الخروج الآمن لمن؟

محمد سيف الدولة

يبحث الجميع الآن عن خروج آمن يضمن لهم مصالحهم ومستقبلهم بعد انتهاء المرحلة الانتقالية.

1) المجلس العسكري يريد خروج آمن يضمن عدم محاسبة أي من قياداته او افراده عن اي أفعال تمت قبل الثورة او بعدها، مع الاحتفاظ بكامل امتيازاته وصلاحياته.

2) والتيار الاسلامي يسعى الى استلام آمن للسلطة بدون فيتو امريكي دولي وبدون انقلاب عسكري.

3) والأمريكان يضغطون ويتفاوضون من اجل تأمين مصالحهم في مصر: مصالحهم الأمنية والاقتصادية والسياسية والإقليمية، واستمرارها على ذات المنوال الذي كانت عليه في ظل مبارك، وهو ما أعلنت عنه كلينتون شخصيا حين قالت ان على اي مسئولين جدد في مصر ان يؤكدوا التزامهم كتابة باستخدام المساعدات الأمريكية للحفاظ ورعاية المصالح الأمريكية في مصر وفي المنطقة

4) وصندوق النقد الدولي ممثلا عن الدائنين في نادي باريس يضغط ويتشرط ويتفاوض من اجل ضمان سداد القروض القديمة 35 مليار$، واستمرار تنفيذ روشته الاقتصادية القديمة، والفوز بمزيد من القروض والديون والفوائد والتحكم.

5) واسرائيل تصول وتجول وتضغط وتهدد وتشد وترخي من اجل ضمان استمرار معاهدة السلام كما هي بدون أي تعديل، وتبعث لنا يوميا بعشرات الرسائل والمراسيل مع الوفود الرسمية او البرلمانية الأمريكية.

6) ورجال اعمال مبارك يتواصلون على قدم وساق مع حكومة الجنزوري والمجلس العسكري لإقرار قانون المصالحة لضمان افلاتهم من جرائم النهب والفساد التي ارتكبوها، وضمان استمرار امتيازاتهم وارباحهم، ويعكفون من اجل ذلك على اعداد دستور اقتصادي دائم لمصر من خلال اتحاد الغرف التجارية.

7) حتى قتلة الشهداء يخططون ويتآمرون للافلات من المحاكمة والعقاب.

8) أما شباب الثورة فيناضلون من أجل الخروج الآمن بمكتسبات الثورة كحق التظاهر والاعتصام ضد اي محاولات للانقضاض عليها بدعوى الشرعية الدستورية او البرلمانية، ويصرون على محاكمة قتلة الشهداء دفاعا عن سلامة الأحياء.

9) وأما الناس الطيبة فكل تركيزها الآن على أمنها الشخصي والاقتصادي والاجتماعي في المرحلة الانتقالية، في انتظار الفرج ووعود الثوار بالعيش والعدالة الاجتماعية.

***

الجميع يعمل ويتسابق لضمان أمنه وسلامته ومصالحه بعد انتهاء هذه المرحلة وتسليم السلطة، ويضع من اجل ذلك خطط و خطوات و مطالب محددة، ويضغط من أجلها بكل ما أوتي من قوة:

• فالجيش يلوح بعدم تسليم السلطة أو بتسليمها منقوصة.

• والاخوان والسلفيون يبعثون برسائل تطمينات للغرب وللمجلس العسكري.

• والأمريكان يلوحون بقطع المساعدات العسكرية والاقتصادية وعدم الاعتراف الدولي بالنظام الجديد.

• وإسرائيل تلوح بالحرب وإعادة احتلال سيناء.

• وصندوق النقد يوصي صبيته بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر.

• ورجال الأعمال يلوحون بسحب الاستثمارات المحلية والاجنبية وتسريح العمالة.

• والشباب يتظاهر كل يوم، لتأكيد وتثبيت هذا الحق.

• والناس الطيبة تدعو الله في كل صلاة ان يسترها ويأخذ بيدها.

• أما القتلة فيؤمنون انفسهم بمزيد من القتل في كل مناسبة.

***

لكن في النهاية لا يمكن ان يتحقق الخروج الآمن للجميع، فيجب ان نختار بينهم، بين القاتل والمقتول وبين الناهب والمنهوب وبين العدو والصديق.

والطريق الصحيح الوحيد للفوز بخروج آمن حقيقي ((لمصر الشعب والثورة)) هو بتحريرها من التبعية للولايات المتحدة الأمريكية ومن سيطرة رؤوس الأموال الأجنبية وحلفائهم في الداخل.

وبدون ذلك، لن يأمن أحد.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/كانون الثاني/2012 - 23صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م