الزهايمر... ظاهرة مرضية تجتاح العالم

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: يعاني المرضى المصابون بالزهايمر (والذي جاء على اسم العالم الالماني الويس الزهايمر الذي اكتشف المرض وشخص اعراضه عام 1906 كما خصص يوم 21 من سبتمبر كيوم عالمي للزهايمر) من كبار السن اعراضاً تبدأ بفقدان الذاكرة نتيجة لانحلال في خلايا المخ لتتطور الى فقدان الذاكرة على المدى البعيد والعدوانية وفقدان التركيز والتشويش وانهيار اللغة والوفاة.

وما زال الطب حتى الوقت الحاضر يصنف هذا المرض ضمن الامراض الغير مكتشفة كلي، اذ لم يعرف سبب الاصابة، كما لم يوضع العلاج المناسب للإصابة به، على الرغم من وجود بعض العقاقير الطبية والتي يقتصر عملها على ابطاء عملية الضمور في خلايا المخ خصوصاً اذا كان المرض في مراحله الاولى.

يذكر ان العديد من الشخصيات البارزة عالمياً قد اصيبت عند تقدمها بالسن بهذا الداء كالرئيس الامريكي رولاند ريغان والروائية العالمية اجاثا كريستي، وقد اكد الاطباء والعلماء على ضرورة التدريب العقلي من اجل تحسين مستوى التفكير العقلي للمصابين.

الزهايمر ينتقل كالعدوى

حيث ينتشر مرض الزهايمر من منطقة إلى أخرى في الدماغ بالتنقل بين التفرعات التي تصل الخلايا الدماغية بعضها ببعض كما العدوى، على ما أظهرت دراسة جديدة قد تؤدي إلى ابتكار علاجات تسمح بالقضاء على المرض في بداياته، وتأتي هذه الدراسة التي نشرت على موقع مجلة "بي أل أو أس وان" الإلكتروني لتؤكد نظرية جديدة حول تطور الزهايمر مفادها أن هذا المرض يتطور انطلاقا من منطقة واحدة في الدماغ، لكن المرض في هذه الحالة لا ينشأ نتيجة عامل معد بل نتيجة بروتين غير طبيعي يسمى "تاو" ويؤدي تراكمه إلى خنق مجموعة الخلايا العصبية أو العصبونات وتدميرها تدريجي، ويدفع هذا الاكتشاف العلماء إلى الاعتقاد أن وقف هذه العملية باكرا قد يساهم في منع انتشار هذا المرض العضال المدمر، ويقول الدكتور سكوت سمول من كلية الطب في جامعة كولومبيا في نيويورك إن "أبحاثا سابقة على البشر أظهرت أن المرض ينتشر بهذا الشكل لكنها لم تؤكد ما إذا كان الزهايمر ينتشر مباشرة من منطقة إلى أخرى في الدماغ". بحسب فرانس برس.

وبغية معرفة ذلك، طور العلماء فئرانا تبدلية تحمل الجينة التي تنتج شكلا غير طبيعي من البروتين البشري تاو في القشرة الشمية الداخلية المهمة للذاكرة، وحللوا أدمغة هذه الفئران في أوقات مختلفة على مدى 22 شهرا بغية رسم خارطة تطور بروتين تاو، ولاحظوا أنه مع تقدم الفئران في السن، يتنشر هذا البروتين من القشرة الشمية الداخلية إلى الحصين ثم القشرة الجديدة، وتشرح الدكتورة كارن داف أن "هذا التطور مشابه لما نراه في المراحل الأولى من مرض الزهامير لدى البشر"، ووجد الباحثون أيضا مؤشرات تدل على أن البروتين تاو ينتقل من عصبون إلى آخر عبر المشبكات العصبية التي تربط الخلايا الدماغية بعضها ببعض والتي تستعملها هذه الأخيرة لتتواصل في ما بينه، وتسلط هذه الدراسة الضوء على تفاصيل جديدة من شأنها أن تساهم في توضيح مرض الزهايمر وغيره من الأمراض العصبية الأخرى وتمهيد الطريق إلى تطوير علاجات قادرة على الحد من تطوره.

