قراءة الإمام الشيرازي المستقبلية فيما بدأ بالغرب اليوم وما سيكون

 

شبكة النبأ: في يوم السبت 15/10 انطلق يوم غضب عالمي لتغيير الغرب والتخلص من الرأسمالية المتوحشة والعولمة اللانسانية ومن المصرفيين والساسة الجشعين، فقد انتشرت دعوات في المواقع الإجتماعية لتنظيم احتجاجات دولية في 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري في أكثر من 25 دولة حول العالم. كما انتشرت دعوات على "فيسبوك" لاحتلال "بورصة لندن" أكبر بورصات أوروبا والرابعة عالمياً، وتجاوز عدد أتباع الدعوة أكثر من 6 آلاف مشترك بالموقع الإجتماعي. وتقول الحركة المنظمة لـ"احتلوا وول ستريت" في موقعها الإلكتروني: "العامل المشترك الذي يجمع بيننا، هو أننا نمثل 99 في المائة، ولن نتسامح مع جشع وفساد الـ1 في المائة."

ويشعر المحتجون الامريكيون بالغضب لان البنوك الامريكية تتمتع بارباح كبيرة بعد حصولها على حزم انقاذ ضخمة في 2008 بينما يكافح الناس العاديون في ظل اقتصاد صعب يشهد وصول نسبة البطالة الى تسعة في المئة وضالة المساعدة من واشنطن. وردد المتظاهرون في دول اخرى "هذه الديون ليست ديوننا." وطالبوا بخروج صندوق النقد الدولي من البلاد. ورفع المتظاهرون لافتات تقول "لسنا سلعة في ايدي المصرفيين" واخرى تقول "لا مزيد من قروض الانقاذ للبنوك." وفي احتجاج صغير في دبلن بايرلندا قال جوردون لوكاس وهو مهندس برمجيات لا يعمل "لم يعد لدينا اي ديمقراطية اقتصادية بعد اليوم...لا اشعر ان هناك من يمثلني." وقالت فابيا البالغة من العمر 44 عاما وهي موظفة بشركة اتصالات رفضت الكشف عن اسمها بالكامل "ليس من العدل ان يأخذوا منزلك اذا لم تتمكن من دفع قيمة الرهن العقاري مع انه يتم تقديم المليارات للبنوك لدواع غير واضحة." وقال نيك كارسون المتحدث باسم حملة "احتلوا ملبورن.أورج" بينما كان نحو ألف شخص يحتشدون في المدينة الاسترالية "أعتقد أن الناس تريد ديمقراطية حقيقية. "لا يريدون نفوذا للشركات على ساستهم. يريدون أن يخضع ساستهم للمساءلة." وقال أنتونيو روي (46 عاما) عامل بناء "سئمنا من أن نكون دائما من يدفع فاتورة هذه الازمة. ان البنوك لم تدفعها قط.. الشعب هو من يدفع دائما."

وقد كان المرجع الديني الراحل الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي قد تنبأ في كتابه (الغرب يتغير) قبل اكثر من عشرين عاما بتغير الغرب نحو الافضل متخلصا من سلبيات الرأسمالية التي ادت في عام 2008 بأزمة مالية قاصمة. وقد نشر موقع الامام الشيرازي على الانترنت خلاصة لأفكار الامام الشيرازي عن التغيير القادم في الغرب كما يلي:

حتمية العودة الى الفطرة والعقل

* إني أتصور أن الغرب سيعود إلى تصحيح بعض مناهجه لتتطابق مع الفطرة والعقل في القريب العاجل، وربما خلال عقد واحد من الزمن، وإن كان الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وأوليائه بإذنه، إلا أن المتغيرات والمقدمات والشواهد والقرائن كلها تشير إلا هذه النتيجة المرتقبة.

* ستكون عودة الغرب لتصحيح كل مناهجه مرهونة بمدى تحركنا نحن المسلمين في هذا الحقل وذلك على ما سنبينه في هذا الكتاب بإذنه (تبارك وتعالى).

