سينما الثورة العربية... توثيق وجرأة أم انفعالات عفوية؟

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: اجتاحت رياح الثورات العربية سير الحياة اليومية في اغلب الدول العربية وأيضاً مشهدها الفني والسينمائي. وعلى الرغم من أن الثورات العربية مازالت تتفاعل، وأن الربيع العربي وثوراته لم تكتمل بعد، وان ما حدث مجرد بداية، يتبعها مشوار مازال طويلا حتى تصل المنطقة إلى الاستقرار وتحقق الثورات أهدافها، إلا أن أثرها كان واضحاً على الأفلام السينمائية، وبدأت الأعمال الفنية التي تتحدث عن الثورات بالخروج للنور سواء الروائية منها أم الوثائقية.

ويرى المختصون في هذا الجانب أن السينما العربية ستجد طريقها للحرية هي الأخرى، أسوة بشعوب الربيع العربي، الذي لم ينته بعد، مؤكدين أن الشعوب التي استطاعت أن تغير التاريخ لن يكون من السهل إعطاؤها فيلماً لا يتناسب وتحررها، الذي بدأ ينمو في داخلها، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن التغيير في شكل السينما ليس من الضرورة أن يكون آنياً، خصوصاً أن صناعة السينما مرتبطة بشركات إنتاج تبحث عن ترويج الفيلم تجارياً، ولم تخرج بعد من هذا الإطار، مجمعين على أن السينمائيين يجب أن يتحدوا لإسقاط الرقابة.

إذ أن الربيع العربي يسلط الضوء حاليا على المنطقة، ويجعل العالم مهتما أكثر بمعرفة كل شيء عن العرب. وأن مستقبل السينما العربية بعد الثورات على الأغلب سيكون ناجحاً، فلن يقبل جيل الثورة أن يشاهد فيلما يستخف بعقله كما في السابق، فالعالم يعيش الزمن العربي وسيعيش عصر السينما العربية التي لن تقل عن مستوى ثوراتها.

سينما الثورة

كما يبدو أن الأحداث المتعلقة بالقضية الفلسطينية، مرورا بجنازة الرئيس مصري الأسبق جمال عبد الناصر، والغزو العراقي للكويت، وانتهاء بالحرب الأمريكية على العراق والحرب اللبنانية الإسرائيلية في عام ٢٠٠٦ والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في ٢٠٠٩، كانت عدسة صناع الأفلام مرافقة لهذه الأحداث لتنقلها إلى المشاهدين، ليعيشوها ويطبعوها في ذاكرتهم، ولعل ثورات الربيع العربي هذا العام شكلت حقلا خصبا لصناع الأفلام العرب والأجانب لتقديم أفلام توثق هذه المرحلة المهمة من تاريخ العالم العربي، فالمشاهد لن ينسى سلسلة أفلام ١٨ يوما المصرية، التي شارك في إخراجها عشرة مخرجين مصريين، تحكي حكايات مختلفة لمصريين عاشوا أيام الثورة المصرية.

