شبكة النبأ: يتحدث المحتجون في ميدان
التحرير بقلب القاهرة بنبرة تحد عن استكمال المهمة التي بدأوها عندما
أطاحوا بالرئيس السابق حسني مبارك. وتلخص لافتة كتب عليها "مبارك..ارحل"
حجم التغيير الضئيل الذي يشعرون به منذ فبراير شباط. والآن يقول
المحتجون ان الوقت حان لاستكمال الثورة.
وتعرض قادة الجيش المصري الذين احتفي بهم في يوم من الأيام كأبطال
الثورة التي أطاحت بمبارك لاهانات في الأيام القليلة الماضية حيث يرى
البعض في حكمهم امتدادا لحكم مبارك. وكانت التوقيتات المتوقعة من قبل
لنقل السلطة للمدنيين رجحت أن تجرى انتخابات الرئاسة في أواخر العام
المقبل أو أوائل عام 2013. وستبدأ الجولة الاولى من انتخابات مجلس
الشعب يوم الاثنين المقبل.
استكمال الثورة
ففي الشوارع المؤدية الى الميدان رمز الثورة المصرية حيث يطالب
المحتجون الان بانهاء حكم المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد بعد
مبارك تناثرت دماء المحتجين.
وحمل سامح محمد وهو محام يبلغ من العمر 35 عاما لافتة كتب عليها "عفوا
النظام لم يسقط" وقال "انه نفس العنف ونفس القمع." وشاعت هذه الأجواء.
وظهر على لافتة أخرى مبارك بجانب المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس
العسكري ووزير الدفاع في حكم مبارك طوال 20 عاما.
وعلق المحتجون دمية لطنطاوي في تحد أعاد الى الاذهان الثورة التي
استمرت 18 يوما حيث علقت من قبل دمية مشابهة لمبارك في الميدان. وقال
تيمور أبو عز (58 عاما) "الثورة الحقيقية تبدأ اليوم."
وكان الاحباط الذي سببه أداء المجلس العسكري قد تحول إلى غضب شديد
لاسباب من بينها صور أظهرت قمع قوات الامن للمحتجين. وقال بعض
المتظاهرين انهم جاءوا الى ميدان التحرير بعدما شاهدوا لقطات فيديو على
موقع يوتيوب لتبادل مقاطع الفيديو ظهر فيها فرد في قوات الامن يسحب جثة
ويلقي بها في كومة من القمامة.
وارتفع عدد قتلى أربعة أيام من أعمال العنف في القاهرة ومناطق أخرى
الى 36 شخصا الآن. والاعداد التي تتوافد على التحرير مازالت أقل من
الاعداد التي أطاحت بمبارك لكن تحدي المحتجين وعددهم يزيدان مع ارتفاع
أعداد الضحايا.
ومن غير الواضح حجم التأييد الذي يحظى به المحتجون خارج ميدان
التحرير فكثيرين من سكان مصر وعددهم 80 مليونا يتوقون للاستقرار لاعطاء
الاقتصاد المصري فرصة للتعافي بعد عام من الاضطرابات. والاحتجاج هو
الأكبر منذ الاطاحة بمبارك وأثار شكوكا حول اجراء الانتخابات التي من
المقرر أن تبدأ يوم الاثنين في موعدها.
وفي التحرير قال محتجون ان جماعات مثل الاخوان المسلمين والتي كانت
تحظى باحترام لمعارضتها لحكم مبارك أصبحت الان حليفة للمجلس العسكري
ومهتمة بالسلطة أكثر من الثورة.
وقال محتج أيد رأيه نحو ستة خلال جدال مع مؤيد للاخوان "عيونهم على
الانتخابات. لا يريدون سوى مكاسب سياسية."
وقبل أيام من الانتخابات لم يحمل أي محتج لافتات حزبية في الميدان.