ويقول الدكتور سمول الذي يرى في الأفق "علاجات سريرية واعدة" تستهدف بروتين تاو بشكل خاص إن "الطريقة الفضلى لمعالجة الزهايمر هي بتشخيصه ومعالجته منذ البداية للحد من تطوره لأن المرض يستجيب للعلاج في المراحل الأولى بشكل خاص"، أما الدكتورة داف فتقول "إذا حددنا الآلية التي ينتشر فيها تاو من عصبون إلى آخر سنتمكن من منع هذا البروتين غير الطبيعي من الانتقال من خلية عصبية إلى أخرى عبر المشبكات العصبية باللجوء ربما إلى علاج مناعي"، وتضيف أن المرض بالتالي "قد لا ينتشر إلى مناطق أخرى من الدماغ، ما يحول دون ظهور أشكال أكثر خطورة من الخرف"، ويشار إلى أن الزهايمر يتسبب بفقدان القدرات الادراكية بشكل تدريجي لا رجوع عنه، وقد أصاب المرض نحو 36 مليون شخص في العالم سنة 2010.

كشف الزهايمر مبكراً

فيما توصل باحث فنلندي إلى تطوير فحص دم بسيط يمكن من خلاله الكشف عن مرض الزهايمر قبل 5 سنوات على الأقل من ظهور أعراضه، وذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن الباحث ماتيغ اوريسيك من مركز "في تي تي" للأبحاث التقنية في فنلندا، توصل إلى اكتشافه بعد تحليل عينات دم من 226 رجلاً وإمرأة في نهايات الستين من العمر وفي السبعينات، وبعدها متابعة صحتهم خلال 5 سنوات، ويأمل الباحث بأن يصبح الفحص البسيط منتشراً في العالم خلال 3 سنوات، وسيسمح هذا الفحص السريع بعلاج المرض بشكل مبكر، ويساعد على اكتشاف أدوية جديدة، ويهدف الفحص الجديد إلى اكتشاف المؤشرات على المرض قبل سنوات من ظهور الأعراض عبر التمييز بين النسيان البسيط وهفوات الذاكرة الأكثر خطورة التي تؤشر على ألزهايمر في مراحله المبكرة، وقال اوريسيك إن اكتشاف المرض باكراً سيكون له منافع "هائلة" للمسنين، مشيراً إلى أن الأمر ما زال يتطلب مزيداً من العمل لإظهار دقة الفحص، لكنه أمل بأن يجري انتشاره في العالم خلال سنتين إلى ثلاث. بحسب يونايتد برس.

حذاء لمرضى الزهايمر

الى ذلك سيطرح الحذاء الأول المزود بجهاز عالمي لتحديد المواقع في الأسواق في الولايات المتحدة لمساعدة مرضى الزهايمر الذين قد يضلون طريقهم بسهولة، على ما أعلنت شركة "جي تي أكس" المصنعة لهذه الأحذية، وقد سلمت المجموعة الأولى المؤلفة من ثلاثة آلاف زوج إلى بائع الأحذية "ايتركس"، على ما أوضحت "جي تي أكس" التي تصنع أجهزة صغيرة لتحديد المواقع والتي تتخذ من لوس أنجليس مقرا له، ويفترض أن يبدأ التسويق هذا الشهر بعد سنتين من الإعلان عن المشروع، أما كلفة الحذاء فستبلغ 300 دولار، ويتيح الحذاء تتبع خطى مرضى الزهايمر عن بعد بفضل جهاز كمبيوتر وتحديد مساحة يسمح للمريض بالتنقل في داخله، وفي حال تجاوز المريض هذه المساحة، ينطلق جهاز الإنذار، وما يميز هذا الحذاء عن غيره هو أن جهاز تحديد المواقع موضوع داخل الكعب، ما يجعله غير مرئي. بحسب فرانس برس.

