الاغتصاب أشد الجرائم قبحا

أضرار نفسية وتداعيات اجتماعية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: على الرغم من أن جريمة الاغتصاب جريمة عالمية، ولا تقتصر على مجتمع دون آخر ولا فئة دون أخرى، إلا أنها تزداد كالهشيم في النار في مجتمعات الدول النامية مثل باكستان والهند وإيران والعراق وليبيا وهايتي والكونغو، التي تولي قوانينها أهمية كبيرة للمحافظة على الإعراض.

وتعد جريمة الاغتصاب من اشد الجرائم قبحا والتي يمكن أن تتعرض لها الأنثى في العالم بشكل عام وفي تلك الدول بصورة خاصة، وتترك تلك الجريمة بالأنثى ضررا جسديا ونفسيا بالغا، ناهيك عن الإضرار بمستقبلها من جهة الإقلال من فرص زواجها إذا كانت عذراء أو حرمانها من حياة زوجية مستقرة وسعيدة إذا كانت متزوجة، ويتضاعف الأذى إذا نجم عن ذلك الاغتصاب حمل الضحية ، فقد تقدم الضحية على الانتحار تخلصا من الفضيحة والعار في ظل مفاهيم اجتماعية قد تحمل الضحية المسئولية عن هذا الفعل.

لهذا يجب التحرك بسرعة للدراسة جادة لهذه الظاهرة والتصدي لها بالأساليب العلمية، وتضامن وتكاتف الجهات الحكومية والمنظمات الحقوقية المدنية والإعلام والمشاركة المجتمعية، ويجب أيضاً أن  تأخذ العدالة مجراها ووضع عقوبات صارمة بحق المغتصب. كلها أمور ممكن لها الحد من تلك الظاهرة.

باكستان

لقد أصبح المنزل المكون من ثلاث غرف الكائن في منطقة كورانغي في مدينة كراتشي الباكستانية، والذي كان يقطنه حتى قبل شهرين علم الدين وأسرته المكونة من ستة أفراد، خاوياً، ويقول الجيران أن علم الدين، وهو بائع متجول، غادر فجأة بعد اغتصاب عدة شبان محليين لابنته البالغة من العمر 14 عاماً بينما كانت في طريق عودتها من أحد الدروس المسائية. ولم يتم الإبلاغ عن الجريمة قط لأن علم الدين وإخوته رأوا أن ذلك سيضر بشرف العائلة، وبدلاً من ذلك جمع علم الدين، على ما يبدو، عائلته وممتلكاته في شاحنة وغادر المدينة في جوف الليل إلى إقليم البنجابن وقالت الينا بيبي، وهي إحدى الجيران، أنهم اضطروا إلى حمل الفتاة لأنها كانت مصابة بجروح، إنها لمأساة أن يحدث هذا لطفلة، ولكن الناس الآن يعتبرون هذا المنزل نذير شؤم ويترددون في شرائه.

ولا يتم الإبلاغ عن العديد من حالات الاغتصاب في باكستان، وذلك بسبب وصمة العار، ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد حوادث الاغتصاب. ومع ذلك، فقد ذكرت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها عن حقوق الإنسان، أن عدد حالات الاغتصاب التي تم الإبلاغ عنها بلغ 928 حالة، وأضاف التقرير أن حالات الاغتصاب المبلغ عنها التي تصل إلى المحكمة نادرة. وذكرت الشرطة والمنظمات غير الحكومية أنه في بعض الأحيان يتم توجيه اتهامات اغتصاب باطلة في خضم أنواع مختلفة من النزاعات، مما يحد من قدرة الشرطة على تقييم الحالات الحقيقية والمضي قدماً في المحاكمة، وذكرت المنظمات غير الحكومية أن رجال الشرطة يدانون أحياناً في حالات اغتصاب، وزعمت المنظمات غير الحكومية أيضاً أن الشرطة في بعض الأحيان تعتدي على الضحايا أو تهددهم لإرغامهم على إسقاط التهم، وخصوصاً عندما يتلقى رجال الشرطة رشوة من المشتبه به ، فيما قالت لجنة حقوق الإنسان الباكستانية المستقلة في تقريرها السنوي لعام 2010 أن 2,903 إمرأة تعرضن للاغتصاب في العام الماضي، بمعدل حوالي ثمانية في اليوم الواحد.