غير أن الكثير من النقاد السينمائيين يرون أن تقديم أفلام عن الثورات العربية في هذا الوقت بالذات لا زال مبكرا، فمصر وليبيا لا زالت تفيق من تبعات ما جرى مطلع هذا العام، بينما لا زال السوريون واليمنيون يثورون كل يوم أملا في تحقيق ما حققوه جيرانهم سابقا، حتى إذا نظرنا إلى محتوى المهرجانات السينمائية عربية هذا العام، سنجد أن الأفلام التي جعلت من الثورات عربية موضوعها الرئيسي، قليلة. وان عبد الحميد جمعة، المدير العام لمهرجان دبي السينمائي كان قد صرح لنا سابقا بالقول: أعتقد أن أفلام الثورات الموجودة حاليا معظمها أفلام قصيرة ووثائقية، كما أعتقد أن صناع السينما والمخرجين والكتاب يحتاجون إلى سنة أو سنتين ليستوعبوا ما يحصل في محيطهم ويصنعوا أفلاما تعبر عن قضاياهم. أعتقد أن معظم الأفلام الموجودة حاليا أفلام جميلة ولكنها أفلام عفوية ومعظمها وثائقي، أما شادي التيني، وهو ممثل لبناني، فيرى أن الوقت حاليا مناسب لتجميع الوثائق والصور حتى تستخدم لاحقا في ترجمة الأحداث إلى صور سينمائية معبرة، وهو ما يخالفه فيه المخرج جو بوعيد، الذي يقول: هذا ليس بالوقت المناسب للحديث عن الثورات سينمائيا، فنحن لا زلنا نعيش حالة من الصدمة ولم نستوعب بعد ما حصل، لذا وجهة نظرنا ستكون انفعالية، وردات الفعل السريعة ليست من نطاق السينما، بل ستكون إخبارية بحتة، ويرى الممثل المصري عمرو واكد أن هذا زمن الأفلام الوثائقية فقط، أما بالنسبة للأفلام الروائية، فيمكن أن تكون ثورة خلفية لقصص هذه الأفلام، لا أن تعالج موضوعات تحلل الثورة بشكل مباشر، ورفض واكد تسمية مثل هذه الأفلام بالسياسية، فالسينما بصورة عامة هي سينما الإنسان وموجهة للإنسان، ولا يمكن أن تعالج موضوعات بعيدة قضايا الناس، وتختلف الثورة المصرية في مضمونها وتطورها عن الثورة السورية وغيرها من الثورات، وهو ما يفتح المجال لإنتاج أفلام مختلفة المضمون والطابع عن الثورات، فقد يرى البعض أن السينما المصرية تعالج قضية الثورة بصورة توثيقية مباشرة، بينما قد يعالج السوريون قضيتهم بصورة سريالية تجريدية، استنادا لجذور السينما الروسية، التي لطالما ارتكزوا عليها.

فجو بوعيد يرى أنه بصرف النظر عن الثورات القائمة ومنبعها، ستكون الأفلام مختلفة بصورة مؤكدة، حتى وإن كانت من ذات البلد، وهو ما يتفق فيه عمرو واكد، الذي يرى أن الفيلم يختلف من كاتب لآخر، ومن مخرج لآخر، لأن الموضوع في النهاية هو موضوع إنساني لا يرتبط بالسياسة أو الجغرافيا، ويرى واكد أن لا مجال لتوقع شكل الأفلام التي سينتجها كلا البلدين، فالثورة في مصر لم تكتمل بعد، أما الثورة في سوريا فلا زالت تشتعل يوميا ولم تنته كذلك، وكما قلبت الثورة مجالات الحياة المتعددة في العالم العربي، فغيرت طابع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، سيكون لها أيضا تأثير على مفهوم المشاهد العربي للسينما، فالمواطنون العاديون سيناقشون موضوعات لم يكن مسموحا بها في السابق، والأمر ذاته بالنسبة للسينما. فمثلا، بعد ثورة 52 في مصر، حصلت نهضة ثقافية كبيرة أحس الناس من خلالها أنهم مستقلون وقادرون على تقرير مصيرهم؟، وترى أنتونيا كارفر، مستشارة البرامج العربية في مهرجان دبي السينمائي، أن مفهوم معالجة الموضوعات الجريئة في العالم العربي لا يحتاج إلى ثورة أو غيرها، فهذه المعالجات تتغير مع الزمن، وقد شهد قطاع صناعة السينما في السنوات العشر الأخيرة تطورا في التطرق للمحرمات أو المعالجات الجريئة وغيرها. بحسب السي ان ان.

قد لا تقتصر صناعة الأفلام على مكان وزمان معينين، غير أن واقع الثورات العربية، التي لم تنتهي حتى اليوم، يفرض واقعا مختلفا لصناع الأفلام، يرغمهم على التمهل ودراسة الجوانب المختلفة لمجتمع الثورات، حتى لا يقعوا في فخ التبسيط والتوثيق لا أكثر.

