قضية الهاشمي... نقاش داخل حافلة

عصام حاكم

 

شبكة النبأ: في الساعة الثامنة صباحا واثناء صعودي الى حافلة نقل الركاب وبعد الجلوس في مقعدي لفت انتباهي ذلك الحوار الساخن بين عدد من الركاب حوار دخلت فيه السياسة التي اصبحت جزء لا يتجزأ من حديث الشارع العراقي المثقل بهموم الوطن الجريح.

حوار اليوم كان متعلقا بقضية نائب رئيس الجمهورية الدكتور طارق الهاشمي المتهم بتورط في قضايا ارهابية والذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال قضائية، حوار لم يخلوا من الخلاف في وجهات النظر تنقله شبكة النبأ المعلوماتية التي كانت حاضرة في حلقة النقاش الصباحية التي بدئها الحارس ابو محمد والمؤيد لتلك للإجراءات القانونية التي اقدمت عليها المحكمة، فقد عدها اجراء قضائي لا شائبة عليه و نوع من انواع العدل والمساواة بين المواطنين تلك المساوة التي كفلها الدستور، ويضيف يبقا الهاشمي من وجهة نظري مواطن عراقي وتنطبق عليه القوانين اسوة بباقي ابناء الوطن ومن غير المعقول ان يطبق القانون على شريحة بعينها ويترك المسؤول حراً بغير حساب علما بان الاصابع البنفسجية هي التي اوصلت المسؤولين لتلك المناصب.

المعاون الطبي ابو فاطمة كان احد المشاركين وقال: لم لا نعتبر هذه التجربة عنوان مهم لنجاح الديمقراطية في العراق فهي سابقة عربية بامتياز، فلم يسبق ان قُدم نائب رئيس أي دولة عربية للمحاكمة على خلفية أي قضية بحسب علمي, علما بان الهاشمي لم تثبت ادانته حتى الان ومن حقه الدفاع عن نفسه واثبات بطلان الادعاء.

ويضيف: وكنت اتمنى على الدكتور الهاشمي ان يكون مثال للمواطن الحريص وان لا يجرم القضاء العراقي ويتهمه بانه مسيس وتابع، فهذا الاسلوب باتهام القضاء يمكن ان يكون ذريعة لباقي الاشخاص ان يشككوا بالقضاء وتكون سبب وعنوان لهروب المجرمين والقتلة من قبضة القانون والعدالة.

وفي هذه الاثناء تدخل السائق مسائلاً عما اذا كانت تلك الاتهامات موجهه لشخص دولة رئيس الوزراء فهل كان الدكتور الهاشمي يتقبل مثل هذا الرأي وتلك المشاحنات ويقف مكتوف الايدي من دون ان يعترض ويقدم مئات الادلة والشواهد على عدم جواز مثل هذا القول وان القضاء العراقي نزيه وعادل؟ ويجب عليه الدفاع عن نفسه وليس هناك من فرق بين القضاء في كردستان والقضاء في بغداد خصوصا وان الوقائع الجرمية حدثت في بغداد، وفي مثل هذا الوضع القانون واضح وصريح حيث لا يجيز نقل الدعوة الى مكان اخر ويجب ان تنظر في محل الحادث.

ابو امين استاذ محاضر في جامعة كربلاء وكان من بين المشاركين في هذا الحوار الساخن حيث قال: لو كنت مكان الدكتور الهاشمي فلا اعتقد ان يكون لي خيار غير ان اتقدم للمحكمة لأثبت براءتي واكشف زيف الادعاءات وبطلان الادلة الجرمية ان كنت برئ وغي مذنب، اما في حال عدم سلامة موقفه القضائي والقانوني فحتما سوف اذهب الى ما ذهب اليه الهاشمي وسأطعن بنزاهة القضاء واقول وان الاتهامات مفبركة وتحمل اجندات سياسية وهي نوع من انواع تصفية الخصوم وما الى ذلك من التبريرات.

الحاج ابو محمد البالغ من العمر ستين عاما داخل ساحة الجدل الصباحي وهو يتلو على مسامعنا الآية الكريمة (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون ) ليبرهن للحاضرين بان قضية العدل والانصاف هي نص الهي وما علينا الا الامتثال لأوامر المولى جلة قدرته حتى تستقيم امورنا.

