السينما وعالمها الجميل... صناعة بملايين الدولارات

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: مثل كل عام ينشغل صناع السينما في العالم بترقب حفل توزيع جوائز الاوسكار.. هذه السنة هيمنت فرنسا على جوائز أوسكار 2012 من خلال الفيلم الصامت «الفنان» الذي حصد جائزة أفضل فيلم بالإضافة إلى 4 جوائز أخرى، ليتفوق بذلك على منافسه «هوغو» الذي حصد 11 ترشيحاً خلال ماراثون ترشيحات الأوسكار..

في كل عام تنتج السينما العالمية المئات من الافلام والتي تتكلف ميزانيات متفاوتة تبعا للممثلين وشهرتهم او نوعية الفيلم وهي تكاليف كثيرا ماتعود على المنتجين والشركات بارباح مضاعفة..

من المعروف ان السينما فن وصناعة وتجارة، وهي مثلث له ثلاثة أضلاع يجب أن تحظى بأهمية متساوية، فالشق الاقتصادي للصناعة لا يقل أهمية عن الشق الفني،وعن الشق التجاري وهو التسويق، ضماناً لاستمرار الصناعة وازدهارها فنياً.

وهناك عدة نقاط يجب مراعاتها قبل البدء في انتاج اي فيلم جديد منها:

1. دراسة الجدوى: وتاخذ بنظر الاعتبار:

 الاعتبار التسويقي

الاعتبار التمويلي

2. عناصر التكاليف الإنتاجية للفيلم، وتشمل:

أ. عناصر التكاليف الإنتاجية المباشرة للفيلم الروائي

ب. عناصر التكاليف الإنتاجية غير المباشرة للفيلم الروائي

3. التبويب النوعي لعناصر التكاليف الإنتاجية للفيلم، وتتمثل في:

أ. تكلفة عنصر الأجور

ب. تكلفة عنصر الخدمات

ج. المصروفات الخدمية الأخرى

4. التبويب الوظيفي لعناصر تكاليف الفيلم الروائي، وتشتمل على:

أ. عناصر التكاليف الإنتاجية للفيلم

ب. عناصر التكاليف التسويقية للفيلم الروائي

ج. عناصر التكاليف الإدارية للفيلم

5. عناصر الفيلم السينمائي، وتتضمن:

أ. السيناريو

ب. الحوار السينمائي

ج. الصورة وفن التصوير السينمائي

ح. الإخراج السينمائي

هـ. الماكياج السينمائي

و. المناظر والديكور والملابس والإكسسوار

ز. الصوت، والمؤثرات، والموسيقى

إن صناعة السينما تعتبر أحد الأنشطة الاقتصادية التي لها دور في زيادة الدخل القومي لكثير من الدول، ونذكر- على سبيل المثال ـ أن مساهمة صناعة السينما في الدخل القومي للاقتصاد الأمريكي بلغت عام 2005 نحو 3 في المائة، بينما كانت السينما تسهم بنحو 4 في المائة من الدخل القومي لمصر..

وهناك وسائل متعددة لقياس شعبية الفيلم السينمائى، من بين هذه الوسائل إيرادات الفيلم، أو المكانة الفنية التى يحتلها الفيلم مع مضي الزمن، أو شعبية الفيلم فى الاستطلاعات العامة. ولابد من التمييز بين شعبية الفيلم، ومكانته الفنية لأنهما شيئان مختلفان، مع أن أفلاماً كثيرة تجمع بين هذين العاملين.

ولعل أكثر هذه الوسائل مصداقية هو إيرادات الفيلم على شباك التذاكر، لأنها تعبر عن أرقام وإحصائيات أكثر دقة وتتفوق بذلك على الوسائل الأخرى. كما يجب عدم الخلط بين إيرادات الفيلم وعدد مشاهديه، لأن ثمن التذاكر يتغير من زمن إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر. ويتأثر بعامل التضخم، فى حين أن عدد المشاهدين رقم مطلق.

