رؤية من داخل واشنطن..الانسحاب من العراق هزيمة أم تكتيك؟

متابعة: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: فيما يشكك الرأي العام بحسن النوايا الأمريكية حول انسحاب القوات من العراق، يقر المسؤولون الأمريكيون بأن مايدور من تخطيط لانسحاب الأمريكيين من العراق أمر محتوم وذلك لأسباب كثيرة منها عدم موافقة العراقيين على بقاء هذه القوات وهذا بطبيعة الحال له أسباب أيضا منها هو موضوع الحصانة للجنود الامريكيين ووقوفهم أما المحكمة فيما اذا حصل تجاوز ما، كما هناك ضغوطا أخرى من قبل الجارة ايران من أجل انسحاب هذه القوات...

لكن مراقبون قالوا ان انسحاب القوات الأميركية من العراق بأنه يشكل إستراتيجية مأساوية تتخذها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وصرح بأن الانسحاب يعتبر هزيمة محققة وليس نصرا.

يقول خبير الأمن القومي في مجلس العلاقات الخارجية بالولايات المتحدة ماكس بوت أن أوباما يقول إن بلاده تنسحب من العراق بسبب تصلب موقف السياسيين العراقيين، ولكن الرئيس الأميركي –والقول للكاتب- لم يحاول اتخاذ المفاوضات مع العراقيين على محمل الجد.

وفي حين أشار الكاتب إلى تصريحات أوباما في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي والمتمثلة في قوله إنه حقق وعده بسحب القوات الأميركية من العراق بعد حرب دامت قرابة تسع سنوات، وإلى أن أوباما تحدث في البيت الأبيض بلغة المنتصر، قال الكاتب إنها كانت هزيمة أميركية في العراق وليست انتصارا.

وتسائل مراقبون عن الأسباب الواقعة خلف ما وصفها بهزيمة الولايات المتحدة في العراق، وقال إن السبب الظاهري يتمثل في رفض العراقيين منح الجنود الأميركيين الحصانة من الوقوف أمام المحاكم العراقية في حال انتهاكهم القوانين المحلية في العراق.

ويقول محللون سياسيون أنه بالرغم من أن التحفظات العراقية بشأن حصانة الجنود الأميركيين كانت هي نفسها في عام 2008، فإن مفاوضات جرت بين بغداد وواشنطن حينها وأسفرت عن اتفاقية لتمديد بقاء القوات العسكرية الأميركية في العراق، وأن ذلك الاتفاق جرى بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وإدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.

وعن سر توصل إدارة بوش إلى اتفاق مع المالكي بشأن تمديد بقاء القوات الأميركية في العراق بالرغم من أن عددها عام 2008 كان يقرب من 150 ألفا، في مقابل عدم قدرة إدارة أوباما على التوصل إلى اتفاق مع المالكي نفسه بالرغم من انخفاض عدد القوات الأميركية في العراق هذه الأيام بشكل كبير.

وحذر خبراء من عدم قدرة العراق على الدفاع عن نفسه، سواء على مستوى القوات الجوية أو الأرضية، إضافة إلى الجماعات إلارهابية المتعددة التي لا تزال تجثم على الأراضي العراقية، ومن هنا فإن الانسحاب الأميركي من العراق في هذا التوقيت يعتبر مأساة وليس نصرا، بل إنه هزيمة محققة.

ويعتقد خبراء إن إدارة الرئيس باراك أوباما تخطط لتعزيز الوجود العسكري الأميركي في الخليج العربي بعد الانسحاب من العراق في نهاية هذا العام.

ويقول مسؤولين ودبلوماسيين إن إعادة الانتشار تتضمن توزيع قوات جديدة في الكويت يمكنها التدخل في حال تدهور الوضع الأمني بالعراق أو مواجهة عسكرية ضد إيران.

 فإن الخطط، التي تُدرس منذ شهور، حصلت على صفة الاستعجال بعدما أعلن أوباما أن آخر الجنود الأميركيين سيغادرون العراق بنهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل.

البنتاغون من جهته وضع هذه الخطة البديلة بعدما فشل في إقناع إدارة أوباما والحكومة العراقية لإبقاء نحو 20 ألف جندي بعد 2011.

وبالإضافة إلى القوات البرية في الكويت، تخطط الولايات المتحدة لإرسال عدد إضافي من السفن الحربية إلى المياه الدولية في المنطقة.

واشنطن من جهتها تملك علاقات عسكرية مع دول مجلس التعاون الخليجي ولديها علاقات عسكرية ثنائية وثيقة مع دوله، تحاول بناء هيكل أمني جديد في منطقة الخليج العربي من شأنه دمج الدوريات الجوية والبحرية والدفاع الصاروخي.

إن حجم القوات التي ستبقى في الكويت لا يزال موضوع تفاوض وسيُعرف في الأيام القادمة. فان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قالت سوف يكون لنا وجود قوي مستمر في جميع أنحاء المنطقة، وهذا دليل على التزامنا المستمر في العراق ومستقبل تلك المنطقة.

ضباطا في القيادة المركزية قالوا إن مرحلة ما بعد حرب العراق تتطلب وجود طرق أكثر فاعلية لنقل القوات وزيادة التعاون مع الشركاء في المنطقة.

وقال قائد التدريبات في القيادة المركزية العقيد جون نورمان للمرة الأولى ستتم دعوة للمشاركة في مناورات إقليمية بالأردن العام المقبل، هدفها التدرب لمواجهة أخطار الإرهاب وحرب العصابات.

ويرى مراقبون ان جزءا آخر من التخطيط في مرحلة ما بعد حرب العراق يتطلب مشاركة دول مجلس التعاون الخليجي، التي سعت بصورة متزايدة إلى ممارسة نفوذها الدبلوماسي والعسكري في المنطقة وخارجها.

