تقرير شبكة النبأ الدوري حول الحريات الإعلامية في العالم العربي

تقرير: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: في المخاض العسير الذي تعيشه العديد من البلدان العربية الطامحة بالتحول الديمقراطي، بعد حقبة طويلة من الديكتاتورية المطبقة، تبرز الحريات الإعلامية كمعيار مفصلي يعكس حقيقة المنجز الحقوقي في معادلة التحول الديمقراطي المرتقب.

فحرية الصحافة والإعلام كانت على الدوام هدفا أساسيا في أجندة مصادرة الحقوق العامة والشخصية، ووسيلة لقطع الطريق عن تطلعات الشعوب العربية منذ بداية تشكيل الجمهوريات والملكيات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مطلع القرن الماضي.

وهذا الاستهداف لم يستطع الربيع العربي والتحول الكبير في خارطة السياسة العربية بشكل عام الحد منه، خصوصا ان التقارير الميدانية تجمع على استمرار القمع الإعلامي وسياسة تكميم الأفواه الموروثة، خصوصا في البلدان المتحررة حديثا من الاستبداد.

وتبرز لنا عمليات الاستهداف للعاملين في القطاع الصحفي والإعلامي كمنهج متبنى من الجهات الرسمية والشعبية على حد سواء، دون مراعاة للقيم النبيلة التي تكتنف رسالة الصحافة وأهميتها في المجتمعات.

ويخلص هذا التقرير الذي أعدته شبكة النبأ المعلوماتية الى الحصيلة الانتهاكات المسجلة في بعض تلك البلدان خلال الاشهر القليلة المنصرمة.

سوريا والبحرين واليمن

أعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقرير ان سوريا والبحرين واليمن حلت بين المراتب الاخيرة في تصنيفها لحرية الصحافة في العام 2011 في سنة شهدت اضطرابات ادت الى سقوط عدة انظمة استبدادية عربية.

وفي المراتب الاخيرة تحديدا حلت اريتريا وكوريا الشمالية وتركمانستان بحسب اللائحة السنوية العاشرة التي تعدها المجموعة فيما تصدرت التصنيف كالعادة نفس الدول الاوروبية اولها فنلندا والنروج واستونيا.

وجدول هذه السنة شهد عدة تغيرات في الترتيب ما يعكس سنة تكبدت فيها وسائل الاعلام ثمنا غاليا لقاء تغطيتها للانتفاضات الشعبية كما قالت منظمة مراسلون بلا حدود. وقالت المجموعة التي يوجد مقرها في باريس ان "الرقابة على الاخبار والاعلام استمرت من قبل بعض الحكومات وكانت مسالة بقاء بالنسبة للانظمة الاستبدادية والقمعية".

وقالت مراسلون بلا حدود انه من غير المفاجىء تصنيف نفس الدول الثلاث -اريتريا وكوريا الشمالية وتركمانستان- في ادنى المراتب لانها "انظمة ديكتاتورية مطلقة لا تسمح بحريات مدنية".

واضافت "تسبقها مباشرة في ادنى المراتب سوريا وايران والصين، الدول الثلاث التي يبدو انها فقدت الارتباط بالواقع بما انها غارقة في دوامة ترهيب غير معقولة".

اما البحرين وفيتنام اللتان وصفتهما بانهما "انظمة قمعية بامتياز" فكانتا ايضا بين ادنى المراتب في التصنيف فيما قالت المجموعة ان "دولا اخرى مثل اوغندا وبيلاروسيا اصحبت ايضا اكثر قمعية".

وارتفع تصنيف تونس 30 مرتبة مقارنة مع جدول السنة الماضية لتصل الى المرتبة 134 "لكنها لم تتقبل بعد بشكل كامل صحافة حرة ومستقلة".

والبحرين التي حلت الان في المرتبة 173 تراجعت 29 مرتبة بسبب "قمعها العنيف للحركات المطالبة بالديموقراطية ومحاكماتها للمدافعين عن حقوق الانسان والغائها كل هامش حرية".

وتراجعت مصر 39 مرتبة لتصبح في المرتبة 166 "لان المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يتولى السلطة منذ شباط/فبراير بدد امال الديموقراطيين عبر مواصلته ممارسات عهد (الرئيس المخلوع حسني) مبارك".

وقالت المجموعة ان "الرقابة التامة والمراقبة المنتشرة على نطاق واسع واعمال العنف العشوائية وتلاعب الحكومة جعل من المتعذر للصحافيين ان يعملوا" في سوريا السنة الماضية. وقد تراجعت سوريا الى المرتبة 176 بحسب القائمة.

