
شبكة النبأ: يبدو ان الكويت كانت ضمن
المشروع الإقليمي الذي تراهن عليه قوى التشدد الإسلامي السلفي الهادف
الى ركوب موجة التغيير في بلدان الشرق الأوسط العربي.
حيث نجح سلفيو الكويت في الإطاحة بقوى الاعتدال الوطني في
الانتخابات البرلمانية الأخيرة بعد ان حققوا فوزا كاسحا وغير مسبوق،
عزا اغلب المراقبين الفضل في ذلك الى التدخلات الإقليمية في المنطقة.
فيما كانت المرأة الكويتية الخاسر الأكبر في تلك الانتخابات، سيما
أنها لم تستطع ان تكون ممثلة في مجلس الأمة خلال هذه الدورة البرلمانية،
الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على الصورة الإجمالية للوضع الاجتماعي في
تلك الدولة، الى جانب كونه يعد تراجعا خطيرا في المجال الإنساني
والحقوقي أيضا.
ويرى بعض المحللين السياسيين ان الكويت ستشهد خريفا قادما وتعثرا
خطيرا قد يربك الوضع الدولة والنظام السياسي القائم، سيما ان القوى
المتشددة كانت ولا تزال تبحث عن تفاقم الإشكالات بأي صورة كانت.
وقال محللون أن النتائج ربما تعمق فقط الاضطرابات السياسية في
الكويت حليف الولايات المتحدة اذا شجعت المعارضة للمطالبة بتغييرات
دستورية وتحدي الحكومة التي يعينها رئيس وزراء تختاره العائلة الحاكمة.
وقالت مجموعة يوراسيا في مذكرة "فوز المعارضة لن يبدد التوترات
السياسية والاجتماعية القائمة في الكويت.. بل ان التوترات قد تزداد
سوءا مع مطالبة المعارضة بتغيير هيكلي في النظام السياسي."
وحصل مرشحون من المعارضة على نحو ثلثي مقاعد مجلس الامة البالغ
عددها 50 مقعدا مما يضعف موقف البرلمانيين الشيعة الذين وقفوا بوجه عام
في صف الحكومة السابقة.
وستسيطر كتلة المعارضة التي كان لديها نحو 20 مقعدا قبل الانتخابات
على البرلمان الرابع للدولة خلال ست سنوات.
والبرلمان الكويتي منتخب بالكامل وله سلطات تشريعية وهو أمر فريد في
منطقة تحكمها نظم شمولية لا تتساهل كثيرا مع المعارضة. ولم تشهد الكويت
نوع الانتفاضات التي هزت اجزاء اخرى من العالم العربي. لكن النجاح الذي
حققته الكتلة التي يقودها الاسلاميون يحاكي نزعة تجتاح المنطقة.
وقال شاهين شمس ابادي الاستشاري في مجموعة (ريسك ادفيزوري) "من
الواضح أن جماعات المعارضة تتمتع بمزيد من الجاذبية الان. هناك نوع من
قوة الدفع."
لكن لم تتمكن النساء من الاستحواذ على أي مقاعد اذ خسرت النساء
الاربع التي لم تتحالف مع المعارضة مقاعدهن التي فزن بها في المجلس
السابق. ولم تنتخب أي مرشحات أخريات.
وقال شفيق الغبرا الخبير السياسي في جامعة الكويت ان المرشحين الذين
كانوا مرتبطين بالحكومة كانوا اكثر عرضة للخسارة سواء كانوا من الرجال
او النساء واولئك الذين كانوا مع المعارضة كانوا اكثر حظا للفوز. وأضاف
ان المرشحين الليبراليين عانوا نتيجة سبب مماثل.
وأعرب عن اعتقاده بخسارة تيار الوسط مشيرا الى ان الكثير من
الليبراليين كانوا في الوسط.
وكان من المتوقع أن توسع المعارضة نفوذها في مجلس الامة بعد نجاحها
في الاطاحة برئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح الذي لم يتمتع
بشعبية كبيرة والذي اتهمته بالفساد.
وبلغ الغضب ذروته في نوفمبر تشرين الثاني حين اقتحم محتجون يقودهم
نواب معارضون المجلس مطالبين باستقالة الشيخ ناصر. وبعد ذلك بقليل أقال
الامير حكومته وهي السابعة خلال ست سنوات.
وأعطى تحقيق أجراه النائب العام في ودائع كبيرة دخلت الحسابات
المصرفية لثلاثة عشر نائبا برلمانيا مواليا للحكومة دفعة للمعارضة التي
قالت ان هذه المبالغ عبارة عن رشى دفعها وزراء للنواب مقابل الحصول على
دعمهم في المجلس. وينتظر الكويتيون الان استقالة حكومتهم المؤقتة
وتعيين حكومة اخرى.
ورغم المكاسب التي حققتها المعارضة فان شبكة من الولاءات القبلية
والطائفية كثيرا ما تقوض قدرة المعارضة على طرح برنامج واضح.
وأدلى 62 بالمئة من الكويتيين بأصواتهم يوم الخميس في ارتفاع طفيف
عن نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة التي جرت عام 2009 وبلغت 58 في
المئة.
واشنطن ستحكم على افعال الاسلاميين
الى ذلك هنأت الولايات المتحدة الكويتيين على اجراء انتخابات
تشريعية "حرة ونزيهة"، مؤكدة انها ستحكم على الاسلاميين، اكبر الفائزين
في هذا الاستحقاق، على افعالهم وليس على "المظاهر".
