عمالة الاطفال في العالم العربي...أرقام مخيفة لثقافة سلبية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعد ظاهرة عمالة الأطفال خرقاً للقانون الدولي، فإن الكثيرين في المجتمعات العربية يعتقدون بأن عمل الأطفال هو أمر طبيعي بل وضروري لتنشئة الطفل نشأة تمكنه من الاعتماد على نفسه في المستقبل، وهناك ايضاً من يذهب إلى أبعد من ذلك في استحسان ضرب أصحاب العمل للأطفال لتأديبهم كي يصبحوا رجالا أقوياء في المستقبل.

حيث تقف خلف هذه الظاهرة عدة أسباب لعل أهمها هو التفكك الاسري في ضوء غياب إطار ترعاه الدولة يكفل ضمانا اجتماعيا للأطفال الضحايا، ويعتبر عمل الأطفال من أكثر الظواهر الاجتماعية المقلقة في معظم البدان العربية، والتي تشهد نموا كبيرا منذ سنوات مع تزايد الفقر في المجتمع العربي، فيما أشارت الدراسات إلى أن ستين في المئة من الأطفال العاملين يتعرضون لمخاطر جسدية أثناء تأديتهم لعملهم، وكذلك يجدون أنفسهم في تماس مع مواد كيمائية قاتلة مثل المبيدات والمواد السامة التي أودت بحياة الكثيرين، اذ يبلغ عدد الأطفال العاملين دون سن العاشرة حوالي عشرون في المئة، وتترك ظاهرة تشغيل الأطفال أثارا سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص، فقد أخذ هذا الاستغلال أشكالا عديدة أهمها تشغيل الأطفال وتسخيرهم في أعمال غير مؤهلين جسديا ونفسانيا للقيام بها، حيث انه العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل، والذي يهدد سلامته وصحته ورفاهيته، وكذلك يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه، ويستغل عمل الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، كما يستخدم وجود الأطفال ولا يساهم في تنميتهم، ويعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله.

ضرورة أم ثقافة مجتمع

وفي سياق متصل وردة فتاة سورية تبلغ من العمر 9 سنوات لم يسبق أن دخلت المدرسة تبيع الحلوى في شوارع دمشق وتحتاج أن تكسب عشرة دولارات في اليوم على الاقل ، لتعيش ولتساعد والدها وأسرتها على العيش . على وردة إقناع المارة بشراء الحلوى، وعليها الحذر من مخاطر الوقوف في الطريق، وتقول وردة " مثلاً يأتي رجل يطلب مني أن أذهب معه مقابل 500 ليرة ، فأقول لا وأطرده ، وأنادي الناس، وهم يطلبون الشرطة ليأخذوه، أفضل الدراسات حول وضع عمالة الاطفال في سورية تعود إلى عام 2002، وترى منظمة الأمم المتحدة للطفولة أن تلك الدراسة ماتزال المؤشر الأفضل حول حالة عمالة الاطفال في سورية، وبحسب الدراسة فإن ما لايقل عن 18 في المئة من الاطفال في سورية منخرطون في سوق العمل، وذلك لأسباب خاصة كتدهور الوضع الاقتصادي لأسرهم، أو التفكك الاجتماعي لهذه الأسر، ويشرح مارك لوست من ممثلية اليونسيف في سورية لبي بي سي الاسباب العامة لعمل الاطفال " يوجد العديد من العوامل القاهرة التي تسبب عمالة الاطفال، مثلاً حالة الجفاف الحالية في سورية وحالات اللجوء الجماعي كهجرة أعداد كبيرة من العراقيين إلى سورية منذ عام، وفي حالات غير قليلة تدفع أسر بأطفالها للعمل دون حاجة اقتصادية ، فثقافة كثير من السوريين تعتبر العمل وتعلم المهنة طريقة للتربية الجيدة والإعداد للمستقبل. بحسب البي بي سي.

