نفط العراق... بين مصالح الدولة ورغبات الإقليم؟

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: بعد أن تأمل الجميع أن يمر العراق بفترة سياسية واقتصادية، اقل ما يمكن أن يعبر عنها بأنها "ثورية"، بعد أن سقط "صنم بغداد" ألبعثي على يد الاحتلال الأمريكي وتغيير مجرى الأحداث السياسية والاقتصادية المحتكرة تحت قبضة النخبة، إلى حرية التعبير والانتخابات والديمقراطية والاقتصاد الحر، لكن المشهد العراقي تغير بطريقة دراماتيكية مؤثرة، ليتحول العراق بعد السقوط إلى الخط الأول لمحاربة الإرهاب والقاعدة "كما أرادها بوش الابن"، ثم إلى بلد يعاني من الحرب الأهلية وصراع الميليشيات وتنافس العشرات من الأحزاب ذات الاتجاهات المتقاطعة، إضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة واستشراء الفساد ليحتل المرتبة الرابعة عالمياً (بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية).

وباعتبار النفط عماد الاقتصاد العراقي وعموده الفقري، تحول إلى لاعب أساسي يحض باهتمام الجميع (الشيعة والسنة والعرب والأكراد)، خصوصاً مع وجود إمكانية الانفصال عن الحكم المركزي بالنسبة للمحافظات العراقية والتكتل ضمن إقليم كما هو الحال في إقليم كردستان، والذي ذهب بعيداً (بحسب المحللين) من خلال محاولته كسر الطوق المركزي، بالاتفاق مع شركات نفطية لاستخراج النفط لصالح الإقليم والاستقلال اقتصادي، الأمر الذي قد يمهد لاستقلال من نوع أخر.

اتفاقات اكسون

إذ تتحدى مجازفة اكسون موبيل بتوقيع اتفاقات في كردستان العراق صلابة موقف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ضد النزعات الاقليمية الانفصالية المتزايدة وتختبر استراتيجية شركات النفط الكبرى بشأن الاستثمار بالعراق/، واكسون أول شركة نفط عالمية تختبر الاجواء بالتوقيع على عقود للتنقيب في ست مناطق امتياز بالمنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال العراق والتي دخلت في خلاف مع الحكومة المركزي العراقية بشأن حقوق النفط والاراضي، وتتمتع كردستان باستقرار وأمن بدرجة أكبر من بقية مناطق العراق واجتذبت مواردها المحتملة بالفعل شركات أصغر حجما في قطاع النفط مثل دي.ان.او النرويجية وجلف كيستون غير أن خلافها السياسي مع بغداد أبقى الشركات الكبرى بعيدا حتى الان، وأدى دخول اكسون كردستان الى مواجهة سياسية بين واحدة من اكبر شركات النفط في العالم وبين الحكومة العراقية العازمة على فرض سيادتها مع انسحاب القوات الامريكية بعد نحو ثماني سنوات من سقوط حكم صدام. بحسب رويترز.

وقال حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء لشؤون النفط ومنسق العديد من صفقات العراق مع شركات أجنبية والمتشدد تجاه استقلال كردستان في ادارة موارد النفط ان الحكومة تدرس فرض عقوبات على اكسون، وكانت بغداد قد حذرت بالفعل من ان أي اتفاق تبرمه شركة اجنبية مع كردستان سيعتبر غير قانوني قائلة ان خطوة اكسون يمكن ان تهدد عقدها لتطوير المرحلة الاولى من حقل غرب القرنة في جنوب العراق الذي تبلغ احتياطياته 8.7 مليار برميل، لكن بالنسبة للمالكي فان التعامل مع اكسون يحتاج لموازنة صعبة اذ أن اتخاذ موقف متشدد قد يدفع بالمزيد من الاتفاقات الى الشمال ويهدد بتعطيل استثمارات مستقبلية في حقول جنوبية كبرى في الوقت الذي تسعى فيه الدولة العضو في أوبك لاعادة بناء قطاع النفط بعد سنوات الصراع، كما أن تقديم كثير من التنازلات لكردستان قد يخل بالتوازن مع مناطق أخرى تطالب باستقلالية أكبر عن سلطة المالكي المركزية ويختبر قوة الائتلاف الذي يقتسم السلطة في بغداد والذي يضم سنة وشيعة وأكرادا.