وهو ما يعكس القلق الامريكي من صعود الاسلاميين بهذا الشكل، على
الرغم من مسعى السلفيون في مصر وتونس وليبيا الى التحالف مع الولايات
المتحدة الامريكية واسرائيل كما عبر قادتهم.
وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية مارك تونر "نهنئ الشعب
الكويتي والحكومة لاكمالهم النهج الديموقراطي والمؤسساتي للكويت من
خلال اجراء الانتخابات التشريعية التي جرت امس". واضاف في لقائه
الصحافي اليومي "المعلومات الاولى الواردة تظهر ان هذه الانتخابات كانت
حرة ونزيهة، نهنئ اذا الكويتيين على هذا العمل الجيد".
وردا على سؤال حول امكانية فرض الاسلاميين حكم الشريعة، اجاب تونر
ان الولايات المتحدة لن تحكم من خلال "المظاهر". واضاف "ليس علينا
الحكم عليهم من خلال المظاهر او الاسماء التي يعرفون عن نفسهم بها: بل
ما سنفعله هو رؤية ما اذا كانوا سيحكمون بطريقة ديموقراطية بما يتوافق
مع تطلعات الكويتيين".
استعراض عضلات مبكر
ووضعت المعارضة حملتها تحت شعاري الاصلاح ومحاربة الفساد. وقال
المرشح المعارض المستقل عبد الوسمي امام مناصريه بعد اعلان فوزه في
الانتخابات "اقول للحكومة واعوانها سنفتح كل ملفات الفساد. ونقول لمن
يتخذ القرار ... بان الكويت غدا لن تكون ككويت الامس". واضاف متوجها
الى السلطة "احترمونا ومن لا يحترمنا فليس له احترام منا".
وقال النائب الاسلامي البارز وليد الطبطبائي متحدثا قبيل الاعلان
رسيما عن فوزه الذي كان مؤكدا ان المعارضة ستدفع مباشرة نحو مكافحة
الفساد والاصلاح السياسي. وقال "سنسعى ليكون التشكيل الوزاري من رجال
دولة، وسنسعى الى قوانين لمكافحة الفساد واسقلال القضاء ولانشاء مفوضية
مستقلة للانتخابات ولفتح ملفات الفساد السابقة بما في ذلك الايداعات
المليونية والتحويلات المليونية" في اشارة الى فضحية هزت الكويت في
الاشهر الماضية وشملت 13 نائبا اتهموا من قبل المعارضة بتلقي الاموال
من الحكومة السابقة التي كان يرئسها الشيخ ناصر المحمد الصباح.
وكان لافتا فوز المرشح الموالي للحكومة محمد الجويهل الذي اصبح في
الايام الاخيرة العدو المعلن للقبائل الكويتية بعد ان وجه اهانات علنية
للقبائل.
وتصاعد التوتر بشكل كبير في الايام الاخيرة على خط القبائل التي شدت
عصبها لمواجهة هجمات الجويهل الكلامية. وقد احرق شباب من القبائل مقر
هذا المرشح كما هاجموا ليل الثلاثاء مقر قناة تلفزيونية كانت تستضيف
مرشحا آخر مقربا من الجويهل.
وتجاوزت نسبة المشاركة 60% بعد ان طغت على الاقتراع اجواء من
الاستقطاب الحاد والقلق، وذلك بعد حملة انتخابية هيمن عليها موضوعا
الاصلاح ومحاربة الفساد.
وتوافد عشرات الاف الناخبين والناخبات طوال يوم الخميس الى مراكز
الاقتراع المئة ضمن الدوائر الانتخابية الخمس في الكويت، وتصاعدت وتيرة
الاقبال بشكل كبير في فترة المساء.
وكانت تلك الانتخابات الرابعة في اقل من ست سنوات على امل اخراج
البلد من دوامة الازمات السياسية.
ودعا امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الصباح الى هذه الانتخابات
المبكرة بعد ان قبل استقالة حكومة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر
المحمد الصباح في تشرين الثاني/نوفمبر، وبعد حل مجلس الامة في الشهر
التالي تحت تاثير ضغط الشارع وبعد تظاهرات شبابية غير مسبوقة استلهمت
الربيع العربي.
كما اتت الانتخابات في اعقاب تصاعد كبير للتوتر الطائفي بين
الغالبية السنية والاقلية الشيعية، وذلك على وقع التوترات الاقليمية.
وفرض موضوع الفساد نفسه بقوة على هذه الانتخابات بعد فضيحة كبرى
تشمل 13 نائبا سابقا على الاقل. وحققت النيابة العامة مع 13 نائبا
سابقا في اتهامات بحصولهم على ايداعات بملايين الدولارات في حساباتهم
المحلية، فيما اكدت المعارضة ان هذه الايداعات هي رشى من جانب الحكومة.
وتضمنت حملات مرشحين من المعارضين مطالب تراوحت بين ارساء نظام
متعدد الاحزاب وضرورة ان تكون الحكومة منتخبة مع رفع عدد اعضاء مجلس
الامة، وصولا الى ارساء ملكية دستورية والحد من نفوذ اسرة ال الصباح
التي تحكم الكويت منذ 250 عاما. الا ان احدا في المشهد السياسي الكويتي
لا يعارض استمرار حكم اسرة الصباح.
وللمرة الاولى في تاريخ الديموقراطية الكويتية، سمحت السلطات
لمندوبين من خارج الكويت بمراقبة الانتخابات.
وبغض النظر عن نتائج الانتخابات، فان صلاحية تعيين رئيس الوزراء
تبقى حصرا في يد امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الصباح، كما ان رئيس
الوزراء سيكون من الاسرة الحاكمة وكذلك الوزراء الرئيسيون في الحكومة. |