نصف ثورة

في سياق متصل وبعد مرور نحو عشرة أشهر على انطلاقة الثورة المصرية، التي أسقطت نظاما دام لثلاثين سنة، بدأت الأفلام الوثائقية التي توثق هذه المرحلة بالظهور، لتقدم صورة أقرب للواقع مما يشاهده الناس على نشرات الأخبار.

أحد تلك الأفلام هو فيلم "½ ثورة، الذي يسرد وقائع الثورة في الأيام الإحدى عشر الأولى خلال الثورة، وهو ما يشرح سبب استخدام تسمية "½ ثورة" على هذا الفيلم، فمجموعة من الشباب من مصر، والأراضي الفلسطينية، ولبنان، وغيرها، كانوا يعيشون في مصر عندما انطلقت الثورة، وقرروا تصوير كل ما يجري توثيقا لهذه اللحظات، التي وصفوها بالتاريخية في حياة الشعب العربي والمصري بصورة خاصة، فساعة يتعرض طاقم الفيلم للضرب والاحتجاز، وساعة يتم تهديدهم بالخطف والقتل، وهي أمور عمت أنحاء القاهرة خلال تلك الفترة، مما دفع الكثير من الأجانب إلى ترك البلاد هربا مما يجري، الفيلم كان قريبا من الثائرين على سنوات الظلم والفساد، وبدا ذلك واضحا من خلال التركيز على الوجوه والتعابير الخارجية، إضافة إلى مزج الفيلم بين العام والخاص، فالناس في ميدان التحرير قلقون مما يجري ومما ينتظرهم، كما في بيت طاقم الفيلم، الذين يشعرون بالقلق كذلك مما يمكن أن تؤول إليه الأمور، ومع تطور أحداث الفيلم، تتغير أجواء الثورة كذلك، فهناك مرحلة الأمل التي خرج فيها المصريون جميعا كبارا وصغارا، مصممين على تحقيق ما يصبون إليه، وهناك في جانب آخر، مرحلة اليأس والخوف التي ظهر فيها البلطجية ومؤيدو مبارك مهددين الأمن العام، غير أن الفيلم استخدم بعض الصور النمطية، كتعرض المسجد وإلى جانبه الكنيسة للحرق والتدمير، وهي صور لطالما حفلت بها الأفلام الوثائقية والروائية، لبيان تسامح المجتمع المصري وتعرض المسلمين والمسيحيين على السواء للظلم ذاته. بحسب السي ان ان.

ومع أن الفيلم وثائقي، بدا طاقمه وكأنهم يعيشون أجواء تمثيلية، بعضهم فشل إلى حد ما في أداء دوره، كاصطناع الكلام والتعابير، الفيلم من إخراج عمر شرقاوي وكريم الحكيم، وقد عرض ضمن فعاليات مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الثامنة.

مصر وتونس

فيما يبعث أول أنتاج سينمائي يغطي الاحتجاجات في مصر وتونس هذا العام من جديد نشوة الثورات التي كان كثيرون يعتقدون أنها لن تحدث أبدا لكنه يكشف أيضا عن مؤشرات على الصراعات المرتقبة بشأن الجماعات الإسلامية، فالمرحلة الأخيرة من الثورة التي أسقطت زين العابدين بن علي في تونس ثم الأسابيع الثلاثة للثورة التي أدت الى سقوط حسني مبارك في مصر جرت أمام أعين العالم في ظل مراقبة الأعلام ووسائل التوثيق الأخرى على الأرض للإحداث يوما بعد يوم على العكس من انتفاضات مثل التي شهدتها ايران عام 1979 والسودان عام 1985، وفي فيلمه ميدان التحرير يستخدم مخرج الافلام الوثائقية الايطالي ستيفانو سافونا لقطات مذهلة وسط الحشود التي امضت ثلاثة ثلاثة اسابيع في وسط القاهرة في يناير كانون الثاني وفبراير شباط في تسلسل أشبه بالحلم يسجل الهتافات والايقاعات المؤثرة للمحتجين المصريين، ويسهر قارعو الطبول ومن يقودون الهتافات الذين يخرجون بمجموعة من القوافي المبتكرة حتى وقت متأخر من الليل في مجموعة من الفعاليات التي تؤكد على أمل المحتجين الذين لم تهتز معنوياتهم أبدا ولا تنتهي وسائلهم لتسلية انفسهم.

