نعي القاعدة... هل بات أمر وشيكا؟

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: تؤكد جميع المؤشرات الدولية والتقارير الاستخبارية الى ان تنظيم القاعدة قد اصيب بضعف شديد قلل من مجالها الحيوي وامكانية المبادرة والمناورة ولم الصفوف وتوجيه ضربات نوعية –كالسابق- وحتى اقامة معاقل امنة للانطلاق منها نحو اهداف استراتيجية، فبعد الحرب العالمية الضخمة والتي وجهتها الولايات المتحدة مع حلفائها ضد التنظيم وما نتج عنها من غزو معاقل التنظيم وتهديد ملاذاتهم الأمنه وتفكيك شبكات عالمية مهمة للتنظيم، وكذلك مقتل العشرات من الشخصيات القيادية والمؤسسة للقاعدة من خلال عمليات عسكرية مباشرة والتي اسفرت عن مقتل زعيم التنظيم "اسامة بن لادن" او بتوجيه ضربات جوية بطائرات من دون طيار مستهدفة "العولقي وخان وغيرهم.

واذا كانت الحرب قد وصلت الى هذه المرحلة فلماذا يتخوف الجميع –وبالأخص الولايات المتحدة- من اعلان نهاية القاعدة؟، ولماذا ما زال التنظيم يعتبر التهديد رقم واحد في العالم؟، لربما يكون الجواب يسيراً بالقول ان التنظيم وان دب الضعف فيه الا انه لم ينتهي او يعلن استسلامه، فما زال الظواهري خليفة بن لادن موجوداً وما زالت بعض فروع القاعدة قوية في اليمن وافغانستان مع ذكر الخلايا النائمة، وكذلك الحركات الارهابية المساندة كطالبان وبوكوحرام والشباب المجاهدين، اما الجواب الاخر –وهو الاصعب-  فلربما تحتفظ به الولايات المتحدة او تتحفظ عن ابدائه لأسباب قد يكون البعض منها معلوم فيما يظل اكثرها في طي الكتمان.

هزيمة قريبة

فقد اعتبر خبراء اميركيون ان القيادة المركزية لتنظيم القاعدة اصيبت بضعف كبير الى حد انه بات بامكاننا الان ان نتساءل متى وكيف نعلن هزيمة التنظيم الذي اسسه اسامة بن لادن في 1988، ومع مقتل زعيم التنظيم في ايار/مايو في هجوم نفذه فريق كوماندوس اميركي، ثم مقتل الليبي عطية عبد الرحمن الذي كان يتولى قيادة العمليات اليومية في اب/اغسطس في غارة شنتها طائرة اميركية من دون طيار، تلقت "القيادة المركزية للقاعدة" ضربات مؤلمة الى حد ان القضاء عليها كتهديد استراتيجي بات يتوقف على تصفية رجلين تلاحقهما وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) من دون هوادة، بحسب الخبراء، وقال الخبير في مكافحة الارهاب في "مؤسسة اميركا الجديدة" وفي "مركز وست بوينت لمكافحة الارهاب" براين فيشمان "لم يبق سوى ايمن الظواهري وابو بحيى الليبي وهذا كل شيء تقريبا"، واذا تم القضاء على الظواهري والليبي، فانه لن يبقى في واجهة التنظيم اي شخص يتمتع بالكاريسما والشرعية والحظوة يحل مكانهما، والتنظيم لن يستسلم بالتاكيد، كما راى الخبراء، حتى ولو بقيت التنظيمات الخارجية والفرعية، مثل تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب او القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، تمثل خطر، وقال فيشمان "القاعدة لن تختفي تماما بالتاكيد"، واضاف "سيكون هناك دائما شخص ما يحمل البندقية او يحاول وضع قنبلة يدوية الصنع باسم التنظيم، علينا ان نتعلم كيف نتعايش مع هذا الوضع، كما نتعايش في الولايات المتحدة مع واقع انه من وقت لآخر سيظهر شخص ليقتل شرطيا او رجلا اسود ويقدم نفسه على انه من النازيين الجدد"، وتوقع براين فيشمان ان "القاعدة ستتحول الى مجموعة من الذئاب المنعزلة، لكن اذا تحول تنظيم ارهابي الى تجمع لذئاب منعزلة، فذلك لان كل شيء اخر فشل". بحسب فرانس برس.

