الاجتماع الوطني العراقي... خطوة في الاتجاه الصحيح

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: لا يزال المشهد السياسي العراقي المتحرك، يعيش حالة من عدم التوازن المزمن، وهو واقع فعلي معاش، يشهده الجميع ويلمسه بوضوح، ما ينعكس على الميادين الاخرى في حياة العراقيين، ولكن تبقى أهمية استقرار المشهد السياسي تحتل مركز الأولوية، كونها تتعلق بثبات الارادة السياسية للبلد واستقلالية صناعة القرار.

الخطوة المزمع اتخاذها بشأن عقد الاجتماع الوطني، الذي سيجمع بين الكتل والاحزاب والشخصيات والمكونات الداخلة في الحراك السياسي العراقي، تعد مهمة جدا في هذا الظرف، وهي خطوة تستحق الانشغال والترتيب لها من لدن الجميع، كونها تأتي في ظرف بالغ التعقيد تمر به المنطقة الاقليمية والعالم أجمع، ناهيك عن الظرف السياسي العراقي الملبّد بغيوم خارجية وداخلية لها مآرب قد تتقدم على المصالح الوطنية، لذا ينبغي أن لا تكون نتائج هذا الاجتماع شكلية إعلامية فحسب، بل لابد أن تتوفر فيها الدرجة الادنى من الجدية والنجاح.

لقد تردد في وسائل الاعلام قرب انعقاد الاجتماع الوطني، واعلنت جميع الكتل الرئيسة حضورها لهذا الاجتماع، بعضها قدم محاور رئيسية للنقاش، منها الحرص على استقلالية القضاء العراقي مثلا، والالتزام بالدستور والاحتكام اليه في معالجة الاشكاليات التي تعترض طريق العملية السياسية، وفضلت بعض الكتل تقديم اوراقها المفصلة بالشأن السياسي عندما يتم انعقاد الاجتماع.

إن هدف هذا الاجتماع هو معالجة الازمة السياسية التي ينبغي أن لا تتصاعد، لدرجة تهديد الوضع السياسي المتذبذب أصلا في العراق، ليس هناك جهة معينة سيطولها الضرر، بل الجميع سوف يتضررون من حالة عدم الاستقرار السياسي، وأولهم الشعب العراقي بطبيعة الحال، لذا ينبغي التحضير لهذا الاجتماع بما يجعله مختلفا عن الاتفاقات والاجتماعات والمؤتمرات التي سبقته، والتي غالبا ما تكون ذات صبغة شكلية لا تدخل الى جوهر الاشكالات المحيطة بالعملية السياسية.

سقف المطالبات لابد أن ينحو الى الاعتدال، وسقف التنازلات ينبغي أن ينحو الى التصاعد، لأن النتائج في نهاية المطاف ستخدم الجميع، لذا نحن بحاج الى أن يتمتع البلد بإرادة سياسية قوية، وبمشاركة حقيقية ومخلصة في صناعة القرار، تعدد القوى في حكومة واحدة لا يخدم احدا، حتى من يطالب بحصة في حكومة ضعيفة سيجد نفسه عاجزا عن صنع القرار المناسب، سواء على الصعيد الداخلي او الخارجي، وهنا يتساءل العراقيون عن جدوى التجاذبات والصراعات التي تزيد من ضعف الارادة السياسية، وتقلل من فرص اتخاذ القرارات المهمة سواء كانت تتعلق بالخارج أم الداخل.

في جميع الاحوال يستحسن أن يكون هذا الاجتماع مغايرا لما سبقه من اجتماعات، وعلى المشاركين فيه أن يعوا مسبقا، أهمية معالجة الاشكاليات بعمق وشفافية ووضوح، وأن يكون هاجس الايثار والانسجام ديدن الجميع، وأن تكون جسور الثقة حاضرة بين الجميع ايضا، وأن لا يتم خلط الاوراق وفقا لنيّات مبيّتة، ولا يُسمَح بالتجاوز على الفصل بين السلطات، دولة المؤسسات ينبغي أن تكون الهدف الذي يجتمع من أجله الفرقاء والحلفاء معا.

دولة القانون والقائمة العراقية نقيضان، هذا أمر بالغ الوضوح، والتحالف الكردستاني معيار الموازنة بين الكتلتين السابقتين، المكونات السياسية الاخرى والشخصيات لها تأثيرها أيضا، ينبغي عرض الامور بوضوح وشفافية في هذا الاجتماع، قوة العراق ووحدته وصنع ارادته السياسية المستقلة، يجب أن تكون الهدف الاول والأهم للجميع.

الطريق وعر وطويل وشاق أمام الجميع، وعلينا السير قُدُما فيه، لا سبيل للتراجع، التضحيات جسيمة ولا تزال القرابين تُقدَّم بسخاء، من اجل حماية العراق وعلوّ شأنه، لا احد مسموح له بالتراجع أو التخلي عن حلم بناء الدولة العراقية التعددية الديمقراطية المستقرة، لذا ينتظر العراقيون نتائج جديدة مثمرة ملموسة من الاجتماع الوطني المرتَقَب.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 11/شباط/2012 - 18/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م