ولم تسر كثيرا في التحرير أجواء الاحتفال التي كانت تسود أيام الثورة
على مبارك. وفي أوقات العنف بكى بعض المحتجين وأصيب اخرون بالقيء من
اثار الغاز المسيل للدموع والذي يشيع في الميدان قادما من شوارع قريبة
تشتبك فيها الشرطة مع محتجين بجوار وزارة الداخلية وهي رمز مكروه لحكم
مبارك. وصلى مئات النشطاء على أرواح القتلى وحملوا نعش قتيل في
الميدان.
وأقام مسيحيون قداسا وقرأ مسلمون آيات من القرآن في مشهد من
الانسجام الطائفي لم يظهر كثيرا بعد الثورة. وردد محتجون هتافا يطلب من
المصريين الانضمام الى الاحتجاج ورفع أصوات احتجاجهم على الطغيان. بحسب
رويترز.
وتقول وزارة الداخلية المصرية ان الشرطة كانت تحاول فقط فتح طريق
لحركة المرور عندما اندلعت أعمال العنف يوم السبت. وتضيف أنها ملتزمة
بالسماح بتنظيم الاحتجاجات السلمية الامر الذي يعكس الموقف الرسمي
للمجلس العسكري من الاحتجاجات. لكن المحتجين فقدوا الثقة في اللواءات.
وحاول المحتجون في التحرير استعادة السيطرة التي كانت لهم على
الميدان أيام الثورة في يناير كانون الثاني وفبراير شباط. وأقام
المحتجون نقطة تفتيش واحدة على الاقل يفتش فيها متطوعون القادمين الى
الميدان.
وعمل اخرون على ضمان وصول الامدادات الى عيادات متنقلة يعالج فيها
أطباء المصابين. ونقل متطوعون على متن دراجات نارية شبانا سقطوا مغشيا
عليهم بسبب الغاز المسيل للدموع.
وفي مستشفى ميداني جلس متطوعون للتبرع بدمائهم بعد انباء عن نقص
الامدادات في مستشفيات كبرى.
وقال ممدوح الشربيني وهو طبيب يساعد في عيادة أقيمت بمسجد على أطراف
الميدان "عدد حالات الاختناق لا يحصى." وتنقل المتطوعون من مستشفى
ميداني الى اخر لاحصاء عدد المصابين وتحديد تفاصيل اصاباتهم.
وقال متطوع عرف نفسه فقط باسم أشرف "هذه طريقة حتى لا نغفل شيئا في
عدد ضحايا كل هذا. أحيانا ننسى أنها حياة بشر.. حياة فرد في عائلة."
وقال أحمد أبو حسين وهو نشط اخر "ماذا يعني ميدان التحرير.. انه
الاشتباكات الثورية على خطوط المواجهة.. انه العمل كمسعف وعامل مطافئ.
"انه يعني ألا تجوع لان الشخص الذي بجانبك لن يدعك تجوع."
غاز أرغم ألوف النشطاء على مغادرة الميدان
من جهة أخرى قال محتجون وصحفيون ان غازا أطلقته قوات الامن في شارع
يؤدي الى ميدان التحرير بالقاهرة تسبب في حالات اغماء في الميدان وأرغم
الوف المحتجين على مغادرته.
وقال صحفي "الغاز يجعل عيون الناس تدمع ويتسبب في نزول مخاط من
الانف وشعور بحرقان شديد." وأضاف أن المحتجين أشعلوا النار في أكوام من
القمامة في الميدان ظنا منهم أن الدخان المنبعث منها يدفع لاعلى الغاز
الذي قال أطباء في الميدان انهم لا يستطيعون التحقق منه.
وقال الصحفي ان الغاز وصل الى الميدان ثلاث مرات. وأضاف أن المحتجين
في الميدان هتف جميعهم تقريبا بعد المرة الثانية "الشعب يريد اعدام
المشير" في اشارة الي المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات
المسلحة الذي يدير شؤون البلاد.