وفي فيلم وثائقي مصري أخر هو مولود في 25 يناير" وهو اليوم الذي بدأت فيه الاحتجاجات تسلط الكاميرا على لافتة يرفعها أحد المحتجين، وقال رشوان وهو مخرج سينمائي ينتمي الى المجتمع الفني الذي يشعر بالقلق بشأن صعود الإسلاميين في المستقبل ان المخاوف مبالغ فيها، وأضاف "أعتقد أن الثورة مستمرة. عندما يصاب الناس بخيبة الامل كل ما عليهم فعله هو التوجه الى يوتيوب ومشاهدة كل اللقطات السابقة، ويوثق فيلم لا خوف بعد اليوم للمخرج التونسي مراد بن شيخ ردود فعل مدونة ومحامية حقوقية وصحفي خلال المراحل الأخيرة من الثورة التونسية بعدما فقدت قوات الامن السيطرة على الشوارع. بحسب رويترز.

ولم تكن تونس تتسامح مع معارضة بنفس الحجم الذي كانت تسمح به حكومة مبارك نظرا لأنها تصغرها مساحة وكان من السهل على بن علي السيطرة عليها حيث كان المجتمع المدني مخنوقا بشكل شبه كامل، وتناقش المحامية راضية نصراوي الأحداث الدائرة أثناء تناولها الطعام مع أصدقائها في مطعم، وتقول "لم يكن ممكنا حتى أن نلتقي على هذا النحو من قبل فقد كانت ستصلهم معلومات مسبقة عن المكان الذي سنتناول فيه الغداء، وتتذكر نصراوي زملاءها الذين دمرت حياتهم بسبب مراقبة ومضايقات الشرطة، وقالت "قمنا بثورة عام 1984 وكانت بسبب الخبز لكن هذه الثورة مختلفة فهي من أجل الحرية والحقوق والواجبات، وقال بن شيخ انه شعر بأنه يشهد صحوة أمة، وقالفي هذين الأسبوعين وبينما كان العالم يتابع تغيرت نظرة التونسيين لانفسهم. شعرت أن من المهم أن أوثق هذه اللحظة، للمرة الأولى تكون لدى مخرج القدرة على التعامل مع الاحداث الحقيقية .. لم يكن هذا متاحا من قبل.

أفلام الربيع العربي

الى ذلك بعد إلغاء كل المهرجانات الفنية الدولية وبعض الأنشطة الثقافية بمصر منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية التي أنهت نظام الرئيس حسني مبارك في فبراير شباط الماضي يقام مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي الذي شارك في مسابقته الرسمية خمس دول عربية، وقال نادر عدلي رئيس مهرجان الإسكندرية لسينما البحر المتوسط أن المهرجان اختار للعرض 30 فيلما تمثل 16 دولة عربية ومتوسطية وأن المسابقة الرسمية تتنافس فيها تسعة أفلام منها خمسة أفلام عربية تمثل كلا من المغرب والجزائر وسوريا ومصر وتونس التي ستمثل في المهرجان بعدة أفلام احتفاء بالثورة التونسية التي بدأ الربيع العربي، وقال ان المهرجان سينظم ندوة عنوانها (السينما والثورة) كما يحتفل بمناسبة مرور 100 عام على ميلاد الروائي المصري نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل في الاداب عام 1988 بعرض فيلمي (السمان والخريف) و(ميرامار) المأخوذين عن روايتين له وينظم ندوة عنوانها (نجيب محفوظ والاسكندرية). بحسب رويترز.

