تونس... ثورة اعلامية على غرار ثورة الياسمين

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: لم يتوقّع التونسيون أن الثورة السياسية التي حدثت العام الماضي ستولد من رحمها ثورة جديدة متمثلة بثورة الإعلام التونسي، حيث دفعت بعض الأحداث التي شهدتها تونس مؤخرا بالعديد من الصحافيين إلى إبداء مخاوفهم على حرية الإعلام.

ويخشى صحفيون تونسيون من مواجهة خطوط حمراء جديدة، وانتهاكات لحرية التعبير خاصةً بعد التعيينات التي قامت بها الحكومة الجديدة، والتي شملت المناصب الأساسية في وسائل الإعلام الرسمية في تونس، ورأى بعضهم في هذه التعيينات "عودة الى اسلوب الرقابة والتقييد والإملاءات السياسية، وتذكرهم بعهد الرئيس السابق بن علي الذي كان يمسك الإعلام بقبضة من حديد، في المقابل قال رضا الكزدغلي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، ان التعيينات التي شملت رؤساء تحرير هي وقتية وسينتهي مفعولها بمجرد انتخاب الصحفيين في التلفزيون، وفي صحيفتي لابراس، ورؤساء التحرير للصحافة.

إذ يعكس الخلاف بين الإعلام الذي يسيطر عليه العلمانيون في تونس والحكومة التي يقودها الان حزب النهضة الإسلامي المعتدل، صراعا أوسع بشأن الهوية في البلاد التي ظلت لعقود من بين أكثر الدول علمانية في العالم العربي.

فبعد عقود من الكبت الإعلامي تحرر الإعلام المحلي من القيود وأصبح يناقش العديد من القضايا. لكن التطرق للجيش في الصحافة المحلية مازال ينطوي على قدر كبير من الحذر والحساسية، ومع ذلك يقول مراقبون ان الاعلام مازال يعاني من نقص في المهنية وشيوع الفوضى بسبب الحرية المطلقة التي نالها الصحفيون اثر الثورة، فيما يقول دبلوماسيون ان تأسيس سلطة الإعلام الجديدة سيحتاج وقتا حتى تترسخ معايير الصحافة ويزول اللغط حول دور حرية التعبير في الديمقراطية، وان تونس ما زالت تتعلم الديمقراطية وان الأمر لا يقتصر على الصحفيين وإنما كل التونسيين اللذين يجب عليهم ان يتعلموا كيف تكون الديمقراطية حتى يمكنهم قبول الآراء المختلفة، وتقبل الانتقاد في الإعلام عبر دوره كسلطة رابعة في البلاد.

أشواك في طريق الاعلام

في سياق متصل هاجم اسلاميون قناة (نسمة) التلفزيونية التونسية لانها عرضت فيلما ايرانيا للرسوم المتحركة يجسد الذات الالهية واتهموا القناة باثارة المشاكل عشية أول انتخابات في تونس بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، واعتقلت الشرطة المحتجين لكنها حولت مدير قناة (نسمة) للمحاكمة أيضا ووجهت له اتهامات من بينها انتهاك القيم المقدسة، وفي فبراير شباط سجن لمدة ثمانية أيام نصر الدين بن سعيدة ناشر صحيفة صدرت بعد الثورة وتم تغريمه بعدما نشر صورة للاعب كرة القدم الالماني من أصل تونسي سامي خضيرة وصديقته عارية على غلاف الصحيفة، ويخشى صحفيون وعلمانيون في تونس أن تكون الواقعتان وغيرهما اشارات على رغبة الحكومة الانتقالية في النكوص عن المكاسب التي تحققت في مجال حرية التعبير بعد الثورة.