وفي اماكن اخرى فان الحركات المطالبة بالديموقراطية التي حاولت ان تعتمد النموذج العربي، تم قمعها بقوة مع القيام بالعديد من الاعتقالات في فيتنام (المرتبة 172) على سبيل المثال كما قالت المنظمة.

وفي الصين التي احتلت المرتبة 174 فان الحكومة ردت على الاحتجاجات المحلية وفي الاقاليم، عبر تعزيز نظام رقابتها على الاخبار والاعلام.

واضافت مراسلون بلا حدود ان الصين قامت باعتقالات خارج اطار القضاء وشددت من الرقابة على الانترنت. بحسب رويترز.

وفي اذربيجان (المرتبة 162) سجل ارتفاع كبير في عدد الاعتقالات حيث قامت الحكومة بسجن مستخدمي الانترنت وصحافيين معارضين ومنع مراسلين اجانب من العمل من اجل فرض تعتيم اعلامي على اعمال العنف كما قالت المجموعة.

واضافت ان اوغندا (المرتبة 139) بقيادة الرئيس يويري موسيفيني اطلقت "حملة لا سابق لها على حركات المعارضة والاعلام الحر بعد انتخابات شباط/فبراير".

وفي الاطار نفسه تراجعت تشيلي (المرتبة 80) 47 مرتبة بسبب انتهاكاتها الكثيرة لحرية الاعلام والتي غالبا ما ارتكبتها قوات الامن خلال التظاهرات الطلابية.

كما تراجعت الولايات المتحدة (المرتبة 47) 27 مرتبة بسبب اعتقال عدد كبير من الصحافيين الذين كانوا يغطون احتجاجات حركة "احتلوا وول ستريت".

وشددت المجموعة على الفارق بين بعض الدول الاوروبية وبقية انحاء القارة. فقد ادى قمع التظاهرات التي تلت اعادة انتخاب الرئيس الكسندر لوكاشنكو الى تراجع بيلاروسيا 14 مرتبة لتصنف في المرتبة 168.

وخسرت تركيا (المرتبة 148) عشر مراتب لانها لم تتمكن من القيام بالاصلاحات الموعودة واطلقت موجة من الاعتقالات بحق صحافيين لا سابق لها منذ فترة الحكم العسكري كما قالت مراسلون بلا حدود.

وضمن الاتحاد الاوروبي عكست قائمة مراسلون بلا حدود استمرار التفرقة بين دول مثل فنلندا وهولندا اللتين كانتا على الدوام في اعلى المراتب ودول مثل بلغاريا (المرتبة 80) او اليونان (70) او ايطاليا (61).

واشارت مراسلون بلا حدود الى "تغييرات لافتة" في جنوب السودان عام 2011 قائلة ان هذه الدولة الجديدة دخلت القائمة بموقع جيد (111) مبتعدة بفارق كبير عن السودان الذي يعتبر في ادنى المراتب (170). لكنها قالت ايضا ان افريقيا سجلت اعلى تراجع في التصنيف.

العثور على جثة صحفي فرنسي

قال ضباط إن الشرطة اليمنية عثرت على جثة صحفي فرنسي من أصل جزائري في غرفته بالفندق في العاصمة صنعاء بعد أربعة أيام من اختفائه. وقال مسؤول من الشرطة ان الصحفي كان مخنوقا بسلك كهربائي. وذكرت الشرطة أنها عثرت على بطاقة هوية لقناة فرانس 24 التلفزيونية على الجثة الا أن القناة قالت فيما بعد ان الرجل ليس أحد موظفيها.

الاعتداء جنسيا على صحافية فرنسية في ميدان التحرير

من جهتها اكدت صحافية في القناة الفرنسية الثالثة انها تعرضت لضرب مبرح ولاعتداء جنسي وحشي الخميس في ميدان التحرير بوسط القاهرة اثناء قيامها بتحقيق صحافي وذلك بعد قليل من اعلان صحافية مصرية اميركية لاعتداءات جنسية من قبل رجال شرطة.

وقالت كارولين سينز لفرانس برس انها هي والمصور الذي يعمل معها ويدعى صلاح عقربي تعرضا للاعتداء في شارع جانبي يؤدي الى وزارة الداخلية حيث جرت اعنف الصدامات بين المتظاهرين وقوات الامن في الايام الاخيرة.

وقالت "كنا نقوم بالتصوير في شارع محمد محمود عندما اعتدى علينا شبان صغار في الرابعة عشرة او الخامسة عشرة"، مشيرة الى انهم "اخذوا يتحسسون جسدي".

