جلعاد شاليط... معادلة واحد تقسيم على ألف!

شبكة النبأ: شعب الله المختار هكذا كنا نسمع حينما كنا صغار... واليوم يتأكد لنا ان اليهود والصهاينة يتصورون ان دمائهم اغلى واثمن من دماء الغير وخصوصا العرب المسلمون، فصفقة الجندي الاسرائيلي شاليط ستتم في الساعات القليلة المقبلة او في الايام التالية، مقابل صفقة تحرير الاسرى المزمع اجرائها عن ألف فلسطيني في معتقلات السجون الاسرائيلية، هذا ما اعلنه مصدر رفيع في حركة حماس "ان صفقة تبادل الاسرى مع اسرائيل قد انجزت برعاية مصرية وان التنفيذ سيكون بداية الشهر المقبل نوفمبر".. ويبدو ان الصفقة اشرف عليها وزير المخابرات المصرية "مراد موافي" في مقر المخابرات المصرية قبل اسبوعين بحضور وفدي حماس برئاسة "احمد الجعبري"، واسرائيل فان الصفقة تتضمن الافراج عن الف اسير مقابل شاليط سيتم الافراج عن 450 اسير قبل الافراج عنه و550 بعد الافراج عنه وان الاسيرات جميعهن مشمولات في هذه الصفقة، حيث ان هذه الصفقة ستشمل الف اسير من بينهم 300 من اصحاب المؤبدات، وتبييض السجون من كافة النساء والاطفال، و45 من اسرى القدس، بالاضافة الى 6 اسرى من عرب الـ48، سيطلق سراحهم ضمن هذه الصفقة صفقة الجندي اليهودي "شاليط" الذي سينقل اولا الى مصر ويسلم للمسؤولين المصريين هناك، وبعدها يطلق سراح الف اسير فلسطيني، وفي حال تاكد اطلاق سراحهم كلهم تقوم الحكومة المصرية بنقل شاليط بواسطة طائرة الى اسرائيل.

وبالرغم من ان الصفقة ستفرج عن الف محتجز فلسطيني في السجون الاسرائيلية الى ان قراءة شروط الصفقة التي انفردت بها حركة حماس مع الكيان الصهيوني، تظهر ان تنازلات كبيرة وهي الان مبدئية رئيسية من المؤكد ان الشعب الفلسطيني سيتحملها مستقبلا ومن المؤكد انها ستكون كارثية على البلاد وانها ستجبر الدولة الفلسطينية بها وتكبلها بالكثير مما تم الاتفاق عليه من عهود واتفاقات، وهناك راي يقول ان قبول حركة حماس بشرعية وجود الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي على ارض فلسطين في هذه الصفقة ما هو الا مؤشر واضح وجلي على ان البعد الزمني المتفق عليه بين الطرفين لتنفيذ هذه الصفقة هو بالسنوات وليس ما تصوره البعض ان الاتفاقات تمت بين ليلة وضحاها، واما فيما يخص انفراد حركة حماس بالقرار، فمن الواضح ان حركة حماس سمحت للكيان الصهيوني سياسيا واجرائيا اختراق وتجاوز الشرعية الفلسطينية واعطته حق التعامل مباشرة مع الفصائل الفلسطينية، الامر الذي يضعف وينهك الحركة في جبهة تدويل الصراع مع الكيان الصهيوني في اشد لحظات احتدام الصراع معه، وهي للاسف لم تمنح هذا الوسام للعدوانية الصهيونية فحسب بل نها جرت الى هذا المنحدر موقف قيادة الشقيقة مصر (بعد الثورة) وافقدت اقتحام الشعب المصري السفارة الاسرائيلية في القاهرة من عمقه التضامني مع النضال الفلسطيني وجعلته هباءا منثورا.