وقال عبد المنعم ابو الفتوح المرشح المحتمل للرئاسة لقناة الجزيرة
مباشر التلفزيونية انه رأى اثنين من المصابين بالغاز يموتان. واضاف ان
قنابل من غاز من نوع غريب تلقى "على الشباب في ميدان التحرير. هناك
حالتان أنا شاهدتهما ماتا فورا بسبب استنشاقهم هذا الغاز."
وقال أبو الفتوح "أطالب الان بانقاذ الشباب من هذه الغازات السامة...
هذا يعد جريمة ترتكب في حق الشباب." واحتفي مئات المحتجين يوم الثلاثاء
برجل يرتدي زيا عسكريا قالوا انه ضابط جيش انضم الى الاحتجاجات
المطالبة بانهاء الحكم العسكري لمصر فورا.
احتجاز ثلاثة طلبة أمريكيين
في سياق متصل عرض التلفزيون المصري لقطات لثلاثة طلبة أمريكيين بعد
اتهامهم بالقاء قنابل حارقة على الشرطة أثناء احتجاجات قرب ميدان
التحرير بالقاهرة. ولم يذكر التلفزيون الحكومي أسماءهم ووصفهم بأنهم "أجانب".
لكن السفارة الامريكية أكدت ان ثلاثة مواطنين امريكيين معتقلون وقالت
الجامعة الامريكية في القاهرة ان ثلاثة طلبة أمريكيين يدرسون بها
محتجزون.
ونقل التلفزيون الحكومي المصري عن مسؤول بوزارة الداخلية قوله ان
الثلاثة تم اعتقالهم بعد ان ألقوا قنابل حارقة على الشرطة التي تحمي
وزارة الداخلية. وقالت انه يجري التحري عن هويات الثلاثة.
وعرض التلفزيون صورا للثلاثة وظهورهم للحائط وينظرون الى الكاميرا
ورفع شخص بيده من خارج اللقطة رأس أحد الامريكيين ليتأكد من انه ينظر
مباشرة الى الامام. كما عرض لقطات فيديو سجلتها كاميرات هواتف محمولة
قال انها تظهر الثلاثة وهم يشاركون في الاحتجاج ليلا. ويرتدي أحد
الاشخاص في الصورة قناعا طبيا يستخدمه كثير من المحتجين للوقاية من
الغاز المسيل للدموع. وارتدى آخر غطاء رأس حول فمه.
وقالت الجامعة الامريكية في القاهرة "ثلاثة من الطلبة الامريكيين
الدارسين في الخارج هم جريجوري بورتر ولوك جيتس وديريك سويني اعتقلوا
في الليلة الماضية. نحن على اتصال بعائلاتهم ونعمل مع السفارة
الامريكية والسلطات المصرية لضمان سلامتهم." وقالت في بيان ارسل
بالبريد الالكتروني لخريجي الجامعة "تمكنا من تحديد انهم محتجزون في
مكتب المدعي العام في عابدين." وأكدت السفارة الامريكية نبأ الاعتقال.
وقالت متحدثة باسم السفارة الامريكية "نحن على اتصال بالسلطات المصرية
ويمكننا ان نؤكد ان الثلاثة مواطنين امريكيين محتجزون فيما يتعلق
بالاحتجاج. وطلبنا مقابلة قنصلية"
ألوف من المحتجين في المحافظات
اما في مدينة الاسكندرية الساحلية شارك ألوف النشطاء في مظاهرة أمام
مقر القيادة العسكرية الشمالية كما شارك ألوف النشطاء في مظاهرة أمام
مبنى مديرية الامن في المدينة حيث رشقوا قوات الامن التي تحرس المبنى
بالحجارة وردت عليهم القوات بقنابل الغاز المسيل للدموع التي غطى
دخانها المكان. كما استخدمت القوات طلقات الخرطوش.