وعلى الاثر، قامت مجموعة من الرجال باقتياد الصحافية والمصور الى ميدان التحرير حيث فصلا عن بعضهما. واضافت "هناك اعتدى علينا حشد من الرجال. تعرضت للضرب من مجموعة من الشباب والكبار الذين قاموا بنزع ملابسي وبالامساك باعضاء جسدي بشكل يعد اغتصابا".

وتابعت "بعض الاشخاص حاولوا مساعدتي لكنهم لم يتمكنوا من ذلك. تعرضت للضرب لنحو ثلاثة ارباع الساعة الى ان امكن سحبي. اعتقدت انني ساموت"، مشيرة الى ان المصور تعرض هو ايضا للضرب الشديد.

وفي النهاية نجح بعض المصريين الموجودين في المكان من انقاذها لتتمكن في النهاية من الوصول الى الفندق الذي تقيم فيه حيث حصلت على مساعدة من السفارة الفرنسية في القاهرة قبل عرضها على طبيب.

وكانت الصحافية المصرية الاميركية منى الطحاوي التي اعتقلت خلال اشتراكها في تظاهرات ميدان التحرير، اكدت قبل ذلك بقليل انها تعرضت لاعتداءات جنسية من قبل رجال الشرطة وذلك بعد اطلاق سراحها الخميس.

وقالت منى الطحاوي في حسابها على موقع تويتر بعد ان اعتقلتها الشرطة لمدة 12 ساعة "انا حرة" واضافت "علاوة على ضربي قام الكلاب (شرطة مكافحة الشغب) بالاعتداء علي جنسيا بصورة بشعة".

واوضحت "اخذ خمسة او ستة (من رجال الشرطة) يتحسسون جسمي وصدري واعضائي التناسلية ولم اتمكن من احصاء عدد الايدي التي كانت تريد ان تندس داخل بنطلوني".

وقالت "توجد كسور في ذراعي اليسرى ويدي اليمنى كما اظهرت صور الاشعة". ووضعت على الموقع صورا لذراعها ويدها وهما في الجبس.

والطحاوي الحاصلة على عدة جوائز تكتب بانتظام عن القضايا المتعلقة بالاسلام والدول العربية.

وكانت الاميركية لارا لوغان، وهي من كبار المراسلين الخارجيين لشبكة سي.بي.اس، اكدت تعرضها لاعتداء جنسي مشابه في 11 شباط/فبراير الماضي في ميدان التحرير في نفس يوم تنحي الرئيس السابق حسني مبارك.

وقالت لنيويورك تايمز لدى عودتها الى الولايات المتحدة "قاموا باغتصابي بايديهم لوقت طويل"، مشيرة بعد عودتها الى الولايات المتحدة الى ان الاعتداء الذي تعرضت له على ايدي 200 او 300 رجل استمر لمدة 40 دقيقة.

ونددت منظمة مراسلون بلا حدود بظروف عمل الصحافيين الذين يغطون الاضطرابات في مصر التي اوقعت رسميا 38 قتيلا.

وقالت المنظمة في بيان ان "الفوضى السائدة في القاهرة وما نجم عنها من انتهاكات اخيرة لحقوق الانسان لا تختلف كثيرا عن الساعات السوداء للمرحلة الثورية الاولى في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2011". واضافت ان "العاملين في الاعلام هم الشهود المزعجين على انهيار الجيش الحاكم" معربة عن قلقها "خاصة وانهم قد يتعرضون لمزيد من القمع".

مقتل صحافي في مقديشو

فيما قتل رجل يرتدي بذة عسكرية صومالية بالرصاص صحافيا يعمل في قناة تلفزيونية محلية في احد شوارع مقديشو، على ما افاد مسؤول امني. وافاد شهود عيان ان المهاجم قتل عبد السلام شيخ حسن الذي كان يعمل لحساب قناة هورن كيبل التلفزيونية مطلقا رصاصات عدة على كتف الصحافي ومعدته في حي حمر ججب بمقديشو.

وقال المسؤول الامني محمد بكر ان "المعلومات الاولية تشير الى ان الصحافي قتل برصاص رجل مسلح بواسطة سلاح كلاشنكوف، لكننا لا نملك معطيات عن هوية مطلق النار". بحسب فرانس برس.

وتعتبر الصومال التي يمزقها نزاع مستمر منذ عقود، احد اخطر البلدان في العالم حيث قتل او جرح عدد كبير من الصحافيين برصاص مسلحين.

