
شبكة النبأ: لاتزال الاوضاع غير
المستقر في مالي مصدر قلق وتخوف للعديد من الدول خصوصا تلك دول الجوار
التي باتت حذرة في تعاملها مع الاوضاع في هذا البلد مطالبة المجموعة
العسكرية الحاكمة بضرورة الاسراع بنقل السلطة الى ادارة مدنية منتخبه
لإنقاذ البلاد من ازماتها المتفاقمة خصوصا مع وجود ذلك التمرد الداخلي
الذي اخذ بالاتساع مستفيدا من الاوضاع الراهنة، وفي هذا السياق تظاهر
آلاف الاشخاص في باماكو تعبيرا عن دعمهم للمجموعة العسكرية التي اطاحت
الرئيس المالي امادو توماني توري ويبدو انها اقتربت من تسوية حول مرحلة
انتقالي قبل تنظيم انتخابات.
وكانت المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي منذ الانقلاب في 22 اذار/مارس
اعلنت عن اعتماد دستور جديد قبل 48 ساعة من زيارة عدد من رؤساء دول
مجموعة غرب افريقيا التي صعدت اللجنة مؤخرا مطالبة ب"عودة سريعة الى
النظام الدستوري".
وعبر المتظاهرون عن دعمهم للمجموعة العسكرية وهم يرفعون لافتات كتب
عليها "ليسقط امادو توماني توري" و"تسقط الاسرة الدولية" و"تعيش
المجموعة العسكرية". وقال بيان تلاه عسكري عبر التلفزيون العام ان "اللجنة
الوطنية من اجل النهوض بالديموقراطية وترميم الدولة" (المجلس العسكري)
"اقرت النص الاساسي" وهو دستور يتضمن سبعين بندا سيطبق خلال الفترة
الانتقالية.
وتنص مقدمة الدستور على ان الشعب المالي "يؤكد رسميا تصميمه على
ترسيخ دولة الحق والديموقراطية التعددية التي تضمن حقوق الانسان
الاساسية".
ويقضي "النص الاساسي" بالا يسمح لاي من اعضاء المجلس العسكري
وحكومته المقبلة بالترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية التي تعتزم
السلطات العسكرية تنظيمها، بدون ان يحدد تاريخ هذه الانتخابات ولا مدة
الفترة الانتقالية. وسيكون المجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية "الهيئة
العليا" فيما يكون قائده الكابتن امادو سانوغو "رئيس الدولة" وهو الذي
سيعين حكومة.
وتؤكد السلطات الجديدة التي تضم بشكل اساسي ضباطا انها نفذت
الانقلاب اثر فشل الرئيس في التصدي لحركة تمرد يشنها الطوارق منذ منتصف
كانون الثاني/يناير في الشمال. من جهة اخرى، صرح وزير خارجية بوركينا
فاسو جبريل باسولي لاذاعة فرنسا الدولية (ار اف اي) ان المجموعة
الاقتصادية لدول غرب افريقيا طرحت مسألة "انتقال السلطة" الذي سيتم
بقيادة ديونكوندا تراوري رئيس الجمعية الوطنية التي حلها الانقلابيون.
واضاف "اذا طانت هذه الصيغة تسمح بالخروج من الازمة فلم لا؟ اعتقد ان
الرئيس ادادو توماني توري لن يجد فيها اي مشكلة، فهو الذي دعا باستمرار
الى السلام والاستقرار والديموقراطية. وكانت قمة استثنائية لرؤساء دول
غرب افريقيا قررت الثلاثاء في ابيدجان ارسال وفد يضم عددا من الرؤساء
خلال 48 ساعة الى مالي من اجل "السماح بعودة سريعة الى النظام الدستوري"
في هذا البلد. بحسب فرنس برس.
من جانب اخر اعلن وفد من المجموعة الانقلابية التي سيطرت على الحكم
في مالي في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو "موافقة" المجموعة على "المبادىء
الاساسية" للخروج من الازمة، والتي تشترط العودة سريعا الى "النظام
الدستوري الطبيعي". وقال الكولونيل موسى سينكو كوليبالي مدير مكتب رئيس
المجموعة الانقلابية في ختام لقاء مع رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري
الذي يقوم بدور وساطة في ازمة مالي "بالنسبة الى المبادىء الاساسية
التي طلبت منا، نقول اننا موافقون. لا بد من حياة دستورية منتظمة
وطبيعية، وما سنناقشه الان هو ترتيبات التوصل الى ذلك".
وضم الوفد ثلاثة ضباط برئاسة الكولونيل موسى كوليبالي والكابتن
اداما ديارا واللفتنانت امادو كوناري المتحدث باسم المجموعة الانقلابية.
وهي المرة الاولى التي يلتقي فيها وفد من المجموعة الانقلابية الرئيس
كومباوري الوسيط الذي عينته المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا.