وأشارت المنظمة غير الحكومية المسماة الحرب على الاغتصاب، التي تتخذ من كراتشي مقراً لها، إلى أن البيانات التي تم جمعها من ثلاثة مستشفيات والشرطة أظهرت أن متوسط عمر الضحايا في المدينة قد انخفض من 18 سنة في العام الماضي إلى 13 سنة في عام 2011،  وذكرت أيضاً أنه لم يتم إبلاغ الشرطة سوى عن عدد قليل من الحالات التي أبلغت عنها المستشفيات، إن موقف الشرطة الذي يفتقر إلى الحساسية، وحقيقة أن النساء يتعرضن لمزيد من التحرش على أيدي الشرطة، يثنيهن عن الإبلاغ عن هذا العنف، كما أفادت سارة زمان، مديرة منظمة الحرب على الاغتصاب.

وردت بعض التقارير المروعة عن سوء المعاملة من قبل الشرطة، بما في ذلك تقرير عن تلميذة تبلغ من العمر 13 عاماً وتدعى ناتاشا بيبي تعرضت للاغتصاب على مدى 21 يوماً كانت خلالها محتجزة لدى الشرطة في مدينة واه كانت في شمال البنجاب، وأكدت غولنار تبسوم، وهي مستشارة في منظمة شيركاتغاه غير الحكومية التي تتخذ من لاهور مقراً لها وتدافع عن حقوق المرأة "إن الوحشية المتزايدة في مجتمعنا وطبيعته الأبوية تسمح بوقوع حوادث من هذا النوع، وقالت غولاب بيبي التي تبلغ من العمر 40 عاماً في كراتشي: في العام الماضي، تعرضت ابنتي للاغتصاب بعنف على يد ابن عمها، وكانت تبلغ من العمر 12 عاماً في ذلك الوقت.

 ولم نبلغ عن الواقعة لتفادي الفضيحة، وحماية لها من وصمة العار، ولكن الشائعات لا تزال منتشرة حتى الآن، وطفلتي ترفض الابتعاد عني وتقول إنها تشعر بأنها قذرة، ونحن نتساءل عن الشخص الذي سوف يقبل الزواج منها بعد أن أصيبت بوصمة العار، كما أصبح التردد في الإبلاغ عن الاغتصاب في المناطق الريفية أسوأ من ذلك.بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

فقد ذكر لائق محمد، وهو مزارع في مقاطعة خايربور بإقليم السند، أن أخته البالغة من العمر تسع سنوات تعرضت للاغتصاب على يد ابن مالك أراضي ذو نفوذ في المنطقة. هؤلاء الناس لديهم اتصالات، وهم ببساطة يقدمون رشوة للشرطة، وينبغي علي أن أفكر في سلامة بناتي وشقيقتي الصغرى الأخرى. لا يمكننا أن نخاطر بتلقي عقوبة أخرى، وأضاف محمد في تصريح لقد تغيرت حياة شقيقتي إلى الأبد. إنها مجرد طفلة، لكننا عاجزون عن مساعدتها، والتردد في الإبلاغ عن حالات الاغتصاب يعني أيضاً أن الناجيات لا تحصلن على الدعم النفسي في كثير من الأحيان، يحتاج ضحايا الاعتداء الجنسي إلى المشورة والمساعدة، وحقيقة أن مجتمعنا ليس قادراً حتى على الحديث عن مثل هذه الحوادث في معظم الحالات يجعل الأمور أكثر سوءاً بالنسبة لآلاف النساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب كل عام.

الهند

في سياق متصل هزت الهند مؤخرا موجة من حوادث الاغتصاب الوحشية غير المعتادة التي شهدتها ولاية اوتار براديش، وقد تحدث بعض الضحايا، ومن بينهن العديد من الفتيات الصغيرات، في لوكناو عاصمة الولاية، راتساريكا (16 عاما) هي احداهن، وكانت ذهبت إلى أحد الحقول مع صديقتها شايا للاستحمام المسائي كما تفعل كل يوم، وقالت كان مساءا باردا شديد الظلمة، وقد شعرت ببعض الخوف وأردت أن أعود إلى المنزل بسرعة.