صحافيون تونسيون يتظاهرون ضد "الاساليب الرجعية"

من جانبهم تظاهر مئات الصحافيين التونسيين للتنديد "بالممارسات الرجعية" والمطالبة بالتراجع على التعيينات الجديدة التي شملت المناصب الاساسية في وسائل الاعلام الرسمية. ورفع المتظاهرون امام قصر الحكومة بحي القصبة لافتات كتب عليها "الحرية للصحافة التونسية" و"لا وصاية على الاعلام" و"ياصحافي ثور على بقايا ديكتاتور" و"صحافتنا حرة والرجعية على برة" و"لا للخوف لا للرعب السلطة للشعب".

وقالت نجيبة الحمروني رئيسة نقابة الصحافيين التونسيين "نطلق اليوم صيحة فزع اثر تعدد الانتهاكات التي طالت الاعلاميين وللتنديد بالتعيينات الجديدة التي لم تستشر فيها الهيئات المختصة". وعبرت عن صدمتها من "وجود رموز للفساد الاعلامي كانوا طرفا في قمع الصحافيين في عهد النظام البائد".

وراى كمال العبيدي رئيس الهيئة الوطنية العليا للاصلاح والاعلام والاتصال "ان التعيينات عودة الى اسلوب الرقابة والتقييد والاملاءات السياسية". واعتبر الرئيس الشرفي للرابطة التونسية لحقوق الانسان ان "الحكومة الجديدة تجاوزت الحدود وعليها مراجعة ورقتها".

واثر لقاء مع وفد من الصحافيين اكد عبد الرزاق الكيلاني الوزير المكلف العلاقات مع المجلس التاسيسي ان التعيينات الجديدة في وسائل الاعلام الرسمية هي "وقتية ويمكن مراجعتها".

واوضح الكيلاني، العميد السابق للمحامين، ان "هذه التعيينات هي وقتية وقد تقررت بصفة مستعجلة لسد الشغور".

وقد اعلنت حكومة حمادي الجبالي عن تعيينات على راس ابرز المؤسسات الاعلامية التونسية لقيت انتقادات واسعة من قبل ممثلي العاملين في قطاع الاعلام.

وطالت التعيينات وكالة تونس افريقيا للانباء الحكومية (وات) ومؤسسة التلفزة الوطنية التونسية والصحيفتين اليوميتين "لابريس" الناطقة بالفرنسية و"الصحافة" الناطقة بالعربية وكذلك شركة الطباعة والصحافة والنشر (سنيب).

وعين محمد الطيب اليوسفي الذي كان ملحقا اعلاميا في حكومة الرئيس السابق زين العابدين بن علي في منصب المدير العام لوكالة تونس افريقيا للانباء خلفا لنجيب الورغي الذي شغل هذا المنصب منذ ايار/مايو 2010.

وقد كلف هذا الاخير بادارة صحيفتي لابريس والصحافة والشركة الجديدة للطباعة والصحافة والنشر.

على صعيد متصل اعلنت مجموعة من المنظمات الاعلامية انشاء اول "شبكة عربية لحرية الاعلام" من اجل المشاركة الفعالة في صياغة مستقبل حرية التعبير، تتماشى ومتطلبات الربيع العربي. وياتي انشاء الشبكة بمبادرة من المركز التونسي لحرية الصحافة وهي تضم ايضا ممثلين من اليمن وليبيا وفلسطين.

وقال محمود الذوادي رئيس المؤسسة التونسية "مواكبة للربيع العربي واستجابة للاحداث المتسارعة وتلبية لمطالب العديد من المدافعين عن حرية التعبير والراي وانطلاقا من الادراك باهمية دور الاعلام في تعزيز ثقافة حرية التعبير التي عانت طويلا من الخروقات والانتهاكات، نعلن عن تأسيس الشبكة العربية لحرية التعبير" في تونس.

وتظم الشبكة الى جانب اعلاميين تونسيين، المرصد الليبي لحرية التعبير الذي تم انشاؤه في التاسع من تشرين الاول/اكتوبر الفائت من اجل كشف "الانتهاكات الخطيرة" التي طالت الصحافيين الليبيين مع قيام "ثورة 17 فبراير" التي اطاحت بالزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي بعد اكثر من اربعين عاما من الحكم بدون منازع.

كما تضم الشبكة ومقرها تونس المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية (مدى) واعلاميين عربا من بينهم الصحافي والناشط الحقوقي اليمني عبد الكريم الخيواني والخبير الدولي في تدريب الصحافيين الفلسطيني يوسف احمد. بحسب فرانس برس.

ومن اهداف الشبكة "صياغة مستقبل حرية التعبير وفقا للمواثيق والمعاهدات الدولية والاسهام الفعلي فيه من اجل التقدم نحو الديموقراطية"، حسب ما اوضحت ابتسام عبد المولى رئيسة المرصد الليبي.