هل زال الوقت مبكرا؟ً

من جهتها انتقدت المخرجة المصرية هالة جلال، إحدى مؤسسي مشروع "سيمات" للسينما المستقلة فيلم 18يوم المصري الذي يتحدث عن فترة الثورة مثلاً، شارك في مهرجان كان السينمائي، وشارك في مهرجان الفيلم العربي في برلين، بشكل خاص، لأن تنفيذه تم "بشكل سريع جداً لا يسمح بصناعة فيلم جيد في رأيها من ناحية، ولأن كثيراً من صناع الفيلم كانوا "من المقربين من النظام وتورطوا في سب الشهداء والثوار واتهامهم بالعمالة من ناحية أخرى، ما يفقدهم المصداقية عند القيام بمثل هذا العمل.

وقالت المخرجة الشابة في برنامج شباب إنه من المبكر صناعة عملاً روائياً الآن عن الثورة المصرية وكل الثورات العربية "لأن الثورة  لم تنته بعد ولم نستوعبها ولم نهضمها حتى نستطيع التعليق عليها نهائياً"، على العكس من ذلك ترى جلال أن الأفلام الوثائقية مناسبة أكثر في هذا التوقيت لأنها وسيلة لحفظ الذاكرة ولأنها "تجعل من رجل الشارع بطلاً وتتعاطف مع المهمشين.

ويتفق كثير من مستخدمي الفيسبوك مع رأي هالة جلال، حيث يرى كاديروويست أنه من المبكر جداً إنتاج هذه الأفلام لأن نتائج الثورات لم تتضح بعد، وترى باسنت عفيفي أن "الأوضاع يجب أن تستتب وتستقر أولاً في البلدان التي قامت بها الثورات قبل صناعة هذه الأفلام" وبالنسبة لميمو داليما فالسبب في رفض صناعة هذه الأفلام مختلف، لأنه يرى أن "من عاش الثورة ودافع عن وطنه بنفسه لن يرضى أن يشاهد ممثلاً يمثل ما فعله، ولن يشعر بالفيلم". ويضيف: "تخيل أنك قمت بشيء عظيم ثم يأتي أحد ليقلدك، فلن تعيره اهتماماً لأنك قمت بالأمر قبله"، وهو لذلك يفضل الأفلام الوثائقية للتعبير عن مثل هذه الأحداث.

 بينما يرى الحسن ايفرغان أن الأمر يتوقف على طبيعة العمل والهدف منه، فإذا كان يهتم بالوصف ورصد حالة الثورة زمنياً فذلك ممكن، أما إذا كان العمل يريد أن يتجاوزه إلى استشراف المستقبل الذي لم يظهر حتى الآن، فذلك مبكر جداً طبعاً.

ويختلف عبد المنعم بونار مع هذه الآراء قائلا إن "أفلام الثورات تكون أكثر جمالاً وواقعية كلما أنتجت مبكراً وفي خضم الثورات". ويذكر بونار بالفيلم الذي أنتجته الجزائر مع إيطاليا عن معركة الجزائر وحصد جوائز ونال الإعجاب. كذلك يرى محمود خضر أن إنتاج مثل هذه الأفلام ضروري الآن "لنظهر للعالم ما قمنا به". كذلك يرى علي القيسي أنه يجب الإسراع في إنتاج الأفلام عن الثورات العربية وتضمينها إرشادات ونصائح لإنجاح الثورة.

