الفساد هل بات سمة السياسة العراقية؟

ضعف آليات المكافحة والنظام القضائي

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: اليوم يبدو العراق دولة مهزومة سياسياً واخلاقياً، وما جاء به مؤشر الفساد ليس جديداً على العراق فظواهر الفساد تستشري منذ سنوات، وتحدثت عنه منظمات حكومية وعالمية ونالت من كبار المسؤولين في الدولة، وتتمحور في رشاوى وصفقات فساد ومشاريع وتهم جنائية، وتمت ملاحقة عدد من الوزراء والمسؤولين العراقيين قضائيا في ملفات فساد من أبرزهم:

وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني الذي اعتقل على متن طائرة متوجهة إلى الإمارات بتهم تتعلق باختفاء مليارات من الدولارات في فترته في الوزارة التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات.

وكذلك وزير الدفاع الأسبق حازم الشعلان الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال في 2005، وأدانته المحكمة الجنائية في العام 2007 بتهم فساد تتعلق باختفاء مليار دولار، وحكمت عليه غيابيا بالسجن سبعة أعوام.

وشملت الإدانات أيضا وزير الكهرباء أيهم السامرائي الذي فر من قاعة إحدى المحاكم، قبل أن يصدر عليه حكم بالسجن لعامين بتهمة إهدار مال عام. وفي 2009 اتهم نحو 997 موظفا ومسؤولا بالتورط في قضايا فساد، اعتقل منهم 33 فقط.

وآخرها قضية وزير الكهرباء رعد  شلال على خلفية إبرام عقود تجاوزت قيمتها مليار وسبعمائة مليون دولار مع  شركات وهمية.

وفي العام 2010 تضاعف عدد المتهمين في ملفات الفساد ليصل إلى أكثر من ألفي شخص من بينهم 250 مديرا عاما، وذلك في قضايا بلغ حجم الفساد فيها 446 مليار دينار عراقي ما يعادل 400 مليون دولار تقريبا.

ورغم أن العراق يحتوي على ثاني أكبر احتياطي في العالم، ويصدر أكثر من 2.2 مليون برميل يوميا من النفط، وتزيد موازنته للعام الحالي على 82 مليار دولار فإن أكثر من 40% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من نصف سكانه عاطلين عن العمل، ونفس النسبة تقريبا من مواطنيه يعانون الأمية.

ثقافة الفساد

لا شك أن الفساد المالي والإداري والأخلاقي، يشكل جزءاً من الثقافة السياسة في العراق، فالمسؤولين متورطين في ملفات وفضائح قد تكلفهم مناصبهم، وبشكل سيء مما هدد الوضع الأمني والإقتصادي بالإنهيار. وفي وقت يشكو الكثير من الساسة من مخاوف الإنسحاب الأمريكي من العراق هناك قلق من أن العراق يواجه تهديدا أمنيا بسبب الفساد الذي ينخر هيكل الدولة.

وبسبب هذا الفساد تعمل حاليا بعض المحافظات العراقية على دراسة تشكيل الأقاليم ومطالبة بعض المحافظات الأخرى بمنحها صلاحيات أكبر من أجل السيطرة على الوضع الأمني الذي بات التهديد الأكبر للعراقيين  فهناك هجمات ارهابية تضرب مناطق العراق وهناك شكوكا موجهة لبعض القادة الأمنيين من التواطىء وأخذ الرشوة.

وجاء في تقرير للمفتش العام لوزارة الداخلية سلط فيه الضوء بشكل خاص على ظاهرة الرشوة المستشرية بين حراس الحواجز ونقاط التفتيش

ويوضح تقرير المفتش كيف تتم عمليات الفساد المالي. فهناك من يستولي على مبالغ من رواتب الموظفين وهناك من يتلاعب بالعقود للاستفادة منها بمكاسب شخصية, بل إن بعض القادة يضيفون لقوائم من يدفعون رواتبهم ضباط شرطة وهميين لأخذ رواتبهم, وقد يخبر هؤلاء القادة بعض من يتبعون لهم أنهم فصلوا من العمل لكنهم لا يقطعون رواتبهم بل يستمرون في أخذها عوضًا عنهم. بحسب صحيفة نيويورك تايمز

وقد يتم إطلاق سراح مجرمين مقابل رشوة كبيرة، بل قد تشطب سجلاتهم الجنائية مقابل رشى تقدم إلى الضباط وفي بعض الأحيان يقوم الحراس بابتزاز المعتقلين لأخذ مبالغ مالية من ذويهم.

وفضلاً عن الفساد المالي هناك أيضًا الفساد السياسي, فالأحزاب السياسية الطامحة للوصول إلى السلطة تتنافس, حسب المسئولين الغربيين والعراقيين, لتأمين ولاء أكبر قدر من الأجهزة الأمنية.

ان ما يعزز ذلك تواتر التقارير والأبحاث الدولية التي نشرت مؤخرا والتي وضعت العراق بالمرتبة قائمة دول العالم المبتلية بهذه الآفة الخطيرة، كما أنه يحتل المرتبة الثانية في سلم الدول الفاشلة، والمتضمن تقييم الأوضاع في 177 دولة وفق المعايير والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والامنية التي تصدرها منظمة الشفافية العالمية.

ومن خلال تقارير لهيئة النزاهة العراقية تشير فيها الى خسارة العراق، نتيجة الفساد الإداري والمالي بلغت 250 مليار دولار، ووصفت هذه النتيجة بـ الكارثية بين بلدان العالم.

ويرى خبراء إن الفساد في العراق قد وصل إلى مستويات ضخمة، ولم تكن هناك جهات تتصدى لهذا الفساد و أن العراق حاليا غير قادر ولو على انفاذ أولي لقوانين مكافحة الفساد، وأن محاربة الفساد ينظر إليها على أنها وظيفة المفتش العام لوحده.

ان القصور في دعم مكافحة الفساد كان سببا رئيسيا وأن النظام القضائي في العراق لا يزال ضعيفا، وهو عرضة للضغوط السياسية.

إضافة الكثير من الدوائر الخاصة بمكافحة الفساد غير مؤهلة لضبط قضايا الفساد. مع غياب الجهود في محاولة مقارعته. وهناك من يعادي إجراءات الملاحقة القانونية لقضايا الفساد وبطبيعة الحال فان تحسين مستوى حياة العراقيين يقف على المساندة في دعم مواجهة الفساد.

واليوم ثمة قضايا فساد يتم تداولها في الأوساط المهتمة، ما يؤكد تشكيل مافيات فاسدة تحول البلد الى مرتع للفساد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 18/كانون الأول/2011 - 22/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م