وتتابع رواية قصتها قائلة إنها هوجمت من قبل شيفام وثلاثة رجال آخرين من القرية، وتتذكر ساريكا أحداث تلك الليلة قائلة أمسك شيفام يدي وطلب مني أن أتزوجه، فقلت له لا كيف يمكنني أن أتزوجك، ونحن نسكن في نفس القرية، أنت مثل أخي، وتضيف ساريكا تمكن شيفام، بمساعدة أصدقائه، من جري إلى مكان منعزل وبدأ الاعتداء علي بالسكاكين والفؤوس. ظللت واعية لبعض الوقت، لكن أغمي علي بمجرد ضربي على رأسي ورقبتي. وعندما عدت إلى وعيي وجدت نفسي في المستشفى، لقد أرتني ساريكا جروحها؛ جرحا بحجم قبضة اليد في فروة رأسها، وفكيها اللذين خيطا إلى بعضهما البعض، ويدها اليمنى التي تحتاج أن تجبر مرة أخرى، وشحمة أذنها التي فقد جزء منها، وندوبا طويلة على ساعديها، ولقد ألقي القبض على شيفام، لكن الآخرين لا يزالون طلقاء.

واضطرت ساريكا المرتعبة وعائلتها إلى الرحيل من منزلهم وترك أرضهم اودراولي للإقامة مع أقارب لهم في قرية أخرى على بعد حوالي 45 كيلومترا، ويعد حادث الاعتداء على ساريكا واحدا من بين مئات حالات الاغتصاب ومحاولات الاغتصاب التي شهدتها اوتار براديشلعام 2011، وتصف روب فيرما، من منظمة (عالم مشترك) المهتمة بشؤون المرأة ومقرها لوكناو، ما تشهده الولاية بأنه وضع صعب للغاية، وتضيف "هناك الكثير من العنف؛ الجرائم تتفاقم ومشكلات النوع الاجتماعي (الجندر) تتزايد، الفتيات يتعرضن للهجمات في المناطق الريفية والمدنية على السواء.

وتعد اوتار براديش أكثر ولايات الهند اكتظاظا، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 200 مليون شخص، وهي كذلك موطن لواحد من أكثر معدلات الفقر في العالم، حيث عيش أكثر من 60 مليون انسان على أقل من دولار وربع في اليوم، ويؤدي الفقر إلى أن يكون المجتمع أكثر عرضة إلى الجرائم، فعلى سبيل المثال تعرض العديد من الضحايا إلى الاغتصاب إثناء رحلتهم إلى الحقول لانهم مثل الملايين في الهند لا يملكون مراحيض في منازلهم، وعلى الرغم من أن اوتار تشهد معدلات عالية من الجرائم، إلا أن الهجمات الأخيرة كانت الأكثر إفزاعا للسكان، وتصف فيرما سلسلة الهجمات الأخيرة بأنها وحشية للغاية حتى أننا لم نصدق أنها حدثت، وتضيف كنا نظن أنها لا تحدث إلا في الروايات والأفلام، ويقول اس آر دارابورا نائب رئيس الاتحاد الشعبي للحريات المدنية في اوتار براديش إن غالبية ضحايا الاغتصاب من النساء الفقيرات وفتيات القرى النائية، ويضيف دارابورا أن غالبيتهن من طبقة (داليت)، وهي أدنى الطبقات حسب التصنيف الاجتماعي في الهند أو ما يعرف باسم المنبوذين. بحسب البي بي سي.

وعلى الرغم من أن التمييز الطبقي قد جرم بموجب القانون منذ وقت طويل، إلا أن ناشطون في مجال حقوق الانسان يقولون إن مجتمع الولاية لا يزال يستخدم "أطرا اقطاعية" مما يبقي النساء مهمشات ومظلومات، ويشير الناشطون إلى عامل مشترك بين حوادث الاغتصاب وهو أن غالبية الجناة من ذوي الثروة والنفوذ السياسي، وقد أدت الموجة الأخيرة من الهجمات والتغطية الإعلامية التي حظيت بها إلى المزيد من الضغوط على حكومة الولاية مع اقتراب موعد الانتخابات الاقليمية التي لم يتبق لها سوى بضعة أشهر، وقد زار راهول غاندي عضو البرلمان عن حزب المؤتمر المعارض ساريكا وعائلتها في وقت سابق من العام الحالي وتعهد بتحقيق العدالة لهم، كما زار مؤخرا أسرة الطفلة سونام التي تبلغ 14 عاما من والتي يعتقد أنها اغتصبت وقتلت على يد قوات الأمن داخل أحد مراكز الشرطة.

