العراق والانجاز الرائع... قتال وموت وبناء

الانسحاب الأمريكي وما بعد ذلك!

شبكة النبأ: في الوقت الذي لاقت خطوة استكمال القوات الأمريكية انسحابها من العراق الترحيب الكبير في الأوساط الشعبية والرسمية على حد سواء، لم تخف تلك الأطراف تخوفها من المستقبل القريب لما بعد تلك المرحلة.

فالعراق لا يزال يعاني من صراع سياسي وغياب واضح للثقة بين مكوناته وان لم يبدوا ذلك، فيما تشير الأوضاع الاقتصادية إلى صعوبات جمة بعد التعثر الملحوظ في إعادة ترميم الكثير من البنى التحتية الأساسية، فضلا عن انتشار ظاهرة الفساد الإداري والمالي بشكل يثير القلق.

الجيش الامريكي ينزل علمه

فقد أنهى الجيش الامريكي رسميا الحرب في العراق يوم الخميس الماضي وأنزل علمه في مراسم حضرها ليون بانيتا وزير الدفاع الامريكي بعد نحو تسع سنوات من الغزو. وفي الوقت نفسه سلطت أعمال عنف في الشمال الضوء على التوترات العرقية والطائفية التي تهدد البلاد في السنوات القادمة.

وقال بانيتا خلال مراسم انزال العلم في مطار بغداد الذي لا يزال شديد التحصين "بعد اراقة دماء الكثير من العراقيين والامريكيين أصبحت مهمة اقامة عراق قادر على حكم وتأمين نفسه بنفسه أمرا واقعا."

وفقد نحو 4500 جندي أمريكي وعشرات الالاف من العراقيين أرواحهم في حرب بدأت بحملة "الصدمة والرعب" من قصف بغداد بالصواريخ والقنابل وأدت لاحقا الى صراع طائفي دموي بين الشيعة والسنة.

وأنزل الجنود الامريكيون علم القوات الامريكية في العراق في مراسم قصيرة في الهواء الطلق فيما يرمز الى انهاء العملية العسكرية التي كانت الاقل شعبية في الولايات المتحدة منذ حرب فيتنام في الستينات والسبعينات. وستنسحب اخر دفعة من القوات الامريكية وقوامها 4000 جندي من العراق بحلول نهاية العام.

وأعدم صدام حسين في 2006 وانحسر العنف لكن انسحاب القوات الامريكية يترك العراق أمام عشرات التحديات من تمرد مستمر وسياسة هشة الى اقتصاد يعتمد أساسا على النفط ويعاني من انقطاع الكهرباء والفساد.

وقال بانيتا أمام الجنود ومسؤولي السفارة الامريكيين خلال المراسم "سيواجه العراق في الايام القادمة اختبارا من الارهاب ومن أولئك الذين سيسعون للتقسيم .. واختبارا من القضايا الاقتصادية والاجتماعية." وأضاف "ستظل التحديات قائمة لكن الولايات المتحدة ستكون حاضرة للوقوف الى جانب الشعب العراقي." بحسب رويترز.

وفي الفلوجة المعقل السابق للتمرد الذي كان يقوده تنظيم القاعدة والتي شهدت بعضا من أسوأ معارك الحرب احتفل عدة الاف من العراقيين بالانسحاب أمس الاربعاء وأحرق بعضهم الاعلام الامريكية ورفعوا صور أقاربهم القتلى.

وتظاهر قرابة 2500 شخص أغلبهم من الشيعة من سكان محافظة ديالى الشمالية يوم الخميس لليوم الثاني على التوالي أمام مقر مجلس المحافظة احتجاجا على تحرك من جانب محافظة صلاح الدين ذات الاغلبية السنية لاعلان الحكم الذاتي.

وقال شهود ان الشرطة استخدمت الهراوات ومدافع المياه لتفريق المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام مقر المجلس. وصعد بعض المحتجين على السطح ورفعوا العلم الشيعي باللونين الاخضر والاسود.

وهناك نزاعات على بعض أراضي ديالى بين الاقلية الكردية في شمال العراق والحكومة المركزية التي يقودها الشيعة في بغداد. وينظر الى النزاع طويل الاجل بشأن الاراضي والنفط والسلطة على أنه سبب محتمل لصراع مستقبلي في العراق بعد رحيل القوات الامريكية.

