معك كلنا مطلوبون

عبدالعزيز حسن آل زايد

كلما حاولت الجراح أن تهدئ وتندمل، أريقت دماء طاهرة جديدة، متى سيفهم الحجاج أنه سيُقتل ألف قتلة؟!، متى سينتهي شريط المطاردات البوليسية التافهة؟!، البحث عن البطولة في مزبلة التاريخ مهمة الذباب، والسيناريوهات الملفقة تقيؤها، وعلى المداد كشف المؤامرات لتعرقل المكر فينقلب السحر.

إن قارورة الدماء لعنة تطارد الجلاد ونقمة تفجر الثورات وتسقط الأوثان المعبودة من دون الله، ما أقذر العالم إن ركض خلف جيفة، قد تجدي النصائح لأهلها أما شريح البلاط الذي يحكم بشهوة السلطان سيبلط جسده في نار جهنم، (مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)، والأموال التي تجمع ستبقى وبالاً عليهم؛ فليكنزوا المزيد لتكوى بها: (جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ)..

لا نقول إلا: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم)، هؤلاء رجال أفنوا أعمارهم من أجل حطام زائل، وضاعت التجارة الرابحة منهم، لا يزال الصمت جاثماً على الأفواه، فمتى سينطق العالم بحكم الشريعة على أقرانه، لماذا لا تطبق على السراق الفحول؟!، ويلجم بها الضعفة من الناس!!

مآرب الساسة لها دخل في الفتوى والشريعة، وتناقض الأحكام في الثورات واضحة المعالم، فهي واجبة في ديار ومحرمة إذ مست الجلد، تتلون كالحرباء وكيفما تشاء هذه الفتاوى، فلماذا لا ترتطم بمن يجزل العطاء؟! يبدو أن القلم مرفوع حتى لا يُرفع الرأس مصلوباً كما فعل المأمون برأس شقيقه!

والضحية في زوبعتنا هذه أبرياء كالزهور، محمد زهرة من تلك الباقة، عرفته خجولاً مؤدباً يحمل الحب للجميع، ذنبه أنه يعيش في حكومة تنام وتستفيق على البذخ ويبقى عاطلاً بلا وظيفة، ذنبه أنه يعيش على بركة عظيمة من النفط ولا يستطيع الزواج، سألته ذات مرة: (متى ستتزوج؟!)، نظر في قرص الشمس حينها، وفهمت منه ما لا يفهمه الكثير، آه لأبناء مجتمعي يهرول قطار الزمن بعيداً وهم بلا زوجة ولا دار، وهل يغني الكدح ليلاً ونهاراً من أجل بعض الفتات؟!، أما أسيادنا من السلالة الذهبية - ادام الله خيرنا لهم!! - تنتفخ كروشهم ويخلفون دون حساب، لتضمن بقاء هذه السلالة النادرة عن الانقراض!!

تحدثت معه غير مرّة فشاهدت الطيبة والخلق النبيل الذي يعمر قلبه، محتسباً كان يشكو أمره إلى مولاه مما حل به من جور، وأنا بعيد عن بلدتي أسمع صوت زفاف، لم أتوقع أن يكون العريس محمداً، وأنّ له بالمال والخير يغتنمه سبع ضاري يأكل أموال الناس نهاراً دون أن يستحي، ثم من سعيدة الحظ التي تقبله؟، إنها رصاصة غادرة أوغلت حقدها في جسده المتعب، عروستك تفضل بها عليك النظام مجاناً، أولست للتو خارج من صالون الحلاقة؟! تهيؤك واستعدادك أغناهم عن الاستئذان، أرادوا زفافك كما زفوا رفاقك قبلاً؛ لكن صمودك وقوتك أصابتهم بالذعر والخيبة، قصورة رأوك وهم الحمر، ارتبكت أطرافهم واختلط عليهم الصواب الذي أضاعوه سنيناً، كانت رميتهم عليهم معكوسة، (وما رميت... ولكن الله رمى)، فلقد كفيت السلاح وأصاب بعضهم بعضاً ولحقك من الجراح ما لحقهم إلا أنك رجوت ما لا يرجون، ولا عجب من نصر الله فهم كيهود بني نضير: (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ...)، أوليس الرعب قد قذفه الله في قلوبهم، وأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا؟!

لا تقلق فلحمة القطيف معك وطريق البطولة تحت قدميك يسير، استلقي في فراشك تحرسك في السماء عيون وتحفك الملائكة وتهنئك بالفتح القريب، ولك زفاف يثلج صدر والدتك التي تنتظره عن كثب، أليس الله عند حسن عبده، ولقد أحسنت الظن؛ فابشر بالبيع الذي بعته.

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 31/آذار/2012 - 9/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م