الباحث الاجتماعي الدكتور جمعة حجازي قال لبي بي سي  لا ننظر نحن كأفراد سوريين وكعائلات إلى عمالة الاطفال على أنها هدر للطفولة أو قتل للمواهب ، بالعكس ننظر إليها على انها تنمية للمواهب وإعداد الطفل للمستقبل، الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل رهادا عبدوش قالت لبي بي سي أنها تعتقد " أن حجم عمالة الاطفال زاد منذ عام 2002 ، وزادت نسبة العمالة الاكثر خطورة على الاطفال ، وزادت العمالة المقنعة كالعمالة الموسمية والعمالة الجزئية، ووفق بنود الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وبحسب نصوص القوانين السورية فإن التعليم إلزامي حتى سن الخامسة عشرة، ولايجوز العمل مطلقاً لمن هم دون الثانية عشرة من العمر، ويقيد عمل من هم ما بين الثانية عشرة والثامنة عشرة بساعات عمل قليلة وبأعمال غير مجهدة وبأماكن غير خطرة على صحة وسلامة الطفل الجسدية والنفسية،هذه القوانين تواجه صعوبة كبيرة في التطبيق، خاصة في حالات رضا الأهل عن عمل أطفالهم وقبولهم بفكرة غياب الأطفال عن المدرسة، وفي حالات عدم وجود الأهل.

رقابة غير كافية

الى ذلك على الرغم من الاعتراف الرسمي بوجود ظاهرة عمالة الأطفال في الأردن لا تتوفر أرقام حقيقية، ويتعرض عدد كبير من الأطفال العاملين إلى شتى أنواع الإساءة الجسدية والأخلاقية. وقد التقت دويتشه فيله مع عدد من هؤلاء الأطفال، يدفع عشرات الآلاف من أطفال الأردن ضريبة الفقر والتفكك الأسري، فتسرق منهم براءة طفولتهم ويتيهون في الورشات ومرائب السيارات ويعملون في الشوارع كبائعين، ويتعرضون للمخاطر والاعتداءات المتنوعة، تحت شمس حارقة في الصيف، وأمطار وثلوج وبرد قارص في الشتاء، اسكندر الذي لم يكمل الخامسة عشرة من عمره يعمل كبائع متجول منذ أربع سنوات، يجني بعد ساعات عمل طويلة 12 دينارا ( 17 دولارا) في اليوم، يقتطع منها ثمن سجائره ويعطي الباقي لوالدته، التي لا تعرف شيئا عن مصير والده،  أما محمد ابن الثلاثة عشر عاما والذي ظهرت على ملامحه القسوة والشعور بالنقص فيعمل منذ نحو عام في ورشة لتصليح السيارات ويقول، والدموع تسيل من عينيه اللتين تراقبان المكان خوفا من أن يأتي صاحب العمل فجأة، إنه " يتعرض بشكل يومي للشتم والسب وأحيانا للصفع على وجهه من زملائه البالغين في الورش الأخرى"،  لكنه يضيف أنه يشعر بالفخر عندما يسلم والده المريض المنفصل عن والدته عشرة دنانير (14 دولارا) مع نهاية كل يوم، ورغم أن قانون العمل الأردني يحظر عمل الأطفال ويفرض عقوبات وغرامات مالية على أصحاب العمل إلا أن الأرقام الخاصة بمسح العمالة والبطالة التي أجرتها دائرة الإحصاءات العامة الأردنية عام 2007 - 2008، تشير إلى أن نسبة الأطفال العاملين من مجموع القوى العاملة في المملكة تبلغ حوالي 2%، وغالبيتهم من الذكور. ويعمل معظمهم في أعمال حرفية وصناعات يدوية ولساعات طويلة.

وأظهرت بيانات لوزارة العمل الأردنية شملت حوالي (500) طفل عامل، أن الفقر والبطالة وتدني دخل الأسرة هو العامل الرئيسي لعمل الأطفال وأن حوالي 70% من أسر الأطفال العاملين يقعون تحت خط الفقر المدقع، وأن حوالي 40% عاطلون عن العمل. كما أظهرت أن معظم الأطفال العاملين هم بين الخامسة عشرة والسابعة عشرة من العمر، وأن القسم الأكبر منهم يتركز في محافظتي عمان والزرقاء، وأكثر الأعمال التي يمارسونها هي مكانيك السيارات على مختلف أنواعها والحدادة والنجارة والتحميل والتنزيل والنظافة، وتقول شيرين الطيب، رئيسة قسم مكافحة عمالة الأطفال في وزارة العمل الأردنية إن الطفل العامل ممكن أن يتعرض للضرب والشتم والمضايقات الأخلاقية والتمييز، وبالتالي ممكن أن تؤثر هذه الممارسات على شخصيته." وتشير الطيب إلى أن الوزارة تعمل على الحد من عمل الأطفال من خلال تكثيف الزيارات التفتيشية الميدانية للتأكد من مدى تطبيق مؤسسات القطاع الخاص لأحكام قانون العمل الأردني، بهاء 15 سنة يعمل في بيع اللحم بعد المدرسة ويشير الناطق الإعلامي باسم وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية الدكتور فواز الرطروط في حوار مع دويتشه فيله إلى أن الدراسات التي تناولت قضية عمالة الأطفال في الأردن أثبتت تعرض بعض هؤلاء لأطفال إلى الإساءة من قبل البالغين العاملين معهم. ويضيف أن "الوزارة تكافح عمالة الأطفال عن طريق تقديم الحماية الاجتماعية للأطفال وتقديم معونة نقدية شهرية لأسرهم،ويرى الدكتور ذياب البداينة، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات والأبحاث، في حوار مع دوتشه فيله أن من أهم الأسباب الكامنة خلف عمل الأطفال في الأردن "تعرضهم للعنف الجنسي أو الجسدي، وعدم الانتظام في الدراسة، والانخراط في ثقافة أولاد الشوارع، وتناول المخدرات، والاضطرار لدعم الأسرة، والأسر المفككة، والرفض من المجتمع المحلي، ويقسم الدكتور البداينة هذه الأسباب إلى سياسية واقتصادية، واجتماعية، ويشير إلى الصعوبات التي عانى منها الأردن في أوائل الثمانينات من القرن الماضي وخلال أزمة الخليج، ثم الأزمة الاقتصادية العالمية، ويؤكد أن ارتفاع معدلات الفقر دفع بعض الأسر إلى تشغيل أطفالها خاصة منها الأسر الكبيرة الحجم.