وقال كريسبين هاوس من مجموعة يوراسيا "نعتقد ان الحكومة ستتجنب الغاء اتفاق غرب القرنة لكنها ستسعى لمعاقبة اكسون موبيل بشكل ما"، واضاف "وضعت خطوة اكسون موبيل المزيد من الضغوط على حكومة المالكي في الاجل الطويل للتعامل مع مسألة السلطات الاقليمية والاتحادية"، وجوهر خلاف اكسون يكمن في السؤال بشأن من يملك احتياطيات النفط الضخمة في شمال العراق بما في ذلك أراض محل نزاع بين كردستان وبغداد وهي بؤرة صراع محتمل مع انسحاب القوات الامريكية، ويملك العراق ثالث أكبر احتياطيات نفطية عالمية ومع تراجع العنف في البلاد يعتزم العراق طرح 12 منطقة امتياز نفط وغاز جديدة في مزاد في مارس اذار يمكن ان تزيد الاحتياطيات بنحو عشرة مليارات برميل، ومنعت بغداد بالفعل شركة هيس كورب من المشاركة في جولة العطاءات الجديدة بسبب تعاملاتها مع الاكراد، لكن مواجهة شركة بحجم اكسون المخضرمة في الاساليب القانونية مثل التحكيم الدولي لحماية مصالحها سيكون اكثر تعقيدا بكثير بالنسبة للمالكي والشهرستاني، فاكسون لا تشارك فقط في تطوير حقل غرب القرنة بل تقود ايضا مشروعا بمليارات الدولارات لضخ المياه وهي عملية حيوية لزيادة الانتاج في الحقل الجنوبي وهو المشروع الذي ربما تعتقد انه سيساعد في حمايتها من أي عقوبة قوية، وربما تكون الشركة الامريكية قد قدرت ان العواقب السياسية مقابل موطيء قدم لها في كردستان يمكن احتواؤها.

وقال تيمور حسينوف رئيس استشارات الطاقة العالمية في شركة اكسكلوسيف اناليسيز وهي شركة معلومات "يبدو أن حسابات اكسون أفادت أن من المهم للغاية بالنسبة لوزارة النفط العراقية ألا تدفعها للخروج من مشروعاتها الجنوبية"، وبالنسبة لكردستان تمثل صفقة اكسون المزيد من الاعتراف الدولي بالاقليم كلاعب في سوق النفط، ورغم ان الخلاف يؤدي الى عدم حصول الشركات في كرستان على كامل ايرادات التصدير حتى الان تعرض حكومة كردستان اتفاقات جذابة بنظام المشاركة في الانتاج تمكن الشركات من تحقيق ارباح من مبيعات النفط بالمقارنة مع عقود الخدمات في الجنوب، ولم تعلق اكسون نفسها على الصفقة لكن اخرين ينتظرون بالفعل منهم رويال داتش شل التي قال مصدر انها كانت تعتزم توقيع عقد مع كردستان في نفس الوقت الذي وقعت فيه اكسون لكنها انسحبت قبل التوقيع بيوم او يومين، وقال مسؤول عراقي ان شيفرون وايني الايطالية اجرتا اتصالات كذلك مع كردستان، وقال المحلل النفطي اوسوالد كلينت من برنشتاين "انهم يعرفون ان الوضع الجيولوجي جذاب في كردستان رغم ارتفاع المخاطر السياسية لكنهم يعرفون كيف يوازنون مثل هذه المخاطر"، وقال روس نوري شاويس نائب رئيس الوزراء العراقي وهو كردي ان الحكومتين المركزية والاقليمية كانتا على اتصال بشان صفقة اكسون، لكن بدا ان اي اتفاق بين بغداد وكردستان قد انهار في اخر لحظة مع توقيع اكسون.