ومن الاهداف الاخرى للشبكة "وضع بعض التشريعات والتدابير التي من شأنها حماية حرية التعبير ودعم حق النفاذ للمعلومة"، وايضا المساهمة في "تدريب الصحافيين وتكوينهم للنهوض بمردودهم المهني" في المنطقة العربية.

واكد الذوادي ان الشبكة العربية لحرية التعبير "وجدت لتبقى" استجابة للربيع العربي ودعا النشطاء الى "تقديم اضافة عملية تقطع مع الارتجال والخوف " الذي خيم على المشهد الاعلامي العربي في السابق.

سلطنة عُمان وحبس الصحفيين

الى ذلك حثت منظمة العفو الدولية السلطات العُمانية على إسقاط الحكم بإدانة اثنين من الصحفيين والشخص الذي سرب لهما المعلومات، وذلك في أعقاب تأييد محكمة الاستئناف لحكم الإدانة الصادر بحق الأشخاص الثلاثة بتهمة "إهانة" وزير العدل العماني.  

وصدر في سبتمبر/ أيلول الماضي حُكمٌ بالسجن مدة خمسة أشهر بحق كل من الصحفي في جريدة الزمن، يوسف الحاج، ورئيس تحريرها إبراهيم المعمري، والموظف في وزارة العدل، هارون المقيبلي إثر نشر مقال في الجريدة يتحدث عن وجود شبهة فساد مزعومة في أروقة وزارة العدل.

وفي الحادي والثلاثين من ديسمبر/ كانون الأول، أيدت محكمة الاستئناف بالعاصمة مسقط الأحكام الصادرة بحق الأشخاص الثلاثة، وكذلك الحكم بوقف الصحيفة عن الصدور مدة شهر واحد.

ووُجهت إلى الثلاثة تهم ترتبط بمقالة كتبها الصحفي يوسف الحاج زعم خلالها أن المصدر الذي زوده بالمعلومات، وهو الموظف في وزارة العدل هارون المقيبلي، كان ضحية عملية فساد داخل أروقة وزارة العدل.  فقد حصل هارون طوال خمسة أعوام على راتب أقل مما يستحقه بحكم درجته الوظيفية، حيث رفضت الوزارة تعديل راتبه حسب الأصول على الرغم من تكرار شكواه بشأن الموضوع.

وصرحت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي، قائلةً أنه "سوف ينطوي إسكات صوت صحيفة الزمن وحبس موظفيْها جراء نشرها معلومات تخدم الصالح العام على آثار وتبعات سلبية جداً بين أوساط الصحفيين في عُمان."  

وأضافت قائلةً: "ينبغي إسقاط تلك الأحكام، وأن يُسمح للصحيفة بمزاولة عملها كالمعتاد دون أن تخشى وقفها عن الصدور أو تعليق نشاطها."

وبحسب نص قرار محكمة الاستئناف، فسيجري وقف تنفيذ الأحكام، على الرغم من عدم وضوح تفاصيل ذلك. وقد أخبر يوسف الحاج منظمة العفو الدولية اليوم بأن المتهمين يشعرون بأن وقف تنفيذ الأحكام يُعد بمثابة "سيف مُسْلط على رقابهم".

وأضاف يوسف الحاج قائلاً: "الذي حصل في القضية هي دلالات ومؤشرات تؤكد غياب حرية الرأي في السلطنة، وتؤكد التضييق القائم على الصحف والصحفيين." وينوي المتهمون الثلاثة التقدم بطعن أمام المحكمة العليا في عُمان.

وتضيف حسيبة حاج صحراوي معلقةً: "إن حبس الصحفيين والشخص الذي سرب المعلومات لهما نتيجة قيامهم بالإبلاغ عن حالة فساد يجعلهم من سجناء الرأي، وعليه فسوف تدعو منظمة العفو الدولية السلطات العُمانية إلى إطلاق سراحهم فوراً ودون قيد أو شرط." 

ونشرت الصحيفة بتاريخ 28 ديسمبر/ كانون الأول الماضي اعتذاراً إلى وزير العدل، غير أنه وعقب تأييد الحكم بالإدانة، قامت الصحيفة بنشر مقالة جديدة تعبر فيها عن شعورها "بالصدمة" جراء حكم المحكمة الجديد.  

وأخبر  يوسف الحاج منظمة العفو الدولية أن "العقوبة غير عادلة، واعتذار الصحيفة لا يعني أن قضية الموظف هارون المقيبلي لم تكن صحيحة."