واعلن اندرو اكسوم الضابط السابق والعضو في مركز الامن الاميركي الجديد "هناك امكانية فعلية لزوال القاعدة في الاشهر الاثني عشر الى الثمانية عشر المقبلة، فالتنظيم اصيب اصابة قاتلة، مقتل الظواهري سيكون له مفعول مدمر"، وبالنسبة الى الادارة الاميركية التي وضعت منذ الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 الة ضخمة لمكافحة الارهاب تستخدم الاف الاشخاص، فان الرهان يكتسي حجما كبير، ففي حين تعلن اقتطاعات في الموازنة في كل الادارات، سيسمح اضعاف تهديد القاعدة بالتصرف بحزم لخفض النفقات حتى ولو كان من المرجح ان لا يجازف مسؤول اميركي على الاطلاق باعلان الانتصار، واكد الطبيب النفسي مارك سيجمان الموظف السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) في باكستان ومعد "الجهاد من دون زعيم"، "لن يكون هناك انتصرنا"، واضاف "الامر سيتم ببطء، سنتكلم عنه بصورة اقل، الموازنات ستنخفض، المسالة ستتلاشى رويدا رويد، ان الاف المدنيين الذين يعملون من الباطن يحملون حاليا تفويضات "دفاع سري" لمكافحة الارهاب، لكن يتعين تجديد هذه التفويضات كل خمس سنوات، ولن يتم تجديد الالاف منها"، وراى هؤلاء الخبراء الثلاثة ان مكافحة الارهاب ومكافحة القاعدة كلفت الولايات المتحدة غاليا جدا على كل الصعد"، واكد براين فيشمان "ستقع ايضا اعتداءات ضد الولايات المتحدة وضد فرنسا او بريطاني، لكن يمكننا التعايش مع ذلك، لم يعد بامكاننا السماح بان تكون السياسة الخارجية الاميركية رهينة هذا التهديد".

إيران متهمة

من جهتها نفت إيران الاتهامات الأمريكية لها بالتعاون مع تنظيم القاعدة واستضافة أحد عناصره على أرضيها، معتبرة أن ما جاء في تقارير رسمية من واشنطن "لا أساس له من الصحة،" وذلك بعد أن رصدت الخارجية الأمريكية مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات تقود لاعتقال "ياسين السوري" المتهم بالعمل من إيران لصالح تمويل القاعدة، واعتبر المتحدث باسم وزارة خارجیة الجمهوریة الإیرانیة، رامین مهمانبرست، إن ما وصفها بـ"السيناريوهات غیر الناضجة وغیر المدروسة التی أعدتها الإدارة الأميركية فی مجال تدخل الجمهوریة الإسلامية الإيرانية في التخطیط لهجمات 11 سبتمبر/أيلول وحضور أحد أعضاء تنظیم القاعدة فی إیران لا أساس لها من الصحة بتاتا"، وأشار مهمانبرست إلى أن أمیركا، ومن خلال تكرار مثل هذه المزاعم الواهیة وفي إطار أهدافها السیاسیة غیر الشرعیة، "تعرض الأمن والسلام الدولیین للخطر"، وقال إن "سوابق تأسيس تنظیم القاعدة والدعم الأميركي اللاحق له أمر واضح ومعروف"، وأضاف مهمانبرست أن إيران تؤمن بأن المجتمع الدولي ونظرا إلى تبعات مثل هذه التصرفات غیر المسؤولة للمسؤولین الأميركيين "یكون یقظا تجاه عواقبها،" ولذلك یجب أن "یعلن قلقه العمیق من هذه التصرفات إلى الحكومة الأمريكية"، وكانت وزارة الخارجية قد رصدت مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقال المتهم بتمويل الإرهاب ياسين السوري، الذي تقول إنه ساعد في نقل أموال عبر إيران إلى تنظيم القاعدة. بحسب سي ان ان.