وتعكس الاشارات المتباينة الصادرة عن بغداد الصراع الدائر داخل الحكومة، فالشهرستاني وهو شيعي تربطه صلات قوية بالجنوب من المستبعد ان يرغب في التراجع امام اكسون، وأبدى شاويس وغيره لهجة اكثر تصالح، والنتيجة لن تؤثر فقط على الكيفية التي تنظر بها اكسون وغيرها من المستثمرين في قطاع النفط الى العراق بل وايضا على العلاقات السياسية بين الحكومتين في الوقت الذي تحاولان فيه حل خلافهما المرير وتوقيع قانون النفط، ويرى بعض المراقبين في خطوة اكسون محاولة لاجبار بغداد والسلطة في اربيل على حل خلافاتهما بدلا من ترك التوترات تؤثر على الاستثمارات، لكن الحل قد يكون معقدا اذا كانت اي من المناطق الست التي وقعت اكسون عقودا بشأنها تقع في الاراضي المتنازع عليه، وقد يجد المالكي الان أن من الصعب سياسيا قبول خطوة اكسون في اقليم متمتع بحكم ذاتي في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة مطالبات بحكم ذاتي من مناطق أخرى مثل محافظة صلاح الدين السنية، وقال جعفر الطائي العضو المنتدب لشركة منار لاستشارات الطاقة المتخصصة انه اصبح من المستحيل الان الفصل بين اكسون والسياسة العراقية اذ أنه اذا فشل الاتفاق سيقول المنتقدون ان اكسون ساعدت في تأجيج الانقسامات في العراق واذا سار على ما يرام فسيقولون ان اكسون ساعدت في تسوية الخلافات بين اربيل وبغداد.

واشنطن تحذر

في سياق متصل حذرت الولايات المتحدة مؤخراً الشركات الاميركية، وبينها شركة اكسون موبيل النفطية العملاقة التي وقعت عقدا مع اقليم كردستان العراق خلافا لرغبة بغداد، من المخاطر القانونية لتلك العقود، وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ان "الولايات المتحدة حذرت كافة شركاتنا، ومنها اكسون موبيل، بأنها تخاطر مخاطرة سياسية وقانونية كبيرة اذا وقعت على تعاقدات مع اي طرف في العراق قبل إقرار اتفاق وطني"، وكان مسؤول في وزارة النفط العراقية صرح في وقت سابق ان بغداد تدرس خياراتها في ما يتعلق باكسون موبيل التي وقعت مؤخراً اتفاقا مع حكومة كردستان العراق لاستكشاف النفط في ست من مناطق الاقليم، وقال المسؤول في وزارة النفط العراقية ان اثنتين من تلك المناطق وهما القوش وبردراش تقعان ضمن محافظة نينوى التي تريد كردستان ضمها الى منطقتها المتمتعة بالحكم الذاتي، وهو ما ترفضه بغداد، وتعتبر بغداد كل عقد موقع مع سواها عقدا باطل، وفي الماضي حرمت بغداد شركات النفط التي وقعت على تعاقدات في كردستان من التقدم بعطاءات او توقيع عقود لحقول نفطية اخرى، وقالت نولاند "منذ سنوات طويلة والولايات المتحدة تحث كافة الاطراف في العراق على اقرار القوانين الوطنية المطلوبة لتنظيم العمل في قطاع النفط والغاز"، وتابعت "كلما عجلوا بذلك كلما امكن للشركات ان تستثمر بشكل قانوني". بحسب فرانس برس.