* الإسلام بما أنه الدين الوحيد الذي ينتهج طريق الفطرة بما للكلمة من معنى "فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله". حيث إن كيفية الخلقة مستندة إلى الله، وحيث أن سنن الله لا تتغير "لا تبديل لخلق الله". فإنه من المتوقع أن يتجه الغرب نحو الإسلام بالإضافة إلى تصحيح جملة من مناهجه وتوفيقها مع الإسلام. لكن المسببات - كما أوضحت - مرهونة بالأسباب فإن وجد رجال مخلصون بالمستوى اللائق والمطلوب، كان التغيير ممكناً وسريعاً، وإلا فإن التحرك نحو الأفضل سيكون بطيئاً وناقصاً حتى يبرز أولئك الرجال المخلصون.

* لو أحصينا عدد المآسي التي تعصف بالبلاد الغربية وبحثنا في أسبابها، لاكتشفنا إن الرأسمالية كانت سبباً أساسياً في كل تلك المشاكل، وفي تفاقم الكثير منها. فالرأسمالية أفقدت المجتمع الغربي العدالة الاجتماعية حيث تكدست الأموال في جانب، وانحسرت في جانب الآخر، وهذا التمايز الطبقي أدى إلى الفقر، وبالتالي إلى المرض والجهل والفوضى والاضطراب والبطالة واليباب، وما إلى ذلك. فعندما يشح المال ويحل كابوس الفقر على مجتمع من المجتمعات، أو على قطاع واسع من قطاعا ته، فإن نتيجة ذلك: أن يصاب ذلك المجتمع بمختلف المشاكل والأزمات، ذلك لان الفقر معناه: أن يحرم المواطن من حقه في طلب العلم، ويحرم من حقه في تأمين حاجاته الجسدية و... ونتيجة لذلك: يحقد المواطن على مجتمعه ويتحين الفرص ليثأر منه، مما يورث الفوضى في كل مرافق الحياة.

* في الولايات المتحدة (ذات النظام الرأسمالي) أكثر من ثلاثين مليون فقير، كما اعترفوا هم بذلك، بينما نجد في التأريخ: إنه لم يكن يوجد فقير واحد في حكومة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الشاسعة، التي امتدت لتشمل منطقة واسعة من الكرة الأرضية. وفي مستعمرات فرنسا يموت الناس جوعاً، بينما في فرنسا تصرف أموال تكفي لسد جوع خمسة و عشرين مليون إنسان على (الكلاب) فقط.. إلى غير ذلك من الأرقام المذهلة والعجيبة في الدول الرأسمالية !.ومثل هذه الأرقام لابد لها أن تحرك مشاعر المصلحين فيضعوا حداً لها، كما وضعوا قبل ذلك حداً للدكتاتورية واستبدلوها بالديمقراطية التي هي أقرب إلى الحرية.

* من المخاطر التي تنذر الغرب وتدعوه إلى تغيير سياسته الاقتصادية مجموعة الأخطاء والمثالب التالية:‏

‏أولاً: ركود وتجميد الأسواق العالمية نتيجة للإفراط في إنتاج بعض المواد أكثر من الحاجة إليها، مما يسبب تكديسها في الأسواق فتتعطل على أثرها بعض المعامل عن العمل، ويسرح بعض العمال عن أشغالهم، فتحدث البطالة بما تستلزمه من مشاكل ناجمة عن الفراغ.

ثانياً: الإخلال بالسوق عبر عدم توازن المواد المنتجة مع حاجات الناس، ومن الواضح أن كل إنسان يحتاج إلى كمية خاصة من كل شيء، فإذا زادت كمية على حساب كمية أخرى اختل نظام السوق: وهذه الحالة تشبه حالة الإنسان الذي نمت إحدى أعضاءه بغير تناسب، بينما الحياة كلها نسب ومقادير وموازين.

الثالث: إخضاع الأسواق العالمية للعبة الاستعمارية، حيث يضغط المنتجون على الحكام لفتح أسواق لهم في بلاد أخرى، مما يوجب الاستعمار بمختلف ويلاته.

الرابع: احتكار المنتوجات الصناعية والزراعية، كطريقة لرفع أسعارها، أو إلقاء الفائض منها في البحر حفظا للأسعار، هذا بالإضافة إلى أنها جريمة إنسانية تسبب تضييعا لـ (بيت المال) وهدراً لإمكانياته.

ويضاف إلى ذلك كله إن هذه المشاكل المتشابكة، تتمخض عنها مشاكل أخرى وسلبيات أخرى لا يمكن رفعها إلا بتعديل القوانين الاقتصادية الفاسدة وإبدالها بقوانين الإسلام المتطابقة مع العقل والفطرة.‏ وإني أتذكر قبل نصف قرن إن العراق لم تكن تعتريه هذه المشاكل، لعدم وجود قوانين مستوردة تدافع عن هذه الألوان من الانحراف والفوضى والاحتكار وعندما جاءت القوانين الوضعية عم الفساد الأسواق، واكتوى الشعب بنيران تلك القوانين اللافحة.