لكن المدى الذي ذهبت اليه حركة حماس لم يقف عند قبول وجود الاحتلال والتعايش معه لمدى زمني طويل في الضفة الغربية بل وتعدى ذلك الى قبول مناورته في تركيز الهجوم على الضفة الغربية والتغطية على هذا الهدف بالوضع الانساني في غزة، والا فما معنى قبل حركة حماس مفهوم الامن الصهيوني القائم على سياسة تفريغ الضفة الغربية من المواطنة الفلسطينية، وهل يمكن وضع قبول ابعاد المحررين عن الضفة الا في سياق قبول سياسة الاستيطان والقلع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنة الفلسطينية من الضفة الغربية؟

ان للقيادة الصهيوينة ان تفخر بهذا الانجاز السياسي الذي انتزعته من المباديء المعلنة لحركة حماس عن الوطنية الفلسطينية في مقابل اطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين، لذلك لم يكن غريبا ان تنال هذه الصفقة تاييد ودعم واسناد الصهيونية حكومة ومجتمعا، خاصة انه واكبها تطمين لهم ان الصفقة لا تمنع ملاحقة المحررين، كما انه يمكن للاحتلال اعادة تعبئة السجون بمعتقلين جدد.

الجميع يعلم ما قدمت فلسطين من تضحيات ومن دماء اذ انه قدّم الشعب الفلسطيني ولا زال يقدّم الآلاف من الشهداء الذين مضوا على طريق الحرية والتحرير، كما قدّم آلاف الشباب الفلسطينيين، "الذين تمّ أسرهم منهم من أطلق سراحه ومنهم من لا يزال أسيراً في المعتقلات الصهيونية منذ سنوات طويلة، والان تم الاتفاق على تحرير 1027 أسيرا وأسيرة حرب بين حركة حماس ومجرمي الحرب الصهاينة في عملية تبادل مع الأسير "شاليط" بعد سنوات طويلة راهن بها قادة الكيان الصهيوني على "قدرتهم الخارقة" بتحريره بالقوة أو بالنيل من إرادة المقاومة لحركة حماس خاصة وللشعب الفلسطيني عامة.. ولو دققنا بهذه العملية او بهذه الصفقة فماذا ستجني حماس من هذه العملية التبادلية؟

ومن جانب اخر وبمنظار اخر قد لا يختلف احد من إنّ هذا الانجاز يتوج لحماس وقدرتها على تحرير 1027 أسيراً هو ايضا يعد فوزا وانتصارا للشعب المجاهد الفلسطيني على ارباب التطرّف والإرهاب الإسرائيلي في ظلّ الاحتلال الكبير لموازين القوى الذي يميل لصالح دولة المحتلة.

والانتصار الاخر هو لحماس التي ناضلت وجاهد في سبيل اطلاق سراح جميع الاسرى الفلسطينيين بكافة انتماءاتهم المختلفة، فالأسرى منتمون لجميع الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية أو خارجها.. وهذا يعني أنّ قادة حماس يتمتعون بقدرة عالية على التفكير والصبر وعلى التعامل مع قضايا مهمة وحساسة بنَفَس طويل وببرودة أعصاب لانظير لها،، ومن وجهة نظر حماسية نجد ان الاتفاق على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ما هو اعتراف حقيقي لإرادة ولشروط حركة حماس التي تصفها دائماً بأنّها حركة إرهابية، كما يعني اعترافها بعجزها وفشلها بتحرير الجندي شاليط بالرغم من كل ما تملكه من قدرات عسكرية وسياسية وتكنولوجية، وهذا يعني هزيمة حقيقية لها سياسية ومعنوية بعد فشلها العسكري إبّان العدوان الهمجي على قطاع غزة في كانون أول 2008.