ودامت المحادثات بين وفد المجموعة الانقلابية ورئيس بوركينا فاسو نحو
ساعتين وجرت في القصر الجمهوري في واغادوغو. واضاف الضابط الانقلابي "لقد
اجرينا محادثات مثمرة وبناءة مع السلطات. لقد اكد لنا الرئيس (كومباوري)
استعداده للمضي نحو حل بناء يتيح العودة الى نظام دستوري في مهلة سريعة
نسبيا". وتابع "نأمل بان نصل خلال مهلة سريعة نسبيا الى تسوية تتيح جعل
سلطات الدولة مقبولة من الجميع".
وقال وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسولي انه سيتوجه "على الفور"
الى باماكو للقاء الكابتن امادو سانوغو زعيم المجموعة الانقلابية. وقال
"ناقشنا ترتيبات الخروج من الازمة مع الوفد الموجود هنا، وسنواصل
المناقشات في باماكو مساء السبت للتوصل الى حل". وكانت المجموعة
الاقتصادية لمجموعة دول غرب افريقيا هددت السلطات الانقلابية ب"حظر
دبلوماسي ومالي" يفرض في حال لم تعد الى البلاد السلطات الدستورية.
الطوارق في مدينة غاو
في سياق متصل دخل المتمردون الطوارق مدينة غاو، اخر معقل في شمال
مالي لقوات الانقلابيين الذين باتوا يتعرضون لضغط مزدوج من حركة التمرد
في شمال البلاد ،من جهة اخرى اعلنت المنظمة الاقتصادية لدول غرب
افريقيا (سيدياو، 15 عضوا) انها وضعت قوة مسلحة قوامها الفي رجل في
حالة تأهب بعد سقوط مدينة كيدال بين ايدي متمردين طوارق. وتعتبر غاو
التي تبعد نحو الف كلم شمال شرق باماكو، اكبر مدن شمال مالي وتاوي
خصوصا مقر قيادة الجيش للمنطقة الشمالية كلها.
وافاد مستشار حاكم غاو مهمان دياكاتي عن قصف مدفعي ثقيل وقع على
المدينة التي دخلها المتمردون رغم تدخل مروحيات الجيش. وافادت مصادر
متطابقة ان معارك تجري من اجل السيطرة على معسكرين تابعين للجيش. وبعد
سقوط مدينة كيدال في ايدي متمردين طوارق تعتبر غاو نكسة شديدة
للانقلابيين لا سيما انهم برروا انقلابهم في 22 اذار/مارس تحديدا بفشل
نظام حمادي توماني توري في احتواء التمرد في شمال البلاد.
وسيطرت مجموعة اسلامية مسلحة تدعى انصار الدين تدعمها الحركة
الوطنية لتحرير الازواد، اكبر مجموعة تمرد طوارق، وعناصر من تنظيم
القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي على مدينة كيدال التي تبعد 300 كلم
شمال شرق الحدود الجزائرية. وسقطت المدينة في اقل من يومين في حين لم
تصدر اي حصيلة خسائر لكن تم أسر الحاكم وستة مسؤولين على الاقل بين
مدنيين وعسكريين. وقد تراجعت القوات الحكومية بقيادة الكولونيل الاجي
غامو الذي ينتمي هو ايضا الى الطوارق، الى غاو.
وبعد تراجع الجيش من كيدال وانسوغو وبورم بات معظم انحاء شمال شرق
البلاد في ايدي المتمردين الطوارق والمجموعات الاسلامية التي تشن منذ
منتصف كانون الثاني/يناير هجوما "لتحرير" اراضي الازواد، مهد الطوارق.
ولم يبق تحت سيطرة الحكومة سوى حاميتي غاو وتمبوكتو. لكن باماكو التي
تقع على مسافة الف كلم تبدو بعيدة المنال بالنسبة للمتمردين غير ان
سقوط كيدال والمخاطر حول غاو يشكلان نكستين كبيرتين للجنة الوطنية
للاصلاح والديموقراطية (مجلس الانقلابيين). وقد اعتبرت اللجنة التي
تتراجع امام المتمردين والمعزولة تماما على الساحة الدولية، على لسان
قائدها الكابتن حمادو سونوغو الجمعة ان "الوضع شديد الخطورة". بحسب
فرنس برس.
وبعد فشل محاولة وساطة في باماكو الغت المنظمة الاقتصادية لدول غرب
افريقيا زيارة كانت على وشك القيام بها، عقب تظاهرة غير مناسبة قام بها
موالون للانقلابيين على مدرج المطار، وضع قادة المنظمة قوة طارئة في
حالة استنفار وهددوا الانقلابيين بحظر "دبلوماسي ومالي" اذا لم يعيدوا
النظام الدستوري. واعلن رئيس ساحل العاج الحسن وتارا الذي يتولى حاليا
رئاسة المنظمة الاقتصادية لدول غرب افريقيا ان المنظمة "وضعت في حالة
استنفار قوة مسلحة قوامها الفي رجل" بعد سقوط مدينة كيدال بين ايدي
متمردين طوارق. وقال "اننا نريد تفادي الحرب حيث انه اذا عادت الشرعية
وادركت تلك الحركات المسلحة ان ثمة تعبئة اقليمية ودولية فانها ستغادر
كيدال فورا". |