ومن بين الأسباب الاجتماعية التي تدفع الأطفال إلى العمل يذكر الدكتور ذياب البداينة "ارتفاع معدلات الطلاق، وتدني مستوى تعليم الأبوين، وعدم وعيهم بحقوق وحاجات أطفالهم، بالإضافة إلى العنف الأسري المنتشر بنسبة كبيرة." ويشير البداينة إلى أن مصطلح أطفال الشوارع في الأردن قد شاع استخدامه ليعني الأطفال الذين يبيعون على الإشارات الضوئية وفي الطرقات والساحات العامة.

ارقام مخيفة

في حين تعد عمالة الأطفال من الظواهر القديمة في المجتمع العراقي، لكنها زادت استفحالا في السنوات القليلة الماضية في ظل غياب تطبيق القوانين والتشريعات. وتعد عمالة الأطفال لجمع النفايات وفي مناطق الطمر الصحي أسوأ وجه لهذه العمالة، منذ عامين وأنا اعمل في هذا المكان بعد ان قتل والدي وتم تهجيرنا من منزلنا"، هذا ما قالته الطفلة ابتسام حسين علي، والتي تعمل في إحدى مناطق الطمر الصحي (مكان جمع النفايات) التابع لمدينة الصدر ببغداد، بعد أن دفع الفقر والحاجة الماسة إلى المال عائلتها في ظل غياب المعيل، إلى إرسالها للعمل، وتضيف ابتسام، (10أعوام)، التي تقضي معظم نهارها في البحث وجمع زجاجات المشروبات الغازية لغرض بيعها، "أخرج إلى العمل من الصباح الباكر مع والدتي لأساعد عائلتي المؤلفة من ستة أفـراد بجزء يسير من تكاليف المعيشة الصعبة، التي باتت تثقل كاهلنا وسط الارتفاع المستمر للسلع الغذائية وغيرها من متطلبات الحياة الضرورية.

كرار حمزة شاكر، هو الأخر احد ضحايا عمالة الأطفال في بغداد، والذي يعمل على جمع الأشياء والحاجيات التي تأتي بها سيارات القمامة من المناطق المختلفة لغرض بيعها وتوفير جزء يسير من تكاليف المصروف اليومي للعائلة على حد قوله في حديثة مع دويتشه فيله: "بعد ان توفي ابي وجدت نفسي المعيل الوحيد والمسئول عن رعاية نفسي ووالدتي المريضة، ويضيف شاكر، الذي لا يعرف كم يبلغ من العمر، بانشغاله بإزاحة النفايات لغرض استخراج ما فيها من مواد يكسب منها لقمة عيشه بعد بيعها من علب معدن الألمنيوم و البلاستيك والنحاس وغيرها من المواد الأخرى، "يعتبر هذا المكان المصدر الوحيد الذي اكسب منه قوتي اليومي، كما أتعرض إلى الضرب في بعض الأحيان من الأكبر مني سناً بسبب اقترابي من الأماكن التي يدعون بأنها خاصة بهم". منوهاً إلى أن "درجات الحرارة في هذا المكان تصل إلى أعلى درجاتها في أيام الصيف الجاف.