* لعل ظواهر الأحداث تدل على أن الغرب أعم من أمريكا وأوروبا، في حال تغير سريع، ربما لا تمر عشر سنوات إلا ويحصل التغيير. وأمام الغرب تغيران:

الأول: التغير نحو الإسلام، وذلك إذا أحسن المسلمون التصرف وتمكنوا من تعريف الإسلام إلى الغرب بالكيفية التي طبقها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام).

الثاني: التغير نحو الإصلاح النسبي، ومن الطبيعي أن يكون الإصلاح لصالح الإسلام أيضاً، فإن كل إصلاح وخير قد أمر به الإسلام.

* عقلاء الغرب منزعجون جداً من السلبيات التي أدت إليها الحضارة الغربية، وهم يفكرون في العلاج الجدي لها، ومن مظاهر تلك السلبيات أمور:

الأول: الفراغ الروحي، فإن المادة لا تملأ الروح، كما أن الكنيسة الخاوية عن المعنويات اللازمة لا تتمكن من أن تسد هذا الفراغ الحاصل، وقد قالوا: فاقد الشيء لا يعطيه.

الثاني: الفوضى في أمور الجنس، فإن ذلك يوجب انزعاجاً للأعزب والمعيل، وللمتدين وغير المتدين، حيث يحرم الإنسان من دفء العائلة ويصرفه عن تربية الأجيال الصالحة، مضافاً إلى ما يسببه من الأمراض الجسدية والنفسية كالقلق والكآبة وما إلى ذلك. ومن المعلوم أن قانوناً يبيح السفور والبغاء واللواط والأخلاء والخليلات يوجب سقوط كرامة المرأة، وخروج الأسرة عن الدفء والحرارة الزوجية والعائلية إلى البرودة وجعل العوانس بالملايين.

الثالث: التضخم والروتين الإداري على حساب حرمان الناس، فإن كل موظف يقلل من حريات الناس بقدره، نعم بعض الموظفين ممن يحتاج إليهم، ولكن البعض الآخر وهم الأكثر الأكثر في نظام الغرب الحالي، يوجب خنق الحياة، فزيادة الموظفين إلى حيث واحد لكل خمسة عشر، توجب كبت الحريات وإهدار الأموال والأوقات، وكثرة الرشاوى وتأخير العمران كما هو واضح، ومن هنا تريد الشعوب التخلص من هذا التضخم إلى المقدار الضروري فحسب.

الرابع: انعدام الصحة وتفشي الأمراض بصورة مدهشة، مما لم يكن له نظير في تاريخ العالم الإنساني، ولا شك أن هذه الأمراض هي وليدة الحضارة المنحرفة، ولا فرق في انعدام الصحة الجسدية والنفسية، مما هي نتيجة القلق والجشع وحب السيطرة، وما أشبه.

الخامس: الاستعمار، حيث له ضرران: ألف: إنه مخالف للفطرة، فإن الإنسان السليم النفس ـ وهم أغلبية الناس حيث "فطرة الله التي فطر الناس عليها" ـ لا يرضى بأن يستعمر غيره مهما كان المبرر، ولذا نرى شعوب تلك البلاد ـ على الأغلب الأغلب ـ ضد استعمار حكوماتهم لبلاد العالم الثالث وغيرها. ب: إن الحكام لا يمكنهم عادة المحافظة على طبيعتين مختلفتين: طبيعة الاستيلاء في الخارج، وطبيعة الأخوة والخدمة الإنسانية في الداخل، ولذا سرى استعمارهم الخارجي إلى استعمارهم لداخل بلادهم بنسبة أو أخرى، وهذا مما لا ترضى به شعوبهم.

السادس: الغرور الذي أوجب لبعض الغربيين أن يخطط لتحطيم الإنسان الذي لا يكون من عرقه وقومه ودينه وجنسه ووطنه، بينما المعيار في الإسلام هو الإنسان بما هو إنسان، وقد أراد الإسلام الارتفاع والتعالي ومكارم الأخلاق لجميع الناس.

لذا أخذ علماء الغرب يفكرون في نجاة البشر من هذه المآسي.