ودعت صحيفة الزمن إلى تشكيل لجنة مستقلة للنظر في القضية، وذلك لوجود بواعث قلق تتعلق بمدى استقلالية قرارات المحكمة عندما يكون وزير العدل طرفاً في القضية.

ولا تزال السلطات العمانية ماضية في فرض قيود صارمة على حرية التعبير عن الرأي والتجمع.  وقد جرى استهداف العديد من المدونين والصحفيين خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك في أعقاب قيامهم بتوجيه النقد إلى الحكومة، حيث احتُجز بعضهم جراء ذلك في واقع الأمر.

وقد شهدت سلطنة عُمان اندلاع احتجاجات منادية بالإصلاح خلال عام 2011، حيث نزل آلاف المتظاهرين إلى الشوارع للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية، ووضع حد للفساد، والحصول على قدر أكبر من حرية التعبير عن الرأي.

وفي فبراير/ شباط ومارس/ آذار من عام 2011، أذعن رأس الدولة في عُمان، السلطان قابوس بن سعيد، لبعض مطالب المحتجين من قبيل إيجاد المزيد من فرص العمل، وزيادة مخصصات الإعانة للعاطلين عن العمل، وإقالة بعض وزراء حكومته.

السودان حملة على وسائل الاعلام

في حين أغلق السودان صحيفة أكبر حزب معارض اسلامي بالبلاد في احدث خطوة في حملة متصاعدة على وسائل الاعلام المستقلة في البلاد. وداهمت قوات الامن مكاتب تابعة لصحيفة رأي الشعب التابعة لحزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي. وقال الحزب ان قوات الامن ابلغت العاملين بوقف نشر الصحيفة ومصادرة أصولها.

وقال ناجي دهب المتحدث باسم الحزب ان قوات الامن لم تقدم اي اسباب لهذا القرار مضيفا انهم يحتلون حاليا مبنى الصحيفة. واعرب عن اعتقاده بأن السبب يعود الى ان الحكومة لا تستطيع التعامل مع حرية الصحافة.

ويشكو الصحفيون في السودان من زيادة الضغوط والمضايقات من قبل قوات الامن اذا وجهوا انتقادات للحكومة أو تناولوا قضايا حساسة مثل الازمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها البلاد منذ انفصال الجنوب ليصبح دولة مستقلة في اواخر يوليو تموز.

ويقول صحفيون ان قوات الامن صادرت في عدة مناسبات الشهر الماضي طبعات بأكملها لصحف مستقلة. وكانت صحيفة رأي الشعب التي تنتقد بشكل دائم الحكومة قد عاودت الصدور في اكتوبر تشرين الاول بعد اغلاق سابق امرت به الحكومة واستمر عدة اشهر.

وقال المركز السوداني للخدمات الصحفية وهو موقع اخباري على صلة بالحكومة ان الصحيفة اغلقت بسبب انتهاكها للمعايير المهنية والاخلاقية. وأضاف المركز ان اجهزة الامن تطالب وسائل الاعلام الوطنية بعدم انتهاك الامن القومي باسم حرية الصحافة بالسودان.

وفي يوليو تموز حكم على اثنتين من الصحفيات بالسجن لمدة شهر لتناولهما قضية اغتصاب مزعومة. وقبل يوم من استقلال جنوب السودان في يوليو تموز اوقفت الخرطوم ست صحف لانه بعض ملاكها أو ناشريها كانوا من الجنوبيين.

استقالة ثلاثة من كبار صحافيي العرب اليوم

اما في الاردن قدم ثلاثة من كبار صحافيي صحيفة "العرب اليوم" الاردنية اليومية المستقلة الثلاثاء استقالاتهم اثر خلاف مع مالكها الجديد حول اجراءات "تضر بحرية الصحافة".

وتقدم بالاستقالة كل من طاهر العدوان، رئيس مجلس الإدارة ورئيس هيئة المديرين الذي شغل منصب وزير دولة لشؤون الاعلام والاتصال قبل استقالته من الحكومة بسبب قوانين "تقييد حرية الرأي" في 21 حزيران/يونيو الماضي، وفهد الخيطان رئيس تحرير الصحيفة، وسلامة الدرعاوي مدير الدائرة الاقتصادية.

وقال الخيطان انه تقدم باستقالته من الصحيفة "بسبب اختلافات في الرؤى حول آليات العمل والتطوير في الصحيفة وبعد الوصول الى طريق مسدود في التفكير". واضاف ان "الطريقة التي يتعامل بها المالك الجديد قد تضر بحرية الصحافة في المستقبل"، مؤكدا ان "اي تدخل في التحرير او الادارة تحت أي مسمى كان يضر بحرية الصحافة". واوضح ان "استقالة العدوان والدرعاوي كانت ضمن نفس الإطار". وكان مستثمر اردني اشترى الصحيفة في تموز/يوليو الماضي.