تقليص صلاحيات الاكراد

من جانبها عدلت القيادة العراقية مشروع قانون النفط والغاز الذي طال انتظاره بطريقة ستمنح الحكومة المركزية المزيد من السيطرة على احتياطيات النفط الضخمة في البلاد وقد تثير خلافات مع حكومة اقليم كردستان شبه المستقل، ويمنح القانون بغداد مزيدا من الصلاحيات في ادارة وتطوير الموارد النفطية للدولة العضو في اوبك، وعدلت القيادة العراقية مسودة اتفقت عليها الكتل السياسية في عام 2007 تمنح سلطات الاقاليم سيطرة جزئية على احتياطياته، ومن المتوقع أن تثير التعديلات خلافا سياسيا بين حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي والاكراد الذين يشاركون في حكومته الائتلافية ويتمتعون بنفوذ كبير في البرلمان العراقي، ويثور نزاع منذ سنوات بين الحكومة المركزية التي يهيمن عليها العرب ويقودها المالكي وبين اقليم كردستان حول السيطرة على حقول النفط الكردية، وعطل الخلاف الصادرات من كردستان العراق في الفترة من أكتوبر تشرين الاول 2009 حتى فبراير شباط هذا العام، وقال عضو كردي بارز بالبرلمان طلب عدم نشر اسمه "نحن ما زالنا في مرحلة النقاش، نريد ان نعطي للحوار فرصة ولم نصل الى مرحلة ان نفتح النار على الحكومة". بحسب رويترز.

وأحيل القانون المعدل الذي أقرته الحكومة في أواخر أغسطس اب الى البرلمان للموافقة النهائية لكن أسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي قال ان المحادثات لحل النزاع قد تستغرق وقتا طويل، وقال النجيفي "النسخة المعدلة تركز على أن الصلاحيات لتوقيع العقود النفطية تكون بيد الحكومة المركزية ووزارة النفط (الاتحادية) بينما الاقليم الكردي يسعى للحصول على صلاحيات أكبر في عملية توقيع العقود"، وأضاف قائلا "الحل الوحيد لحل هذه الاشكالات هو عن طريق الحوار المباشر، الموضوع معقد جدا"، وستمنح التعديلات وزارة النفط صلاحية اجراء المزادات لمعظم حقول النفط والغاز وتترك أمر الحقول المنتجة الحالية والحقول المكتشفة غير المطورة القريبة في أيدي شركة النفط الوطنية العراقية التي تأسست مؤخرا.وشملت مسودة 2007 قيودا على اجراء الحكومة مزادات للحقول غير المكتشفة وتلك التي تحتاج لتطوير، وقد تؤدي التعديلات الى ادراج الحقول الكردية في المزادات المستقبلية وهو ما يقول الاكراد انهم لن يقبلونه، وقال بايزيد حسن النائب الكردي وعضو لجنة الطاقة بالبرلمان "التعديدلات التي تم اجراؤها على القانون تنتهك الدستور والذي نص على ان الحكومة المركزية وحكومة الاقليم يجب ان يقوما معا بادارة حقول النفط".

وذكر مسؤولون أن الاكراد ومسؤولين من الحكومة المركزية يبحثون مشروع القانون على مستويات عالية وأن الجانب الكردي أوضح أنه قد يعيد النظر في تأييده لحكومة المالكي ما لم يتم التوصل لحل، وينظر الى قانون النفط والغاز منذ فترة طويلة على أنه حيوي لتدفق الاستثمارات الاجنبية الضرورية لتعزيز انتاج العراق من النفط الذي يبلغ حاليا 2.75 مليون برميل يوميا ولاعادة بناء الاقتصاد المتداعي، وتريد شركات الطاقة العالمية اطارا قانونيا مستقرا لصفقات النفط والغاز، وقال مسؤولون عراقيون ان الموارد النفطية ملك لكافة الطوائف والعرقيات في العراق ومن المنطقي أن تديرها الحكومة، ويطالب اقليم كردستان والمحافظات لاسيما البصرة الغنية بالنفط والانبار التي تسكنها غالبية من السنة بمزيد من السيطرة المحلية، وقال عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط ان سن قانون جديد للنفط أمر ضروري لتطوير قطاع الطاقة في البلاد وان الحكومة تسعى لاصدار قانون جديد بعيدا عن الخلافات السياسية، وأضاف أن أي تفاصيل خلافية في مشروع القانون ستحال الى فرق فنية لحلها وليس الى الساسة، وتدعو المسودة الجديدة الى سيطرة شركة النفط الوطنية العراقية على حقول منتجة بالفعل من بينها على سبيل المثال حقل باي حسن الذي يبلغ حجم احتياطياته 2.3 مليار برميل وحقل نهر بن عمر الذي تبلغ احتياطياته 6 مليارات برميل.

