شيعة السعودية... مواطنو الدرجة الخامسة

شبكة النبأ: في إطار قمع المتواصل الذي تمارسه السلطات السعودية اتجاه شتى صنوف المعارضين، تتزايد حدة الاحتجاجات الشعبية المناهضة لسياسة المملكة يوما بعد يوم.

فيما يتركز بطش السلطة بشكل مستمر اتجاه المواطنين الشيعة، بدوافع التمييز الطائفي الذي طالما اتصفت به العائلة القابضة على الحكم هناك. في الوقت الذي لم تسفر الإدانات الدولية والمحلية عن ردع الإجراءات التعسفية حسب الانباء الواردة.

ويرى معظم الشيعة في السعودية ان النظام الوهابي يصنفهم كمواطنين من الدرجة الخامسة، سيما على صعيد في الحقوق والمكتسبات والمشاركة السياسية المفترضة.

تقنين الانتهاكات

اذ قالت منظمة العفو الدولية ان انتهاكات حقوق الانسان متفشية في السعودية وان مسودة قانون مقترح لمكافحة الارهاب ستجعل الامور أكثر سوءا بزيادة الاجراءات "الوحشية والتعسفية". وقالت المنظمة في تقرير صدر ان السعودية افلتت من الانتفاضات الشعبية التي شهدتها بلدان أخرى في المنطقة لكن ليس بدون شن حملة جديدة من القمع باسم الامن. وقالت السعودية ان تقرير المنظمة بني على معلومات غير دقيقة وانها ملتزمة بحقوق الانسان بما يتمشى مع الشريعة الاسلامية.

وقالت المنظمة ان مسودة قانون مكافحة الارهاب التي سربت نسخة منها الى المنظمة في وقت سابق اوضحت ان اعمال المعارضة السلمية قد تتم المحاكمة عليها "كجريمة ارهابية." وقالت العفو الدولية "صياغة قانون مكافحة الارهاب الجديد علامة واضحة اخرى على ان السلطات ستستخدمه في اسكات المعارضة" مضيفة ان القانون سيسمح للمملكة باحتجاز المشتبه بهم امنيا لفترة غير محددة وبدون محاكمة.

وانتقدت المنظمة تعريفات المملكة "الغامضة والفضفاضة" لمصطلح الارهاب والتي تبدأ من زعزعة استقرار المجتمع الى الاضرار بسمعة الدولة. وقالت ان هذا الغموض قد يتم استغلاله في اتهام جماعة من الناس تعقد اجتماعات سلمية لان لها مطالب سياسية أو حتى تشارك في نقاشات اكاديمية بارتكاب "جريمة ارهابية" بموجب مسودة القانون الجديد.

وقالت السفارة السعودية في لندن في بيان ان التقرير مبني على معلومات غير دقيقة أخذت من مسودة قانون يجري تناقلها منذ عدة سنوات وما زالت عرضة للتغيير. وقال الامير محمد بن نواف ال سعود السفير السعودي في لندن في بيان ان المملكة ملتزمة بحقوق الانسان وتحترمها بما يتماشى مع الشريعة الاسلامية التي تمثل اساس النظام القانوني السعودي. واضاف ان الحقيقة هي ان المملكة ما زالت هدفا للارهابيين الذين يبحثون عن التمويل ويحاولون تجنيد الشبان السعوديين للقيام بعمليات ارهابية داخل المملكة وخارجها وان مسؤولية المملكة هي عمل كل ما يمكن للتصدي لهذا الشر.

ولا يوجد في السعودية قانون جنائي مكتوب وتحل مكانه الشريعة الاسلامية التي تخضع لتفسيرات قضاة المملكة. ونددت المنظمة بالهيكل المؤسسي "الضعيف للغاية" لحماية حقوق الانسان في المملكة وطالبت السلطات السعودية باطلاق سراح سجناء الضمير على الفور.

وقالت منظمة العفو ان المحتجزين يظلون في احيان بلا محاكمة ويحرمون من الاستعانة بمحام لاشهر وتنتزع مهم الاعترافات بالاكراه بالضرب بالعصي واللكم والتعليق في السقف من القدمين أو اليدين والحرمان من النوم. واضافت المنظمة ان إجراءات المحاكمة في هذه القضايا اذا عرضت على القضاء تتم عادة وراء ابواب مغلقة ولا تفي بالمعايير الدولية من حيث العدالة والشفافية.