ويشرح البروفسور أندرو كارل من جامعة جورج مايسون في فيرجينيا (شرق) أن "الذهان هو من الأعراض الرئيسية للمرض"، ويضيف "إذا ألبسنا مريض الزهايمر ما لا يعرفه يسارع إلى التخلص منه، مثلا، إذا ألبسناه ساعة (مزودة بجهاز تحديد المواقع) ليست له، يخلعه، وبالتالي يكمن الحل الوحيد بإخفاء (الجهاز)"، ويعتبر أن هذا الحذاء يمكنه أن ينقذ أرواحا وأن يحول دون وقوع حوادث مكلفة، ويقول "إنه مهم جدا في المراحل الأولى من المرض التي يكون فيها المريض معرضا أكثر من أي وقت للخطر"، ويشير البروفسور إلى أن أكثر من خمسة ملايين أميركي مصاب بمرض الزهايمر ويتوقع أن يتضاعف عددهم أربع مرات في السنوات المقبلة.

كيف تتجنب الإصابة بالزهايمر؟

في سياق متصل جميعنا يرغب في الحفاظ على الصحة البدنية والعقلية عند التقدم في العمر، وتجنب الإصابة بمرض ألزهايمر، أحد الأسباب الشائعة لمرض العته الذي تتدهور فيه خلايا المخ وتموت، مما يؤدي إلى تراجع تدريجي للذاكرة ووظيفة العقل، غير أن هناك بحثا جديدا يفتح باب أمل للمسنين، حيث يظهر أن الإصابة بهذا المرض يمكن تأخيرها على الأقل، ويقول فولف دي أوسفالد أستاذ الطب النفسي بجامعة ايرلانغن-نورنبرغ الألمانية "تظهر نتائج بحث جديد من ألمانيا والولايات المتحدة وكندا، وبشكل واضح، أنه بينما لا يمكن للإجراءات الوقائية المناسبة أن تحول دون الإصابة بمرض ألزهايمر، إلا أنها من الممكن أن تؤخر هذه الإصابة لأعوام"، وعلى مدار ما يربو على 20 عاما، تولى أوسفالد قيادة مشروع بحثي حول سبل احتفاظ المرء بقدرته في الاعتماد على النفس عند وصوله إلى سن متقدمة، وبناء على دراساته العلمية، خلص أوسفالد إلى أن الإصابة بمرض ألزهايمر يمكن تأخيرها لما يترواح بين خمسة أو عشرة أعوام في حال أبقى المرء على نشاطه البدني والعقلي، قائلاً "مع التأكيد على حرف الواو"، أي البدني" و"العقلي". بحسب وكالة الانباء الالمانية.

فينصح أوسفالد بالسير لمسافة كيلومترين يوميا وتجنب الخمول العقلي، مشيرا إلى أن "ذلك يتضمن العودة إلى ممارسة الحساب الذهني وتذكر الأشياء وتجريب أنشطة جديدة والقيام بأعمال تطوعية"، ويقول أوسفالد إن الأشخاص الذين يتعذر عليهم القيام بذلك يمكنهم اتباع برنامج التدريب البسيط المضاد لمرض ألزهايمر، فعلى سبيل المثال، قم بوضع علامات حول حرفين معينين (كحرفي الألف والنون) في إحدى مقالات الصحيفة اليومية التي تقرأها بأسرع وتيرة ممكنة، ويفضل زيادة السرعة يوما بعد يوم، كما يمكنك بعد الانتهاء من قراءة الصحيفة أن تدون كتابة كل ما تستطيع تذكره من التفاصيل التي قرأته، ورغم أن هذه التمرينات قد تبدو للوهلة الأولى سهلة للغاية، يقول أوسفالد إن دراسات متعلقة بعلم الأوبئة في الولايات المتحدة أثبتت فعاليتها في مكافحة ألزهايمر، كما يرى ماركوس برايتر، رئيس عيادة الذاكرة في مستشفى "أسكليبيوس" في هامبورغ ونائب مدير مركز الصحة العقلية في المستشفى، أن النشاط هو أفضل طريقة لسلامة العقل، شريطة ألا يكون المريض يعاني بالفعل من ألزهايمر.