ويضيف: أن العبرة من المثول امام المحاكم على المستوي الدنيوي هي كي نؤسس لحياة حرة كريمة لا يظلم فيها احد وهناك مضامين اخرى قد تمكننا من استيعاب فكرة الوقوف امام البارئ الكريم والحاكم العادل، وتجعلنا نعيد مراجعة أدق تفاصيل حياتنا لأننا لا محال مسؤولين يوم تشهد علينا أيدينا وألسنتنا وارجلنا وذلك هو الخسران العظيم وان الدنيا بأكملها لا تعادل وقوف الانسان بين يد خالقة الله سبحانه وهو مذنب ومقصر فما بالك قاتل النفس المحترمة.

 الحاجة ام رياض وعلى غير عادتها تفاعلت مع الموضوع بشكل ايجابي هذا مما اضطرها ان تكون في صف المتحدثين وتترك خانة المستمعين للحوار لتقول ان كنت اعلم منذ زمن طويل بان هناك (أنه في الموضوع) وتقصد بانك هناك قمة امر عظيم يرتب في الخفاء, وسبب هذا الاعتقاد ياتي على خلفية التصريحات التي يتفوه بها بعض القادة السياسيين وهم يحذرونا مرارا وتكرارا من مغبة الرجوع للمربع الاول وتعني هذا المفردة الحرب الاهلية والطائفية وعلى هذا الاساس هم يراهنون على صبر الحكومة وتحملها كل التجاوزات القانونية والتدخلات الاقليمية.

 عادل الابراهيمي رجل دين احب ان يشارك في هذا النقاش التي تتيح لجميع ابداء آرائهم والتعبير عنها بحرية بعيدا عن الانفعالات والتوترات وتعالي الاصوات وقال الابراهيمي : لماذا تقام الدنيا لمجرد ولا تقعد لمجرد تطبيق القانون على شخص ما؟ واذا ما كان القانون والقضاء لا يمس المسؤولين واقارب المسؤولين ولا يمس الاحزاب والكتل والتجمعات فلمن وضع القانون؟ هل شرع للفقراء والمساكين؟ أما شرع لمن ليس له خالات وعمات واخوات واخوان في الحكومة بحسب تعبيره.

ويضيف الابراهيمي: علما بان التاريخ الاسلامي قد ذكر لنا العديد من الروايات والقصص التي تحمل الكثير من العبر والمعاني لتكون دروس في مسيرتنا وحياتنا اليومية لتعامل فيما بيننا ومنها قصة للإمام علي ابن ابي طالب (علية السلام) حاكم الإمبراطورية الاسلامية في وقتها حينما اختصم مع اليهودي بخصوص درع كان له وهو فما كان منه الا الاحتكام للقضاء ومضمون القصة والرواية: (فقد سقط منه درعه في معركة صفين فبينما يمشي في سوق الكوفة يمر أمام يهودي يعرض درعه للبيع فقال لليهودي هذه درعي فقال اليهودي بل هي درعي وأمامك القضاء! فيذهب الإمام علي(ع) الى القاضي شريح ويقف هو واليهودي أمام شريح القاضي. فقال شريح: البينة على من ادعى.

فقال علي(ع): إن الدرع درعي وعلامتها كيت وكيت. وهذا الحسن بن علي شاهدي على ذلك فيقول شريح يا أمير المؤمنين إني أعلم أنك صادق ولكن ليس عندك بينة وشهادة الحسن لا تنفعك لأنه ابنك وقد حكمنا بالدرع لليهودي.

ومن خلال هذا الموقف الرائع في العدل وفي الاتصال الصحيح يدرك اليهودي أن هذا هو دين الحق فيقول: 'والله إن هذا الدين الذي تحتكمون إليه لهو الحق والناموس الذي أنزل على موسى وأنه لدين حق ألا إن الدرع درع أمير المؤمنين، وأني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

بتلك القصة الرائعة التي جسدتها عدالة الاسلام واخلاق امير المؤمنين(ع) انتهيا نقاشنا الساخن بوصلنا الى وجهتنا والنزول من الباص مودع بعضنا الاخر على امل ان يتفق ساستنا وقادتنا لأجل مصلة الوطن والمواطن ويتركوا خلافاتهم جانبا ويسعون الى بناء عراق جديد تسوده الالفة والمحبة والاخاء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/كانون الثاني/2012 - 1 /ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م