وسوف تراقب الدول المجاورة للعراق عن كثب كيف ستواجه بغداد مشكلاتها بدون وجود عسكري أمريكي كان يقوم بدور المنطقة العازلة في الوقت الذي تهدد فيه الازمة في سوريا المجاورة باحداث هزة في التوازن الطائفي والعرقي بالمنطقة.

وأبلغ الرئيس الامريكي بارك أوباما -الذي وعد في حملته الانتخابية باعادة القوات الامريكية لوطنها- رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن واشنطن ستظل شريكا مخلصا بعد انسحاب اخر جندي أمريكي.

وترى القيادة الشيعية في العراق الانسحاب كبداية جديدة لسيادة البلاد لكن الكثير من العراقيين يتساءلون عن الاتجاه الذي ستأخذه البلاد بمجرد مغادرة القوات الامريكية. ويخشى البعض اندلاع المزيد من العنف الطائفي أو عودة تنظيم القاعدة للظهور في المدن. كما ان خلافا بين الاكراد في منطقة كردستان العراق والحكومة المركزية في بغداد حول الاراضي والنفط يمثل نقطة توتر أخرى.

وانحسر العنف مقارنة بالايام التي بلغ فيها الصراع الطائفي ذروته وتسببت خلاله تفجيرات انتحارية وفرق اعدام في قتل مئات الضحايا يوميا في وقت انزلقت فيه البلاد الى موجة من حوادث القتل الثأرية بين السنة والشيعة. وفي عام 2006 وحده قتل 17800 من المدنيين وأفراد الجيش العراقي في أعمال العنف.

وينظر لقوات الامن العراقية بصفة عامة باعتبارها قادرة على احتواء ما تبقى من تمرد لجماعات اسلامية من السنة وميليشيات شيعية يقول مسؤولون أمريكيون انها مدعومة من ايران.

وما زالت الاوضاع الامنية مبعث قلق رئيسيا. وتستهدف الهجمات الان مكاتب الحكومات المحلية وقوات الامن في محاولة لاظهار ان السلطات ليست قادرة على السيطرة.

وفتح سقوط صدام الطريق لتولي الشيعة الذين يمثلون الاغلبية مناصب حيوية بعد قمع دام عشرات السنين في ظل حكم حزب البعث. ويخشى سنة العراق من التهميش أو حتى الخضوع لحكم شمولي بقيادة الشيعة في ظل المالكي. وأذكت حملة لقمع أعضاء سابقين في حزب البعث في الاونة الاخيرة تلك المخاوف. وتجعل الانقسامات الطائفية العراق عرضة لتدخل دول مجاورة لاكتساب المزيد من النفوذ. وتخشى القيادة الشيعية في العراق من ان تؤدي الازمة في سوريا المجاورة في نهاية الامر الى مجيء قيادة سنية متشددة في دمشق مما يزيد من تدهور التوترات الطائفية العراقية.

وكان من المفترض أن تبقى القوات الامريكية في اطار اتفاق لتدريب القوات المسلحة العراقية. وطلبت واشنطن من العراق بقاء ثلاثة الاف جندي على الاقل. لكن محادثات تهدف الى منح الحصانة للقوات الامريكية من المحاكمة انهارت.

وما زالت ذكريات الانتهاكات الامريكية والاعتقالات والقتل عالقة بذاكرة الكثير من العراقيين وتمثل مسألة الحماية القانونية من المحاكمة حساسية بالغة للقيادة السياسية العراقية لدرجة تحول دون طرحها في برلمان يعاني من الانقسام.

وفي ذروة الحرب كان نحو 170 ألف جندي أمريكي منتشرين في أكثر من 500 قاعدة في أنحاء العراق. وسيبقى نحو 150 جنديا أمريكيا فقط في العراق بعد 31 ديسمبر كانون الاول ملحقين بالسفارة الامريكية الواقعة قرب نهر دجلة. وسيتولى متعاقدون مدنيون مهمة تدريب القوات العراقية على المعدات العسكرية الامريكية.