الاعتداء على ناشط حقوقي في غزة اثر نشره مقالا

اما في غزة اعلن مركز حقوقي ان مجهولين قاموا فجر بطعن احد المسؤولين في المركز اثر نشره مقالا صحافيا بعنوان "الحماية الغائبة بين المقاومة والحكومة والمواطن" في قطاع غزة.

وقال "مركز الميزان" لحقوق الانسان ان "محمود ابو رحمة مدير وحدة الاتصال والعلاقات الدولية في المركز تعرض لهجوم بادوات حادة من قبل مجهولين" فجر الثلاثاء وهو عائد الى منزله حيث اصيب "بعدة طعنات في انحاء متفرقة من جسده". ونقل الناشط الى احد المستشفيات الخاصة في غزة للعلاج حيث وصفت حالته بالمتوسطة.

واوضح المركز ان ابو رحمة كان "تلقى عددا من رسائل التهديد على هاتفه النقال وبريده الالكتروني"، حول مقال كان كتبه ونشر على مواقع الكترونية محلية في الاول من كانون الثاني/يناير. وطالب المركز الذي دان بشدة "الاعتداء" حكومة حماس المقالة ب"التحقيق في الحادث وكشف المتورطين فيه".  وكان ابو رحمة تعرض ايضا لاعتداء بالضرب من مجهولين وفقا للمركز.

من جانبه قال ايهاب الغصين المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة لحكومة حماس تعليقا على الحادث "فتحنا تحقيقا فوريا وفي كل الاحوال اي اعتداء على اي مواطن امر مستنكر وندعو الجميع لانتظار انتهاء التحقيقات وعدم ربط ادعاء الاعتداء بأي أمر".

جائزة رفيعة من هارفارد لصحفي ليبي قتل ببداية الثورة

من جانب آخر أعلنت جامعة هارفارد أنها منحت إحدى جوائزها المرموقة في الصحافة لصحفي ليبي قتله قناصة نظام العقيد معمر القذافي أثناء بدى الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في فبراير/شباط الماضي. وقالت الجامعة إن محمد نبّوس خاطر حياته من إجل إبلاغ الآخرين، وبدأ يبث على الانترنت وقائع حملة نظام القذافي ضد المحتجين في خلال الانتفاضة.

وكانت ليبيا الدولة الأكثر غموضا عندما بدأت الانتفاضة في فبراير/شباط، بعد أن حكمها نظام القذافي بقبضة من حديد لعقود، وفرض قيودا صارمة على الإعلام.

ونبّوس، 27 عاما، كان ضليعا بالتكنولوجيا، وتمكن من إنشاء مركز قيادة تجاوز نظام الحجب الإلكتروني الذي فرضته الدولة، وبث مباشرة على الإنترنت جزءا من الاحتجاجات، حتى قتله القناصة في مارس/آذار الماضي.

وقالت الجامعة إن مؤسسة زمالة نيمان اختارت دبوس لتلقي جائزة العام لويس م. ليون في "الضمير والنزاهة،" الصحفية. وقال بيان مؤسسة نيمان "خاطر نبّوس بنفسه، وبشجاعة هائلة، لإظهار قوة الصحافة في بلد لم يكن يعرف الصحافة الحرة منذ عقود، وأصبح عيون وآذان العالم، ودفع الثمن الباهض في نهاية المطاف.. ولذلك فإننا نكرمه اليوم." وأضاف البيان إن "نبّوس وأمثاله خاطروا بحياتهم من أجل إبلاغ العالم بما يجري أثناء انتفاضات الربيع العربي 2011."

المصادقة على قانون الاعلام في الجزائر

صادق المجلس الشعبي الوطني الجزائري (البرلمان) بالاغلبية على قانون الاعلام الجديد، متجاهلا انتقادات نواب المعارضة الذين رأوا فيه "تراجعا" مقارنة بالقانون السابق، بينما وصفه صحفيون بانه "قانون عقوبات مكرر".

وصوت نواب جبهة التحرير الوطني (136 نائبا من بين 389) والتجمع الوطني الديمقراطي (62 نائبا) على القانون، بينما عارضه نواب حركة مجتمع السلم (51 نائبا).

وقالت النائب زوبيدة خرباش عن حزب العمال (26 نائبا) الذي امتنع عن التصويت "في الوقت الذي تجري حروب اعلامية في الخارج، نقوم نحن بغلق وسائل الاعلام". وقاطع نواب حركتي النهضة والاصلاح الوطني الاسلاميتين جلسة التصويت.