من ناحية أخرى يرى أن السينمائيين المستقلين أفادوا الثورة، واستفادوا منها لأن الفنان كان في السابق مضطراً إما أن يعمل مع السلطة أو أن يختار الصمت أو المنفى أو الدهاء في تقديم أعماله، بينما الاختيارات الآن أوسع والمجال مفتوح للتعبير بحرية، وأن الكتاب والمخرجين أصبحوا قادرين على تناول أي فكرة وأي موضوع، ورغم عدم ثقتها في المنتجين الذين يبحثون بالدرجة الأولى على الربح ويتقربون لذلك من السلطة أو يداعبون غرائز المشاهد على حد قولها، إلا أنها ترى المخرج في التقنيات الحديثة التي  جعلت أدوات التصوير والمونتاج أرخص سعراً ما يتيح الفرصة لكثير من السينمائيين المستقلين لتنفيذ أفكارهم. من ناحية أخرى، تجد جلال في الانترنت باباً لتحدي الرقابة ولتحدي شروط المنتجين.

السينما العربية بعد ربيع الثورات

من جهة أخرى أعرب المنتج الفرنسي إيمانويل بارولوت عن استغرابه توجس سينمائيين عرب من قبول الإنتاج الغربي لدعم مسيرتهم في صناعة السينما، وقال المنتج الذي سيقدم العام المقبل فيلما مع المخرج السوري محمد ملص،إنني كفرنسي مهتم بمنطقة الشرق الأوسط ومؤمن بمبدعيها، وليس لي أي هدف سياسي أو اجتماعي، أنا احب السينما وأدعم كل من يريد ان يقدم شيئا لها، وأضاف على هامش مشاركته في فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان دبي السينمائي، علاقتي بالعرب ليست علاقة عابرة، إذ تزوجت مرتين الاولى بلبنانية، والثانية بفلسطينية، معتبرا أن الربيع العربي يسلط الضوء حاليا على المنطقة، ويجعل العالم مهتما أكثر بمعرفة كل شيء عن العرب. وذكر أنه متفائل بمستقبل السينما العربية بعد الثورات فلن يقبل جيل الثورة أن يشاهد فيلما يستخف بعقله كما السابق، فالعالم يعيش الزمن العربي وسيعيش السينما العربية التي لن تقل عن مستوى ثوراتها، وأرجع اسباب تدخل المنتج أحيانا في آليات صناعة الفيلم أو في السيناريو إلى أنه ببساطة يريد أن يقدم مادة فيلمية للعالم، تفهمها جميع الثقافات، واضاف عندما أقول إنني سأنتج فيلما لمخرج مثل محمد ملص فهذا نجاح لي ايضا، إذ إنني تعرفت إلى ملص، وحرصت على أن اشاهد أفلامه وذهلت بطريقة صناعته الجميلة والمميزة، وأصبحت حريصا على أن اكون جزءا مهما في فيلمه المقبل، فعرضت عليه أن اكون المنتج، وسيكون المشروع بيننا مفاجأة للجميع،ورأى أن احداث الـ11 من سبتمبر، اقامت فجوة كبيرة بين الشرق والغرب، وصارت النظرة الى العربي المسلم تحديدا نظرة متحفزة، كما فرضت قضية الحجاب في فرنسا تداعياتها، وأنا لست معها لأنني اعرف الكثيرات من المحجبات اللواتي يحملن فكرا انسانيا جميلا، وذكر المنتج الفرنسي أن فرنسا نموذج لابد من الاعتبار به، إذ انتجت ثوراتها في الاساس ديمقراطية، وفنا حرا، وسينما متميزة، وإن لم يكن لها حضورها في المنطقة العربية الفن جزء لا يتجزأ من الثورات، والتغيير في شيء قادم، بعدما حدث من ثورات وانتفاضات، وأعتقد أن الجمهور المتلقي اصبح مختلفا، ولن يتقبل مواد سينمائية تستخف بعقله وطموحه، نحن في زمن العرب الذين همشوا وظلموا طويلا بسبب الدكتاتوريات، وأنا على يقين أننا سنعيش سينما عربية تذهل العالم كما ثوراتهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 1/كانون الثاني/2012 - 7/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م