الفقر والحرمان دافع اساسي لازدياد ظاهرة عمالة الاطفالالفقر والحرمان دافع اساسي لازدياد ظاهرة عمالة الاطفالوعن خطورة هذا الظاهرة يرى المختص في علم الاجتماع بجامعة بغداد، الدكتور صبيح عبد المنعم احمد، في حوار مع دويتشه فيله، قائلاً: إن "عمالة الأطفال في مكب النفايات من اخطر الظواهر التي يتحتم على الدولة محاربتها واقتلاعها من جذورها بشكل تام، لكي لا تصبح مهنة مميزة في المجتمع ويتجه أليها العديد". ويبين الدكتور، بان لهذه الظاهرة خطورة كبيرة تكمن في سلوك الطفل وتصرفاته مستقبلياً واصفاً إياه أشبه بــ "قنبلة مؤقتة" التي تهدد المجتمع في المستقبل بسبب الانطباع والسلوك العدائي او الانتقامي الذي يحمله الطفل اتجاه الآخرين، على خلفية عقبة النقص التي يشعر بها جراء نظرة المجتمع "الاستخفافية" أليه. على حد تعبيره، ويضيف احمد، إلى أن "حلول هذه الظاهر يتم من خلال تدخل الدولة الفعلي والمباشر في تطوير المشاريع التنموية، ووضع ذوي الاختصاصات في الأماكن المناسبة لإدارة هذه المشاريع".، لافتاً إلى : "ضرورة تفعيل التشريعات والقوانين التي تحد من هذه الظاهرة ومعالجتها، وكذلك دراسة مشاكل هؤلاء الأطفال والعوامل التي دفعت بهم إلى امتهانها هذه المهنة". وعن أسباب تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال في البلاد، أوضح أحمد أن "الفقر الذي تعانيه بعض الأسر وكذلك عدم وجود رغبة الأطفال في دخول المدارس أو التسيب منها، من أهم الأسباب التي أدت إلى تفاقم هذا الظاهرة واستفحالها في المجتمع.

أما عن دور منظمات المجتمع المدني التي تعنى بحقوق الطفل، يقول نائب رئيس منظمة النور للتنمية وحقوق الطفل في بغداد، إلى انه "تقدر عمالة الطفل في منطقة المعامل التابعة لمدينة الصدر شرقي بغداد، بـ (25%) من مجموع الأطفال البالغ (6.5) ألاف وممن تتراوح أعمارهم مابين الـ 5 إلى 14 سنه وذلك خلال إحصائية أجرتها المنظمة، ويضيف، علاء كاطع الفريجي، بان "هذه النسبة موزعة على أوجه مختلفة من العمالة كالعمل في الشوارع والمعامل والمصانع والنفايات وضحيتها هم الأطفال الذين فقدوا ذويهم بسبب موجة العنف الدامية التي اجتاحت العراق بعد عام 2003، بعد ان دفع الفقر والحاجة الملحة للمال عائلاتهم لإرسالهم إلى العمل، ويبين الفريجي، سبب تفاقم هذه الظاهرة يعود إلى: "عدم اهتمام المسؤولين العراقيين من البرلمانين وهيئة رعاية الطفل بمستقبل الطفولة في البلاد، وعدم إحساسهم بما يعاني هذا الطفل من ضغوط نفسية ومخاطر يومية أثناء العمل، فيما ذكرت مديرة هيئة رعاية الطفولة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، أن عمالة الأطفال من الظواهر الخطرة جداً والتي تهدد واقع الطفولة في المجتمع العراقي، مبينة أنها مسألة "كبيرة ومعقدة لتداخلها مع ظواهر أخرى.