و أن اوتار براديش الآن واحدة من أسوأ الأماكن في العالم بالنسبة للنساء، وتشير أرقام المجلس الوطني لإحصائيات الجرائم إلى أن حوالي 1759 امرأة اغتصبن في الولاية خلال عام واحد،  ويعني هذا الرقم أن ما يقرب من خمس حالات اغتصاب تحدث في اليوم الواحد، ويعود ذلك إلى أن العذرية تمثل امرا مهما في المجتمع الهندي التقليدي، كما يمثل الاغتصاب وصمة عار، لذلك لا تلجأ الفتيات والأسر إلى الإبلاغ في العديد من الحالات.

اغتصاب جماعي في إيران

على الصعيد نفسه أثارت تقارير عدة عن عمليات اغتصاب جماعي في إيران القلق بين أوساط النساء الإيرانيات، وأثارت أسئلة حول القيم الاجتماعية، وقد خطفت مجموعة من النساء اللواتي كن في حفلة خاصة، في بلدة محافظة دينيا بالقرب من مدينة اصفهان، وتعرضن لعمليات اغتصاب جماعي تحت تهديد السلاح.

وبعد أسبوع من الحادثة تعرضت طالبة جامعية للاغتصاب على يد مجهولين في حرم جامعي يخضع لحراسة مشددة في المدينة المقدسة مشهد، وفي كلتا الحالتين، اتهم مسؤلون الضحايا بعدم ارتداء الحجاب بالشكل السليم وعدم الالتزام بالزي الإسلامي الصحيح مما جعلهم عرضة للاغتصاب، وقد أثارت هذه التصريحات الرسمية، غضب المجموعات المدافعة عن حقوق المرأة، التي طالما انتقدن تزايد معدلات التحرش الجنسي في البلاد، وفيما باتت مثل هذه القصص تهيمن على عناوين الصحف، فإن نقاشاً سياسياً يحتدم في البلاد حول أسباب الارتفاع الجلي في الجرائم الجنسية في إيران، وكيفية منعها ومعاقبة مرتكبيها، الحديقة المسورة دعت عائلتين أصدقاء لهم إلى منزلهم في إحدى ضواحي مدينة خميني شهر لحفلة خاصة، وتجمع نحو 14 شخصا تجمعوا في حديقة المنزل المسورة، وفقا للتقارير الصحفية، فقد كان الوقت متأخرا عندما هاجمت عصابة من أكثر من عشرة رجال مسلحين بالسكاكين الطويلة الحديقة، واحتجزوا بعض الرجال في غرفة، وربطوا آخرين بالأشجار، وتم اغتصاب النساء، وكانت إحداهن حاملاً، وان أحد المحتجزين استخدم هاتفه المحمول للاتصال خفية برقم الطوارئ الخاص بالشرطة، ومع وصول الضباط فر معظم المهاجمين، ولكن ألقي القبض على أربعة منهم في وقت لاحق، وفي بلدة متوسطة الحجم، مثل "خميني شهر"، تنتشر كلمة الاغتصاب كالنار في الهشيم. ومع ذلك لم تكن هذه القصة لتحظى بتغطية الصحافة التي تسيطر عليها الدولة بإحكام أو حتى وسائل الإعلام المحلية، ولم يصدر أي تصريح رسمي من الحكومة لما بعد اسبوع من الحادثة، ومع تزايد غضب الناس من هذا الصمت وخوفهم على أمن النساء، تم تنظيم احتجاج ضخم خارج المحكمة عبر الرسائل النصية، ومع ذلك فإن التعليقات التي أدلى بها موظفو الدولة أثارت جدلاً أكبر، وقال الإمام موسى السالمي، في خطبة الجمعة: "إن هؤلاء المغتصبات لا يستحقن الثناء...فقد كان أثنان من المحتفلين أقارب. لقد جاءوا الى بلدتنا للاحتفال واستفزاز الآخرين المغتصبين عن طريق شرب الخمر والرقص. بحسب البي بي سي.