وقال الشاهد ان معارك كر وفر تدور في منطقة واسعة حول مبنى مديرية
الامن وان هناك حالات اغماء كثيرة بين النشطاء. وأضاف ان النشطاء أمام
مديرية الامن رددوا هتاف يقول "الشعب يريد اسقاط المشير" و"مش هنمشي هو
يمشي" في اشارة الى رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة. وكان النشطاء
رددوا نفس الهتاف ضد الرئيس السابق حسني مبارك خلال الانتفاضة الشعبية
التي أسقطته في فبراير شباط.
وفي مدينة المنيا عاصمة محافظة المنيا جنوبي القاهرة اشتبكت قوات
الامن مع محتجين خارج مبنى مديرية الامن في المدينة. وقال مصدر طبي ان
15 ناشطا اصيبوا بحالات اغماء نتيجة اطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع
بكثافة عليهم.
وقالت شاهدة ان مصابين اخرين نقلوا الى بيوتهم خشية القاء القبض
عليهم اذا نقلوا الى مستشفيات عامة. وأضافت أن أطباء أقاموا عيادة
ميدانية في ميدان بالاس الذي تدور فيه اشتباكات بين محتجين وقوات الامن.
وتابعت أن مرشحين لانتخابات مجلش الشعب أوقفوا حملاتهم الدعائية
وانضموا الى المحتجين الذين قالت انهم لم يعيروا بيان طنطاوي اهتماما
ورددوا هتافا يقول "يا طنطاوي خاف الله دورك جاي وعهد الله".
وفي مدينة أسوان بأقصى جنوب البلاد ردد ألوف النشطاء هتافات مناوئة
لوزارة الداخلية أمام مبنى مديرية الامن الذي وقف لحمايته نحو ألف ضابط
وجندي. وقطع المحتجون طريق الكورنيش الذي يطل عليه المبنى بحسب شاهد
عيان تحدث الى رويترز بالهاتف. ونظمت مظاهرات أخرى في محافظات السويس
ودمياط وقنا.
استقالة الحكومة
من جانبه قال رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين
طنطاوي انه قبل استقالة الحكومة المصرية التي يرأسها عصام شرف وانه
ملتزم باجراء الانتخابات البرلمانية في توقيتاتها المحددة.
وأشار فيما بدا أنها تنازلات لسياسيين ومحتجين في ميدان التحرير
بالقاهرة وفي مدن أخرى يضغطون على المجلس بقوة الى تسريع نقل السلطة من
المجلس الى المدنيين لكن ردود فعل محتجين اشارت الي ان بيانه لم يلق
استجابة.
وقال طنطاوي في البيان الذي أذاعه التلفزيون الرسمي "قررت ما يلي..
قبول استقالة حكومة الدكتور عصام شرف وتكليفها بالاستمرار في العمل
لحين تشكيل حكومة جديدة لها الصلاحيات التي تمكنها من استكمال الفترة
الانتقالية بالتعاون مع المجلس الاعلى للقوات المسلحة.
"الالتزام باجراء الانتخابات البرلمانية في توقيتاتها المحددة
والانتهاء من انتخاب رئيس الجمهورية قبل نهاية شهر يونيو (حزيران)
2012."
وفتح طنطاوي (76 عاما) الباب أمام تنازل للمحتجين الذين طالبوا
بتسليم السلطة فورا قائلا "ان القوات المسلحة ممثلة في مجلسها الاعلى
لا تطمح في الحكم وتضع المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار وانها على
استعداد تام لتسليم المسؤولية فورا والعودة الى مهمتها الاصلية في
حماية الوطن اذا أراد الشعب ذلك من خلال استفتاء شعبي اذا اقتضت
الضرورة ذلك."
وفي شأن مطلب اخر للمحتجين قال طنطاوي الذي يشغل ايضا منصبي القائد
العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والانتاج الحربي "أعلنا مرارا
وتكرارا أننا أوقفنا احالة المدنيين للمحاكم العسكرية الا في الحالات
التي ينطبق عليها القضاء العسكري."