وقال السارجنت لون بينيش وهو يحزم متعلقاته في قاعدة عسكرية امريكية بعد انتهاء مهمته في العراق "هل كان الامر يستحق.. أنا متأكد أنه كان كذلك. عندما جئنا لاول مرة هنا كان الشعب العراقي يبدو سعيدا برؤيتنا... أتمنى أن نكون بصدد ان نترك وراءنا بلدا يقول 'نحن الان أفضل حالا مما كنا عليه من قبل'."

الانجاز الرائع

من جهته اشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما بما قامت به الولايات المتحدة من "قتال وموت ونزيف وبناء" في العراق، مشيدا ب"الانجاز الرائع" الذي تحقق في العراق، مع انه يعتبر من المعارضين لحرب العراق التي وصفها ذات مرة بانها "غبية".

وارتفع صوت اوباما من حظيرة طائرات في نورث كارولاينا قائلا "اهلا بكم في وطنكم"، على وقع هتافات الترحيب من عناصر الفرقة 82 المجوقلة بقبعاتهم الحمراء، والذين هم جزء من القوات الاميركية التي انسحبت من هذا البلد.

وقال اوباما "كنا نعلم ان هذا اليوم سياتي. وكنا نعلم بذلك منذ فترة .. يوجد شيء رائع لانتهاء حرب استمرت لهذا الوقت الطويل". وقال اوباما الذي جعل من اهدافه الرئيسية انهاء النزاع الذي استمر نحو تسع سنوات منذ اذار/مارس 2003 "ان انهاء حرب اصعب من بدئها".

وعلى خلفية طائرات النقل والعربات العسكرية ذات اللون الصحراوي الاصفر في قاعدة فورت براغ التي ارسلت 202 جنديا الى حتفهم في العراق، لم يشر اوباما سوى بشكل طفيف الى الغضب السياسي الذي اثارته تلك الحرب.

وقال ان الحرب "كانت مصدرا لجدل كبير هنا في الوطن" مذكرا بانه كان عضوا في مجلس الشيوخ وان العديد من الجنود الماثلين امامه كانوا لا يزالون في المدرسة عندما بدأت الحرب.

وقال اوباما "ان كل ما قام به الجنود الاميركيون في العراق - كل القتال والموت، والنزيف والبناء، والتدريب وابرام الشراكات - قادنا الى لحظة النجاح هذه". وتابع الرئيس "اننا نترك وراءنا عراقا ذا سيادة ومستقلا ويعتمد على نفسه، مع حكومة ممثلة (للجميع) انتخبها شعبها". واضاف "ونحن نبني شراكة جديدة بين بلدينا، وننهي الحرب ليس بمعركة أخيرة، ولكن بمسيرة اخيرة نحو الوطن". بحسب فرانس برس.

وقال اوباما انه رغم ان العراق ليس "مثاليا" الا ان هذا "انجاز رائع بعد نحو تسع سنوات". واشار اوباما الى "الكلفة الباهظة" للحرب التي اطلقت للاطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين بسبب رفضه تسليم اسلحة الدمار الشامل التي لم يعثر لها على اثر عند غزو العراق. واضاف "اليوم نتوقف لنصلي من اجل جميع العائلات التي خسرت احد احبائها، لانهم جميعا جزء من الاسرة الاميركية الاوسع".

وقال ان على الولايات المتحدة اخذ العبرة من ذلك النزاع الذي ادى الى انقسامات عميقة في السياسة الاميركية والعالمية. وقال "ان الشيء الوحيد الثابت كان وطنيتكم والتزامكم بالقيام بمهمتكم، والتزامكم تجاه بعضكم البعض". واضاف "ان الحرب في العراق ستصبح عما قريب شيئا من الماضي، اما خدمتكم فانها ملك للاجيال .. لقد عشتم نيران الحرب .. وقدمتم شيئا عظيما في حياتكم". وتابع "ستعرفون انكم لبيتم نداء وطنكم، وخدمتم قضية اعظم من انفسكم، وساعدتم على ترسيخ سلام عادل ودائم مع العراق وبين جميع الشعوب".

وكان اوباما بدأ حياته السياسية بمعارضة الحرب في العراق. وفي اواخر العام 2002 قال انه يعارض "الحروب الغبية" مثل الحرب في العراق، ووعد باعادة الجنود الاميركيين الى وطنهم.