وقالت الدكتورة عبير مهدي الجلبي في حديث للدويتشه فيله إن "القضاء على ظاهرة عمالة الاطفال في البلاد يجب ان يتم بتدخل الدولة المباشر من خلال تفعيل التشريعات الحديثة التي تتناسب مع العصر الحديث". وأضافت الجلبي أن "بعض الحلول تتمثل بتوفير فرص العمل للعاطلين وشمول اكبر عدد ممن تنطبق عليهم شروط الحماية الاجتماعية فضلاً عن تدخل وزارة التربية العراقية بتفعيل قوانينها ومحاسبة أولياء الأمور الذين لا يرسلون أطفالهم الى المدارس، وأوضحت أن "هناك العديد من مشاريع القوانين التي تعمل عليها الهيئة وبالتنسيق مع السفارة الدنماركية في بغداد التي وضعت معنا سياسة مشتركة لمعالجة هذه الظاهرة والحد منها من اجل حماية الطفولة في العراق".وتابعت بالقول إن "هذه السياسة سوف تحدد اسباب مشاكل هذه الظاهرة وعوامل تفاقمها وعندها سنضع الآليات لمعالجتها"، مشيرة إلى أنه "نقف أحياناً عاجزين عن معالجة مثل هذه الظاهرة كونها خارجة عن أرادتنا، وأكدت على أن "من أهم اسباب تفاقم ظاهرة عمالة الاطفال في العراق تعود إلى "تدني المستوى الاقتصادي لبعض الأسر في ظل غياب المعيل (رب الأسرة) مما تضطر بعضها إلى إرسال أبنائها إلى العمل لمساعدتها بجزء يسير من تكاليف المعيشة الصعبة". وكشفت الجلبي عن عدم وجود إحصائيات دقيقة بشأن عدد الأطفال العاملين في مناطق الطمر الصحي (النفايات) خصوصاً وعمالة الأطفال بشكل عام، "لعدم وجود قاعدة بيانات تحدد عدد الأطفال العاملين"، على حد قولها، يذكر ان منظمة اليونيسيف قدرت في عام 2008 نسبة العمالة بين الأطفال إلى 11% من الأيدي العاملة، وبحسب إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء في مسح أجراه في عام 2009 فأن هناك مليون و447 إلف طفل يتيم في العراق.

وكان الدستور العراقي الذي اقر عام 2005 قد أعطى حقوق الأطفال وجاءت في المادة 29 من الباب الثاني في الفقرة الثالثة منه انه يحظر الاستغلال الاقتصادي للأطفال بصورة كافة وتتخذ الدولة الإجراءات الكفيلة بحمايتهم، كما جاء في المادة 30 في الفقرة الأولى منها كفالة الدولة للفرد والأسرة وبخاصة الطفل والمرأة الضمان الاجتماعي والصحي والمقومات الأساسية للعيش في حياة كريمة تؤمن لهم الدخل المناسب والسكن الدائم، يشار إلى أن الحروب التي تعاقبت على العراق خلال نظام الرئيس السابق صدام حسين، وصولاً إلى أعمال العنف المسلحة التي شهدها العراق بعد عام 2003 خلفت عددا كبيرا من الأيتام والأرامل.

أطفال موريتانيا

وعلى الرغم أن موريتانيا من أول البلاد التي صادقت على المواثيق الدولية التي تجرم عمالة الأطفال، لكن البعض يدعو إلى سن المزيد من القوانين المحلية للحد من الظاهرة التي تشير الأرقام الرسمية أنها تبلغ 13 بالمائة، في حين تؤكد بعض المصادر أن النسبة الحقيقة تفوق هذا الرقم بعدة أمثال، ويعمل أغلب الأطفال الموريتانيين في ورشات الحدادة والنجارة وميكانيكا السيارات وأعمال أخرى لأسباب مختلفة، منها الحالة الاقتصادية المتراجعة والدخل المتدني لدى بعض الأسر الذي يدفعها لتشغيل أولادها، ويقول مختصون ان الحد من ظاهرة عمل الأطفال في موريتانيا "لن يكون بقوة القانون حسب الكثيرين، لأن اللجوء لاستخدام الأطفال في أعمال شاقة شر لا بد منه، ويرى البعض أن الجهل والأمية ليسا السببين الرئيسيين وراء انتشار عمالة الأطفال في موريتانيا، مشيرين إلى عوامل أخرى منها الفقر ونقص التعليم لدى الأهل، في إشارة إلى أن الظاهرة تحمل بعدا اقتصاديا واجتماعيا، ويقول الباحث الاجتماعي سيدي محمد ولد الجيد أنه "توجد قوانين زاجرة لكن المشكلة هي في تطبيقها، وفي هذه الحالة بالذات المشكلة ليست في القصور عن تطبيق القانون، وإنما في المجتمع الذي لا يمكنه أن يستوعب تطبيق تلك القوانين، المجتمع يعيش فقرا مدقعا، ويؤكد أن كثيرا من الأسر الموريتانية تعيش على سواعد أبنائها القُصّر "فإذا منعتهم عن ذلك فعليك أن تقدم البديل، مادامت الدولة عاجزة عن سد تلك الثغرة فإن النتائج ستكون عكسية وكارثية، وترى الكاتبة زينب بنت محفوظ في مقال لها أن "عمالة الأطفال هي ظاهرة يرفدها الفقر والجهل و غياب الدولة, إضافة إلي طبيعة المجتمع الموريتاني الحديث التي سمحت بتشكل فئة تقبع تحت فقر مدقع يسكنون في مناطق عشوائية في مساكن لا تصلح للاستخدام الآدمي.