وسينشيء القانون مجلسا اتحاديا للنفط والغاز كهيئة عليا لوضع السياسات، وسيمنح المجلس صلاحيات تعديل السياسات التي تقترحها وزارة النفط والموافقة على اجراءات التفاوض والتعاقد خلال جولات ترسية العقود والتصديق على عقود التنقيب والتطوير والانتاج، وبموجب المسودة القديمة لا يسمح للمجلس الاتحادي الا برسم السياسات واصدار التوجيهات، ويلغي المشروع الجديد مادة تتطلب أن يضم المجلس ممثلين عن الشيعة والسنة والاكراد ويضيف مادة تخصص مقعدا في المجلس لنائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الذي يشغله حاليا وزير النفط السابق حسين الشهرستاني، ويعتبر المسؤولون الاكراد الشهرستاني عقبة رئيسية في العلاقات المتوترة بين بغداد واقليم كردستان بشأن قضايا الطاقة، وكان قد دعا الى أن تراجع بغداد عقود النفط التي أبرمها الاكراد وتحويلها الى عقود خدمات، وأقرت حكومة كردستان العراق قانونها الخاص للنفط والغاز في 2007 ووقعت أكثر من 40 عقدا للمشاركة في الانتاج مع شركات أجنبية وهي عقود تعتبرها بغداد غير قانونية.

الحكومة تقر اتفاق مع شل

الى ذلك قال متحدث باسم الحكومة العراقية ان مجلس الوزراء وافق على اتفاق بقيمة 17 مليار دولار مع رويال داتش شل وميتسوبيشي لتجميع الغاز الذي يجري حرقه في حقول نفط بجنوب البلاد، وتجميع الغاز يعد ضروريا لزيادة انتاج الكهرباء في العراق حيث يعادل الطلب على الكهرباء نحو مثلي المعروض، ووقع العراق والشركة الاتفاق الذي مدته 25 عاما في يوليو تموز لمساعدة العراق على الاستفادة من أكثر من 700 مليون قدم مكعبة يوميا من الغاز يجري حرقها في ثلاثة حقول رئيسية حول ميناء البصرة النفطي، وقال المتحدث علي الدباغ ان مجلس الوزراء وافق على الصفقة بتأسيس شركة باسم غاز البصرة وهي مشروع مشترك بين شركة غاز الجنوب وكونسورتيوم يضم شل وميتسوبيشي لتجميع الغاز من حقول الرميلة والزبير وغرب القرنة، وأضاف أن قيمة العقد تبلغ 17 مليار دولار في 25 عام، ويواجه العراق صعوبة في توفير الكهرباء في الوقت الذي يقوم فيه باعادة الاعمار بعد سنوات من الحرب والعقوبات الدولية، وبموجب بنود العقد ستمتلك الحكومة 51 بالمئة من المشروع المشترك بينما تمتلك شل 44 بالمئة وميتسوبيشي خمسة بالمئة. بحسب رويترز.

وقال مسؤولون عراقيون ان المشروع قد يتضمن بناء منشأة لتصدير الغاز الطبيعي المسال بطاقة انتاجية قصوى قدرها 600 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا شريطة تلبية احتياجات العراق من الغاز أول، ويشير ملخص للاتفاق الرسمي الى وحدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال بقيمة 4.4 مليار دولار بالاضافة الى 12.8 مليار دولار هي التكلفة التقديرية لاعادة تأهيل منشات الغاز القائمة وبناء منشآت جديدة لكنه لا يذكر موعدا محتملا لبناء منشأة الغاز الطبيعي المسال، ويتوقع كونسورتيوم شل ميتسوبيشي أن يكون معدل العائد الداخلي على المشروع 15 بالمئة على استثمار أولي قدره 6.98 مليار دولار بينما تعتزم شركة غاز الجنوب ضخ 3.7 مليار دولار من الاموال العامة في البداية وتمويل الاستثمارات المتبقية من مبيعات الغاز.