وياسين السوري هو الاسم الحركي لعز الدين خليل، 30 عاما، ويعرف أيضا باسم "زين العابدين"، وهو من مواليد القامشلي في سوريا، وفقا لمعلومات نشرتها السلطات الأمريكية في وقت سابق من العام الجاري، وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قالت في يوليو/تموز الماضي إن "عز الدين عبد العزيز خليل المعروف باسم ياسين السوري، يتخذ من إيران مقرا له، ويعمل في طهران بموجب اتفاق بين القاعدة والحكومة الإيرانية"، وأضافت الوزارة في بيان أن "السلطات الإيرانية حافظت على علاقة مع خليل وسمحت له بالعمل داخل حدود إيران منذ عام 2005"، ويشتبه في أن خليل ينقل الأموال والمجندين من مختلف أنحاء الشرق الأوسط إلى إيران، ثم إلى باكستان لصالح تنظيم القاعدة، وفقا للوزارة التي قالت إنه جمع التمويل من جميع أنحاء منطقة الخليج، وهو مسؤول عن نقل كميات كبيرة من الأموال عبر إيران لقيادة تنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق، وقالت الوزارة "باعتباره ممثلا لتنظيم القاعدة في إيران، يعمل خليل مع الحكومة الإيرانية لترتيب الإفراج عن أفراد تنظيم القاعدة من السجون الإيرانية، وعندما يطلق سراح عناصر تنظيم القاعدة، فإن الحكومة الإيرانية تسلمهم لخليل، الذي يسهل سفرهم إلى باكستان"، وكان ديفيد كوهين، وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، قال في يوليو/تموز الماضي إن إيران دخلت في صفقة سرية مع القاعدة تسمح لها بتحويل الأموال والنشطاء عبر أراضيه، وأضاف أن "إيران هي الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب في العالم اليوم،" مشيراً إلى أن "واشنطن تنير جانبًا آخر من جوانب دعم إيران للإرهاب التي لا مثيل له، وتسعى إلى تعطيل هذه الشبكة الرئيسية وحرمان تنظيم القاعدة من الدعم".

المغرب العربي

فيما أشارت بريطانيا إلى حملة لتعزيز العلاقات مع دول المغرب العربي وتعهدت بالمساعدة في التصدي للخطر المتزايد من حلفاء تنظيم القاعدة في المنطقة، ونفوذ بريطانيا في موريتانيا والمغرب والجزائر عادة ما يفوقه نفوذ فرنسا القوة الاستعمارية السابقة، وأبرزت انتفاضات الربيع العربي والحرب الليبية وصعود تنظيم القاعدة هناك الاهمية الاستراتيجية لهذه الدول، وقال وليام هيج وزير الخارجية البريطاني للصحفيين في موريتانيا ثالث محطة في جولته التي شملت ليبيا والمغرب وسيزور خلالها الجزائر "نعتقد أننا يجب أن نكثف تعاوننا واتصالنا مع دول هذه المنطقة"، وقال هيج خلال أول زيارة لوزير خارجية بريطاني لموريتانيا "هذا (رحلة) مؤشر على نهج بريطاني جديد"، وسعت موريتانيا الدولة الصحراوية التي يسكنها اكثر قليلا من ثلاثة ملايين نسمة في الاشهر الاخيرة الى تصعيد القتال ضد تنظيم القاعدة المحلي بعد موجة من الهجمات على جيشها والوافدين الغربيين، وتعطلت جهود الامن الاقليمي مع دول مجاورة مثل مالي والجزائر بسبب عدم وجود تعاون بين القوات المسلحة الوطنية التي بدأت الان العمل في دوريات مشتركة تحت ضغط من الغرب، وقال هيج في بيان بعد محادثات مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز "نحن ملتزمون بالعمل مع موريتانيا على تحسين الوضع الامني ودحر الارهاب"، ولم يدل هيج بمزيد من التفاصيل، وقال مسؤول بريطاني رفض الكشف عن اسمه ان المساعدة تتضمن المشورة ودعما أخر، ولم يدل مسؤولون موريتانيون بتصريحات خلال زيارة هيج ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق منهم. بحسب رويترز.

