ابن طوريج وطارق الهاشمي

محمد الوادي

" ابن طوريج " هكذا يحلو لطارق الهاشمي ان يلقب الرئيس المالكي في غيابه، ولا عيب يذكر لابطوريج ولابرجالها الا من الزاوية التي يقف فيها الهاشمي وركبه، لكن وكما يقال لسانك وما تعود عليه فقد شطح لسان الهاشمي في اعلان هذا التنابز الطائفي في برنامج مباشر على احدى القنوات الفضائية فقال نصا " أسالوا ابن طوريج نوري المالكي "!!.

وكنت قد كتبت مقالة هنا بهذا الخصوص حينها تحت عنوان " نوري المالكي ابو اسراء ابن طوريج ". كان ذلك بعد اعلان نتائج الانتخابات النيابية العراقية في دورتها الاخيرة وردا على تنابز الهاشمي. واليوم الرئيس المالكي يقوم ببناء رشيد من خلال احترام أداوت الدستور والقانون لإزالة القدسية الوهمية والحصانة الكاذبة التي تلبست اغلب عمال السياسة في العراق الجديد وهذا عمل جوهري وكبير في عراق ما بعد انسحاب القوات الاجنبية فلقد ترسخت مفاهيم خطيرة وخاطئة طيلة ثمانية سنوات وحان وقت مواجهتها، ويبدو انها صولة فرسان ثانية للمالكي قد طال انتظارها بعد صولته الاولى التي قضت على الاعمال الطائفية وأرجعت الامن والامان للعراق ومدنه ومواطنيه.

وكنت قد راهنت بان الهاشمي سيخرج في اول ظهور له بعد " اقامته المستجدة " في كوردستان العراق ليعلن بان " عروبة العراق مستهدفة من خلال استهدافه شخصيا ومن خلال التدخل الايراني الصفوي!!"وهو لم يخيب املي ولم يذهب بعيدا عن ذلك عندما طالب بتدخل الجامعة العربية في قضيته وايضا مجلس الحقوقيين العرب!! ولااعرف لماذا فات عليه ان يذكر ويطلب عبد الرحمن النعيمي من قطر والخصاونة والعرموطي من الاردن ولاننسى المحامية عائشة القذافي!! ناهيك عن رمزي كلارك الامريكي حتى تكتمل حلقات القومية من حيث ندري ولاندري!!

اما الجامعة العربية فتلك نكتة مسخة كانت بيد صنم مصر الساقط والان بيد المحرر الثوري الديمقراطي الجديد طويل العمر!! كان الاحرى بالهاشمي ان يطالب بتدخل تركي على اعتبار ان هناك صلات وثيقة معهم وان خاله ياسين الهاشمي رئيس الحكومة العراقية عام 1932 كان خريج الباب العالي واحد افراد الجيش الانكشاري وايضا كان المرافق " الحماية " الشخصي لاتاتورك ويبدو ان هذه الاسباب مجتمعة هي التي دفعت الهاشمي لاستخدام صورة خاله ياسين في دعايته الانتخابية قبل عامين.

 ومع ذلك استعان بطريقته الخاصة بالاتراك من خلال دعوته وزير الخارجية التركي الى الاتصال بوزير الخارجية الايراني للتوسط في الموضوع، مع العلم ان ايران تستهدفه شخصيا في هذا الموضوع كما صرح هو بذلك شخصيا من مقر اقامته المستجد في كوردستان.!!

طارق الهاشمي ومجموعة مهمة من حمايته متهمين بشكل قانوني صريح وواضح بجرائم قتل طائفية وتنفيذ تفجيرات ارهابية، وتلك لامزحة ولا ملعب للمساومات السياسية ودور الحكومة هنا هو دور تنفيذي لقرارات القضاء العراقي الذي شكك بمصداقيته الهاشمي في اول ظهور له في اربيل وفات عليه ان هذا القضاء هو الذي صادق على نتائج الانتخابات وبالتالي هو من أوصله رسميا الى مجلس النواب ومنه الى منصبه كنائب ثاني لرئيس الجمهورية.

ومن جانب اخر هناك ملفات قضائية اخرى تخص الهاشمي صاحب التصريح الشهير "سنجعلها انهارا من الدماء" وذلك بعد تفجير مرقدي الامامين الهادي والعسكري، فهناك ملف وزير الثقافة الاسبق المتهم بقتل اولاد مثال الالوسي وهناك اتهام واضح بان الهاشمي سهل اخفاء ذاك الهاشمي وسهل هروبه. وايضا فخري كريم المستشار الاقرب للرئيس الطلباني قدم دعوة قضائية ضد الهاشمي على اعتبار انه استحوذ على الكثير من الاموال بطرق غير شرعية.

في واقع الامر وفي اي بلد من كوارث الصومال وحتى ديمقراطية الغرب وحتى اسرائيل اللقيطة لو أثيرت جزء صغير من هذه المشاكل لتعرض الشخص المعني الى الايقاف الفوري عن العمل وقدم الى القضاء، لكن العراق يبدو انه بلد الاستثناءات لذلك حان وقت العمل لإلغاء هذا التقليد الكارثي، ولعدة اسباب قد يكون اهمها ان المقصر والمطلوب للعدالة يجب ان ينال جزاءه بغض النظر عن الطائفة والقومية وثم ان الهاشمي لايمثل بفعله هذا او ذاك اي من السنة العرب في العراق، والاهم ان لاقدسية لا لهذا المنصب ولا لغيره.

 من جانب اخر ومن المنطقي ان يكون الدكتور اياد علاوي هو النائب الثاني للرئيس العراقي طالما كانت شعارات العراقية وطنية وليس طائفية كما تدعي رغم الفشل الذريع لهذا الادعاء على ارض الواقع.

اما مايخص لوذ الهاشمي في كوردستان العراق فنتائج هذا اللوذ ستكون كارثية على كل المستويات لو استمر الحال كما هو لفترة اطول وذلك لان كوردستان ليس المكسيك التي تجاور الولايات المتحدة فيلوذ لها كل مطلوب للعدالة، ان كوردستان جزء من العراق لذلك قرارات القضاء العراقي تشمل مدنها وقراها وجبالها، ثم اني على يقين تام بان قادة الاقليم لايفكرون ببناء انطباع للعراقيين بان الاقليم ممكن ان يكون ملاذ لكل متهم مطلوب للقضاء العراقي، اما من جانب الهاشمي فمن المنطق والحكمة ان يرجع الى بغداد ويقدم نفسه تحت خدمة القانون والقضاء حينها الامور ستأخذ نصابها الصائب والصحيح "وستكون الامور حسب احقيتها بين البراءة او اثبات التهم " وهذا ما صرح به الرئيس المالكي في اول مؤتمر صحفي له بعد الاحداث، وهنا المالكي يخيب أمل خصومه لانه يخرج من كونه ابن طوريج كما يراه الهاشمي من زاويته الطائفية، الى كونه رجل وابن الدولة الحديثة التي يحكمها القانون والدستور وهذه هي حقيقة الرئيس المالكي. وهنا ايضا يستجد اقتباس مثال الفرق بين الثرى والثريا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 29/كانون الأول/2011 - 4/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م