الجلبي والمزايدة النفطية

بدوره دعا عصام الجلبي، وزير النفط العراقي السابق، إلى الكف عن سياسة المزايدة في حجم احتياطيات النفط الموجودة في كل من العراق وإيران، معتبراً أن الأرقام الدقيقة حول الاحتياطي المؤكد في دول المنطقة غير متوفرة، ورأى أن خطط بغداد لزيادة إنتاجها إلى عشرة ملايين برميل يومياً بنهاية العقد الحالي "غير واقعية"، وتشير الإحصائيات إلى أن الشرق الأوسط يضم أكثر من ثلثي احتياطيات النفط العالمية، ولكن النسبة قد تكون أكبر في حال حصول اكتشافات جديدة، وسبق للعراق وإيران الحديث عن اتجاههما لرفع التقديرات حول كميات النفط لديهما، وسط شكوك حول الحجم الحقيقي لتلك الاحتياطيات، وقال الجلبي، إن الاحتياطيات في المنطقة "هي الأعلى بالتأكيد والأكبر في العالم، وخاصة في الدول الخمسة المحيطة بالخليج،" ولكنه استطرد بالقول إن السؤال يتركز حول الأرقام الدقيقة في كل بلد، وتابع "لدى العراق كميات كبيرة من النفط بالتأكيد، لكن ما يهمنا هو كمية النفط القابلة للتحويل إلى الاحتياطي المؤكد، أعتقد أن أسواق العالم قد تقبلت وجود 115 مليار برميل من النفط لدى العراق، ولكن إيران خرجت بعد أيام لتقول أن لديها 150 مليار برميل، ولو أن العراق قال إن لديه 150 مليار برميل لقالت طهران إن لديها 160 ملياراً، وأنا أرى وجوب الإقلاع عن هذا الأمر لأن هناك بالفعل كميات كبيرة لدى البلدين". بحسب سي ان ان.

وحول قدرة العراق على رفع إنتاجه إلى عشرة ملايين برميل يومياً خلال عقد قال الجلبي "هذا الرقم غير دقيق، هم يعرفون ذلك والعالم يعرف ذلك أيضاً، والأسواق لم تأخذ هذا الإعلان على محمل الجد"، ولفت الجلبي إلى أن الأرقام التي تقدمها المؤسسات الكبرى تشير إلى أن إنتاج العراق لن يتجاوز أربعة إلى ستة ملايين برميل خلال الفترة ما بين 2020 و2030، وحول التقديرات التي ترجح عودة الإنتاج في ليبيا إلى مستوياته السابقة خلال 18 شهراً قال الجلبي، "أعتقد أنه سيكون هناك حاجة لعدم التسرع في التقديرات إلا بعد تفحص البنية التحتية وحقول الإنتاج بشكل جيد"، وتابع بالقول "أظن أن رفع الإنتاج لن يتم بهذه الوتيرة السريعة، بل سيصل إلى ما بين 200 و300 ألف برميل حتى نهاية العام، وبعد ذلك سيعتمد الأمر على الوضع الميداني، وقد يكون هناك حاجة إلى فترة تصل حتى 24 شهراً قبل عودة الإنتاج إلى مستوياته السابقة قبل الحرب" على حد تعبيره، وفي سياق متصل، قال فريدون فشاركي، رئيس مجلس إدارة شركة "فاكتس" للطاقة، إن الأرقام المقدمة من حكومات دول الشرق الأوسط حول احتياطياتها من النفط "غير دقيقة،" وأضاف، "قد يكون هناك أقل أو أكثر مما هو معلن، ولكن الأرقام غير مؤكدة"، ولكن فشاركي كان له رأي مختلف حول قدرات الإنتاج الليبية، فتوقع الوصول إلى 600 أو 800 ألف برميل في ديسمبر/كانون الأول المقبل، ومن ثم إلى 1.6 مليون برميل خلال 12 شهراً.