كما يعني عجزها عن النيل من إرادة المقاومة والصمود للشعب الفلسطيني أمام الحصار الجائر المفروض على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كما يعني أنّ تنازلها لشروط حماس هو بداية النهاية لجبروتها وغطرستها، فقد انعكس استمرار أسر شاليط إلى قضية داخلية إسرائيلية هددت ولا زالت تهدد "الأمن والاستقرار الداخلي" للكيان الغاصب، وقد تجلّى ذلك في مسيرات الغضب لمناصري شاليط، فإن الإفراج عن ما يزيد عن ألف أسير فلسطيني من سجون إسرائيل، مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط المختطف لدى فصائل فلسطينية بغزة منذ قرابة خمس سنوات، يمثل انتصارا للحرية كحق طبيعي أصيل لكل إنسان، بما يعني انتصارا للإنسان الذي خلقه الله حرا، ليس من حق أحد أن يصادر حريته، وهذا من جانب اما من جانب الحرية المسلوبة من المعتقلين والاسرى فنجدها كما اكدها مركز الأسرى للدراسات بأن هنالك انتهاكات صارخة بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون "الإسرائيلية" تبدأ بأولى خطوات الاعتقال وتصل للقتل المباشر من وحدات خاصة في السجون وتمر بسياسة العزل الانفرادي ومنع الزيارات والتفتيش العاري والتفتيشات الليلية والأحكام الغير منطقية ولا شرعية في المحاكم العسكرية والأحكام الإدارية والاحتجاز بعد انتهاء المحكومية وتقديم الطعام الغير نظيف من أسرى جنائيين "إسرائيليين" والتنقلات المتعاقبة بين الغرف في القسم الواحد وبين الأقسام في السجن الواحد وبين السجون المتفرقة من شمال فلسطين ومركزها.. كما أن هنالك ما يزيد عن 25 مركز اعتقال وتوقيف وتحقيق وسجن ومعتقل في سجون الاحتلال.

وفى خضم هذه التطورات أعد مركز الأسرى للدراسات تقريره الشامل تحت عنوان "قضية الأسرى وحدوية لا تقسيمية، توفيقية لا تفريقية" لما لهذه القضية من إجماع وطني في ظل الواقع الفلسطيني المقسم بين جناحي الوطن.

وأضاف المركز أن عدد الأسرى في السجون وفقاً لمعلومات رسمية استقاها من مدير دائرة الإحصاء في وزارة الأسرى أ. عبد الناصر فروانة يقارب من 8200 أسير منهم ما يقارب من 800 أسير من قطاع غزة و500 أسير من القدس وأسرى 1948 ومنهم ما يقارب من 323 أسيراً ما قبل اتفاقية أوسلو ومنهم 109 معتقلين أمضوا أكثر من 20 عاماً متتالياً ومنهم 13 أسيراً أمضى ما يزيد عن 25 عاماً ومنهم 3 أسرى أمضوا أكثر من 30 عاماً متتالياً في سجون الاحتلال، وأضاف المركز ووفقاً للإحصائية فهنالك ما يقارب من 400 طفل، و33 أسيرة، و400 أسير إداري، وما يقارب من 2000 حالة مرضية منها ما يقارب من 160 أسيراً بحالات مزمنة منها ما يقارب من 16 أسيراً بحالات صعبة جداً مهددة حياتهم بالخطر ويعانون من أكثر من مرض منه السرطان والقلب والربو، وهنالك العشرات من الأسرى النواب والوزراء السابقين.

وأكد المركز أن هنالك المئات من الأسرى العرب في السجون "الإسرائيلية" منهم 323 موقوفاً أردنياً معتقلين على خلفية أمنية وسياسية وفقاً لتصريح وزير الخارجية الأردني ناصر جودة لصحيفة "البيان" الإماراتية، وما يقارب من 116 أسيراً سودانياً تسللوا إلى دولة الاحتلال عبر الحدود المصرية تحت حجة الهروب من الصراعات القبلية الداخلية والعشرات من الأسرى المصريين وخمسة أسرى من الجولان السوري المحتل وأسير سعودي واحد أكد اعتقاله وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في مؤتمر صحافي الثلاثاء 4-4- 2006 في الرياض، وهو الأسير عبد الرحمن العطوي البالغ من العمر (36 عاماً) وقد انتهت محكوميته ولا زال في سجون الاحتلال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 19/تشرين الأول/2011 - 21/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م