ويقول برايتر، "مع الأسف، لم تظهر حتى الآن أي استراتيجيات قاطعة للوقاية من هذا المرض، لا من خلال العقاقير أو عن طريق برامج التدريب الخاصة"، ويشير برايتر إلى أنه لا يمكن تدريب المخ مثل العضلات، مؤكدا أن الحفاظ على المخالطة الاجتماعية بالنسبة لكبار السن أهم من تدريبات الذاكرة المكثفة، ويضيف "أكثر ما يحفز النشاط العقلي للمرء هو الأشخاص الآخرون، فالمخ عضو اجتماعي، والتواصل مع الآخرين يحفز أذهاننا ويحافظ على سلامة صحتنا العقلية"، والحفاظ على الصحة العقلية من بين التحديات اليومية التي يواجهها المرضى في دور المسنين، فتقول ندين بيرنت، مديرة دار "فالدشتراسه" للمسنين في هانوفر "حتى موقع تلك الدور له دور، فمن المهم أن يتمكن كبار السن من المشاركة الفعالة فيما يدور حولهم، لذا فإنهم في حاجة إلى وسائل نقل ملائمة وإتاحة فرص مناسبة للتسوق، فضلا عن حاجتهم لمتنزهات مجاورة".

الأنسولين لعلاج الزهايمر

من جهتهم يعكف فريق من الباحثين على إجراء المزيد من البحوث على الأنسولين كعلاج محتمل لمرض الزهايمر، بعد أن بينت دراسة أولية أن للدواء المستخدم لمرضى السكرى، نتائج واعدة، وتقترح الدراسة، التي نشرت في "دورية أرشيف علم الأعصاب"، أن تناول الإنسولين عبر الأنف، قد يساعد في زيادة الإدراك بين المرضى ممن يعانون من درجات متفاوتة من العتة، من حالات معتدلة أو أكثر حدة، بيد أنها شددت على أنه من السابق لأوانه النظر للأنسولين كعلاج للزهايمر، وذلك نظراً لمحدودية البحث، الذي شمل 104 مرضى فقط، ويقول القائمون على البحث إنه بحاجة للمزيد من التمحيص والمزيد من الاختبارات حوله، بتضمين عدد أكبر من المشاركين لتحديد مدى فعالية الأنسولين، رغم أنها مهدت الطريق للمزيد من الأبحاث السريرية الواسعة، وبحسب خلاصة البحث فإن الأنسولين يلعب دوراً مهماً في عدد من وظائف المخ، فإلى جانب تنظيمه معدل السكر بالدم، فإنه يحفز على تجديد الخلايا وخلايا المنشأ، وهو يدعو للاعتقاد بأنه قد يعدل مسار مرض الزهايمر، وفق سوزن كرافت، أستاذ طب النفس بجامعة واشنطن. بحسب سي ان ان.

وخلال الدراسة، قام الباحثون بإجراء اختبارات على مرضى الزهايمر في مراحله الأولية وآخرين يعانون من نسبة متوسطة من العته، باستخدام جهاز صمم لنقل الأنسولين من الأنف إلى المخ، وتفادي ضخ الكثير منه إلى الدم، وذلك بمحاولة إمداد وتطبيع معدلاته في المخ دون التأثير على نسبته في بقية الجسم، ولاحظ القائمون على البحث أن المرضى ممن ضخت إليهم جرعات من الأنسولين عبر المخ، تحسنت بينهم القدرة على تذكر المعلومات بواقع 20 في المائة، كما أنه عزز أيضاً الجلوكوز في بعض مناطق الدماغ، وذكرت كرافت أن للعلاج بالأنسولين عبر الأنف أعراض جانبية بسيطة، كالإصابة أحياناً بنوبات صداع طفيف وسيلان الأنف، إلا أنها أكدت سلامة العلاج إجمال، ويشار إلى أن تقرير صدر في أكتوبر/ تشرين الأول الفائت أوضح أن كلفة الرعاية للأشخاص المصابين من الخرف أو الزهايمر في جميع أنحاء العالم، زادت على 600 مليار دولار، وتقول رابطة مرضى الزهايمر الدولية، وهي تحالف من 73 جماعة غير هادفة للربح من جميع أنحاء العالم، إن عدد المصابين بالمرض سيصل إلى 115.4 مليون في عام 2050، ويسبب مرض الزهايمر الدماغي تزايداً في فقدان الذاكرة، ويؤثر على القدرات العقلية الأخرى، وتزداد مخاطر الإصابة مع التقدم بالسن.