ويخشى كثيرون أن تركز الاجراءات القانونية ضد الصحفيين على قضايا الاخلاقيات العامة متجاهلة عيوبا مهمة تعاني منها المهنة مثل عدم ذكر المصادر والتشهير. وقالت نجيبة الحرموني نقيبة الصحفيين التونسيين في مقر النقابة ان الحكومة الجديدة مازالت تنظر الى الاعلام بعين الريبة، وأضافت نجيبة التي انتخبت للمنصب العام الماضي ان ما يحدث يوميا في تونس ليس عودة للرقابة وانما هي جهود للتأثير في الصحفيين وتوجيههم الى سياسة تحريرية معينة وشخصيات معينة وقضايا معينة، ويتهم العلمانيون حزب النهضة بموالاة المحافظين الذين تعالى صوتهم بشكل أكبر بعد الثورة، وفي ديسمبر كانون الاول دفع داعية اسلامي باقالة الرئيسة الجديدة لراديو (الزيتونة) الذي يبث تلاوة للقران الكريم بشكل رئيسي. وحصل الداعية عادل العلمي في وقت لاحق على تصريح من الحكومة لتأسيس منظمة غير حكومية تسعى لنشر القيم الاسلامية وتسعى لمنع الصحف من نشر صور نساء غير محتشمات، ووصف العلمي هذا بأنه احترام للدين بينما وصفه علمانيون وصحفيون بأنه هجوم على حرية التعبير، وقالت تونسية تدعى سعيدة زغلالي شاركت في احتجاج مناهض للحكومة أمام وزارة الداخلية يوم 25 فبراير "الحكومة هي التي تسبب المشاكل وليس نحن. يعتقدون أن أي شخص ينتقدهم كافر، وأضافت "أي شخص ينتقدهم يتعرض للهجوم، وكانت سعيدة تشارك في وقفة سلمية وتحمل لافتة عندما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المظاهرة وقالت ان الاحتجاج استنفد الوقت المخصص له. وتعرض العديد من الصحفيين الذين ظلوا في المكان للضرب والاهانة من الشرطة، وانتقدت جماعات علمانية ونقابة الصحفيين ما حدث. ورغم ندرة لجوء الشرطة التونسية للعنف ضد الصحفيين بعد الثورة فان العنف في هذا اليوم أعاد الى الاذهان الاساليب التي كانت تستخدمها الشرطة أيام بن علي، وقالت منظمة مراسلون بلا حدود ومقرها باريس في بيان حينها "تشير الطريقة التي أهانت بها الشرطة الصحفيين ووحشيتها مع بعضهم الى عودة واضحة لاستخدام عنف الشرطة ضد الاعلام، وأضافت "التفسير الوحيد لهذا التصرف من قبل الشرطة هو خوفها من بث صور ولقطات فيديو لافعالها غير المبررة في الاعلام. وهذا الظهور المجدد للتوتر بين الشرطة والصحفيين يثير كثيرا من القلق. يجب فعل شيء لنزع فتيل ذلك والا ستتكرر مثل هذه المشاهد، وتنفي الحكومة تضييق الخناق على حرية الصحافة في البلاد، وفي مؤتمر صحفي قبل يومين من هذه الواقعة واجه راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة وابلا من الاسئلة حول هذه الحريات. ورد الغنوشي بالقول ان زمام الاعلام قد انفلت وانه يساعد على الاستقطاب في المشهد السياسي. بحسب رويترز.

وقال الغنوشي انه يريد أن يتحلى الاعلام بالمهنية وانه لا أحد يريد أن يثني الاعلام الرسمي أو الخاص على الحكومة ولا أن ينتقل من اطراء الى اطراء وانما قال انه يريده أن يتحلى بالموضوعية، ويقول صحفيون تونسيون انهم رغم التحديات فلا يزالون من أكبر الفئات التي حققت مكاسب من الثورة، وبدأت أكثر من مئة صحيفة جديدة في الصدور بعد الثورة في البلاد التي لا يتعدى عدد سكانها عشرة ملايين نسمة. وبدأ بث 12 اذاعة جديدة كما انطلقت ثلاث قنوات فضائية جديدة، ولم يعد الصحفيون التونسيون يواجهون الترويع كما انتهت الرقابة الحكومية وظهر جيل جديد في الصورة، ففي المكاتب الصاخبة لصحيفة (تونيزيا لايف) الالكترونية التي تصدر بالانجليزية وخرجت من رحم الثورة تناقش مجموعات من الصحفيين الشبان بحماس أكثر أحداث اليوم سخونة، ولم تكن النقاشات التي تدور بين العاملين في الصحيفة التي يشرف مؤسسوها على مبنى استديو تلفزيوني لتخطر على بال أحد في أيام الرقابة الحكومية عندما اقتصرت الصحف على مديح بن علي وحفلت بصور السيدة الاولى في البلاد، وشارك زياد محيرسي ويوسف جايجي وكلاهما يتحدث الانجليزية بطلاقة في تأسيس (تونيزيا لايف) الذي ساعد الاعلام الدولي على معرفة اخبار تونس أيام الثورة. ويعكس ذلك المدى الذي يمكن أن يصل اليه الشبان التونسيون المتعلمون في خلال شهور فقط، وقال محيرسي "عند بدء الثورة شعرنا بأنه لا يوجد أحد ينقل الاخبار بالانجليزية، وأضاف محيرسي الذي زاد عدد العاملين معه الان الى 30 شخصا "بدأنا بمدونة بسيطة للغاية ولم تكن ذات جودة عالية."

