طريق الشوك

عبدالعزيز حسن آل زايد

انقلبت الموازين وتبخر الخوف؛ فالجماهير تعشق الشهادة، أما كائن الرعب فهو الذي ينخر في حكام قلقون على مقاعدهم.

 (14فبراير) رمز يشحن القلوب والضمائر، ويضاعف (دوار الؤلؤة) روح التحدي والصمود في نفوس الأحرار، فالسباق بدأ رغم آلاف الحواجز والعراقيل، المقاوم البحريني الحر، يتطلع للقفزة التاريخية التي انطلقت في مثل هذا اليوم الكبير، والمعركة بدأت ونتلمس سخونتها عن قرب، إلا أن بعض النفوس تستنشق الهواء من السجن الذي وضعته لنفسها، وإن كانت الأبواب مواربة، البعض يوزع الخدر والأفيون على أطباق خشبية حالماً بنيل العيش الكريم وهو يغرق في الموادعة، يحذر البعض من خطر الطرح الفاقع الذي لم نتنفس معشاره، والتمني الذي يعصرنا: هلا نظرتم إلى الدماء المراقة ؟!، وبكاء الثكلى؟! وألم المكلومين؟!، لعذرنا عندها اللائمون، وهل لنا عند الله من عذر؟!

لا نعجب من "حسان" حينما يستلذ التقاعس، ولعل "صفية " تفوقت على الرجال، ألم تقل أحداهن " دعنا نأكل التراب" ؟!، المقنعة تعلم الشوارب حين تقول إن "بيوتنا عورة" حتى لا يُحشر في يد السلطان، وماذا سنفعل مع سلطان الحشر يوم القيامة؟!، ما قيمة العيش إن تلونا بالنفاق وأصابنا داء الخرس عن نصرة المظلوم؟!، هل تساوي الحياة شيئاً ونحن نركض خلف شهواتٍ تاركين القيم وراءً؟!، وهل تنفع القيمية هوية فحسب؟!، هنا منشأ الخلل، فإذا كنا إسلاميين بالفعل؟!، حينها فقط سنعيد لأنفسنا حضارتنا المخطوفة!!

يخاطبني أحدهم معقباً والنصيحة في قلبه تلتهب: (انتبه يا أخي فان عباراتك صريحة وهذا قد يضر بك)، أولم يكن رصاص البغي أكثر صراحة؟! أولم يكن الجور طافحاً أمام الملأ حتى تكلم الجدار ونطق الأبكم؟!، البوح الذي يزامل زفيرنا في تنهداته يضر بنا أحياناً، والمداهنة المرفوضة يرغبها الكثير، فأين مقدار الحرف والحبر أمام الرصاص والدم؟! وأين موقع اليد العزلاء من اليد المتخمة بألوان السلاح؟!، أليس من الواجب أن نكون يدا واحدة مع المظلوم، والضرر الذي كان على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا ضير أن يقع على أتباعه ومن يسيرون على نهجه وهداه..

هذه البحرين تلوك الوجع، ونحن ننعم براحة البال، أين الأخوة التي غرسها الدين في أعماقنا؟!، لسنا مسلمون ونحن نستمع لهم دون إغاثة، لقد ولى زمن الاستنكار بالقلب، وجاء دور اللسان والقلم، لقد ولى زمن التشبث بالحطام وحان سباق الشهادة التي تثور على الظالم فتقض مضجعه، فلا هنئت عيون الحاقدين والسفاكين، فأنتِ يا قطيف الخير بوابة تمد جسورها لأرض أوال الصامدة، التي سنشاركها المسرات القادمة والوشيكة..

إن أغلى ما يباع النصيحة، وأعظم الهبات التواصي بـ" الحق والصبر"، فالحق مع المقتول لا القاتل، والصبر في وقوفنا مع المظلوم لا السكوت عن الظالم، إذ لا صبر فيه، بل هو طريق السلامة والخنوع والدعة، (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ)، نزلت في بدر، حينما اختار المسلمون مقارعة العير التجارية ذات الأربعين رجلاً، بدلا من النفير ومقارعة الجيش ذو الألف فارس، ولكن النصر كان حليفهم حين سلكوا طريق الشوك!!

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/شباط/2012 - 27/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م