وأعرب هيج عن قلقه من امتداد نفوذ تنظيم القاعدة جنوبا من خلال منطقة الصحراء الافريقية وقال ان هناك مخاوف من أن يمتد نفوذ تنظيم القاعدة ليصل الى نيجيريا حيث اعلنت جماعة بوكو حرام الاسلامية المتطرفة مسؤوليتها عن تفجير مكتب الامم المتحدة في اغسطس اب، وقال هيج ان تنظيم القاعدة عانى انتكاسات في باكستان وأفغانستان واليمن ولكنه يوسع ايضا نشاطه في شمال وغرب أفريقي، واضاف قوله "وهذا هو السبب في اننا نزيد تركيزنا على الامن والدبلوماسية هنا في هذه المنطقة، وفاز عبد العزيز وهو جنرال في الجيش اطاح بسلفه في انقلاب عام 2008 في انتخابات اجريت عام 2009 قال خصومه انها مزورة، ومع ذلك اشادت به فرنسا "كشريك رئيسي" ولعب دورا رائدا في الدبلوماسية الافريقية صعبة المراس بشأن ليبيا الامر الذي أدى في النهاية الى اعتراف القارة بالمجلس الوطني الانتقالي وقادة ليبيا الجدد، واستضاف عبد العزيز في الاونة الاخيرة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد في زيارة قصيرة ما اثار دهشة الاوساط الغربية ازاء العلاقات مع دولة يشتبه في تطويرها سرا قنبلة ذرية وهو هدف تنفيه طهران، وقال المسؤول البريطاني عن العلاقات مع دولة تسعى الولايات المتحدة الى زيادة عزلتها "جزء من سبب مجيئي الى هنا هو لتحذيرهم من ذلك".

وقد أدى اعتقال إمام مسجد بمدينة يسّر في ولاية بومرداس بشرق الجزائر، إلى القبض على عدد من عناصر تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ونقلت صحيفة (الخبر) الجزائرية مؤخراً عن مصدر أمني قوله إن العملية جاءت بعد عمل استخباراتي قامت به المصالح الأمنية منذ مدة، تمكنت خلاله من اكتشاف مكان اجتماع الإمام مع مجموعة من الشباب وإقناعهم بالالتحاق بمعاقل القاعدة، وأضاف المصدر إن الإمام كان يلقي خطبا تحريضية ضد الجيش الجزائري، وتكفير كل شخص موال للحكومة، كما كان يعمل على تسهيل عملية الالتحاق بمعاقل المسلحين، وأشار المصدر إلى أن الإمام قدّم أمام النائب العام بتهم متعددة منها التحريض وتجنيد الشباب في صفوف "الإرهابيين" وإمداد الجماعات "الإرهابية" بالمؤونة، كما بينت التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية مع الموقوف تورطه في عمليات "إرهابية" حيث كان يقدم معلومات للجماعات "الإرهابية" لاستهداف رجال الأمن.

الربيع العربي

في سياق متصل أعادت هجمات نيجيريا المتزامنة مع عيد الميلاد إلى الأذهان خطر تنظيم القاعدة والحركات التي تتناغم معه فكريا في أفريقيا، والتي يتزايد نشاطها بشكل كبير، ففي القارة الفقيرة تنشط ثلاث مجموعات مسلحة على صلة بالتنظيم، هي "بوكو حرام" النيجرية و"تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" الموجود شمال الصحراء الكبرى، وحركة "الشباب المجاهدين" الصومالية، و"بوكو حرام" هي عبارة عن مجموعة من التنظيمات المتحالفة تحت اللواء نفسه، واسمها الرسمي هو "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد،" وهي مسؤولة عن هجمات يعتقد أنها أدت إلى مقتل الآلاف من الجنود ورجال الشرطة، إلى جانب المدنيين، في نيجريا خلال الأعوام الخمسة الماضية، أما "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" فهو ينشط في الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا، ويقوم بشكل دوري بتنفيذ عمليات، أبرزها يتعلق باختطاف الأجانب، في حين تخشى الدول الكبرى من إمكانية حصوله على كميات من الأسلحة الخطيرة التي كانت بحوزة النظام الليبي السابق، وفي الصومال، تقوم حركة "الشباب" بخوض مواجهات قاسية مع الحكومة الانتقالية، وكذلك مع القوات الأفريقية التي تضم وحدات من أوغندا وبوروندي، كما تقاتل قوات أثيوبية وأخرى كينية يعتقد أنها توغلت مؤخراً داخل الحدود الصومالية لإبعادها عن حدودها، خاصة بعد أن اتهمتها كينيا بمد نشاطها إلى أراضيها وتنفيذ عمليات تفجير واختطاف، ويقول الجنرال أندرو أزازي، مستشار الأمن القومي النيجيري، إن جماعة "بوكو حرام" بنت اتصالات قوية مع حركة الشباب في الصومال، وهو أمر يؤكده الناطق باسم الجماعة، المعروف باسم "أبو قاقا،" الذي قال لعدد من الصحفيين إن المئات من العناصر النيجيرية تلقت تدريبات لدى الحركة الصومالية. بحسب سي ان ان.