لكن سرعة وحجم التغيير في تونس جعلا قطاع الاعلام يعاني من التخبط فالاثارة كبيرة خاصة عندما يتعلق الامر بالجدال مع الاسلاميين كما أن المصادر قليلة والاشاعات تنتشر بسرعة، وبالنسبة لوسائل الاعلام الالكتروني الرائدة مثل (تونيزيا لايف) فانها كافحت حتى تصبح معروفة وتحصل على تمويل، وعلى الناحية الاخرى أصدرت شخصيات سياسية أو اقتصادية كبيرة صحفا لا تكترث بالصحافة الموضوعية بقدر اهتمامها بالترويج لحملاتها الانتخابية أو مصالحها، وقال محيرسي "هناك فراغ بالفعل والكل يحاول ملء هذا الفراغ بما يستطيع، وأثنى خبراء قانونيون واعلاميون على قانون جديد للاعلام وضعت مسودته لجنة مستقلة خلال الفترة الانتقالية العام الماضي لكن صحفيين يقولون انه لم ينفذ بعد، ولم يعد هناك في تونس وزارة للاعلام بعد الثورة لتجيز أو تمنع اصدار الصحف لكن الحكومة لم تنشئ بعد سلطة اعلامية مستقلة نص عليها القانون الجديد لاعتماد الصحفيين ومراقبة شؤون المهنة، ويمنع القانون الجديد اعتقال الصحفيين الا أنه عندما اعتقل ابن سعيدة بسبب صورة لاعب كرة القدم وبتهمة الاساءة للاخلاق والذوق العام تجاهل النائب العام التونسي قانون الاعلام، ولجأ النائب العام في قراره الى القانون الجنائي الذي ستعاد كتابته ومازال يسمح باعتقال الصحفيين، وقالت الحرموني ان الصحفيين يطالبون بتنفيذ القانون الجديد لكنهم يطالبون الان أيضا بالغاء بنود في القانون الجنائي تضيق على الحريات، وأضافت أن الامر كان مفهوما في عهد بن علي وأن النظام كان ديكتاتوريا لكنها تساءلت عن السبب الذي يجعل الحكومة الجديدة تلجأ للقانون الجنائي رغم أنه يفترض أن تكون حكومة ثورية، ولا تزال محاكمة نبيل القروي مدير قناة (نسمة) مستمرة. والى جانب اتهامه بانتهاك قيم مقدسة أو التجديف يتهم القروي أيضا بتكدير صفو النظام العام على اعتبار أن بث الفيلم الايراني قبيل الانتخابات كان مستفزا، وقالت دعاية الفيلم الايراني انه يحكي قصة ثورة أفسدها صعود الاسلاميين وذلك في مقارنة يقول منتقدون ان مغزاها لا يخفى على أحد في أجواء ما بعد الثورة في تونس.

محاولة السيطرة

فيما تظاهر الاف التونسيين بشوارع العاصمة تونس للتحذير من تراجع الحريات الجديدة في البلاد بعد الثورة، وتأتي المسيرة وسط موجة انتقادات تقودها المعارضة العلمانية ضد الحكومة بدعوى اخفاقها في معالجة عدد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسعي للتضييق على الحريات بعد اسابيع قليلة من تسلمها مقاليد الحكم، وتجمع حوالي خمسة الاف متظاهر في مسيرة تهدف للمطالبة بحماية الحريات التي قالوا انها مهددة بدعوة من احزاب يسارية ومنظمات المجتمع المدني، ودعت المعارضة للمسيرة بعد تعرض صحفيين وحقوقيين لاعمال عنف من قبل افراد من جماعات وبعد مثول مدير عام تلفزيون نسمة المحلي امام القضاء بتهمة الاساءة للشعائر الدينية، ورفع المتظاهرون -الذي تجمعوا امام ساحة حقوق الانسان بالعاصمة قبل ان يجوبوا شارع الحبيب بورقيبة بقلب العاصمة- لافتات كتب عليها "السيطرة على الاعلام عودة للظلام" و "لا خوف لا رعب .. السلطة ملك الشعب" و "خبز وماء والتطرف لا..خبز ماء والسلفية لا"، ولم يخف المتظاهرون غضبهم من الحكومة وردد مئات منهم شعارات مناهضة للحكومة ولحركة النهضة الاسلامية ورددوا شعار "الشعب يريد اسقاط الحكومة"، وانتقد المتظاهرون ما قالوا انه سعي الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية مع حليفين علمانيين هما المؤتمر والتكتل الى السيطرة على قطاع الاعلام الحكومي مثل التلفزيون الحكومي بعد تعيينات جديدة اعلنتها الحكومة وطالت حتى رؤساء تحرير نشرات الاخبار. بحسب رويترز.