وتقول منظمات حقوقية ونشطاء ان المجلس العسكري توسع منذ توليه ادارة
شؤون البلاد بعد الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في انتفاضة شعبية في
فبراير شباط في تقديم المدنيين ومن بينهم نشطاء الى محاكم عسكرية.
ويتهم مصريون المجلس العسكري بالافراط في استخدام القوة ضد احتجاجات
سلمية مما أدى الى مقتل عشرات المحتجين واصابة ألوف اخرين. وقال طنطاوي
"نشعر جميعا بالاسف الشديد لوقوع ضحايا ومصابين من أبناء الوطن في هذه
الاحداث التي تعود بنا الى الخلف ونقدم خالص العزاء لاهالي الضحايا."
واتهم في البيان معارضين لاداء المجلس العسكري بأنهم يوجهون
انتقادات للمجلس "تستهدف اضعاف هممنا وعزائمنا وتحاول النيل من رصيد
الثقة الكبير بين الشعب وقواته المسلحة بل وتستهدف اسقاط الدولة
المصرية." وقال "كنا دائما نلتزم ضبط النفس لاقصى درجة."
ويهدف بيان طنطاوي الى ارضاء المحتجين لكن بدا واضحا أن النشطاء في
ميدان التحرير منشغلين بما يحدث في الميدان من مواجهات مع الشرطة في
شارع يؤدي الى مبنى وزارة الداخلية ونقل المصابين الى العيادات المؤقتة
المقامة في الميدان. ولا توجد شاشات عرض في الميدان كالشاشات التي كانت
وقت الاحتجاجات التي أسقطت مبارك والتي استمرت 18 يوما.
وبعد البيان الذي علم به كثير من المحتجين من خلال الهواتف المحمولة
استمر ترديد الهتافات التي تقول "ارحل.. ارحل" و"امشي يعني امشي يا
اللي ما بتفهمشي" و"الشعب يريد اسقاط المشير".
وهتف بعض المحتجين قائلين "واحد السلطة مدنية.. اتنين حكومة وطنية".
وقال الناشط عمرو السيد الذي يعمل مدرسا "يبدو ان المشير لا يرى ما
يحدث في التحرير."
واعتبر نشطاء قول طنطاوي ان المجلس مستعد لنقل السلطة فورا بعد
استفتاء أسلوبا لاستهلاك الوقت. وقال الناشط شادي الغزالي حرب ان بيان
طنطاوي غير كاف. وأضاف قائلا "المجلس العسكري مسؤول مسؤولية كاملة عن
الفشل السياسي الذي فيه مصر حاليا. نطالب بحل يجرد المجلس العسكري من
كل سلطاته فورا." بحسب رويترز.
وليس معروف من أو ما هي الهيئة التي يمكن أن تؤدي سلطات رئيس الدولة
اذا تخلى المجلس العسكري عن سلطاته. ويقول نشطاء انهم يريدون تشكيل
مجلس رئاسي مدني من شخصيات تتردد أسماؤها من بينهم قضاة سابقون.
ودعت الولايات المتحدة التي تقدم مساعدة عسكرية سنوية لمصر قدرها
1.3 مليار دولار كل الاطراف الى ضبط النفس وحثت مصر على المضي قدما في
اجراء الانتخابات التي تبدأ يوم 28 نوفمبر تشرين الثاني بغض النظر عن
أعمال العنف وهو موقف كرره عدد كبير من القادة الاوروبيين.
وشارك الاخوان المسلمون الذين من المنتظر أن يحققوا مكاسب في
الانتخابات في اجتماع مع المجلس العسكري الى جانب أربعة أحزاب اخرى
وأربعة من المرشحين المحتملين للرئاسة.
وقالت جماعة الاخوان المسلمين التي تولي اهتماما لانتخابات مجلس
الشعب التي ستبدأ الاسبوع المقبل انها لن تشارك في المظاهرات الحاشدة
التي نظمت لتعضيد المعتصمين.
