أمريكا وإدارة الصراع في العراق

طموحات أيران والحصول على المكاسب

متابعة: علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: فيما يراقب العراقيون انسحاب القوات الامريكية من العراق فإن التدخلات الخارجية والأجندة الدولية مازالت قائمة ولن تفضي إلى فوضى عارمة وحسب، بل أخطر من ذلك، وهو تقديم المبرر لتصاعد اعمال العنف. وهذا بطبيعة الحال سبب طبيعي لوجود مراهنات على أهمية بقاء هذه القوات في العراق من أجل الحصول على مكاسب سياسية.

حيث يحرص الامريكيون على محاصرة النفوذ الايراني بعد انسحاب القوات من العراق عبر طرح ورقة الضغط والتي تحمل ملفات عديدة منها الملف النووي وملف أغتيال السفير السعودي والتدخل الايراني في الشأن السوري حيث أريد من هذه الملفات ان تشكل عامل ضغط على الايرانيين من أجل الابتعاد عن الساحة العراقية.

الإدارة الأمريكية من جهتها تدرك أنها تخوض معركة حاسمة من أجل إدارة الصراع في العراق، وأن طموحات الولايات المتحدة من أجل الحصول على مكاسب أكبر مازالت قائمة وهذا ما تبين من خلال مواصلة المفاوضات حول نوع العلاقات ومصير القواعد العسكرية والتحالف بين العراق والولايات المتحدة الامريكية.

وأختلفت وجهات النظر حول مصير القوات الامريكية والتي من المقرر ان تنسحب نهاية هذا العام، محللون سياسيون قالوا إن قرار انسحاب القوات من العراق بأنه كارثة وسيؤدي إلى إعطاء إيران فرصة لتزايد نفوذها في العراق. حيث يقول الجنرال المتقاعد جون كين الذي كان بصدارة من أقنعوا الرئيس السابق جورج بوش بتعزيز قواته بالعراق عام 2007 قوله إنها كارثة بكل المقاييس. لقد كسبنا الحرب بالعراق وها نحن نخسر السلام.

وكان كين في طليعة الضباط الذين أوصوا بتعزيز القوات الأميركية واتباع تكتيك حرب الشوارع المنظمة ضد تنظيم القاعدة بالعراق، ولكنه اليوم يعتبر أن بلاده تخسر هناك رغم التقلص الكبير بعدد الهجمات على القوات الأميركية هناك الفترة الأخيرة.

ويرى مراقبون أن العراق لا يتمتع بالوقت الحاضر بقدرات كافية لحماية نفسه، كما أن واشنطن تخذل الشعب العراقي بانسحابها. وعلّق كين بالقول علينا أن نبقى بالعراق لنقوي الديمقراطية فيه ولنمكن العراقيين من الحصول على المكاسب السياسية التي هم بحاجة إليها، ولنمنع الإيرانيين من خنق ذلك البلد. يجب أن يكون هذا هو هدفنا ولكننا ندير ظهورنا له.

وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون قد حذرت من أوزبكستان حيث تقوم بزيارة رسمية، من أن يُساء فهم الانسحاب الأميركي من العراق، وأشارت إلى إيران بالتحديد. وقالت كيلنتون يجب على الجميع وخاصة إيران ألا يسيئوا فهم التزامنا بتقدم العراق ومساندته. فبالإضافة لوجودنا الدبلوماسي المكثف بالعراق والذي سيضطلع بمهام كثيرة للتعامل مع عراق ديمقراطي ومستقل وذي سيادة، هناك قواعدنا بالجوار وحليفتنا تركيا. لدينا حضور قوي بالمنطقة. وكان قادة جمهوريون، من بينهم مرشح الرئاسة السابق جون ماكين، قد انتقدوا في وقت سابق قرار أوباما إجلاء القوات من العراق، ووصفوه بأنه خطأ خطير.

هزيمة تامة

الكاتب البريطاني جوناثان ستيل من جهته يرى إن حرب العراق انتهت أخيرا وهي تشكل هزيمة تامة للمحافظين الجدد، موضحا من أن يكون النفوذ الإيراني في العراق أعظم من النفوذ الأميركي نفسه.