*الفيلم الشهير ( ذهب مع الريح )، ربما كان يتمتع بأكبر عدد من المشاهدين فى تاريخ السينما، إلا أنه يحتل المركز السادس والسبعين فى قائمة الأفلام التى حققت أعلى الإيرادات فى تاريخ السينما، حيث بلغت إيراداته العالمية الإجمالية المتراكمة على شباك التذاكر بعد عروضه المتكررة فى دور السينما 400 مليون دولار، والسبب الرئيسى لذلك هو أن السعر السائد لتذكرة السينما فى العام 1939، وهو العام الذى افتتح فيه فيلم ( ذهب مع الريح ) كان ربع دولار فى الولايات المتحدة. ومع أن هذا السعر ارتفع إلى نصف دولار حين عرض الفيلم، فإن هذا المبلغ أقل بكثير من معدل السعر الحالى لتذكرة السينما فى الولايات المتحدة، الذى يصل إلى عشرة دولارات فى معظم المدن الأمريكية، ويبلغ فى المعدل أكثر من 6.5 دولار للتذكرة بسبب التفاوت فى الأسعار بين عروض النهار والمساء والتخفيضات الخاصة بشرائح عمرية معينة كالأطفال والمسنين.

*مع إن إيرادات الأفلام على شباك التذاكر هى أكثر العوامل الإحصائية قبولاً عند التحدث عن شعبية الأفلام السينمائية، فلابد من الإشارة إلى أن هذه الإيرادات لا تأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل مهمة كتكاليف إنتاج هذه الأفلام، وعامل التضخم على مر السنين عند ترتيب الأفلام وفقاً لإيراداتها الإجمالية.

ولتوضيح ذلك بالأرقام

* بلغت تكاليف إنتاج الفيلم التاريخى "طراودة" (2001) 160 مليون دولار، فى حين أن تكاليف إنتاج الفيلم الكوميدى "زفاف اليونانى الكبير السمين" (2002) بلغت خمسة ملايين دولار فقط، بينما بلغت إيراداته العالمية الإجمالية 354 مليون دولار، وقد أنفق 50 مليون دولار على الحملة الإعلانية للفيلم الأول، و19 مليون دولار للفيلم الثانى، وبذلك تكون أرباح فيلم "طراودة" 287 مليون دولار، وأرباح فيلم "زفافى اليونانى الكبير السمية" 330 مليون دولار.

*درج المحللون السينمائيون على اعتبار دخل الفيلم فى الولايات المتحدة وكندا معادلاً لمنحه نصف دخله الإجمالى، ويأتى معظم الدخل فى الخارج من دول أوروبا الغربية واليابان، حيث تنتشر دور السينما بأعداد كبيرة بالنسبة إلى عدد السكان، حيث ترتفع أسعار تذاكر السينما.

هذه المعادلة تغيرت فى هذه الأيام، فأفلام المغامرات التى تعتمد أساساً على الحركة والإثارة ولا تتطلب معرفة جيدة باللغة الإنجليزية، تحقق نسبة أعلى بكثير من الإيرادات فى دور السينما الأجنبية، مقارنة بصالات العرض الأمريكية، فى حين أن القاعدة معكوسة بالنسبة إلى الأفلام الأمريكية الجادة والكوميدية، حيث تعتبر معرفة اللغة الإنجليزية عاملاً مهماً.

فعلى سبيل المثال بلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لفيلم المغامرات الغرامى "تايتانيك" 1.835 مليار دولار، منها 600 مليون (33%) فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا و1.235 مليار دولار (67%) فى الخارج، فى حين أن الإيرادات الإجمالية للفيلم الكوميدى "وحيد فى المنزل" بلغت 534 مليون دولار، منها 285 مليونا (53%) فى الولايات المتحدة وكندا 249 مليونا (47%) فى الخارج.

