعة ايام، يقوم بعدها بزيارة دول اخرى يعلن عنها في حينه، ويعود بعدها الى مقر اقامته في كردستان العراق". بحسب فرانس برس.

وهذه المرة الاولى التي يعلن فيها عن مغادرة الهاشمي للإقليم الكردي منذ صدور مذكرة التوقيف بحقه في 19 كانون الاول/ديسمبر الماضي، علما ان الحكومة تطالب سلطات الاقليم بتسليمه للقضاء في بغداد. ويلاحق الهاشمي احد قياديي القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي، بتهمة دعم عمليات ارهابية نفذها عناصر حمايته. وقال رئيس الحكومة نوري المالكي في مؤتمر صحافي ان المطالبة بتسليم الهاشمي "يجب ان تكون عبر الانتربول"، مضيفا ان "المتهم مطلوب لبلد عضو في الجامعة العربية ولا ينبغي ان يستقبل سيما انه يستقبل بعنوان نائب لرئيس الجمهورية". واضاف "هذا مخالف لطبيعة العلاقات الدولية".

من جانب اخر نفى مجلس القضاء الاعلى في العراق زعم طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي الهارب ان احد حراسه الشخصيين تعرض للتعذيب حتى الموت وهو اتهام قد يزيد من تعقيد مساعي حل القضية التي خيمت عليها الخلافات الطائفية. وقال الهاشمي متحدثا لقناة الشرقية العراقية ان واحدا من حراسه الشخصيين قد القي القبض عليه قبل ثلاثة اشهر. وسلمت جثته الى اسرته في 18 من مارس اذار الماضي دون ذكر لسبب الموت في شهادة الوفاة. وقال الهاشمي انه يعلن ان وفاة عامر سربوت زيدان البطاوي جاءت نتيجة للتعذيب داخل السجن. وقال عبد الستار البرقدار المتحدث باسم مجلس القضاء الاعلى في بيان ان السجين مات من المرض. وقال ان عامر سربوت كان يعاني من مرض وأرسل الى عدة مستشفيات. واضاف قوله ان جثته ارسلت الى معهد الطب الشرعي لتشريحها لايضاح سبب الوفاة. وتظهر النتائج الاولية ان السبب هو جفاف حاد وانخفاض ضغط الدم وفشل كلوي.

وطالب نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المطلوب قضائيا، المجتمع الدولي باتخاذ خطوات لتصحيح وضع حقوق الانسان في العراق اثر وفاة احد عناصر حمايته في السجن. وقال الهاشمي في خطاب قصير مباشر باللغة الانكليزية "اتوسل المجتمع الدولي ان يتخذ سريعا خطوات لتصحيح الوضع الكارثي لحقوق الانسان في العراق، وهو وضع بات لا يحتمل". ودعا الهاشمي في خطابه "كل الجمعيات التي تعنى بحقوق الانسان في العراق الى ارسال لجان محايدة لفحص الجثة وتحديد سبب الوفاة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/نيسان/2012 - 13/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م