|
هكذا أنت يا قطيف مظلومة ومضطهدة تعيشين بين الحبس والبندقية،
تعيشين وخيراتك تُمتص وثمارك تُقطف فأنت (قطيف) بمعنى الكلمة، وهذا
الشاب الربيعي السن (الشهيد ناصر المحيشي) يُقطف عمره كالزهور، روح
عزيزة أعزها الله وكرمها (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، إلا أن
الكرامة التي يطالِب بها الناس تقابل بـ (الرصاص والبندقية) فأين
الحوار ؟! وأي حوار؟!
يصطادون الناس كالحمائم والطيور، هل قطيفنا أمست (رحلة قنص) يستجم
فيها هواة صيد البشر؟! أم أننا في غابة لا تعرف غير لغة الحرب والمدفع؟!
أين الرحمة التي انطلقت من أرض الحجاز بالرسالة المحمدية؟!، (وَلَوْ
كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِك)، الفظاظة
هنا تبدأ وخلف شلالات الدماء تنتهي، عفالقة الزمن تساقطوا، فهل كان في
حياتهم عبرة لمن له عينين؟!
العقلاء هم من يستخدمون رصاص الكلمة عوضاً عن رصاص الرشاش
والبندقية، الحكماء هم من يتجلدون عند الصدمة الأولى ويقولون: (إِنَّا
لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، والشاب القطيفي المتوهج اليوم
رغم عنفوانه وشجاعته وبسالته يعيش حضارته بسلميته وتعقله، وينطلق وفق
مرتكزات يبني بها الغد الخصيب، ولكن أي غد نطمح فيه وهذه الثكنات
الحربية ما فتأت تنفك عنا بحصارها السخيف ليلا ونهاراً، وأي غد نسعى
لبنائه وهذه البنادق تشهر صبحا ومساءً، الفواتير التي تتراكم ستؤتي
الثمار، ولكن الصبر والتحلي بالحكمة واتخاذ المواقف الرشيدة بوابة
الحصاد اليانع..
منطقة القطيف معادلة صعبة يراد لها ما يراد، ولعل تقليص الحدود
الجغرافية تحكي لثغة في فم بعض المسؤولين، قطيفنا طاقة ريحان، قطيفنا
بلد الخير والأمان، قطيفنا واحة عطرة زاخرة بالعطاء والإخاء، فنقول لمن
يشهر السلاح: أغمدوا سلاحكم وارحلوا، فهنا وطن المحبة، نقول لهم:
أبحثوا لكم عن بقعة أخرى فنحن بخير ولا نحتاج لتحمل أخطاء الآخرين،
ولكن المؤسف أن يبرر للخطأ ببوق من الداخل والخارج، وما يزيد القلب
قيحاً ومرارة أن يرسم للأبرياء سيناريوهات ملفقة لا تنسجم حتى في أفلام
الخيال!!
القتل وسفك الدماء لا يؤدي إلى حالة الاستقرار، وهذه الطريقة
الهمجية أعلنت فشلها، ومن يمارس العنف والإرهاب وإزهاق أرواح الآمنين،
سيحل عليه الغضب من السماء، قبل الأرض، ولا نقول إلا: (إِنَّا لِلَّهِ
وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، نأمل أن تصل الرسالة لأصحاب العقول
الواعية، وإلا فإن للدم ثورة يعرفها الجميع!
|