وردد نفس التعليق مسؤول الشرطة بالبلدة الكولونيل حسين ياردوستي، الذي أضاف بأنه يلوم عائلات الفتيات، فلو "ارتدين ملابس مناسبة، ولو لم يكن صوت الموسيقى مرتفعاً، لما اعتقد المغتصب أن مجوناً يدور هناك، وذكرت التقارير ان ياردوستي يفكر في اتخاذ إجراء قانوني ضد الضحايا بسبب سلوكهن، كما أن رد فعل الحكومة كان محل تساؤل قضية اغتصاب الفتاة الجامعية أيضاً. وقال زملاؤها الطلبة إن الحرم الجامعي مسيطر عليه بإحكام من قبل الأجهزة الأمنية، مما يعني أن الجاني لم يكن ليمر دون أن يلاحظه أحد، وفيما تجمع الطلبة في وقفة احتجاجية مشعلين شموعاً لدعم ضحايا الاغتصاب، فقد اتهموا حراس الجامعة بالتواطؤ والتستر، فيما حذر المحامي والناشط شادي صدر من تعليقات المسؤولين والأحكام التي أصدروها على الضحايا، فإذا برر الاغتصاب إذا لم يعد ثوب المرأة "محتشماً"، فإن هذا سيكون له، ويقول بعض المعلقين إن السبب في الموجة الأخيرة من الجرائم الجنسية هو التوترات غير العادية بين أوساط الشبان المتزايد عددهم في البلاد.

عراقيات بعد سنوات على اغتصابهن

على صعيد ذو صلة وفي أحد المنازل، غير البعيدة عن بغداد، تجثم ذكريات رعب وفزع بالنسبة لهدى وعائلتها، التي تصف ما جرى لها في عام 2005، حين دخل مقاتلو القاعدة قريتها، وتقول هدى: حينما دخل إلى المنزل كان وجهه مغطى بقناع أسود وكنا أنا وأبنائي خائفين، إذ كان يحمل سلاحا في يده، وأرغمني على الذهاب معه إلى الغرفة، وحرصا منا على سلامة هؤلاء النساء، لن نكشف عن أسمائهن أو هوياتهن، فقد قام الرجل بدفعها أرضا ووجه سلاحه نحوها مهددا إما بقتلها أو قتل أبنائها إن لم تمتثل لمطالبه، وعلى سرير الزوجية فعل المغتصب فعلته، وتقول هدى إن الرجل عاد مرة ثانية فيما بعد، ولكنها لم تتعرف إلى هويته أو حتى اسمه، وتضيف: حبسنا هنا، فقد هدد بقطع أعناقنا إن تركنا المنزل، وكان زوج هدى قد قتل قبل ثماني سنوات نتيجة للعنف الذي ساد أرجاء مختلفة من البلاد، أما أبناء هدى الخمسة، فكانوا يسجنون في الغرفة المجاورة لغرفة نوم والدتهم في كل مرة تتعرض فيها للاغتصاب، ورغم ذلك لم تنج الابنة الكبيرة، التي سنسميها نور هي الأخرى من الاغتصاب، وهي لا تزال في الخامسة عشرة من عمرها، تقول نور: كانوا يأخذون أي فتاة يريدون، لقد جاء لي، وكان يأتي فقط في منتصف الليل ووجهه مغطى بالكامل، وتتذكر الأم تلك الليلة بالقول إن ابنتها زينب أصيبت بالإغماء وكانت حالتها مأساوية جدا، إلا أنها لم تستطع الاستعانة بالجيران لأنها إن فعلت فستكشف كل ما حصل، واليوم وبعد هروب رجال القاعدة من المنطقة تبقى هدى ونور وأطفالهما، فلدى نور طفلة في الثانية من عمرها أسمتها ورود لا تحمل أي أوراق ثبوت رسمية. بحسب السي ان ان.

تقول نور: أخبرني موظفو الحكومة أن لا دليل على أن هذه الطفلة ابنتي أو أنني كنت متزوجة، أما الأم فلديها طفل عمره ست سنوات، إذ تقول: في كل مرة أرى ابني، أتذكر ما مررت به، من الصعب أن أحبه، ولكنني أذّكر نفسي أنه بريء ولا ذنب له، ويبقى العدد الحقيقي للأطفال الذين ولدوا نتيجة لعمليات الاغتصاب المرعبة والمخيفة مجهولا.