وكانت جماعة غير معروفة من النشطاء السعوديين حثت الناس في وقت سابق على الخروج الى الشوارع للمطالبة بالافراج عن السجناء السياسيين ونظام قضائي مستقل ووضع حد أدنى للاجور ومزيد من حرية التعبير. وقوبلت هذه المحاولة ببيان من وزارة الداخلية السعودية ذكر المواطنين بأن المظاهرات ممنوعة وبأنها ستتخذ كل الاجراءات الضرورية ضد من يحاولون تعكير النظام العام. بحسب رويترز.

وتقول منظمة العفو انه ما زال رهن الاعتقال. وتحدثت المنظمة عن احتجاجات قام بها متظاهرون ينتمون الى الاقلية الشيعية في المنطقة الشرقية بالمملكة لكنها قالت انها ليس لديها ما يكفي من التفاصيل لتقول ما اذا كانت قوات الامن قد استخدمت القوة المفرطة ردا على ما بدا أنها اعمال عنف من جانب بعض المتظاهرين.

قمع المحتجين

في سياق متصل، اتهمت منظمة العفو الدولية في أحدث تقرير لها السلطات السعودية بشن موجات من القمع ردا على ثورات الربيع العربي. وذكر تقرير صادر عن المنظمة أن " السلطات السعودية اعتقلت آلاف الأشخاص كثير منهم من دون تهمة أو محاكمة". وأضافت المنظمة أن سياسيين إصلاحيين بارزين حكم عليهم بالسجن لفترات طويلة بعد محاكمات جائرة، وأشارت إلى الاضطرابات التي تشهدها شرق البلاد حيث تقطن أقلية من المذهب الشيعي. واتهم التقرير الذي ورد في 73 صفحة السلطات السعودية باعتقال مئات الأشخاص طالبوا بإصلاحات سياسية واجتماعية أو دعوا للإفراج عن أقارب لهم احتجزوا دون محاكمة أو توجيه تهم إليهم.

وقال التقرير إنه منذ اندلاع الاحتجاجات في  تحديا لحظر التظاهر في المملكة السعودية نفذت السلطات حملة اعتقالات واسعة ضد مئات الأشخاص معظمهم من الشيعة في المنطقة الشرقية.

ووفقا لتقرير المنظمة الدولية، اعتقل أكثر من 300 شخص بعد مشاركتهم في احتجاجات سلمية في القطيف والاحساء شرقي البلاد. وأضاف التقرير أن معظم هؤلاء أفرج عنهم بعد تعهدهم بعدم المشاركة في أي احتجاجات أخرى وفرض على بعضهم حظر السفر خارج البلاد.

وقالت منظمة العفو إن القضاء السعودي أصدر أحكاما على 16 شخصا بينهم تسعة من الإصلاحيين البارزين بالسجن لمدد تتراوح ما بين خمس إلى 30 سنة. وأضافت أن هؤلاء كانوا معصوبي الأعين ومكبلين أثناء المحاكمة ولم يسمح لمحاميهم بحضور الجلسات الأولى للمحاكمة.

وقال فيليب لوثر مسؤول المنظمة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا إنه تم " استهداف المتظاهرين السلميين ومؤيدي الإصلاح السياسي واعتقالهم في محاولة للقضاء على أي دعوات للإصلاح مثل التي انتشرت في أنحاء المنطقة". وأضاف أن " الممارسات التعسفية من قبل السلطات السعودية ضد المتظاهرين مثيرة للقلق وتشبه الاجراءات التي استخدمتها قوات الأمن على مدي طويل ضد الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية".

ووجهت المنظمة الدولية اتهاما للسلطات السعودية باحتجاز آلاف الأشخاص بتهم تتعلق بالإرهاب مؤكدة وجود ممارسات لتعذيب المحتجزين وتعرضهم لسوء معاملة على نطاق واسع وهي التهم التي تنفيها الحكومة السعودية. بحسب بي بي سي.

وقال مراسل صحفي لشؤون الأمن إن السعودية تقاوم حتى الآن موجات التغيير التي اجتاحت معظم أنحاء العالم العربي. وأضاف أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ضخ مليارات الدولارات لدعم المؤسسات الأمنية والدينية في البلاد التي تدعم حكم العائلة المالكة.

وهم الأمن

وفي تقرير أصدرته بعنوان: "السعودية: القمع باسم الأمن"، إن مئات الأشخاص قد اعتُقلوا بسبب التظاهر، بينما أعدت الحكومة مشروع قانون لمكافحة الإرهاب، من شأنه فعلياً أن يجرم المعارضة باعتبارها "جريمة إرهابية"، وأن يجرد المتهمين بهذه التهمة من حقوقهم.