وانتقد الصحفيون القانون لأنه لا يحميهم ويكتنفه الكثير من الغموض كما في المادة الثانية التي تربط حرية ممارسة النشاط الاعلامي باثني عشر شرطا. ونصت هذه المادة على ان الصحفي عليه احترام "القيم الروحية للمجتمع والهوية الوطنية ومتطلبات امن الدولة والدفاع الوطني والمصالح الاقتصادية للبلاد..." ويترك هذا الغموض للقاضي "حرية التفسير" لمعاقبة او لا الصحفيين، بحسب قانونيين.

واكدت الصحفية مريم بن شوية ان القانون يجب ان "يحمي الصحفي ويوفر له مصادر المعلومات الصحيحة وليس العكس". وثمن وزير الاتصال القانون واعتبره يندرج ضمن برنامج الاصلاحات السياسية التي بادر بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والتي تهدف إلى "تدعيم المسعى الديمقراطي وفتح آفاق جديدة في ممارسة الحريات الجماعية و الفردية".

واضاف " قانون الاعلام سيضيف الكثير للمشهد الاعلامي الوطني لا سيما من خلال فتح مجال السمعي البصري على القطاع الخاص الوطني"، بحسب وكالة الانباء الجزائرية.

وانهى قانون الاعلام الجديد 50 سنة من احتكار الدولة للقطاع السمعي بصري، وسمح للمؤسسات الخاصة بفتح قنوات تلفزيونية ومحطات اذاعية.

وقانون الاعلام آخر وثيقة يتم التصويت عليها في البرلمان ضمن حزمة قوانين الاصلاح السياسي. واعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطاب في 15 نيسان/ابريل اصلاحات سياسية تتضمن مراجعة الدستور وقوانين الاحزاب السياسية والتمثيل النسوي في المجالس المنتخبة والجمعيات المدنية والانتخابات والاعلام.

في الوقت ذاته اطلقت رمزيا في الجزائر اول قناة فضائية تلفزيونية خاصة في اطار انفتاح في وسائل الاعلام على القطاع غير الحكومي. واعلنت مالكة القناة صحيفة الشروق الجزائرية اطلاق "الشروق تي في"، مشيرة الى انها بدأت "البث التجريبي" بانتظار تبني مشروع قانون في البرلمان يسمح بفتح قنوات خاصة، اعلن عنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في اطار برنامج اصلاحي.

وقالت الصحيفة ان "الشروق قناة فضائية عامة شاملة" وخطها التحريري "سيكون مدافعا عن المصالح العليا للجزائر". وقال مدير الصحيفة علي فضيل ان القناة ستقدم برامج باللغة العربية وكذلك بالامازيغية والفرنسية.

وقد اطلقت القناة في الذكرى السابعة والخمسين لبدء حرب الاستقلال والذكرى الحادية عشرة للصحيفة التي تصدر بالعربية وتطبع اكثر من 500 الف نسخة. واوضح فضيل ان "القناة ستبث اولا من عمان وبيروت حيث فتحت مكاتب لها".

وعندما يفتح الاعلام السمعي البصري للقطاع الخاص في الجزائر ستفتح القناة مكاتب لها في الجزائر. وسيبدأ البث الرسمي للبرامج نهاية شباط/فبراير او مطلع آذار/مارس.

ويشمل البث التجريبي "برامج متنوعة" بينها برامج وثائقية وندوات، حسب الفضيل الذي اكد ان "مشروع الشروق تي في يعود الى سنتين الى كانون الاول/ديسمبر 2009". واعلنت عدة صحف جزائرية بينها الوطن وليبرتيه وليكسبريسيون الصادرة باللغة الفرنسية، والخبر والنهار اللتان تصدران بالعربية انها تنوي اطلاق قنوات تلفزيونية.

وكان وزير الاتصال الجزائري ناصر مهل صرح في ايلول/سبتمبر الماضي ان القنوات التلفزيونية الخاصة سترى النور في 2012 بعد قرار الحكومة رفع احتكار دام 50 سنة لقطاع السمعي بصري، في اطار اصلاح سياسي في سياق ثورات الربيع العربي.

وجاءت تصريحاته بعدما صادق مجلس الوزراء الاثنين الماضي على مشروع قانون جديد للاعلام يفتح القطاع السمعي بصري للمنافسة. كما ينص على انشاء هيئة لضبط عمل المحطات الاذاعية والقنوات التلفزيونية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/كانون الثاني/2012 - 5/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م