ويقول محللون ان الاسلاميين قد يحصلون على 40 بالمئة من المقاعد في
البرلمان الجديد وان القدر الاكبر من هذه النسبة سيذهب الى الاخوان
المسلمين. وطرد محتجون العضو القيادي بجماعة الاخوان المسلمين محمد
البلتاجي من ميدان التحرير حين حاول الانضمام اليهم. وألقوا عليه حجارة
وزجاجات فارغة قائلين له ان الاخوان ليسوا ثوارا حقيقيين بحسب وكالة
أنباء الشرق الاوسط.
المقارنات بين طنطاوي ومبارك
وفي ميدان التحرير بوسط القاهرة حيث اندلعت احتجاجات مناهضة للحكم
العسكري رفع المحتجون صورة لوجه رجل مسن نصفه للرئيس المصري السابق
حسني مبارك والنصف الاخر للمشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى
للقوات المسلحة الذي يدير مصر حاليا.
يلخص هذا شعورا متزايدا بالتباطؤ في الانتقال الى الحكم المدني..
فطنطاوي الذي يدافع عن مصالح الجيش الاقتصادية الهائلة بعد 60 عاما
هيمنت طوالها المؤسسة العسكرية على الحكم يتصرف بنفس الطريقة التي كان
يتصرف بها الرئيس السابق والذي ظل طنطاوي وزيرا للدفاع في حكومته طوال
عقدين.
وتشهد العاصمة المصرية وعدة مدن احتجاجات منذ خمسة ايام تطالب
المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي تولى السلطة بعد الاطاحة بمبارك في
فبراير شباط بتسليم الحكم لمدنيين.
وهتف محتجون شبان تقل أعمارهم عن نصف عمر طنطاوي (76 عاما) "الشعب
يريد اسقاط المشير". وكتبت عبارة "طنطاوي هو مبارك" على الجدران في
التحرير وفي أنحاء العاصمة.
وحاول طنطاوي يوم الثلاثاء الاستجابة لمنتقديه. وقال في كلمة بثها
التلفزيون بدا خلالها امام الكاميرا على قدر من عدم الارتياح ان
الانتخابات الرئاسية ستجري بحلول يوليو تموز وهو موعد مبكر جدا عن
الموعد المحدد سلفا والذي كان من المتوقع أن يكون في أواخر 2012 او
أوائل 2013 .
وأبرز طنطاوي في كلمته أن الجيش لا يريد الحكم وفي خطوة مفاجئة
اقترح اجراء استفتاء على استمرار الجيش في الحكم قائلا انه سيعود الى
ثكناته على الفور اذا كانت هذه هي رغبة الشعب. لكن هذا لم يقنع
المحتجين في التحرير وردوا بهتاف متكرر "ارحل..ارحل."
وقالت سارة حسين (24 عاما) "التاريخ يعيد نفسه. يبدو أنه اقتبس خطاب
مبارك." واعتبر البعض الاستفتاء حيلة تراهن على ملايين المصريين الذين
لم يشاركوا في الاحتجاجات بالتحرير او المدن الاخرى والذين سئموا حالة
الاضطراب السياسي.
وقال المحلل العسكري صفوت الزيات ان الجيش يعلم أن الاستفتاء الشعبي
سيؤدي الى استمراره في الحكم. لم يدل طنطاوي بتصريحات علنية الا فيما
ندر حين كان مبارك -وهو نفسه رجل عسكري- رئيسا لمصر. لكنه كان يظهر
دائما الى جواره في العروض العسكرية وغيرها من المناسبات. كان مقربا
جدا من الرئيس المخلوع بحيث يصعب أن تكون له شعبية بين المحتجين الذين
قادوا الثورة في ميدان التحرير.
وقال خليل العناني المحلل المصري في جامعة دورهام البريطانية "توقع
الناس أنه ربما يتغير بعد سقوط مبارك وقد يكون جادا بشأن قيادة البلاد
للتغيير." وأضاف أن المصريين وجدوا أن له "نفس عقلية مبارك ويريد أن
يحافظ على الاوضاع كما هي."