أما السفير الأمريكي في نيجيريا، تيرينيس ماكولي، فقد أعرب عن ثقته بأن جماعة "بوكو حرام" لديها صلات قوية مع "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" أيضاً، وقال إن واشنطن اطلعت على تقارير حول انتقال عناصر نيجيرية للتدرب لدى القاعدة منذ عام 2005، وتعتقد بعض القيادات الأمريكية أن تنظيم القاعدة الذي تراجع وهجه في الدول العربية بعد ثورات "الربيع" التي اجتاحت العديد منها قد يجد في أفريقيا بؤراً مناسبة للنمو، ما يهدد التنمية في القارة الفقيرة، وقد كان لقائد القيادة الأفريقية في القوات الأمريكية "أفريكوم"، الجنرال كارتر هام، قد أعرب عن قلقه حيال حصول ذلك خلال حديث مع الصحفيين في سبتمبر/أيلول الماضي قائلاً "إذا ظل الأمر دون معالجة، فإننا قد نواجه شبكة تمتد من شرق أفريقيا إلى وسطه، هذه التنظيمات الثلاثة لديها نية معلنة باستهداف الغربيين والأمريكيين، وهذا بالنسبة لي خطير للغاية"، وتعود جذور جماعة "بوكو حرام" إلى العقد السابع من القرن الماضي، وقادها منذ عام 2005 رجل يدعى محمد يوسف، وكان قد تلقى علومه في السعودية، وقد قام بتدريب أتباعه على القتال من أجل المطالبة بتحسين أوضاع مناطقهم الفقيرة والتي تعاني من الفساد، واشتعلت مواجهة على نطاق واسع بين الجماعة والجيش في يوليو/تموز 2009، وأدت المواجهات إلى مقتل أكثر من 29 ألف شخص بينهم يوسف نفسه، لكن التنظيم سرعان ما عاد لتنظيم صفوفه وشن هجمات اعتباراً من عام 2010، وطورت أجنحة في الجماعة، يقودها شخص يدعى مامان نور، قدرات فائقة على إعداد القنابل والمتفجرات، ما جعل السلطات تفترض تزايد روابطها مع تنظيمات إسلامية في مالي والجزائر والصومال واليمن.

اليمن

من جهة اخرى افاد شهود عيان ان عناصر من تنظيم القاعدة قطعوا يد فتى في الخامسة عشرة من عمره وشاب بعد اتهامهما بسرقة كابلات كهربائية في مدينة جعار بجنوب اليمن، وقطع عناصر القاعدة يد الفتى بالسيف امام عشرات من سكان جعار في محافظة ابين التي تحولت معقلا للتنظيم المتطرف قبل ان يجوبوا انحاء المدينة رافعين اليد المقطوعة، واكد اربعة شهود الوقائع لمراسل وكالة الصحافة الفرنسية قطع يد الصبي ولكنهم رفضوا جميعا كشف هوياتهم خشية التعرض لهم من جانب عناصر القاعدة، كما ذكر شهود عيان أن عناصر القاعدة قطعوا يد شاب في السادسة والعشرين من عمره بعد اتهامه بسرقة كابلات كهربائية بحسب شهد عيان، وصرح احد الشهود لوكالة الصحافة الفرنسية أن المسلحين 'احضروا المتهم، وجروه وقطعوا يده اليمنى'، واضاف الشهود انه تم نقل الرجل بعد ذلك الى عيادة خاصة بينما جاب المسلحون انحاء المدينة حاملين اليد المقطوعة، وسيطر مئات من المقاتلين المرتبطين بالقاعدة منذ أواخر مايو أيار الماضي على زنجبار عاصمة محافظة ابين، وكانت السلطات اليمنية قد أعلنت في العاشر من سبتمبر أيلول ان الجيش استعاد السيطرة على شمال المدينة وشرقها بعد معارك استمرت ثلاثة اشهر واسفرت عن مقتل 230 جنديا يمنيا وخمسين من افراد القبائل

