العثمانية الجديدة ونزعة تأجيج الأزمة السورية

تركيا تضع قدما مع السلفيين وأخرى مع الغرب

متابعة: المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: ساهمت تركيا وبشكل فاعل في احداث سوريا، وتحاول تركيا ان تعزز مكانتها وان تسجل دور تاريخي في المنطقة عموما وفي سوريا خصوصا. عاكفة على تنظيم المعارضة السورية سياسيا عبر المجلس الوطني السوري وعسكريا عبر دعم ما يسمى بـالجيش السوري الحر.

وبالرغم من المفاوضات التركية بشأن الأزمة السورية، فإن أنقرة ترى حدودا لصلاحياتها، وسط تفاقم الأزمة وتزايد موجة العنف في الدولة المجاورة. وتشير المعطيات أن تركيا تناضل في وجه الأزمة السورية والتي تتجه نحو الحدود التركية وتكشف عن محدودية دور أنقرة القيادي على المستوى الإقليمي، بالرغم من أنها تدخلت في الأزمة منذ اندلاعها.

وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بدوره شبه الأسد بالرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفتش الذي قاد بلاده إلى حرب أهلية عرقية، وأن تركيا لم تقم بدور صلب بشأن الأزمة السورية أبدا.

ويقول مسؤولون ومحللون إن تركيا تخشى القيام بدور عسكري أحادي إزاء الأزمة، مخافة انزلاق سوريا إلى حرب أهلية طائفية، وخشية إثارة الرأي العام العربي، وبالتالي احتمال التسبب في حرب طاحنة على المستوى الإقليمي. بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

وصرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بأنقرة بشأن عزم بلاده إنشاء منطقة عازلة بهدف حماية المدنيين السوريين، حيث ينقل عن قيام السلطات هناك بإنشاء مخيمات كبيرة تتسع لمزيد من اللاجئين مخافة تدفقهم بشكل كبير ومفاجئ.

يقول الكاتب محمد نور الدين ان تركيا تتحرك عبر ثلاث دوائر... الدائرة الأولى، التحالف مع الغرب على اعتبار أن تركيا بلد أطلسي وفي مفاوضات للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والقسم الأكبر من تجارتها واقتصادها مرتبط بأوروبا. والتحالف مع الغرب يفرض التعرض لأهداف عالمية، وليس فقط إقليمية. من هنا كان الدرع الصاروخي استهدافاً للقوة الروسية قبل أن يكون استهدافاً للقوة الإيرانية. وهذا ما يفسر تلك الغضبة الروسية على قبول تركيا نصب الدرع الصاروخي، وتهديد رئيس الحكومة فلاديمير بوتين لتركيا بأن روسيا ستدافع عن نفسها بكل الوسائل. وإسقاط النظام في سورية هو استهداف لآخر ركائز النفوذ الروسي في المنطقة.

أما الدائرة الثانية للتحرك التركي كانت عربية. بعد فترة وجيزة على بدء الأزمة السورية، ولا سيما في الفترات اللاحقة، كانت تركيا جزءاً من الكادر الذي توجد فيه كل الدول العربية المعادية لسورية، مثل دول الخليج، في المطالبة بالإصلاح، وهذا كان يتناقض مع صورة تركيا التي تحاول أن تقدم نفسها بها، أي أنها دولة ديموقراطية من جهة، وعلمانية من جهة ثانية. وجود تركيا أيضاً في الكادر نفسه مع دول ارتفع فيها نجم الإسلام السياسي، الإخواني تحديداً، كان انعكاساً لحراك داخلي لحزب العدالة والتنمية يسعى لهوية اجتماعية أكثر تديناً بخلاف الصورة السائدة عن تركيا.

والدائرة الثالثة التي تحركت فيها تركيا هي الدائرة القومية، حيث أن تحالفها مع الغرب وتنسيقها كل السياسات مع واشنطن تحديداً، لا يلغي وجود أجندة خاصة بأنقرة تلحظ تشكيل حيثية بها قد تلتقي أحيانا مع السياسات الأميركية وقد لا تلتقي، وهو ما اصطلح على تسميته بـالعثمانية الجديدة الذي سيتعارض حتماً في مرحلة لاحقة حتى مع حلفائها من الدول العربية المسماة معتدلة، ولا سيما السعودية ومصر. إن الحديث عن تحالف تركي ـ مصري مثلاً ليس سوى من باب التمني لا الواقع، فيما الحديث عن تحــالف تركي ـ سعودي هو أكثر من مستحيل.

أما الدور الأمريكي الذي تترقب منه تركيا المساهمة بشكل فاعل فهناك فتور في الموقف الأميركي إزاء الأزمة السورية، ويرى الكاتب والمحلل السياسي ماكس بوت بشأن أن ثمة عوامل تقف دون ذلك يتمثل بعضها بطبيعة القوة التي يمتلكها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأخرى متعلقة بمحاذير تسليح المعارضة.

وأوضح الكاتب الذي يعمل باحثا في الدراسات الأمنية القومية في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية، وهو مؤلف كتاب الجيوش غير المرئية، أنه يسهل معرفة الوقت الذي تتردد فيه وزارة الدفاع الأميركية بنتاغون في اتخاذ قرار بمعارضة عملية عسكرية معينة.

وقال إن البنتاغون تتردد عندما تكون هناك تسريبات تشير إلى صعوبة العملية العسكرية، وذلك  كما حصل في تسعينيات القرن الماضي بشأن أزمة البوسنة وكوسوفو، وكذلك العام الماضي بشأن الأزمة الليبية، موضحا "أننا نسمع نفس التسريبات الآن" بشأن الأزمة السورية.

ويقول مسؤولين في الدفاع الأميركي لم يسمهم قولهم إن سوريا تمتلك نظام دفاع جوي معقد وإن لديها أكثر من 330 ألف جندي من النوع الذي يصعب هزيمته، وإنه يصعب تسليح  المعارضة بوصفها لا تمتلك قيادة موحدة.

وأضاف المسؤولون العسكريون الأميركيون أن التدخل الأميركي قد يؤدي إلى انزلاق سوريا في مستنقع الحرب الأهلية، ويورط الولايات المتحدة في حرب بالوكالة ضد إيران وربما ضد روسيا.

ويرى خبراء إنه بالرغم من كل تلك العوامل التي تحول دون تشجع الولايات المتحدة على التدخل في الشأن السوري، فإنه جدير بواشنطن اتخاذ سلسلة إجراءات ضرورية من بينها تسليح  المعارضة وإيجاد مناطق عازلة وشن هجمات جوية على أهداف تعود لنظام الأسد وقواته وإيجاد ممرات إنسانية لإغاثة اللاجئين والمشردين السوريين أينما وجدوا، وبالتالي حماية الشعب السوري من آلة الذبح العسكرية التي أزهقت أرواح أكثر من عشرة آلاف إنسان.

وتامل تركيا بدورها من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى التدخل العسكري في الشأن السوري بالرغم من أي تحذيرات من جانب البنتاغون. حيث أشادت تركيا بفكرة تسليح المعارضة السورية, وأكدت معلومات، أن أنقرة تؤيد فكرة تسليح المعارضة السورية.

ويرى مراقبون إن تركيا حاولت أن تضطلع بدور رئيسي في الأزمة، وإنها لعبت أدوارا دبلوماسية قاسية تجاه نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وخاصة لدى اجتماعات الجامعة العربية، وإنها نادت مؤخرا بضرورة تأمين ممرات آمنة في سوريا لحماية المدنيين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19/آذار/2012 - 25/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م