تحليل البنية العقلية للمجلس العسكري المصري

سيد يوسف

(الزمن ضد المجلس العسكري (المجلس لا الجيش الوطني الشريف) حيث الموت لكبر سنهم، والعسكر ضد إرادة الحياة/ الشعب حيث الهزيمة لا محالة فإما مناصرة أهداف الثورة وإما طرة في انتظارهم كما كبيرهم المخلوع).

في ضوء نتائج بعض الأحداث في الشأن المصري في الأشهر الماضية وتحديدا فيما يختص بأحداث الاستفتاء وإدارة المجلس العسكري المصري لتسيير الأمور وشل حركة مجلس الوزراء عن الحركة أو حتى تقديم الاستقالة وقد شاب هذه الإدارة غموض وفشل شعر به جميع المصريين حتى ظن كثير من الناس أن العسكر يعاقبون المصريين على قيامهم بالثورة ولم يعلم أن الحالة الثورية في مصر يمكن أن تفعل بالعسكر كما فعلت بكبيرهم من قبل مبارك ومن معه... نقول في ضوء تحليل بعض المفردات يمكننا أن نتعرف على هذه العقلية لهدف ما سوف نذكره لاحقا.

وهذه المفردات - التالية - احتمالية لكن يغلب عليها الترجيح لاعتبارات عدة ونريد بسردها أن تكون نواة للذين يفكرون لتقزيم العسكر وتسليم السلطة للمدنيين ومن ثم يفكرون في استحداث طرق فعالة للضغط في محاولة لاستعادة الحقوق ورفض العسكرة ومقاومة الفشل العسكري في إدارة شئون البلاد والتمهيد لإقامة حياة نيابية سليمة في مصر تتضمن عدة أمور منها تأسيس الدستور والقضاء على الانفلات الأمني (الذي هو صناعة عسكرية وشرطية وفلولية في الأساس) وأيضا دوران عجلة الإنتاج وإقامة عدالة اجتماعية تضمن كرامة الناس في معاشهم وهكذا.

وهاك بعض هذه المفردات التي تشكل البنية الأساسية لعقلية المجلس العسكري في مصر في الفترة من ( فبراير2011 : نوفمبر2011 ) :

1/ التباطؤ والفشل في قراءة الواقع قراءة سياسية سليمة.

2/عدم التراجع عن قراراته إلا في ظل ضغط مليونيات تظاهرية وإلا إذا صبت في مصلحة تأخير السلطة ( مثال المواد المضافة على الاستفتاء في الإعلان الدستوري).

3/غموض الرؤية واضطراب التعامل مع الأحداث المستجدة وترك ذلك للظروف وبمعنى آخر افتقاد القدرة على التخطيط الجيد للتعامل مع الأزمات ( مثال ذلك التعامل مع قضية الحد الأقصى للأجور ).

4/النظرة الفوقية في التعامل مع قطاعات الشعب ولا سيما مثقفيه ومن ثم عدم التواصل مع الناس... إلا حين يزداد الضغط عليهم ورموز التيار الديني عندهم في المقدمة.

5/التعامل مع مطالب الثوار بالحلول الأمنية والمحاكمات العسكرية.

6/تجاهل وجود مشكلات حقيقية خانقة يمر بها المجتمع وكأنها غير موجودة بالفعل(الفساد تهريب الأموال الفلول تقاعس الشرطة قضية الأجور الفلتان الأمني أخرى ).

7/الاستمرار في نفس سياسات المخلوع الخارجية على حساب قضايا الوطن (اتفاقيات الغاز الطبيعي والكويز والإفراج عن الجواسيس أخرى ).

8/ رفض ومحاربة التغيير السلمي عبر صناديق الاقتراع والإصرار على الاحتفاظ بالسلطة حتى وإن تعرض الوطن للانهيار والخراب...وخلف الوعود بطريقة تثير الريبة.

9/تجنب إقامة تحالفات سياسية خارجية قوية تدعم جعل مصر بلدا قويا خشية من أمريكا...كالتحالف متعدد الأشكال مع تركيا على سبيل المثال.

10/العمل على تكريس الشعور العام بالإحباط من التغيير السلمي ومن ثم يفقد المواطنون وبعض الأحزاب الثقة في إمكانية التداول السلمي للسلطة.

11/تخويف الغرب وبعض الناس في الداخل من فكرة البديل للعسكر وذلك بتبشيع صورة الإخوان المسلمين والعمل الدءوب على تشويه صورتهم في وسائل الإعلام والدفع بأبواقهم للنيل من الإخوان أشخاصا وجماعة وتاريخا والتشكيك في نيات الإخوان بمحاكمتها مهما أظهروا من نيات حسنة.

12/ إشاعة الشائعات بهدف زيادة توتر الأجواء وتكريس الإحباط قتل الأمل في نفوس المصريين.

في النهاية لقائل أن يقول إن العسكر ليسوا بالخبرة الكافية لإدارة شئون الناس حسنا فلماذا لا يستعينون بغير الأغبياء من أعضاء الحزب الوطني القديم؟ ولماذا الإصرار على الإبقاء على حكومة تافهة ضعيفة؟

الزمن ضد العسكر (المجلس لا الجيش الوطني الشريف) حيث الموت لكبر سنهم، والعسكر ضد إرادة الحياة حيث الهزيمة لا محالة فإما مناصرة أهداف الثورة وإما طرة في انتظارهم كما كبيرهم المخلوع... وحتى ذلك يبقى أمام الحركات الوطنية والمهتمين بالشأن المصري عدة خيارات للتعامل مع ذلك المجلس العسكري منها:

 (1) منهج التصعيد بدء بالتظاهرات السلمية ومرورا بالعصيان المدني وانتهاء بثورة شاملة غالبا لن تكون سلمية إذ حين تفشل الثورة السلمية فلا مناص من أن تتحول إلى ثورة دموية يعرف ذلك المتابعون لتاريخ الثورات.

 (2) ومنها منهج سياسة النفس الطويل عسى التغيير يأتي عبر صناديق الاقتراع.

 (3) ومنهج الإبقاء على ما هو كائن وتقدر الأمور بقدرها...والتعامل مع الإحداث يوما بيوم.

في يقيني أن حكمة المصريين ووجود القدوة (الذي ستفرزه الأحداث لا محالة) وتفجر الأوضاع الاقتصادية وغموض العسكر وفشل إدارتهم للأمور... وتعمد سرقة الثورة وتبدد أهداف الثورة (حرية/ كرامة/ عدالة اجتماعية)...كل هذي بعض عوامل سوف تسهم في التعرف على أي نهج سوف يسلكه المصريون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/تشرين الثاني/2011 - 25/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م