ويرى ستيل أن إعلان الرئيس الأميركي الانسحاب من العراق يأتي على الرغم من أنه هو نفسه دعم جهود وزارة الدفاع الأميركية لإبرام اتفاق مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للإبقاء على قواعد عسكرية أميركية في العراق يتمركز فيها آلاف من الجنود الأميركيين إلى أجل غير مسمى.

وأوضح أن المحادثات الأميركية العراقية بشأن قواعد أميركية في العراق انهارت لأن أعضاء في البرلمان ووطنيين عراقيين أصروا على أن القوات الأميركية تخضع للقانون العراقي. كما أنه في كل بلد تقيم فيه الولايات المتحدة قواعد عسكرية، تصر واشنطن على حصول جنودها على حصانة قانونية، رافضة السماح بمحاكمتهم أمام محاكم أجنبية، ولكن الأمر في العراق جاء مختلفا، وخاصة في ظل حساسية الموقف، وبعد قتل الأميركيين العديد من العراقيين، إضافة إلى فضائح سجن أبو غريب سيئ السمعة، وبعدما برأت محاكم أميركية الجنود الأميركيين أو قضت بسجنهم مددا قصيرة.

ويرى مراقبون إن انسحاب القوات الأميركية النهائي من العراق يمثل هزيمة نكراء لخطط الرئيس الأميركي السابق جورج بوش ولمشروع المحافظين الجدد، والمتمثل في غزوهم العراق عام 2003 لتحويل البلاد إلى دولة ديمقراطية آمنة موالية للغرب وحامية للقواعد الأميركية، ويكون من شأنها زيادة الضغوط على سوريا وإيران.

بينما يرى محللون سياسيون أن من دلائل الفشل الأميركي في العراق مظاهرات العراقيين في بغداد والبصرة ضد استبداد حكومة المالكي، في ظل محاولتهم اللحاق ببني جلدتهم من العرب الذي هبوا من أجل الحصول على الديمقراطية عبر الإطاحة بالأنظمة الدكتاتورية في تونس ومصر على سبيل المثال.

وأما ما يمثل الفشل الأميركي الأكبر في العراق فهو إطاحتها بصدام الذي وصفه الكاتب بالعدو الأكبر لإيران، وبالتالي إتاحة الفرصة أمام النفوذ الإيراني في العراق والذي وصفه بأنه نفوذ يفوق النفوذ الأميركي هناك.

فرصة ايران المحتملة

وإذا كانت إيران لا تسيطر على العراق، فإنها لم تعد تخشى أي مخاوف من جارها الغربي. وبينما يتهم الجمهوريون أوباما بأنه هو من يتيح الفرصة لإيران في العراق عبر انسحابه من الأخيرة، يقول الكاتب إن بوش هو الذي منح إيران أمنياتها الإستراتيجية من خلال غزوه للعراق في المقام الأول.

كما أن العراق قدم درسا هاما للولايات المتحدة والغرب مفاده أن وطء الأراضي الأجنبية عبر حروب خارجية يعتبر ضربا من الجنون.

ويرى خبراء أن امريكا فشلت في العراق وان هذا الفشل يقدم لهم درسا في أفغانستان، حيث تحاول الولايات المتحدة مناقشة شأن إبقاء قواعد عسكرية أميركية على الأراضي الأفغانية. وحذر مراقبون من إيران وعدم فهما لقرار سحب القوات الامريكية من العراق نهاية العام الجاري على أنه نكوص عن الالتزام تجاه الديمقراطية في المنطقة.

ويدرك الامريكيين أن التوترات والتهديدات لن تنهي من العنف تلقائيا. غير أن خبراء قالوا أن الولايات المتحدة ستحتفظ بوجود قوي في العراق. والامريكيين يقومون بمهمة دعم وتدريب وسيكونون موجودين في العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 27/تشرين الأول/2011 - 29/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م