خفض مستوى النفط المستهدف

من جهته قال رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان العراقي ان العراق يحتاج لخفض مستوى الطاقة الانتاجية المستهدف الذي اتفق عليه مع شركات نفطية أجنبية عند 12 مليون برميل يوميا الى مستويات معقولة بصورة أكبر عند حوالي خمسة ملايين، ويواجه العراق عضو أوبك الذي يحتاج للسيولة لإعادة بناء اقتصاده الذي مزقته الحرب ضغوطا لإعادة التفاوض مع شركات أجنبية والتخلي عن مستوى انتاج الخام المستهدف الذي من شأنه أن يضعه في منافسة مع السعودية، وقال عدنان الجنابي رئيس لجنة الطاقة والنفط في البرلمان العراقي خلال قمة للطاقة في تركيا "اعتقد أننا بحاجة لمراجعة اهدافنا الانتاجية المستقبلية"، وأضاف "اعتقد انه سيكون من المعقول بصورة أكبر ان ننتج خمسة ملايين برميل يوميا لحين بدء مباحثات حصة أوبك"، وسعى العراق لفترة طويلة لزيادة الانتاج بعدما وقع عقودا مع شركات في 2009، لكن محللين استبعدوا تحقيق الهدف الذي حدده العراق بسبب قيود التصدير والبنية التحتية، وكان وزير النفط عبد الكريم اللعيبي قال في وقت سابق من الشهر انه سيكون من الملائم بصورة أكبر تحديد هدف للطاقة الانتاجية عند ثمانية الى 8.5 مليون برميل يوميا. بحسب رويترز.

وقال ان الحكومة مازالت تدرس الامر وستتخذ قرارا بحلول العام المقبل حينما تفاتح الشركات بشأن اعادة التفاوض.وقال الجنابي ايضا ان لجنة الطاقة البرلمانية لديها الان نسختان من مشروع قانون النفط والغاز الذي تأجل لفترة طويلة وانها ستدرس النسختين للخروج بصيغة مقبولة، وينظر لقانون النفط والغاز على أنه محوري بالنسبة للبلاد لجذب مزيد من الاستثمارات النفطية وتوفير اطار عمل قانوني مستقر للشركات الاجنبية، لكن نزاعات بشأن من يتحكم في الموارد النفطية حالت دون اقرار القانون، ووافقت الحكومة على مسودة للقانون تمنح الحكومة المركزية في بغداد سيطرة أكبر على احتياطيات الخام ومن المرجح أن يثير ذلك خلافات مع اقليم كردستان شبه المستقل الذي يريد أيضا سيطرة أكبر على نفس الحقول النفطية، ووضعت لجنة الطاقة البرلمانية مسودة جديدة بعدما أصيب النواب بخيبة أمل لعدم احراز تقدم في اقرار المسودة الاصلية، وقال الجنابي "لدينا المسودتان في اللجنة ونقوم بدراستهم، لا أعتقد أن المضي قدما في هذا القانون سيستغرق وقتا طويلا".

سعر النفط يبعث على القلق

فيما أبلغ نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون النفط أنه سيكون من "الصعب" قبول نزول أسعار النفط العالمية عن 90 دولارا للبرميل وذلك في علامة على أن تراجع الاسعار بدأ يسبب قلقا لبعض أعضاء أوبك، ونزل خام برنت عن 100 دولار للبرميل في وقت سابق بفعل المخاوف المتزايدة بشأن احتمال تخلف اليونان عن سداد ديون وسلامة الاقتصاد العالمي، وتهاوت الاسعار من أعلى مستوى في 2011 عند 127 دولارا الذي سجله الخام في ابريل نيسان، وقال حسين الشهرستاني أنه لا يتوقع أن تحتاج منظمة أوبك لمراجعة انتاجها من الخام في الاجتماع المقبل مضيفا أنه لا يوجد ما يستدعي خفض الانتاج في الوقت الحالي، وفي اشارة جديدة على القلق بشأن تراجع الاسعار أثار مندوب ايران لدى أوبك امكانية أن تعقد المنظمة اجتماعا طارئا قائلا انه سيكون أمرا "طبيعيا" اذا استمر هبوط الاسعار، وتتولى ايران الرئاسة الدورية لمنظمة أوبك حتى نهاية العام الحالي، وفي مقابلة مع صحيفة دنيا الاقتصاد الايرانية نشرت مؤخراً قال محمد علي خطيبي انه يتوقع أن يهبط برنت دون 100 دولار مضيفا أن انخفاض الطلب أدى الى فائض في الامدادات. بحسب رويترز.