فأن إدارة أوباما اقترحت تحالفا أمنيا أقوى ​​ومتعدد الأطراف مع دول المجلس. وأوجزت كلينتون ووزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الاقتراح في جلسة غير عادية مشتركة مع مجلس التعاون على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي، وهذا الاقتراح يتطلب موافقة المجلس الذي سيجتمع زعماؤه في ديسمبر/كانون الأول في العاصمة السعودية الرياض.

وفي ظل التحديات التي تواجهها امريكا بعد الانسحاب، فان محللين سياسيين قالوا أن الانسحاب الأميركي من العراق لن يؤدي سوى إلى تقوية نفوذ إيران التي تملك روابط قوية مع الحكومة الشيعية في بغداد، وأن إيران هزمت الولايات المتحدة في العراق.

ويؤكد الباحثان فريديرك وكيمبرلي كاغان أن الانسحاب الأميركي الذي جاء بعد فشل واشنطن في ضمان بقاء جنودها بالعراق وفق اتفاق جديد، لن يكون جيدا للعراقيين وللمنطقة، ولكنه مفيد لإيران دون شك.

وقال الباحثان إن الرئيس باراك أوباما في خطابه بكامب لوغون في فبراير/شباط 2009 حدد أهداف أميركا بالنسبة للعراق، وهي "عراق مستقر يعتمد على ذاته، وأن أميركا ستصل إلى هذا الهدف بالعمل من أجل وجود حكومة عراقية مسؤولة تمثل الجميع وتمنع حصول الإرهابيين على ملاذ آمن.

وقال الباحثان إنه بينما فشل أوباما في تحقيق أهدافه في العراق، كانت إيران على العكس من ذلك، إذ هي في الطريق لتحقيق أهدافها إستراتيجية.

ويرى خبراء أن منع توقيع اتفاق تمديد بقاء القوات الأميركية كان هدفا إيرانيا أساسيا منذ عام 2008، ففي تلك السنة قال قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال راي أوديرنو إنه اطلع على تقارير استخبارية تقول إن إيران رشت مسؤولين عراقيين لعرقلة الاتفاق الجديد.

وأوضح الباحثان أن كثيرا من الأميركيين تنفسوا الصعداء بإعلان انتهاء الحرب في العراق، لكن هذا الارتياح يجب أن يكون مصحوبا بإقرار أن إيران نجحت في تحقيق أهدافها في العراق.

ويعتقد مراقبون أن عراقا مرتبطا بإيران سيضعف أية عقوبات تفرضها المجموعة الدولية على طهران، كما أن الخلافات الطائفية والعرقية القائمة يمكن أن تشتعل مجددا في هذه السنة التي شهدت أيضا الربيع العربي، وقد تشهد صعود إيران في العراق وجميع أنحاء الشرق الأوسط، وحينها ستكون هزيمة أمريكا أمرا لا مفر منه.

لكن المتحدث باسم السفارة الأميركية لدى العراق، كريس هانزمان، عبر عن قناعته أن مستوى التعاون الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأميركية سوف يشهد تصاعدا مستمرا في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي من العراق نهاية العام الحالي.

وقال هانزمان إنه في الوقت الذي لم يجر فيه بعد اتفاق بشأن المدربين من حيث العدد والآلية، ومع عدم إصرارنا الأكيد على هذا الموضوع، فإن ما أود قوله، وأن يعرفه العالم، إن جنودنا يتعاملون مع المواطنين العراقيين بما لا يخالف القيم والتقاليد العراقية، مشيرا إلى أن الجنود الأميركان في حال مخالفتهم للقانون العراقي فإنه سيتم محاكمتهم وتقديمهم للعدالة وفق القانون، لو تم إثبات أنهم متهمون، لدينا الآن جنود في الولايات المتحدة تم الحكم عليهم وفي السجن لمخالفتهم للقانون العراقي، وأشار إلى أن كل هذه الأمور منصوص عليها ضمن الاتفاقية الأمنية التي تم التوقيع عليها بين العراق والولايات المتحدة أواخر عام 2008.

وردا على سؤال بخصوص آفاق التعاون المستقبلي بعد الانسحاب وفي إطار اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تنظم العلاقة المستقبلية، قال هانزمان: إننا أعلنا هذا الأسبوع عن المئات من المنح الدراسية للمدرسين والطلاب العراقيين وفي مختلف الاختصاصات في الولايات المتحدة، كما أننا سوف نشارك في معرض بغداد الدولي الذي سيفتتح الشهر القادم، وذلك من خلال الشركات الأميركية.

وأوضح أن العراق والولايات المتحدة لا يزال لديهما تعاون أمني في ما يخص بيع الأسلحة الأجنبية، كما أن لدينا عدة مجالات للتعاون والشراكة، ونحن نؤمن أن هذا لا يساعد العراق فقط وإنما الولايات المتحدة أيضا. في نهاية المطاف أملنا أن يكون العراق ذا سيادة ومستقرا ويتمتع بالاكتفاء الذاتي، مشيرا إلى أن اتفاقية الإطار الاستراتيجي تتيح للجان الفرعية في كلا البلدين المزيد من التعاون، وأن مكتبي جزء من هيئة أوسع للتعاون في مجالات عدة ومباشرة مع الهيئات الحكومية، حيث إن مكتبنا هو أيضا مكتب تعليمي وثقافي ينتمي إلى إحدى هذه اللجان التابعة لهيئة التنسيق العليا، وعليه؛ يتم توقيع الاتفاقيات تحت الإطار الاستراتيجي مع وزارات الدولة المختلفة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 5/تشرين الثاني/2011 - 8/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م