لكن الحكومة قالت انها لاتسعى لتكميم حرية التعبير ولا السيطرة على الاعلام وان التعيينات مؤقتة حتى اجراء انتخابات داخل المؤسسات الاعلامية الحكومية، وقالت المحامية سعيدة قراش  بينما كانت ترفع علم تونس وسط حشود المتظاهرين "نحن هنا لنقول ان الناشطين والمنظمات والاحزاب بالمرصاد لحماية الحريات من التراجع وسط ما نشاهده من خطاب سلفي متشنج وتعدي على حرية الاعلام والمعتقد والتفكير، واتهمت قراش حركة النهضة الاسلامية بالتواطئ والتغاضي على الخطاب المتشدد والعنف بدعوى الدين، وكان الصادق شورو عضو المجلس التاسيسي عن حركة النهضة وسجين سابق قد استشهد باية قرأنية في المجلس تدعو الى قتل الخارجين عن القانون في اشارة للمعتصمين الذين يعطلون اقتصاد البلاد. واثار تدخله جدلا واسعا في المجلس وضمن الاوساط الحقوقية ووصفت الدعوة بانها تحريض على القتل والفتنة بين ابناء الشعب الواحد رغم سعي اعضاء من النهضة التقليل من حدة التصريح، من جهته قال حمادي الرديسي وهو استاذ بالجامعة وناشط حقوقي تعرض للعنف على يد شاب من التيار السلفي "نحن هنا لنطلق صيحة فزع ضد تيار جارف من التشدد في الخطاب المتشدد وعدم قبول الرأي المخالف والعنف"، وشاركت نقابة الصحفيين التونسيين في المسيرة ورفعت شعارات تنادي بعدم الوصاية على الاعلام والتمسك باستقلالية القطاع الذي عاني لعقود من هيمنه النظام عليه، وتعهد حمادي الجبالي رئيس الوزراء بحماية كل الحريات بما فيها حرية التعبير والاحتجاج واحترام حقوق الانسان لكنه طالب المعارضة باحترام خيار الشعب الذي جسده في الانتخابات الماضية، ورفعت متظاهرات لافتات كتب عليها "حرية المرأة خط احمر" و "نعم للتفكير .. لا للتكفير".

مؤشر خطير

الى ذلك حذر مسؤولون بمنظمة العفو الدولية من ان تعيين رئيس وزراء تونس الاسلامي حمادي الجبالي لرؤساء تحرير في التلفزيون الرسمي يعتبر مؤشرا خطيرا لانتهاك حرية التعبير في البلاد وسط احتجاجات واسعة للصحفيين بعد نحو عام من الاطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، وقال بيان لرئاسة الحكومة انه تم تعيين مسؤولين في وسائل اعلام عمومية من بينها رؤساء تحرير في نشرة الاخبار بالتلفزيون الحكومي مما أثار غضب مئات الصحفيين الذين تجمعوا  امام مكتب رئيس الوزراء بالقصبة للاحتجاج على هذه الخطوة مطالبين بالتراجع عنها، ورفع الصحفيون شعارات تطالب الحكومة بعدم السعي لتركيع الاعلام ورفع يد الحكومة عن القطاع، وهددت نقابة الصحفيين بالقيام باضراب عام في حال لم تتراجع الحكومة عن هذه التعيينات، وقال لطفي عزوز المدير التنفيذي بمنظمة العفو الدولية فرع تونس عقب تقرير نشرته المنظمة بعنوان "عام من الثورات العربية" ان مثل هذه الخطوة تؤشر لانتهاك حرية الاعلام الذي يتعين ان يكون حرا ومحايدا، وأضاف "تعيين رؤساء تحرير من قبل الحكومة هو تدخل مباشر من السلطة التنفيذية في حرية التعبير وهو مؤشر خطير لتراجع حرية الصحافة في المرحلة المقبلة، وقال "في حال سيكون الاعلام صوتا للحكومة فاننا بذلك لن نخرج من المنظومة التي سادت سابقا في تونس. بحسب رويترز.