ضحايا الاغتصاب الليبيات

من جهة أخرى خرجت نساء شابات ومسنات وهن يضعن شريطا لاصقا على أفواههن لمدة ساعة إلى مكتب رئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب، ثم اجتمعن معه في وقت لاحق لبحث مطالبهن، وقالت منظمات للمسيرة إنهن سلمن الكيب رسالة تدعو إلى توقيع أحكام أشد على الذين يرتكبون جرائم الاغتصاب، وتقديم دعم مالي ولوجستي للمنظمات غير الحكومية لمساعدة الضحايا، وذكرت أميرة الشكري التي شاركت في تأسيس منظمة "فينيكس" التي نظمت المسيرة إن رئيس الوزراء قال إن قضية ضحايا الاغتصاب من القضايا التي لها أولوية، و"مطالبكن عقلانية وسيتم التعامل معها، ووزيرة الشؤون الاجتماعية ستكون مسؤولة عن هذا، وسيتاح لكن الاتصال بها عندما تبدأ مهامها، وضمت مجموعة النساء اللاتي كن يرتدين أوشحة وردية اللون ويحملن لافتات كتب عليها "لستم وحدكم"، أمهات وأطفالا صغارا وعددا صغيرا من الرجال. وأحاطت بالمجموعة قوات أمن لحراسة أفرادها وهم يوزعون منشورات. بحسب رويترز.

 وقالت جليلة عريث: الناشطون يقدرون عدد الحالات التي تعرضت للاغتصاب بنحو 8000 حالة، والعدد يمكن أن يرتفع بسبب عدد الحالات التي لم يتم الإبلاغ عنها، كما توجد أيضا تقارير عن رجال تعرضوا للاغتصاب، وقالت جليلة عريث من منظمة فينيكس وهي منظمة غير حكومية مقرها طرابلس- "نحن كنساء ليبيات كنا نأمل منذ فترة طويلة أن يتحدث أحد نيابة عن أولئك الذين لا يمكنهم أن يتحدثوا بأنفسهمن وأضافت كنا ننتظر إجراءات سريعة لأي نوع من الدعم الحكومي أو الرسمي، وحتى الآن لم نحصل على شيء سوى الصمت.. المسيرة هي للدعوة من أجل أولئك الذين ليس لهم صوت، وبينما توجد مزاعم عن حوادث اغتصاب استخدمت كسلاح أثناء الانتفاضة، ما زال من غير الواضح كيف انتشر العنف ضد النساء.

النساء الأمريكيات

فيما أفادت دراسة أجريت في الولايات المتحدة أن خمس النساء الأمريكيات يتعرضن للاغتصاب أو محاولة الاغتصاب، وتبين من الدراسة أن ربع النساء يتعرضن للاعتداء من شريك حياتهن، وتأتي هذه الدراسة كجزء من سلسلة دراسات تغطي كافة أجزاء الولايات المتحدة، وتتناول العنف الجنسي الذي يعاني منه الرجال والنساء، وتفيد الدراسة أن 24 شخصا يبلغون كل دقيقة عن حالة اغتصاب أو عنف، وأنه جرى الإبلاغ عن 12 مليون حالة اعتداء.

ووصف خبراء مراكز السيطرة على الأمراض نتائج الدراسات بأنها مفاجئة، وقالت د ليندا ديجوتيس مديرة المركز الوطني للوقاية من الإصابات أن من يتعرضون لاعتداءات جنسية أو للعنف من شريك حياة يعانون من أثر ذلك طوال حياتهم، وخلصت الدراسة الى ان حوالي 80 في المئة من الذين تعرضوا للاغتصاب واجهوا ذلك قبل سن الخامسة والعشرين، بينما اغتصب 35 في المئة من النساء قبل سن الثمانية عشرة، وتتسبب أحداث العنف الجنسي والجسدي ببعض الأعراض المرضية كالربو والصداع والسكري والألم المزمن. بحسب البي بي سي.

وليس الرجال استثناء، كما توصلت الدراسة التي وجدت أن واحدا من كل سبعة رجال إما تعرض للاغتصاب أو محاولة الاغتصاب خلال حياته، وتعرض حوالي 53 في المئة من الرجال للعنف من شريكة حياتهم قبل سن الخامسة والعشرين، كما تعرض 25 في المئة منهم للاغتصاب حين كانوا في العاشرة، حسب الدراسة.