المغرب تمنع تشغيل الاطفال

الى ذلك صادقت الحكومة المغربية الأربعاء على مشروع قانون يقضي بتنظيم مهمة العمالة في البيوت ويمنع تشغيل الفتيات اللواتي تقل أعمارهن عن 15 سنة، وان مشروع القانون الخاص بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين حدد تعريفا للعامل الذي يقوم بشكل مستمر مقابل أجر بإنجاز أشغال مرتبطة بالبيت، إذ لا يعتبر عاملا منزليا، الشخص الذي يتم وضعه رهن إشارة صاحب البيت من قبل وكالة التشغيل المؤقت، وكذا البوابون في البنايات المعدة للسكنى لأنهم خاضعون لقانون آخر. كما لا يعتبر عاملا منزليا حارس البيت المرتبط بعقد شغل مع إحدى شركات الحراسة، وحسب المشروع، يمنع تشغيل الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة كعمال منزليين، أما بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 18 سنة، فيجب أن يكونوا حاصلين على رخصة من أولياء أمرهم للاشتغال كعمال منزليين. كما يمنع تشغيل العمال المنزليين في أشغال تشكل مخاطر بالغة عليهم، أو تفوق طاقتهم، أو قد يترتب عنها ما قد يخل بالآداب العامة. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وحدد مشروع القانون الأشغال المرتبطة بالبيت في التنظيف والطبخ وتربية الأطفال أو العناية بفرد من أفراد البيت بسبب سنه أو عجزه أو مرضه، وأيضا الذين يتكلفون بسياقة السيارة لأغراض البيت وإنجاز أعمال البستنة، وكذا حراسة البيت. وسمح مشروع القانون بتشغيل العمال المنزليين الأجانب بواسطة وكالات التشغيل الخصوصية المحدثة طبقا لأحكام الكتاب الرابع من القانون رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل حول الوساطة في الاستخدام وتشغيل الأجراء، يشار إلى أن مشروع القانون المنظم لمهن العمالة المنزلية سيعرض على مجلس وزاري، يتراسه العاهل المغربي، بهدف المصادقة عليه قبل عرضه على البرلمان للتصويت عليه وإقراره بصورة نهايئة.

1.59 مليون طفل يعملون

من جانب اخر كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن عدد الأطفال العاملين (5- 17 سنة) بلغ 1.59 مليون طفل، 21% منهم إناث مقابل 79% ذكور، وتركزت أعلى نسبة للأطفال العاملين فى فئة العمر (15-17سنة) حيث بلغت حوالى 46.2% من إجمالى الأطفال العاملين، أى ما يقرب من نصف عددهم، وبلغت نسبة الأطفال العاملين (أقل من12 سنة) 23.0% من جملة الأطفال العاملين، وهو سن لا يسمح فيه للأطفال بالعمل أو حتى تدريبهم بنص قانون العمل، وبلغت نسبة الأطفال العاملين فى الفئة العمرية (12-14سنة) 30.8 % من إجمالى الأطفال العاملين، مشيرا إلى أن أعلى نسبة للإناث العاملات توجد فى فئة العمر (5- 9 سنة) حيث بلغت نسبتهن 26.5% من جملة الأطفال العاملين فى نفس فئة العمر، تتناقص هذه النسبة تدريجيا لفئات العمر الأعلى لهن حتى تصل إلى 18.4% من جملة الأطفال فى الفئة العمرية (15-17 سنة)، وأشار الجهاز خلال مسح عمالة الأطفال عن عام 2010 إلى أن الأطفال العاملين يتركزون بشكل أكبر فى ريف الوجه البحرى (40.8%) وريف الوجه القبلى (42.7%)، وبلغت نسبة الأطفال العاملين 4.8% بالمحافظات الحضرية، 5.4% بحضر الوجه البحرى، 5.8 % بحضر الوجه القبلى، وبلغت أقل نسب للأطفال العاملين 0.3% بكل من حضر وريف محافظات الحدود، وبلغت نسبة الأطفال العاملين 9.3%من إجمالى الأطفال، وترتفع هذه النسبة للأطفال العاملين من الذكور إلى 14.3%من إجمالى الأطفال الذكور، وبلغت نسبة الأطفال الإناث العاملات 4.0% من إجمالى الأطفال الإناث، وأظهرت نتائج المسح أن نسبة عمالة الأطفال سواء فى أنشطة خطرة مثل نشاطى التعدين والتشييد والبناء أو مهن خطرة فلم تصل النسبة إلى 1% من إجمالى الأطفال العاملين، وحوالى 17% من جملة الأطفال العاملين تم اعتبارهم ضمن عمالة الأطفال بسبب عملهم لساعات عمل أكثر من السموح لهم، في حين تتزايد نسبة اعتبار الأطفال ضمن عمالة الأطفال بسبب التعرض لظروف عمل سيئة بارتفاع عمر الأطفال، فأعلى نسبة للأطفال بلغت حوالى 90% للأطفال فى الفئة العمرية (15-17 سنة). كما تتزايد النسبة للأطفال من الإناث بالمقارنة بالذكور فى نفس الفئة العمرية السابقة، وأوضح المسح انخفاض معدل الالتحاق بالتعليم للأطفال العاملين (5-17سنة) بالمقارنة بالأطفال غير العاملين فى نفس فئة العمر، حيث بلغ للذكور غير العاملين 89.6% مقابل 69.9% للذكور العاملين بينما بلغ للإناث غير العاملات 87.0% مقابل 65.9% للإناث العاملات، وتركزت أعلى نسبة للأطفال العاملين بين الذين يعملون بالنشاط الزراعى بنسبة حوالى 62% من إجمالى الأطفال العاملين. وتتزايد هذه النسبة بدرجة كبيرة بالنسبة للأطفال الإناث حيث تصل إلى حوالى 77%، فى حين بلغت 59% من إجمالى الأطفال العاملين الذكور، وبلغت نسبة الأطفال العاملين بنشاط الصناعة 18.9%. وتتزايد هذه النسبة للذكور إلى 21.7%، فى حين لم تتعد 8% للإناث، وبلغت نسبة الأطفال الذين يعملون بالنشاط الخدمى 17.5% من إجمالى الأطفال العاملين (18.3% ذكور، 14.2% إناث).