الا ان اوباما، العضو السابق في مجلس الشيوخ عن ولاية ايلينوي، لم يكن ضد كل الحروب، فقد قام بتصعيد الحرب في افغانستان بعد توليه الرئاسة. ولا يزال عشرات الاف الجنود الاميركيين ينتشرون في هذا البلد.

وفي العراق سيغادر اخر الجنود الاميركيين الذين وصل عددهم في ذروته الى نحو 170 الف جندي، ذلك البلد خلال ايام. الا ان الفرح الذي كان يتوقع ان يحيط بانتهاء هذه الحرب الحاسمة والمكلفة، خيم عليه شعور الشعب الاميركي بالارهاق وتورط الولايات المتحدة في حرب اطول هي الحرب في افغانستان.

وبدأ اوباما عدة ايام من الاستعدادات للانسحاب من العراق باستقباله رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في البيت الابيض الاثنين، حيث وعد باستمرار العلاقات بين بلاده والعراق.

الا ان مخاوف تدور بان العراق، ورغم سنوات من تدريب القوات الاميركية للقوات العراقية، لا يزال يفتقر الى القدرة على الدفاع عن حدوده، ويمكن ان يتاثر بايران، عدوة واشنطن.

كما يخشى عدد من المراقبين الاميركيين من عودة اعمال العنف الطائفية، ويشككون في قوة الهياكل السياسية في العراق، ويشعرون ان المالكي، وهو شيعي، يرسخ اقدامه في السلطة على حساب الاقليات الاخرى في العراق.

سنة كل التحديات

كما ركز لقاء أوباما أمس مع نوري المالكي على العلاقة المقبلة بين البلدَين مع استمرار التحديات التي سيكون على عراق ما بعد الأمريكيين أن يواجهها بنفسه. ورغم الفشل المعلن للتعاقد على مدربين أمريكيين بسبب رفض بغداد منحهم حصانة قضائية، يؤكد العديد من السياسيين العراقيين أنه سيكون هناك مدربون، وأن مسألة الحصانة حُلَّت بصيغة التفافية قد نجد لها تفسيراً في أن سفارة الولايات المتحدة في بغداد ستكون الأكبر لها في العالم وقوامها 16 ألف شخص.

وقبل أسابيع كان الجنرالات الأمريكيون يشككون في قدرات قوات الجيش والأمن العراقية. لكنهم باتوا يعتبرون الآن أنها قادرة على التعامل مع التهديدات الداخلية ولا سيما تنظيم " القاعدة " والتنظيمات الأخرى غير المعترفة بالنظام الجديد.

وإذ يشكو الجانب العراقي من نقص في العدد والعُدة لحماية الحدود والمجال الجوي، فإن التقديرات الاستخبارية تستبعد حالياً وجود تهديداتٍ خارجية، وتنصح حكومة بغداد بالتركيز على معالجة الأوضاع الداخلية.

في هذا المجال ستكون السنة العراقية الأولى بلا احتلال سنة كل التحديات، وأهمها على الإطلاق أولاً إعادة الإعمار وإنهاض الاقتصاد وتحسين الخدمات. وثانياً بلورة خريطة طريقٍ إلى المصالحة الوطنية وإنهاء التوتر الطائفي.

إذ أنّ اندفاع المحافظات السنية إلى تفعيل نظام الفدرالية للتحول إلى أقاليم متمتعة باستقلالية، يهدد بتفتيت الدولة والشعب. ومن بين التحديات أيضاً حل قضية المناطق المتنازَع عليها مع الأكراد، لأنها مرشحة لتفجير العلاقة بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان.

وهناك العديد من الملفات الشائكة التي تركها الأمريكيون بلا حل، لكن يتوقع أن يصبح الإيرانيون أكثر تدخلاً فيها طالما أنهم يستعدون لدورٍ أكبر في إدارة شؤون العراق. لكن هذه قصة أخرى.

المالكي يحث الشركات الامريكية

من جهته حث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الشركات الامريكية على المساعدة في اعادة اعمار بلاده التي دمرتها الحرب والتي تواجه تحديا جديدا مع انسحاب القوات الامريكية بنهاية العام.

