إصدارات جديدة: الرسم على الجدار والجسم

 

 

 

 

الكتاب: الإعلام الشعبي.. الرسم على الجدار والجسم

الكاتب: عبد الحليم حمود

الناشر: دار المؤلف- بيروت

عرض: حيدر الجراح

 

 

شبكة النبأ: تتنوع طرق التعبير الشعبي وتتعدد طرائقه بتعدد الثقافات والمجتمعات.. وهناك الكثير من الطرق التي تتشابه فيها ثقافات العالم ومجتمعاته.. فهي موجودة في المجتمعات المتقدمة وفي المجتمعات المتخلفة على حد سواء.

اولى تلك الطرق هي الرسم على الجدران والذي كان الابداع الاول للانسان قبل اكتشاف القراءة والكتابة باحرفها الاولى... انها الكتابة بالحجارة قبل الطبشور وهي القراءة البصرية الاولى قبل قراءات الشفاه.

الرغبة في اثبات الوجود الانساني لاول راسم على الجدار قد تكون هي الباعث الفعلي لابتداع هذه الطريقة في التعبير.

يرى عالم الانثروبولوجيا (جاكوب برونوفسكي) ان الرسم على الجدار قد تكون نوعا من التوقيع الشخصي واعلانا عن وجود صاحب هذا التوقيع.. ويعود اول توقيع من هذا القبيل الى القرن السابع قبل الميلاد.. وربما يعود ذلك الى قرون اقدم من هذا التاريخ على راي علماء وباحثين اخرين.

وهناك رسومات على جدران مدينة بومبي تركها لنا مصارعو روما قديما تتحدث عن نوع الاسلحة وعن شكل البسة المقاتلين وعن المعارك وسيرها.

وفي نفس المدينة التي عثر فيها على ستة الاف نقش فيها الكثير مما يشبه ماتنشره صحف الفضائح هذه الايام حيث تقل فيها الاخبار الجادة وتكثر فيها الدعاية السياسية والمعارضة والاعلانات الجنسية والخيال وعبادة الابطال.

من تلك العبارات (سوسيموس النساج يحب ايزيس جارية صاحب الحانة) وعبارة اخرى (ستدفع ثمن خداعك ياصاحب الحانة، انك تبيع لنا الماء وتحتفظ لنفسك بالخمورؤ الجيدة).

في مصر القديمة وعلى امتداد تاريخ الاسر الفرعونية الحاكمة تناولت تلك الرسومات موضوعات الصيد، وتتصف بالمرح وغياب القيود الدينية عنها، وقد عرفت باسم (بالاستراكا).. وبقيت تلك الرسوم شائعة حتى في عهد المماليك.

بالرغم من عشوائية الرسم على الجدران وعدم اتساق هذا الفن مع الترتيب والتنظيم المدني الا ان النسبية تحضر ايضا في هذه المعادلة..فكتابة الجدران في العالم الثالث تنهج نحو المدرسة الحروفية مع جنوح قوي نحو التجريد يصقله الزمن حيث التراكم الكمي اللفظي اللوني مع خليط الصور يغيّب معالم الكلمات ومعانيها، ليبقى الشكل متداخلا ومنفلتا من معانيه الاولى نحو دور جديد اكثر عمقا ودلالة.

اما في الغرب فالامر مختلف تماما حيث تكثر اللوحات المنظمة المكتظة بالالوان والمصاغة بعناية نسبية.. وغالبا ما تنتشر هذه النماذج في مترو الانفاق والشوارع الخلفية.. اما الجدران في الشوارع الرئيسية فتحمل كتابات ورسوم مرتجلة وسريعة.

في العقود القليلة الماضية نزلت الكتابة على الجدران والتي اخذت اسم (الغرافيتي) وفقد كثيرا من روح الدعابة التي كان يحملها، وزاد تواجده في مجتمعات المدينة خاصة في الاحياء الفقيرة التي لاتمنح ساكنيها اي قدر من الفخر الاجتماعي وانما تمنح للصغار مساحة كبيرة من الخرسانة يعبرون عليها عن سخطهم، لذلك انتشرت الالفاظ الفاحشة والسخرية الشخصية والتهديدات العرقية ورغم ان هذا امر بسيط مقارنة بالجرائم الاخرى الا انه علامة من علامات الجنوح الانحرافي.

ومعظم الذين يمارسون الكتابة على الجدران هم من المراهقين وابناء الطبقة العامة الذكور، ففي مسح احصائي اعترف 84 بالمئة من اولاد المدرسة بين سن 13 و 14 عاما انهم قد مارسوا الكتابة على الجدران في الشهور الستة الماضية وعندما سئلوا عن السبب فال 30 بالمئة منهم انه لا احد يهتم بهم، وان الغرافيتي على الاقل يجعل وجودهم امرا مدركا.

ينتقل بنا الكاتب الى الكثير من فنون التعبير التي اداتها الكتابة والرسوم على الجدران فهو يحدثنا عن (التاغ) الذي ازدهر في امريكا وانتقل منها الى اوربا.. ويحدثنا عن الرسوم التجميلية وعن كتابات ورسوم جدران السجون.

ويذهب بنا الكاتب الى الجدران اللبنانية في حربها العبثية.. ويعرج على كتابات جدران دمشق ويستنطقها ويذهب الى جدران بلفاست والصراع الكاثوليكي البروتستانتي بين شطري المدينة... ثم ينتقل الى جدران ليبيريا التي عاشت تجربة حرب اهلية وحشية.. ثم يصل بنا الى الجدران الفلسطينية.

بعد ذلك ينتقل بنا الكاتب الى الشعارات الجدارية، وياخذنا ايضا للتعرف على الكتابة على الطاولات كوجه من وجوه التعبير الشعبي الهامشي.. واخيرا يفرد مساحة اضافية للحديث عن الوشم والتاتو، وكيف يمكن ان يتحول الجلد البشري الى لغة اجتماعية تشهر رسالتها بوجه العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/تشرين الثاني/2011 - 2/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م