وأظهر المسح أنه يعمل 20% من الأطفال عدد ساعات عمل خفيفة (أى أقل من 14 ساعة فى الأسبوع)، فى حين 17.2% منهم يعملون لمدة (14-20 ساعة)، 21.3% منهم يعملون لمدة ( 21-34 ساعة) و 12.5% منهم يعملون لمدة(35-42 ساعة)، بينما 28.9% منهم يعملون لعدد من الساعات تزيد على 42 ساعة في الأسبوع. كما أن 51.0% منهم يعملون عدد ساعات تراوحت بين 14 إلى 42 ساعة في الأسبوع.

أطفال مصر

وفي سياق ذاته روت طفلة مصرية حكايتها حيث تقول :قالت لي أمي إني سأذهب لمساعدة خالة خلال الصيف، واني سأعود بعد ذلك الى المدرسة، لكن هذا الصيف لم ينته، فهمت اني اصبحت عاملة منزل، هذه شهادة رشا، ذات الاعوام الـ.13 وهي أحد الاطفال المصريين الذين حوّلوا للعمل في المنازل، في واحدة من اكثر المهن انتشاراً في البلاد، واكثرها إفلاتاً من اي مراقبة او مساءلة. ونقلت هذه الشهادة واحدة من الدراسات القليلة التي تعالج عمالة الاطفال في مصر، وقد اعدها مركز دراسات الهجرة واللاجئين في الجامعة الاميركية في القاهرة. ويقدر عدد الاطفال العاملين في مصر بمليونين الى مليونين ونصف المليون، يعملون باعة متجولين، او مزارعين، او في ورش البناء، او في المصانع والمشاغل، لكن ما من تقدير لعدد اولئك الذين يجبرون على ترك منازلهم للعمل خدماً في المنازل رغم انتشار هذه الظاهرة على نطاق واسع، وفقاً للدراسة، وبالنسبة الى نهى، ربة منزل في الـ،27 فإن تشغيل الاطفال في المنازل أمر له محاسنه، إذ إنه «من الاسهل ان تعطي التعليمات الى الفتيات الصغيرات، وتشاطرها رأيها ماجدة، ربة منزل اخرى، لكنها تعطف سبباً آخر لهذا الرأي، وهو «الشعور بالامان» مع الاطفال اكثر من الكبار. غير ان هذه الدراسة التي اقتصرت على محافظات الفيوم والمنيا واسيوط تشير الى وجود 53 الف طفل يعملون خدماً في المنازل، وقال راي جريديني أحد واضعي الدراسة التي طلبتها منظمة «ارض البشر» غير الحكومية بتمويل من السفارة السويسرية، إن عمالة الاطفال في المنازل «نشاط غير منظور، وغير معترف فيه، وحساس من الناحية الاخلاقية». فقد تطلب اجراء 74 مقابلة مع اطفال عاملين في المنازل او عائلاتهم او مشغليهم او وسطائهم، ستة اشهر من الجهود المضنية، الأغلبية العظمى من الاطفال الذين يعملون في المنازل هم من الفتيات، ومعظم هذه الحالات تحدث في عائلات ريفية معدمة تتخلى عن اطفالها بسبب العجز عن اعالتهم او أملاً بدخل اضافي، ويؤدي هؤلاء الصغار في المنازل اعمال التنظيف والتسوق، ورعاية الاطفال وغيرها من الاعمال التي قد تنطوي على مشقة اكبر، او استخدام مواد سامة، ويمكن للفتيات بين سن التاسعة والـ16 ان يعملن بين خمس ساعات و10 يومياً، إلا انهن في واقع الامر متأهبات للعمل في أي وقت كان. فيما تراوح اجورهن بين 100 و300 جنيه (18 الى 55 دولاراً)، وتُدفع غالباً الى اسر الفتيات وليس اليهن مباشرة. اما مكان النوم فهو عادة فراش على الارض في احدى غرف المنزل. لكن هذه الظروف التي تواجهها الفتيات العاملات في المنازل قد تبدو للبعض، احسن حالاً في بعض الاحيان من الظروف التي كن يعشن فيها في منازل أسرهن، وفي هذا السياق تؤكد كريمة (19 عاماً) التي بدأت العمل في سن التاسعة انها لا ترغب في ترك العائلة التي تعمل لديها، وتقول: «الحياة هنا مريحة اكثر، الطعام جيد والملابس نظيفة. غير ان الدراسة نقلت في المقابل شهادات من ثلاث فتيات تعرضن لاعتداءات جنسية من مستخدميهن. بحسب فرانس برس.