أبو يزيد الرجل الغامض

على صعيد مختلف كشف شريط فيديو حديث عن شخصية جديدة ناطقة باللغة الإنجليزية، يرجح أنها المتحدث الجديد لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، خلفاً  لأنور العولقي، رجل الدين الأمريكي، من أصول يمنية، الذي قتل بضربة جوية نفذتها طائرة أمريكية غير مأهولة باليمن في سبتمبر/أيلول الماضي، وتحدث الرجل "الغامض"، الذي ظهر مرتين في شريط الفيديو وقد ظُلل وجه لإخفاء ملامحه وتم تقديمه باسم "الأخ أبو يزيد"، الإنجليزية بلكنة منتقداً الولايات المتحدة لاستهدافها المسلمين في حربها على الإرهاب، في إشارة إلى قتل العولقي والأمريكي، سمير خان، وإبنه الذي قتل بضربة جوية أخرى، وقال "استعدادهم لتجاوز كل الحدود أمر لا يمكن تصوره باغتيالهم ثلاثة من مواطنيهم بعيداً عن مناطق القتال دون أي عملية قضائية"، وبدا في مقطع آخر من شريط الفيديو وهو يؤبن سمير خان، رئيس تحرير المجلة التابعة للقاعدة  - "الإلهام"- المخصصة لمخاطبة الغربيين، وقال خبير في مجال مكافحة الإرهاب إن ظهور "أبو يزيد" قد تكون له أهميته خاصة بعد مقتل العولقي وخان، وهو ما اُعتبر بمثابة ضربة قوية لجهود تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في إطار جهودها للتواصل مع الغرب. بحسب سي ان ان.

وأوضح بن فينزيك من "انتل سنتر"، وهي منظمة مختصة في تحليل اتصالات الحركات الإرهابية "هذه المرة الأولى التي يظهر فيها متحدث باللغة الإنجليزية على فيديو لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بخلاف العولقي، ومن المرجح أنه إشارة لإضافة وجه جديد للتنظيم"، ولفت إلى إمكانية توظيف تنظيم القاعدة باليمن لـ"أبويزيد" بذات الكيفية التي وظف بها جناح التنظيم بباكستان الأمريكي، آدم غادان، لإبلاغ رسائل الحركة إلى الغربيين، ومن جانبه قال  آدم ريزمان، وهو محلل بـ"مجموعة سايت الاستخباراتية"، إن القاعدة تريد القول بإظهار "أبو يزيد" بأن هناك من يتحدثون اللغة الإنجليزية، لمخاطبة المستمع في الغرب بخلاف العولقي، الذي اعتبرته الولايات المتحدة تهديداً نظراً لنفوذه المؤثر وعمله لتجنيد الغربيين بغرض الجهاد، وكان الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، قد صرح بأن مقتل العولقي، يشكل "ضربة قوية" لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وخطوة جوهرية أساسية أخرى على طريق هزيمة الشبكة الإرهابية، وفي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، أطلقت طائرة أمريكية من دون طيار صاروخاً على رتل للسيارات في محافظة الجوف باليمن، ما أدى إلى مقتل العولقي، والأمريكي من أصل باكستاني وخبير المعلومات، سمير خان، واثنين آخرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 1/كانون الثاني/2012 - 7/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م