والشىء الأكيد هو أن نسبة إيرادات الأفلام الأمريكية على شباك التذاكر خارج حدود الولايات المتحدة وكندا آخذه فى الازدياد منذ عدة سنوات، مقارنة بإيراداتها فى دور السينما فى هاتين الدولتين، وتشكل هذه الإيرادات فى الخارج حالياً نسبة 59 فى المائة من الإيرادات الإجمالية مقارنة بنسبة 41 فى المائة من إيراداتها فى دور السينما الأمريكية والكندية.

ينطبق على صناعة السينما الأمريكية فى هذه الأيام ما كان ينطبق عليها منذ فترة العشرينيات من القرن الماضى، على حد وصف المحلل الاقتصادى السينمائى كاميرون ستوث الذى قال فى العام 1991: "ليست هناك صناعة أمريكية تضاهى صناعة السينما فى قوة منافستها فى الأسواق الخارجية، فأفلام هوليود إلى حد كبير هى أفلام العالم".

لو عملنا قائمة بالأفلام التى حققت أعلى الإيرادات فى تاريخ السينما يتبين من خلالها أن جميع هذه الأفلام ناطقة باللغة الإنجليزية، كما أن تسعة من الأفلام العشرة الأولى فى القائمة، وعشرين من الأفلام الخمسة والعشرين من إنتاج السنوات العشر الأخيرة.

ويمكن استخلاص عدة نتائج عند استعراض الأفلام الخمسة والعشرين التى حققت أعلى الإيرادات، منها 23 من هذه الأفلام من أفلام الخيال العلمى وأفلام المغامرات والحركة المشحونة بالإثارة وأفلام الرسوم المتحركة التى تعتمد على براعة استخدام المؤثرات الخاصة، وهى عادة من الأفلام الضخمة الإنتاج، وهذا النوع من الأفلام يرق عادة لصغار السن، أى من هم دون سن الخامسة والعشرين والمراهقين الذين يشكلون غالبية رواد دور السينما.

وتشتمل القائمة على فيلم درامى واحد فقط هو الفيلم السيكولوجى "الحاسة السادسة" كما تتضمن فيلما كوميديا واحدا هو فيلم "فورست جامب".

وهذا يعنى أن معظم الأفلام التى تحقق أعلى الإيرادات فى جميع أنحاء العالم من الأفلام الترفيهية التى تروق لشريحة عمرية معينة هى المصدر الرئيسى لهذه الإيرادات، أى من هم دون سن الخامسة والعشرين.

كما أن من بين الأفلام الخمسة والعشرين أربعة أفلام من إخراج أو إنتاج المخرج جورج لوكاس وثلاثة أفلام من إخراج أو إنتاج المخرج ستيفين سبيلبيرج. وقد بلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لهذه الأفلام السبعة 5.78 مليار دولار، مما جعل هذين الفنانين المرموقين من أكثر مخرجى ومنتجى هوليود نجاحاً وثراء.

كما تشتمل القائمة على ثلاثة أفلام للمخرج النيوزيلندى بيتر جاكسون، هى سلسلة أفلام "ملك الخواتم" التى زادت إيراداتها العالمية الإجمالية إلى 2.9 دولار، للمخرج الأمريكى كريس كولومبوس ضمن سلسلة أفلام "هارى بوتر" الرباعية التى زادت إيراداتها العالمية الإجمالية على 3.5 مليار دولار.

كما تضم القائمة أربعة من أفلام الرسوم المتحركة هى كل من "الملك الأسد" (1994)، و"العثور على نيمو"(2003)، و"شريك- الجزء الثانى" (2004)، و"المعجزات" (2004)، وزادت الإيرادات العالمية الإجمالية لهذه الأفلام الأربعة على 3.2 مليار دولار. وقد أصبحت أفلام الرسوم المتحركة الروائية الطويلة جزءا لا يتجزأ من الإنتاج السينمائى الأمريكى خلال السنوات الأخيرة بفضل النجاح الكبير الذى تحققه على شباك التذاكر. ومما أسهم فى إنتشار إنتاج هذا النوع من الأفلام التقدم التكنولوجى السينمائى الكبير الذى تحقق باستخدام أجهزة الكمبيوتر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 4/آذار/2012 - 10/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م