يجري تشغيل الفتيات من خلال الاقارب او الجيران، او من خلال المخدماتية، وهي التي تنتقل بين القرى بحثاً عن فتيات لهذه الغاية، وتدعو الدراسة الى اجراء احصاء دقيق عن الظاهرة في الدرجة الاولى، ومن ثم اجراء التحرك التشريعي لمواجهتها. وهي تركز على هذه الظاهرة في مصر ولا تتعداها الى ارسال الاطفال للعمل في الخارج.

اطفال اليمن يمارسون الأعمال الشاقّة

‏وفي هذا الشأن يواجه نحو 192 ألف طفل يمني العمى والربو، نتيجة انخراطهم في أعمال شاقة في القطاع الزراعي في ست محافظات يمنية، وأفادت دراسة نفذتها وحدة مكافحة عمالة الأطفال في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية، ونشرت تفاصيلها أمس، بأن أكثر من 6.83٪ من إجمالي قوة العمل في أوساط الأطفال العاملين، يعملون في الزراعة في ظروف صحية خطرة؛ جراء الاستخدام العشوائي للمبيدات والسموم، كما ترتفع نسبة الأطفال العاملين في الريف بدرجة أعلى في حالة الإناث بنسبة 53٪ من مجموع العاملين في الريف، وقدرت أن نحو 45٪ من الأطفال العاملين في الزراعة مصابون بالتهابات جلدية، و30 ٪ مصابون بالتهاب صديدي خفيف، بينما 20٪ مصابون بأمراض معوية، وحذرت من انتشار نوبات الصرع في أوساط الأطفال الذين يقومون بعملية رش المبيدات، كونها تؤثر في الحالة العصبية. واحتلت محافظة حجة شمال غرب اليمن الحدودية مع السعودية، أولى المحافظات بنحو 50 ألف طفل عامل. وحذرت من احتمال تعرض الأطفال اليمنيين العاملين في المزارع للعمى والطفح الجلدي والربو وأمراض الجهاز التنفسي، وذلك بعد أن تم الكشف عن وجود إصابات خطرة بين أوساط الأطفال العاملين في الزراعة بالتهابات في العيون، وقالت إن تفاقم الأوضاع الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية الصعبة، وانتشار الفقر والانفجار السكاني في اليمن أدت إلى تزايد حجم ظاهرة عمالة الأطفال في البلاد في السنوات الأخيرة، وعزت أسباب استفحال ظاهرة عمالة الأطفال في اليمن إلى النقص في التعليم والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، التي يشهدها العالم جراء الأزمة المالية العالمية التي ألقت بظلالها القاتمة على الاقتصاد اليمني. بحسب يونايتد برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 13/كانون الأول/2011 - 17/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م