ووردت نفس وجهة النظر هذه عام 2008 اي قبل "الربيع العربي" بفترة
كبيرة في برقية دبلوماسية مسربة كتبها السفير الامريكي بالقاهرة حينها.
ووصف فرانسيس ريتشاردوني طنطاوي بأنه "لطيف ومهذب" لكنه "متقدم في السن
ويقاوم التغيير."
كان السفير الامريكي في موقع يؤهله ليعرف جيدا فالولايات المتحدة
تقدم مساعدات عسكرية لمصر قيمتها 1.3 مليار دولار كل عام.
وكتب ريتشاردوني "يركز هو ومبارك على استقرار النظام والحفاظ على
الوضع القائم حتى النهاية." وأضاف "انهما ببساطة لا يملكان الطاقة او
الميل او الرؤية العالمية للقيام بأي شيء بطريقة مختلفة."
ويبلغ طنطاوي من العمر 76 عاما وهو من نفس جيل مبارك (83 عاما) وقد
شاركا في حرب عام 1956 وحربي عام 1967 و1973 ضد اسرائيل. ويحظى الجيش
بالاعجاب لدوره في الصراعات.
لكن المشير الان يقود أمة معظم سكانها البالغ عددهم 80 مليون نسمة
من الشبان وهم أصغر من ان تكون لهم ذكريات عن الحروب الماضية. ان
ذكريات الكثير من الشبان الان تشكلها مشاهد لمعارك في الشوارع مع
الشرطة.
وقال نبيل عبد الفتاح الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية
والاستراتيجية ان المشكلة هي الفجوة بين الجيلين. جيل يفكر في مصر
جديدة واخر يميل الى الاستمرار في اطار النظام القديم. وأضاف أن المشير
ابن المؤسسة العسكرية ومهتم باحتفاظ الجيش بوضعه وبشكل علاقة الجيش
داخل النظام السياسي الجديد. ونفى طنطاوي أن تكون لديه اي طموحات في
تولي الرئاسة.
لكن دبلوماسيا غربيا يرى أنه يريد هو والجيش أن يضمنا الخروج
بشروطهما مثل ضمان الا يحال القادة الى المحاكم مثل مبارك وحماية مصالح
الجيش العسكرية الهائلة وكفالة امتيازات الجيش ووضعه.
وحاول طنطاوي أن يظهر في صورة اكثر تواضعا. وسجلت له لقطات بالفيديو
وهو يتجول بملابس مدنية قرب ميدان التحرير في سبتمبر ايلول ويتبادل
حديثا وديا مع المارة. لكن نشطاء على شبكة الانترنت استنكروا اللقطات
باعتبارها محاولة لتعزيز شعبيته. وسخروا قائلين ان البذلة تبدو جديدة
تماما.
ورد طنطاوي في تصريحات أدلى بها بعد الانتقادات بنحو أسبوع "عايزني
ألبس بدلة مقطعة؟"
وثار غضب النشطاء ايضا من صور نشرتها الصحف لطنطاوي وهو يفتتح طرقا
ومشاريع اخرى جديدة في تشابه واضح مع الزيارات التي كان يقوم بها مبارك
لهذه المشاريع.
لكن اكثر ما أغضب المصريين كان شهادته في محاكمة مبارك على قتل
المتظاهرين أوائل العام الحالي. لقد أدلى بشهادته في جلسة مغلقة لكنه
أكد فيما بعد رواية المحامين قائلا ان مبارك لم يأمر الجيش باطلاق
النيران.
وقال الزيات ان الجماهير المصرية كانت متأكدة أن مبارك أصدر أوامر
باطلاق النار على المتظاهرين. وأضاف أن ادلاء طنطاوي بشهادة تفيد العكس
هز في نهاية المطاف ثقة الناس فيه. |