السكري يضاعف خطر الزهايمر

من جهة اخرى وجدت دراسة يابانية أنه إلى جانب مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية التي قد يسببها مرض السكري، فإن الداء يزيد بشكل دراماتيكي من خطر إصابة مرضاه، وفي وقت لاحق من العمر، بالزهايمر أو أشكال أخرى من أمراض الخرف، التي تتفاقم مع التقدم بالسن، وفي الدراسة التي شملت، أكثر من ألف شخص من الجنسين تجاوزوا العقد السادس من العمر، اكتشف الباحثون أن مرضى السكري، أكثر عرضة، وبواقع الضعف، للإصابة بالزهايمر خلال فترة زمنية مدتها 15 عاماً، كما يتهددهم، وبنسبة 1.7 في المائة، خطر الإصابة خرف الشيخوخة أو العته، وعقبت ريشيل ويتمر، أخصائية علم الأوبئة بمنظمة "كايز بريمانتي بكارولاينا الشمالية، على نتائج الدراسة التي لم تشارك فيه، "من المهم للصحة العامة الإدراك بأن السكري عامل خطر رئيسي لكل أنواع العته"، إلا أنها لفتت إلى أسئلة عدة تظل عالقة بشأن الرابط بين السكري والعته، مضيفة أن الدراسة قدمت "أدلة جيدة بأن مرض السكري مهددون أكثر بخطر الإصابة بالخرف، لكننا بحاجة للنظر في دراسات أخرى لتحديد السبب". بحسب سي ان ان.

وقد يساهم مرض السكري في الإصابة بالخرف بعدة طرق، يعمل الباحثون على تحديدها، فمقاومة الأنسولين، التي قد ينتج عنها ارتفاع مستوى السكر في الدم، وقد تسبب أحياناً السكري من الفئة الثانية، قد تتداخل مع قدرة الجسم على تكسير بروتين (اميلويد) ويؤدي ترسبه في الدماغ إلى تدمير الخلايا العصبية المرتبطة بالزهايمر، كما أن ارتفاع الغلوكوز بالدم ينتج نوعاً من الأكسجين يحوي جزئيات قد تدمر الخلايا، وهي العملية المعروفة بـ"الإجهاد المؤكسد"، بالإضافة لذلك يلعب ارتفاع السكر بالدم بجانب مستويات الكولسترول دوراً رئيسياً في تصلب وضيق الشرايين في المخ، وهي الحالة المعروفة بتصلب الشرايين المسببة للخرف الوعائي، الذي يحدث عندما يؤدي الانسداد لقتل أنسجة المخ، وقد اقترحت دراسات سابقة، يعود تاريخها إلى أواخر تسعينيات القرن الماضي، أن المصابين بداء السكري هم أكثر عرضة للإصابة بالزهايمر والأنواع الأخرى من الخرف، لكن تلك الأبحاث شابها الكثير من التضارب.

والعام الماضي، جزمت دراسة يابانية بوجود رابط بين السكري من النوع الثاني، وهو الذي لا يظهر بالولادة، وبين مرض الزهايمر وخرف الشيخوخة وعدد آخر من المشاكل الذهنية، واعتمدت الدراسة اليابانية على تشريح أدمغة 135 شخصاً من قرية واحدة، ماتوا خلال الفترة ما بين 1998 و2003، وذلك لفحص مستويات البروتين لديهم ومقارنتها ببياناتهم الطبية، وأقرت الدراسة بأنها لم تتوصل إلى فهم كامل لأسباب الترابط بين السكري والزهايمر، فطرحت مجموعة احتمالات، بينها وجود عوامل جينية، أو أن ارتفاع الأنسولين في الدم يؤدي إلى تعطيل عمل الأنزيمات التي تنتج البروتين في الدماغ.