ألف امرأة تغتصب يومياً

الى ذلك خلصت دراسة متخصصة ان اكثر من 1100 امرأة وفتاة يتعرضن للاغتصاب يوميا في الكونغو الديمقراطية، وتقول الدراسة ان هذه المعطيات الجديدة تضع الإساءات والاغتصاب التي تتعرض لها النساء هناك أكثر بنحو 26 مرة عما كان يعتقد في السابق، وقالت الدراسة، التي نشرت في مجلة الصحة العامة الامريكية، ان اكثر من 400 ألف امرأة وفتاة بين 15 و 49 عاما اغتصبن خلال الاثني عشر شهرافي هذا البلد الواسع، الذي تمزقه الصراعات والحروب الداخلية، وهذا الرقم هو أعلى من الرقم السابق، الذي قدر بنحو 15 ألف امرأة، والذي جاء في دراسة أخرى للأمم المتحدة حول نفس الفترة، أي أعلى بستة وعشرين ضعفا، من جهته مدير المبادرة الإنسانية في جامعة هارفارد قال أن الاغتصاب في الكونغو وما يرافقه من ظروف جعل منه احد اسوأ الازمات الانسانية في العصر الحالي، فيما قالت آمبر بيترمان، المشرفة على الدراسة، ان نتائجنا تؤكد ان التقديرات السابقة للعنف الجنسي الشديد كانت اقل بكثير من كان يحدث بالفعل في الكونغو، واضافت ان هذه الارقام على ضخامتها تظل ارقاما محافظة لما يحدث في الكونغو من عنف جنسي ضد النساء. بحسب البي بي سي.

وتشير الى ان الرقم الحقيقي يظل اكبر من ذلك، لان النساء هناك يخشين العار والانتقام، كما ان الفتيات الصغيرات والنساء الاكبر سنا والرجال غير مدرجين في هذه التقديرات، ويقول فريق الدراسة، وانهم لم يحتسبوا العنف الجنسي الذي تعرضت له الفتيات ممن تقل اعمارهن عن 15 عاما، او اكبر من 49 عاما، او الصبيان والرجال، وعلق مدير المبادرة الانسانية في جامعة هارفارد الامريكية مايكل فانرويون بالقول ان الاغتصاب في الكونغو وما يرافقه من ظروف جعل منه احد اسوأ الازمات الانسانية في العصر الحالي.

هايتي

وأخيراً مازالت السيدات والفتيات اللاتي يعشن في مخيمات مؤقتة عرضة للعنف الجنسي، وعن إحدى الناجيات من الإغتصاب تدعى شيرلي كريستوف أثناء محاولتها إعادة بناء حياتها في مستوطنة متهدمة غير رسمية في بورت أو برنس، وتعيش كريستوف مع آلاف السيدات الأخريات في خوف دائم على سلامتها، ووفقاً لمنظمات حقوق الإنسان، فإن انعدام الأمن المستمر هو أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في ارتفاع معدلات الاغتصاب داخل وخارج مخيمات النازحين داخلياً. وقد تم الإبلاغ عن أكثر من 250 حالة اغتصاب في العديد من المخيمات خلال الـ 150 يوم الأولى بعد الزلزال، طبقاً لما ذكرته منظمة العفو الدولية، وكان العنف الجنسي وأشكال العنف الأخرى القائمة على الجنس منتشرة في هايتي حتى قبل الزلزال. ففي التسعينيات من القرن الماضي، قامت منظمة هيومان رايتس ووتش بتوثيق استخدام الاغتصاب كشكل من أشكال القمع أثناء حكم راؤول سيدراس، وقالت كريستوف "بعد أن يتم اغتصابك، لا يكون لديك مكان تلجئين إليه. فأنت مضطرة إلى العودة إلى المخيم ومواجهة الشخص الذي اغتصبك". ونظراً لتحول أقسام الشرطة والمحاكم إلى أنقاض أثناء الزلزال، فقد تعرضت آليات الحماية القليلة التي كانت موجودة إلى التدمير. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

وطبقاً لما ذكرته منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش فإن الاستجابة الإنسانية والحكومية للعنف القائم على الجنس في فترة ما بعد الزلزال كانت غير كافية على الإطلاق. فبينما كان يجري استثمار الجهود لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية، لم تُعطى حقوق السيدات والفتيات الاهتمام الكاف لحمايتهن من العنف الجنسي. فقد تعاملت الناجيات من العنف الجنسي مع الموقف بأنفسهن بمساعدة منظمتين محليتين تقدمان الدعم لآلاف السيدات. وتم إنشاء النظام الأول للاستجابة للطوارئ المخصص للعنف الجنسي في شهر أكتوبر وسجل مركز الاتصال بالفعل 400 حالة اغتصاب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/كانون الثاني/2012 - 15/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م