وقال محمد لطفي الباحث بالمنظمة ببرنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا "المفروض ان يكون الاعلام العمومي صوتا للجميع وأن يتيح المجال لكل التيارات لا ان يكون صوتا للحكومة فقط، وأضاف "وسائل الاعلام الحكومية التي يدفع لها المواطنون جزءا من الاداءات يتعين ان تكون محايدة تماما ولا ينبغي ان تكون محسوبة على اي طرف، وكان الجبالي عبر في وقت سابق عن عدم رضاه عن اداء الصحافة المحلية وخصوصا الحكومية منها وقال انها لم ترتق الى تطلعات الشعب ولم تحترم خياراته التي جسدها في الانتخابات، ويضاف ملف الاعلام الى العديد من التحديات التي تواجه الحكومة الحالية ابرزها تشغيل مئات الالاف من حاملي الشهادات العليا ومواجهة موجة احتجاجات اجتماعية انتشرت في ارجاء البلاد، وتقود حركة النهضة الاسلامية اول حكومة منتخبة بشكل ديمقراطي في تاريخ البلاد مع حليفين علمانيين هما المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات.

انتقادات واسعة

من جهتها عبرت الهيئة الوطنية العليا للاصلاح والاعلام والاتصال التي تشكلت بعد الثورة التونسية عن "استغرابها للتعيينات" التي اعلنها رئيس الوزراء حمادي الجبالي، واعربت "عن عميق استيائها من هذه القرارات التي تم اتخاذها في غياب التشاور مع الاطراف المعنية"، ورات في ذلك "تناقضا مع مسار الانتقال من اعلام حكومي موجه الى اعلام عمومي ديموقراطي تعددي ومستقل"، واعلنت حكومة حمادي الجبالي السبت عن تعيينات على راس ابرز المؤسسات الاعلامية التونسية، وطالت التعيينات وكالة تونس افريقيا للانباء الحكومية (وات) ومؤسسة التلفزة الوطنية التونسية والصحيفتين اليوميتين "لابراس" الناطقة بالفرنسية و"الصحافة" الناطقة بالعربية وكذلك شركة الطباعة والصحافة والنشر (سنيب). بحسب فرانس برس.

وعين محمد الطيب اليوسفي الذي كان ملحقا اعلاميا في حكومة الرئيس السابق زين العابدين بن علي في منصب المدير العام لوكالة تونس افريقيا للانباء خلفا لنجيب الورغي الذي شغل هذا المنصب منذ ايار/مايو 2010، وقد كلف هذا الاخير بادارة صحيفتي لابراس والصحافة والشركة الجديدة للطباعة والصحافة والنشر، وتأسست وكالة تونس إفريقيا للأنباء في الاول من كانون الثاني/يناير 1961. ويعمل فيها نحو 300 موظف بينهم 220 صحافيا ومصورا وموثقا، كما عين عدنان خذر رئيسا ومديرا عاما لمؤسسة التلفزة الوطنية والمخرج صادق بوعبان مديرا للقناة التلفزيونية الوطنية الاولى والاعلامية والناشطة ايمان بحرون على راس القناة التلفزيونية الثانية، وشملت التعيينات الجديدة رئيسي تحرير صحيفتي لابرس والصحافة ومدير الاخبار في التلفزة التونسية، واضافت الهيئة الوطنية العليا لاصلاح الاعلام في بيان على نسخة منه ان "ما يبعث على المزيد من الاستغراب هو ان هذه القرارات لم تتوقف عند المناصب الادارية فحسب بل طالت اقسام التحرير مما يشكل عودة الى اسلوب الرقابة والتقييد والاملاءات السياسية"، من جهتها استنكرت نقابة الصحافيين التونسيين هذه التعيينات وعبرت عن "رفضها لهذه الاساليب المعتمدة" ونددت "بمواصلة تجاهل اهل الاختصاص"، ودعت النقابة "الحكومة المؤقتة الى تحمل مسؤولياتها وما سيترتب عن هذه التعيينات العشوائية من نتائج خطيرة على المهنة والقطاع وترديه". وعزت ذلك الى "ان بعض المعينين كانوا خداما طيعين للنظام الاستبدادي السابق، واستنكرت النقابة "التعدي الذي لم يتوقف عند تسمية المديرين فحسب بل شمل في سابقة غريبة هي الاولى من نوعها تعيينات رؤساء التحرير التي من المفترض ان تتم عن طريق الانتخاب او التوافق"، ودعت الحكومة "الى التراجع عن هذه التعيينات" التي وصفتها "بالاجراء الفوقي والانفرادي"، وكتبت صحيفة الصباح على الصفحة الاولى لعددها الاحد "الصحافة التونسية.

وعادت حليمة الى عادتها القديمة"، في اشارة الى اساليب نظام زين العابدين بن علي الذي اطاحت به ثورة شعبية غير مسبوقة في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بعد ان حكم البلاد بيد من حديد طيلة 23 عاما.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 28/آذار/2012 - 7/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م