وقال المالكي في كلمة ألقاها في الغرفة التجارية الامريكية ان العراق ملتزم بتطوير القطاع الخاص بقدر التزامه بهزيمة الارهاب. وأضاف أن الشركات وقادة الاعمال هم من سيكونون في طليعة هذه المرحلة وليس الجنرالات.

وقال المالكي ان العراق لديه الفرصة للعمل مع شركات من كل أنحاء العالم لاعادة اعمار البلاد بعد ثلاثة عقود من الحرب. لكنه أضاف أن العراق يرى أن الولايات المتحدة لديها "أفضل الشركات" التي تستطيع مساعدته لتنويع اقتصاده بعيدا عن النفط. وقال انه ليس راضيا عن عدد الشركات الامريكية في العراق ويطمح الى زيادة العدد.

تسليم سجين حزب الله

في سياق متصل عبر عدد من السياسيين الاميركيين عن غضبهم بعد تسليم الولايات المتحدة بغداد سجينا يعتقد انه ناشط في حزب الله اللبناني ويشتبه في تورطه في عملية اسفرت عن مقتل خمسة جنود اميركيين عام 2007.

وكان علي موسى دقدوق الذي اعلن الجيش الاميركي اعتقاله في تموز/يوليو 2007 في جنوب العراق وسلم الى القوات العراقية مع انتهاء الانسحاب الاميركي من هذا البلد اواخر الشهر الجاري، اخر سجين لدى الاميركيين.

وقد دعا عدد من الجمهوريين الى نقل دقدوق من العراق الى معتقل غوانتانامو الاميركي في كوبا الذي وعد الرئيس الاميركي باراك اوباما باغلاقه. وقد اثار نبأ تسليمه الى العراقيين غضبهم الشديد.

وقال الناطق باسم مجلس الامن القومي تومي فيتور الجمعة "سنواصل مناقشة وضعه مع العراقيين"، موضحا انه "نقل صباح اليوم (الجمعة) الى سجن عراقي". واضاف "نأخذ هذا الملف على محمل الجد لذلك سعينا الى الحصول على تأكيدات بمحاكمته على جرائمه وحصلنا على هذه التأكيدات"., وتابع فيتور "عملنا على هذه القضية على اعلى المستويات في الحكومتين الاميركية والعراقية ونواصل مناقشة العراقيين حول افضل السبل لمحاكمته".

ويبدو ان الرئيس الاميركي باراك اوباما بحث في قضية دقدوق مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال لقائهما في البيت الابيض الاسبوع الماضي.

ورأى اربعة اعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي ان تسليم دقدوق الى العراقيين "يرسل مؤشرا سلبيا الى حلفائنا واعدائنا في المنطقة". واكد هؤلاء البرلمانيون وبينهم زعيم الاقلية الجمهورية ميتش ماك كونيل والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية جون ماكين ان "تسليم علي موسى دقدوق الارهابي من حزب الله اللبناني (...) الى الحكومة العراقية عوضا عن احالته الى محكمة عسكرية اميركية لمحاسبته على جرائمه، فضيحة".

واضافوا "نشعر بالقلق الشديد لفكرة ان دقدوق لن يحاسب يوما على ضلوعه في قتل مواطنين اميركيين وانه سيتم الافراج عنه من جانب العراقيين لاسباب سياسية وسيستانف بعدها القتال ضد الولايات المتحدة واصدقائنا".

من جهته، قال ماكين ان "الاختبار الحقيقي المتعلق بدقدوق ليس ما اذا كانت الولايات المتحدة تنتهك الاتفاق الامني مع العراق بابقائه في السجن خارج البلاد". وتابع ان "الاختبار الحقيقي هو ما اذا كانت الولايات المتحدة تستطيع ممارسة تأثيرها فعليا مع الحكومة العراقية للتأكد من ان متهما بقتل اميركيين سيحاسب على جرائمه في النظام القضائي الاميركي".

وكان المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني اكد الجمعة ان الولايات المتحدة درست مع بغداد "عددا كبيرا من الاحتمالات بما يتوافق مع القانونين الاميركي والعراقي لاحالة (دقدوق) للمحاكمة امام محكمة عسكرية". واضاف "تصرفنا على هذا النحو لاننا كنا نعتقد انها الطريقة الاسرع لاحالته امام القضاء. نواصل محادثاتنا في هذه القضية مع العراقيين" على الرغم من "انه نقل صباح اليوم الى سجن عراقي".