* إن تغيير الغرب نحو الأفضل يمكن عبر العولمة الإسلامية والتعرف على المناهج الفطرية السليمة التي جاء بها الإسلام وبينها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرون (سلام الله عليهم).

* لقد جعل الغرب مكان الحرّية الّلا حرية ومكان اللا حرية الحرية، وكلاهما خلاف رغبة الإنسان وميوله.

* إن عقلاء الغرب ينادون بلزوم إسقاط حرية الجنس والفحشاء، والخمر والقمار ويحذّرون من مغبّة أمرها ويرون أنّها لو دامت لأودت بهم وبحضارتهم عن قريب.

* لو لم تكن للمرأة حرّيّة الفوضى لكان وضع الغرب أحسن ممّا هو عليه اليوم بكثير.

* لن يمر وقت طويل حتّى تكتشف المجتمعات الغربية أن في الإسلام خلاصها وفي الإسلام مقومات نهوضها الحضاري.

* إن الغرب سيضطر، وربما في غضون عقدٍ من الزمن ــ إذا أراد ألا تتحطم حضارته ــ إلى إصلاح مناهجه، وتعديل الكثير من قوانينه، وخاصةً التي تتعلق بحقوق الإنسان، وبالإنسانية المعذبة والمحرومة على ظهر هذا الكوكب الأرضي.

* على الغرب اليوم أن يتدارك نفسه، ويستعيد تناسقه، فيضع كل شيءٍ موضعه، في القانون والسياسة والاجتماع والاقتصاد... وبالمقدار المتلائم مع طبيعته وفطرته.

* لما كان الغرب لا يهتم إلا بجزء من الكيان الإنساني، وهو الجسم المادي فقط، فهو إذاً لا يستطيع أن يمنح إلا علاجاً جزئياً.

* إن المادية الغربية أوجبت تعقيد الأمور وتكثير المشاكل، حتى إنك لا تجد إنساناً ـ إلا نادراً ـ ليست له مشكلةٌ أو مشاكلٌ، وهذه هي طبيعة المادة حيث تطغى عن قدره المناسب للحياة.

* إذا لم يستعد الغرب لاحتواء النحو الفكري في مختلف بقاع العالم، بإصلاح مناهجه، فإنه هو الآخر سيتعرض إلى السقوط كما سقط الاستعمار الشرقي.

* إن نفوس الغربيين ليست بهذا المقدار الكبير الذي يظنه البعض من التعصب، والدليل على ذلك أنهم آمنوا وتمسكوا بالمسيح الشرقي، فالواجب أن يتقدموا خطوةً أخرى إلى الأمام فيتمسكوا بالإسلام الذي بعث من الشرق أيضاً.

* الغرب ومن في فلكه، أناس قابلون للهداية، فإنهم بشر، والبشر بفطرته يحب الخير لنفسه ولغيره، ووجود ظواهر التعصب فيهم لا يدل على أنهم متعصبون.

* إن الغرب بات منطوياً على أمورٍ مخالفةٍ للعقل، ومناقضةٍ للإنسانية.

* تعلو في سماء الغرب صرخات منذرة من بعض علمائهم تنادي بالتغيير، وتعرب عن انزعاجها من الوضع القائم، الذي تحكمت فيه المادية البحتة، حتى أصبح الإنسان آلة صناعيةً أشبه بالإنسان الآلي.

* إن على الغرب إذا أراد ألا تتحطم حضارته، أن يبدأ مسيرة العودة إلى الفطرة والعقل.

* هنالك فرق بين كون القانون منحرفاً، وبين كون التطبيق منحرفاً, فقد يكون الطريق ملتوياً وتسير السيارة فيه بالتواء, والنقص الموجود في الديمقراطية الغربية، والشيوعية هو في نفس القانون، أما الحكام الظّلمة في بلاد الإسلام فقد انحرفوا عن القانون.

* موقع الإمام الشيرازي

alshirazi.com

.....................................

المصادر:

1- الغرب يتغير.

2- فقه العولمة.

3- ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين.

4- مطاردة قرن ونصف.

5- لماذا تأخر المسلمون.

6- نحو يقظة إسلامية.

7- الى الكتاب الإسلاميين.

8- القرن الحادي والعشرون وتجديد الحياة.

9- كيف يمكن نجاة الغرب.

10- فقه السياسة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/تشرين الأول/2011 - 24/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م