ما يتناوله المسنون

على صعيد مختلف فان المتقدمون في السن الذين تسجل لديهم معدلات مرتفعة من بعض الفيتامينات والأحماض الدهنية من نوع أوميغا 3، يتمتعون بقدرات عقلية وبذاكرة أفضل من هؤلاء الذين يستهلكون أطعمة ذات قيمة غذائية منخفضة، بحسب ما كشفت دراسة نشرت مؤخر، وتبين الدراسة أن الأشخاص المتقدمين في السن والذين يستهلكون هذه الفيتامينات والأحماض الدهنية من نوع أوميغا 3، لا يسجل لديهم تقلص في الدماغ، وهو ظاهرة نموذجية تلاحظ عند الأشخاص الذي يعانون من الألزهايمر، وهذه الدراسة التي تعتبر واحدة من أولى الدراسات من نوعها، تهدف إلى قياس مستويات سلسلة ممتدة من العناصر المغذية في الدم بدلا من الارتكاز على نتائج استمارات تتعلق بالنظام الغذائي المتبع والتي تأتي أقل دقة وبالتالي أقل مصداقية.

وتوصل معدو هذه الدراسة التي نشرت في مجلة "نيورولوجي" الصادرة عن الأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب في 28 كانون الأول/ديسمبر، إلى أن معدلات مرتفعة من فيتامينات "بي" و"سي" و"دي" و"إي" بالإضافة إلى أوميغا 3 التي نجدها خصوصا في الأسماك، تملك آثارا إيجابية على الصحة العقلية وعلى الجسم ككل، وتشرح ماريت ترابر من معهد "لينوس باولينغ" التابع لجامعة أوريغون (شمال غرب) وهي من معدي هذه الدراسة، أن "هذه المقاربة تبين بوضوح الآثار العصبية والإحيائية الحميدة كما السيئة والمرتبطة بمستوى مختلف المواد المغذية في الدم"، وتقول أن "الفيتامينات والعناصر المغذية التي نحصل عليها من خلال استهلاك أنواع كثيرة من الفاكهة والخضار والأسماك، يمكن قياسها من خلال مؤشرات إحيائية في الدم"، وهي "مقتنعة بأن لهذه العناصر المغذية قدرة كبيرة على حماية الدماغ وتحسين سير عمله"، كذلك كشفت الدراسة أن العدد المتواضع للمشاركين الذين كانوا يتبعون نظاما غذائيا غنيا بالدهون غير المشبعة التي تكثر في المنتجات اللبنية والمأكولات المقلية على سبيل المثال لا الحصر، قد حصلوا على نتائج متواضعة مقارنة مع سواهم خلال الاختبارات المعرفية. بحسب فرانس برس.

إلى ذلك، تقلص حجم دماغهم أكثر من البقية.وبشكل عام كان المشاركون في الدراسة البالغ عددهم 104 أشخاص ومعدل أعمارهم 87 عاما يتبعون نظاما غذائيا جيدا، لكن 7% منهم كانوا يعانون من نقص في الفيتامين "بي 12" و25% في الفيتامين "دي"، وكان الباحثون قد عمدوا إلى فحص 30 مؤشر إحيائي للعناصر المغذية في دم المشاركين،  كذلك أخضع 42 من المشاركين إلى تصوير بالرنين المغنطيسي بهدف قياس حجم دماغهم، وتلفت ماريت ترابر إلى أن "نتائج هذه الدراسة ترتكز على أشخاص عاديين يستهلكون الأطعمة بحسب النظام الغذائي الشائع في الولايات المتحدة"، من جهتها تشير جين بومان من جامعة أوريغون للعلوم والصحة وهي أيضا من معدي هذه الدراسة، إلى أنه "ينبغي إثبات نتائج الدراسة من خلال أبحاث أخرى، لكنه من المثير جدا الاعتقاد بأنه بإمكان الأشخاص وقف تقلص حجم دماغهم والبقاء بصحة جيدا على الصعيد المعرفي من خلال تعديل نظامهم الغذائي".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/آذار/2012 - 11/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م