واوضح مسؤول اميركي رفيع المستوى طلب عدم كشف اسمه لفرانس برس ان "الحكومة العراقية رفضت اي حديث عن ترحيل الى غوانتانامو". وتؤكد الولايات المتحدة ان دقدوق ناشط في الحزب الشيعي اللبناني ووصل العراق لتدريب متمردين بمساعدة فيلق القدس، وحدة النخبة في الحرس الثوري الايراني.

وخلال عملية في كانون الثاني/يناير 2007 في كربلاء جنوب بغداد، قتل مسلحون جنديا اميركيا وخطفوا اربعة اخرين قاموا بقتلهم في وقت لاحق، في عملية منظمة نسبها الجيش الاميركي الى فيلق القدس.

وعلى اثر اتفاق وقع عام 2008 بين واشنطن وبغداد على انهاء الوجود الاميركي في العراق، تم اعتبار دقدوق معتقلا لدى الحكومة العراقية الا ان جنودا اميركيين تولوا مهام الحراسة.

وكان نقل الاميركيين لدقدوق معهم سيمثل مشكلة قضائية كبيرة من جهة ويضعف العلاقات الجديدة التي تريد واشنطن اقامتها مع العراقيين. واكد كارني ان الولايات المتحدة تلقت من العراقيين "ضمانات بانه سيلاحق على جرائمه".

عراقي يقر بمحاولة قتل جنود امريكيين

الى ذلك قالت وزارة العدل الامريكية ان عراقيا يعيش في الولايات المتحدة اعترف بانه مذنب اثر اتهامه بمحاولة قتل جنود امريكيين في العراق ومساعدة نشطاء تنظيم القاعدة هناك وتدريبهم على كيفية صنع قنابل محليا.

وأقر وعد رمضان علوان بانه مذنب أمام محكمة اتحادية في كنتاكي. وكانت القضية قد أثارت انتقادات قاسية من اعضاء جمهوريين في الكونجرس طالبوا بمحاكمة المشتبه بانهم ارهابيون أمام محاكم عسكرية في القاعدة الامريكية في خليج جوانتانامو في كوبا.

ورفضت ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما هذه المطالب وقالت ان المحاكم الاتحادية لها ولاية قضائية ايضا علي التعامل مع هذه القضايا الارهابية الكبرى.

وقالت ليزا موناكو رئيسة قسم الامن الوطني في وزارة العدل في بيان "تظهر التحقيقات الناجحة والقبض على السيد علوان واستجوابه فعالية اجهزة المخابرات وتطبيق القانون في أن تأتي بهؤلاء الارهابيين ليمثلوا امام العدالة."

واتهم علوان بالمشاركة في هجمات بقنابل محلية الصنع على قوات امريكية في الفترة بين عامي 2003 الى 2006 وتوصلت الى تورطه في هذه الحوادث بعد ان اكتشقت القوات الامريكية بصمات اصابعه على قنبلة لم تنفجر.

وبدأ مكتب التحقيقات الاتحادي التحقيق في امره في سبتمبر ايلول 2009 وبعد نحو عام استعان بعميل سري تحدث معه عن انشطته في العراق وشملت استخدام قنابل بدائية وبنادق قناصة لاستهداف قوات امريكية.

كما وجه اليه ولعراقي اخر هو مهند شريف حمادي تهمة محاولة تقديم دعم واسلحة لناشط في القاعدة في العراق من خلال فخ نصبته له السلطات الامريكية. ودفع حمادي ببراءته من هذه الاتهامات.

ودخل العراقيان الولايات المتحدة في عام 2009 بعدما حصلا على حق اللجوء السياسي والقي القبض عليهما في مايو ايار في بولينج جرين بكنتاكي.

ويواجه علوان حكما بالسجن مدة لاتقل عن 25 عاما وقد تصل للسجن مدى الحياة بموجب اتفاق مع الادعاء يقر من خلاله بانه مذنب ومن المقرر النطق بالحكم ضده في الثالث من ابريل نيسان القادم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 18/كانون الأول/2011 - 22/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م