وقال فيليب لوثر، القائم بأعمال مدير "قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" في منظمة العفو الدولية، إن "المتظاهرين السلميين ومؤيدي الإصلاح السياسي في البلاد كانوا هدفاً للاعتقال، وذلك في محاولة للقضاء على الدعوات المطالبة بالإصلاح، والتي يتردد صداها في المنطقة".

ومضى فيليب لوثر قائلاً: "بالرغم من اختلاف الحجج المستخدمة لتبرير هذا القمع الواسع النطاق، فإن الممارسات القمعية التي تستخدمها الحكومة السعودية تماثل بشكل مخيف تلك التي طالما استخدمتها السلطات ضد المتهمين بتهم إرهابية". وقالت منظمة العفو الدولية إن الحكومة تواصل اعتقال آلاف الأشخاص، وبينهم كثيرون يُحتجزون بدون تهمة أو محاكمة، لأسباب تتعلق بالإرهاب. كما يستمر تفشي التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة أثناء الاحتجاز. صرح متحدث باسم وزارة الداخلية السعودية بأنه تم التحقيق مع نحو خمسة آلاف شخص لهم صلات مع "الفئة الضالة"، ويقصد بها تنظيم "القاعدة"، تم التحقيق معهم وأُحيلوا للمحاكمة.

وقالت منظمة العفو الدولية، مع اندلاع مظاهرات متفرقة، في تحد للحظر الدائم على التظاهر في البلاد، شنت الحكومة السعودية حملة قمع شملت القبض على مئات الأشخاص، ومعظمهم من الشيعة، في المنطقة الشرقية التي تعج بالاضطرابات.

واعتُقل ما يزيد عن 300 شخص لمشاركتهم في مظاهرات سلمية في مناطق القطيف والأحساء، والعوامية، سواء أثناء المظاهرات أو في أعقابها بقليل، تم الإفراج عن معظمهم، غالباً بعد تعهدهم بعدم التظاهر مرة أخرى. وواجه كثيرون من هؤلاء حظراً على السفر. وفي مناطق أخرى من البلاد، وجهت وزارة الداخلية تحذيرات شديدة للمتظاهرين بأن السلطات سوف "تتخذ جميع التدابير اللازمة" ضد كل من يحاول "الإخلال بالنظام".

أما الأشخاص الذين تظاهروا ببسالة فسرعان ما قُبض عليهم. ومن بينهم خالد الجهاني، البالغ من العمر 40 عاماً، والذي كان المتظاهر الوحيد في الرياض يوم 11 مارس/آذار 2011، الذي أُطلق عليه اسم "جمعة الغضب". وقد قال للصحفيين إنه يشعر بالإحباط من الرقابة على وسائل الإعلام في السعودية وإنه يتوقع القبض عليه.

وقد اتُهم خالد الجهاني بتأييد مظاهرة وبالاتصال بوسائل إعلام أجنبية، ويُعتقد أنه ظل محتجزاً لمدة شهرين في زنزانة انفرادية، ولم يُقدم للمحاكمة رغم بقائه رهن الاعتقال منذ تسعة أشهر. كما قُبض على عدد من الأشخاص الذين أيدوا المظاهرات أو الإصلاح علناً، ومن بينهم الشيخ توفيق جابر إبراهيم العامر، وهو رجل دين شيعي، وقُبض عليه للمرة الثانية بتهمة الدعوة للإصلاح في أحد المساجد، ووُجهت إليه تهمة "تحريض الرأي العام".

وفي حالة إقرار القانون دون تعديله، فسوف تشمل تهم الإرهاب: "تعريض... الوحدة الوطنية للخطر"، و"الإساءة بسمعة الدولة أو مكانتها". أما التشكيك في نزاهة الملك فيُعاقب عليه بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات. وبعد أن نشرت منظمة العفو الدولية مشروع القانون، قامت السلطات السعودية، على وما يبدو، بحجب موقع المنظمة على الإنترنت لفترة وجيزة من داخل السعودية، وقالت إن مخاوف المنظمة بشأن القانون هي "مجرد افتراضات لا أساس لها".

وتعليقاً على هذا المشروع، قال فيليب لوثر: "ما لم يتم إجراء تعديلات جذرية على مشروع قانون مكافحة الإرهاب، فمن شأنه أن يزيد الوضع الحالي سوءاً على سوء، لأنه سيرسخ ويقنن أبشع الممارسات التي سبق أن وثقتها المنظمة". وأضاف فيليب لوثر قائلاً: "إن من مسؤولية الحكومة السعودية بالطبع أن تحمي المواطنين من الاعتداءات العنيفة، ولكن ينبغي أن يتم ذلك في حدود القانون الدولي".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/كانون الأول/2011 - 9/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م