وقال خطيبي "هناك احتمال دائما لعقد اجتماع طارئ، ظهرت بعض المخاوف في الوقت الحالي واذا استمر الاتجاه النزولي للاسعار فمن الطبيعي أن نتوقع عقد اجتماع طارئ"، لكن الاعضاء الرئيسيين بالمنظمة من الدول الخليجية -السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة- لم تبد اهتماما بالدعوة لاجتماع طارئ قبل الاجتماع المقرر في ديسمبر كانون الاول، وكان مسؤول رفيع بالمنطقة قال أن من المستبعد أن تخفض هذه الدول امداداتها في محاولة لوقف تراجع أسعار النفط الا اذا هبط النفط عن 90 دولارا للبرميل لفترة طويلة، وقالت ايران انها لن تقترح تغيير حصص الانتاج، وقال خطيبي "في الوقت الحالي سعر خامي برنت ودبي حوالي 100 دولار ومن المتوقع أن يهبط دون 100 دولار"، وأضاف "في الوقت الحالي هناك بعض الفائض في الامدادات بالسوق نتيجة انخفاض الطلب".

الهند وفرص الاستثمار في العراق

من حهة اخرى بحث وفد هندي يضم ممثلين عن اكثر من 15 شركة الاحد مع نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني فرص الاستثمار في مجالي الطاقة والنفط في العراق، وافاد بيان صادر عن المكتب الاعلامي للشهرستاني انه "بحث مع وفدا هنديا سبل الاستثمار للشركات الهندية وتطوير القطاع الصناعي والنفطي في العراق"، واضاف البيان ان "الوفد الهندي الذي ضم ممثلين عن اكثر من 15 شركة هندية متخصصة في قطاعات النفط والغاز وصناعة السيارات و الجرارات الزراعية والاسكان والصحة والتجارة، بحضور السفير الهندي لدى العراق سوريش ريدي"، بدوره، قال الشهرستاني ان "العراق يعمل على تشجيع الشركات الاجنبية لدخول السوق العراقية عن طريق الاستثمار واعادة تأهيل البنى التحتية، لمواكبة التطور الحاصل في الدول المتقدمة"، واشار الى ان "الارضية اصبحت خصبة لاستقبال جميع الشركات" في البلاد. بحسب فرانس برس.

واكد الشهرستاني على اهمية "استقطاب الشركات الهندية لتغطية حاجة العراق ومنطقة الشرق الاوسط، لتوفير مصادر الطاقة والايدي العاملة فضلا عن المواد الاولية وفي مقدمتها النفط والغاز"، كما دعا نائب رئيس الوزراء "الشركات الهندية الى الاستثمار في مجال الاسكان المنخفض الكلفة لحاجة البلد الملحة بهذا الشأن"، ويشهد العراق ازمة في مجال الاسكان سكنية واكدت السلطات ان البلد بحاجة الى اكثر من مليوني وحدة سكنية، بدوره، اعرب الوفد الهندي عن رغبة بلاده في العمل في العراق لحاجة الهند الى مصادر طاقة كالنفط والغاز، مشيرا الى سعي بلاده الى استيراد الغاز من العراق في المستقبل القريب، حسبما نقل البيان.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 3/كانون الأول/2011 - 7/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م